الآية الأولى من سورة القدر تقرر أن نزول القرآن كان في تلك الليلة: "إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ"..
و هناك حديث عن محمد يشير إلى أن نزول القرآن كان في الليلة الرابعة و العشرين من شهر رمضان :
أنزل الله القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان.
الراوي: واثلة بن الأسقع المحدث: أحمد شاكر - المصدر: عمدة التفسير - الصفحة أو الرقم: 1/220
خلاصة حكم المحدث: [أشار في المقدمة إلى صحته]
إلى هنا و الأمر يبدو واضحا..
لكننا نفاجأ بأحاديث أخرى تذكر أن ليلة القدر هي إحدى ليالي العشر الأواخر من رمضان- دون تعيين!
تَحَرَّوْا ليلة القدرِ في العشرِ الأواخرِ من رمضانَ.
الراوي: عائشة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2020
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
و بعض تلك الأحاديث تركز فقط على الليالي الوترية خاصة السابعة و الخامسة و التاسعة (..و العشرين؟):
التمسوها في السبع والتسع والخمس .
الراوي: عبادة بن الصامت المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 49
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
فكيف يكون القرآن أنزل في الرابعة و العشرين, ثم نلتمسها في السبع والتسع والخمس؟!!
ثم نجد أحاديث أخرى يبدو أنها تفسر اللبس شيئا ما:
وقد رأيت هذه الليلة فأنسيتها . فالتمسوها في العشر الأواخر . في كل وتر.
الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2036
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
ثم خرج على الناس . فقال : " يا أيها الناس ! إنها كانت أبينت لي ليلة القدر وإني خرجت لأخبركم بها . فجاء رجلان يحتقان معهما الشيطان . فنسيتها . فالتمسوها في العشر الأواخر من رمضان . التمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة "
الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1167
خلاصة حكم المحدث: صحيح
إذن محمد نسي في أي يوم أُنزل الوحي عليه!!!
(و هذا يذكرنا بأمور أخرى عديدة تثير الريبة في مدى كماله الذهني, و لكن ليس مجالها الآن)..
و لا أدري سبب استخدامه لكلمة "أبينت لي" و "رأيت" تلك الليلة و كأنه تلقاها وحيا, بينما الحقيقة إنه عاشها واقعا فهي اليوم الذي رآي فيه جبريل!!!
و نلاحظ أن الحديث الأول يستخدم كلمة "أنسيتها" و كأن الأمر منسوب لله.. أما الحديث الثاني فيقول أنه نسيها- و بسبب رجلان يتجادلان!!!
على كل حال لنتفق إن ليلة القدر باتت مجهولة..
و لكن هل هي ثابتة أم متغيرة كما يؤمن غالبية المسلمون؟؟
الأحاديث لا تمكننا من استنتاج هذا الأمر, فقوله "التمسوها في العشر الأواخر" يحتمل الأمرين معا: أن تكون ثابتة, و أن تكون متغيرة..
و لو عدنا للروايات المتاحة لوجدنا أن هناك أقوال عديدة متضاربة تحددها في ليالي مختلفة 23, 27, 29, مثلا:
عن معاوية قال ليلة القدر ليلة ثلاث وعشرين
الراوي: ابن أبي شيبة المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: فتح الباري لابن حجر - الصفحة أو الرقم: 4/311
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
قال : أما ليلة القدر فما نراها إن شاء الله إلا ليلة ثلاث وعشرين يمضين أو سبع يبقين
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: ابن رجب - المصدر: لطائف المعارف - الصفحة أو الرقم: 364
خلاصة حكم المحدث: الظاهر أن هذا سمعه سعيد بن جبير من ابن عباس فيكون متصلاً
ليلة القدر ليلة سبع وعشرين
الراوي: معاوية بن أبي سفيان المحدث: أبو داود - المصدر: سنن أبي داود - الصفحة أو الرقم: 1386
خلاصة حكم المحدث: سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح]
التمسوا ليلة القدر في آخر ليلة .
الراوي: معاوية بن أبي سفيان المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن خزيمة - الصفحة أو الرقم: 2189
خلاصة حكم المحدث: صحيح
(و العجيب أن ثلاثة من تلك الأحاديث المتضاربة راويها شخص واحد هو معاوية!)
هنا يبرز سؤال : و لكن كيف يقول محمد إنها في العشرة الأواخر, ثم يتطوع آخرون ليحددوها بأنها ليلة كذا أو ليلة كذا؟؟
للمسألة تفسيران: إما أن الروايات السابقة تتحدث عن ليلة القدر في رمضان بعينه (و لا ندري كيف كانوا يتمكنون من معرفتها!), أو الإحتمال الثاني أن محمدا قد أخبر شخصا ما بيوم ليلة القدر قبل أن ينساه..!
الإحتمال الأول إن صح فسيعني إنها بالفعل متغيرة من عام إلى عام..
و لكن الإحتمال الثاني لا يمكن تجاهله أيضا..
و ها هو رجل يخبر محمدا أن ليلة القدر هي السابعة و العشرين, و لكنه يصر أنها تلتمس في الوتر من العشر الأواخر:
رأى رجل أن ليلة القدر ليلة سبع وعشرين . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أرى رؤياكم في العشر الأواخر . فاطلبوها في الوتر منها " .
الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1165
خلاصة حكم المحدث: صحيح
السؤال المحوري هنا, و الذي يلخص ما سبق:
كيف تكون ليلة القدر هي ليلة نزول القرآن, و تكون متغيرة أو غير معينة؟؟
و سؤال آخر على الهامش : ماذا عن اختلاف مطالع رمضان بين الدول الإسلامية؟! بداية رمضان تختلف من بلد لآخر بفارق يوم واحد, و بالتالي فالليالي الوتر في البلد الفلاني تصبح هي الليالي الشفع في بلد آخر- و النتيجة أنه يستحيل أن تأتي ليلة القدر عند الجميع!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق