الجمعة، 27 يناير 2017

هدم أسطورة دين العفة 8





ثامنا: الختام

أما بعد، فالأصل- كما أشرنا في البداية- أن الجنس هو مسألة خاصة تخضع للحرية الشخصية طالما لا تتضمن أذى للآخرين أو اعتداءا على حقوقهم؛ بهذا المعنى فحتى العري و الإنحلال و الإباحية هو مسألة شخصية، نقبلها أو نرفضها حسب معتقداتنا الشخصية ، و لكن في كل الحالات لا ينبغي لنا فرض معتقداتنا تلك على الغير.

أما الإباحية الإسلامية، فهي تستحق النقد أولا لأنها تتضمن الأذى و الضرر و الإعتداء على الآخرين ، كما أنها - ثانيا - تمتاز بالنفاق و الإزدواجية و الكيل بمكيالين، و بالدناءة و الخسة، و بالظلم و الذكورية.

فالمسلم المتحمس الذي نجد لديه القدرة على إدانة مظاهر الحرية في الغرب العلماني الكافر بكل قوة، مركزا على الحرية الجنسية و التي يسميها إباحية و فجور و فسق..إلخ، نجد لديه في ذات الوقت القدرة على قبول جميع مظاهر تلك الإباحية في دينه، بل و يدافع عنها بكل حرارة، فقط إن تسمّت بأسماء مختلفة.

في الإسلام و التراث الإسلامي وجدنا جميع أنواع الإباحية الجنسية، نكاح محارم- قوادة و نخاسة و بغاء تحت أسماء عديدة- اغتصاب الأطفال و أسيرات الحرب- كشف عورات..إلخ؛ و لكن المسلم متقبل لكل تلك الممارسات و مستعد لتبريرها، فقط لأنها تحمل أسماء إسلامية و لافتات شرعية تحت رضا الله و رسوله.

المسلم يدين الدعارة (دفع المال لامرأة مقابل جنس عابر)، و لكنه مستعد لتبرير ممارسة الصحابة لزواج المتعة، و هو عبارة عن دفع المال لامرأة مقابل جنس عابر!

و المسلم يدين ممارسة الجنس خارج إطار الزواج بين شخصين ناضجين (الزنا) ، و لكنه مستعد لأن يبرر اختطاف فتاة من وسط أهلها بعد قتلهم، ثم القيام ببيعها أو اغتصابها، و يسميه جهادا و ملك يمين و تسري حلال!

المسلم يدافع عن تعدد الزوجات و ملك اليمين و زواج المتعة و دعارة الجنة، و يقدس رجلا نكح عشرات النساء بدون أي إجراءات زواج معتادة ، و لم يترك امرأة إلا طمع فيها، بما فيهن أسيرات الحرب و الأطفال و زوجة ابنه بالتبني و حتى النساء المارات في الطريق، كما كان يأوي في بيته عددا من الزواج يصلح لتكوين فريق نسائي لكرة القدم -  ثم إذا بنفس المسلم يتهم الشخص اللاديني أنه ترك الإسلام لكي يستمتع بالشهوة الجنسية!

المسلم يتحدث عن العفة و المنطق الأخلاقي، بينما هو يدافع عن دين ينكح الصغير و يرضع الكبير!

أما تلك "العفة الإسلامية" و التي تنحصر في الهوس بتغطية النساء بأطنان القماش، فهي أمر لا علاقة له بالأخلاق و إنما بالحفاظ على الملكية ؛ فهذا الدين و هذا الفكر يعتبر أن الرجل هو الإنسان، أما المرأة فهي ملكية و متاع لذلك الإنسان؛ ملكية يجب أن تصان و تحفظ في مكان مغلق حتى لا يعتدي عليها الآخرون!

و هي تصورات نبعت عن بيئة ذكورية بدائية همجية تمنح الرجل مميزات غير محدودة في الدنيا و الآخرية، و على الجانب الآخر تحتقر النساء و تعاملهن بالضرب و الحبس؛ و هي عمليا تقسم النساء إلى قسمين: قسم "المحصنات" التابعات لرجل: زوجته و أخته و ابنته..إلخ، فهو يقيم سجنا لحمايتهن من اطماع الرجال الآخرين، و قسم "المستباحات" و هن الجواري اللاتي يبعن و يشترين بالمال و يستخدمن في الدعارة أو الفقيرات اللاتي لا أهل لهن.

ثم إن تلك الثقافة ظهرت في بيئة تمتلئ بالعهر و الفوضى الجنسية؛ مما أنتج لنا شريعة لا تثق بأخلاق النساء، لأنها صيغت في مجتمع نساءه- كرجاله- لا تستحق الثقة فعلا و ليس لديهن مقاييس أخلاقية واضحة، مما جعل الحل الوحيد هو قمعهن و حبسهن وراء الحوائط و أطنان القماش.

و النتيجة أن المنظومة الفكرية الإسلامية تقوم على تسليع النساء و قمعهن؛ و  يستحيل أن تتناغم مع مجتمع يحترم المرأة و يعتبارها إنسانا أيضا له حقوق كالرجل تماما.

أما في المفهوم الإنساني المعاصر فالمرأة كائن مكتمل مستقل مساوي للرجل، و من حقه أن يختار لنفسه أسلوب حياته تماما كالرجل، و العلاقة بين الطرفين هي علاقة شراكة متساوية و ندية و احترام متبادل، و ليس طرف قوام مالك و طرف آخر مملوك يشتريه و يتحكم فيه كالدابة.

و لهذا نجد أن النظرة العربية إلى الأخلاق مقتصرة على الجنس و ليس غيره ، و النظرة إلى الجنس مقتصرة على المرأة فقط؛ و النتيجة أن أخلاق الشعوب و شرفهم صار في موضع واحد بين أفخاذ النساء؛ طالما هذا الموضع المقدس الملعون مصانا فكل شيء بخير!

و لهذا ترى أن الذكر المسلم العربي التقليدي- أو نسبة كبيرة منهم- قد يتفاخر بمغامراته الجنسية علنا، بينما هو شديد الحرص على قمع نساءه في البيوت و تحت أطنان القماش، و قد يحب وضع نفسه في صورة كازانوفا أو دون جوان، و لكنه حين يريد الزواج يبحث عن فتاة لم تكلم رجلا و لم تخرج من بيتها؛ لأنه لا يبحث عن إنسانة و إنما عن قطعة ملابس أو أثاث غير مستعملة، فهذا يجعل قيمتها أعلى.

و من ثم فتلك النظرة لا تعتبر الرجل عاهرا أو داعرا أبدا، لأنه ذكر فيحق له فعل ما يشاء؛ و لنتصور فقط- كمثال- لو أن سيدة خمسينية وقورة صرحت قائلة أنها تحب من الدنيا "العطور و الرجال"؛ ماذا كان سيقول المسلم عنها؟ بل ماذا لو أن تلك السيدة طالبت الرجال بأن يهبوا لها أنفسهم - ألن تعتبر فاجرة داعرة؟ فلماذا لا تنطبق تلك الصفات على نبيكم أيضا؟ ألأنه ذكر؟

تلك الإزدواجية تظهر أكثر مع الرجل الغني المقتدر؛ حيث نسمع المشايخ يسيرون على نهج محمد، فيطالبون الشباب البسيط و الفقير بالصبر و التعفف و غض البصر و العيش كالرهبان ، بينما هم يتمتعون بالنساء و يعددون فيهن و يستبدلونهن كما يستبدلون سياراتهم أو هواتفهم المحمولة.

و بسبب رسوخ تلك التعاليم المنافقة المتناقضة- بين الكبت و الإنحلال، و بسبب شيوع تلك النظرة الدونية للمرأة، لا عجب أن نجد كوارث جنسية في عالمنا الإسلامي، منها انتشار ظاهرة زنا المحارم و اغتصاب الأطفال، و منها أن مجتمعاتنا المسلمة تسجل أعلى نسبة بحث عن البورن (المقاطع الإباحية) حول العالم، كما تسجل شركات الإنترنت، بما في ذلك مقاطع جماع الأطفال و الحيوانات و غيره من الأمور الشاذة ، و منها أن زيادة معدلات الإغتصاب في بعض البلدان الغربية (شمال أوروبا مثلا) يكون المسئول عنها بدرجة كبيرة هم المهاجرون، و المسلمون منهم على وجه التحديد، حسب ما تقول الإحصائيات- و ذلك ناهيك عن التكرار المأساوي لممارسات استعباد البشر و بيعهم و نكاح المتعة الذي تمارسه المجتمعات الإسلامية في العديد من البلدان.

لا نقول أن تلك الأمور مقتصرة على المسلمين، فهي ظواهر عالمية، و لكن نقول أنها تزداد بشدة عند المسلمين بشكل لا يتناسب أبدا مع ادعاءاتهم المتكررة عن العفة و الشرف..إلخ.

و هكذا نجد السؤال المحفوظ يتكرر على لسان كل مسلم يشاهد فتاة تلبس ملابس متحررة أو تدخل علاقة حب مع شاب..إلخ،  فيتساءل مستنكرا: أترضاه لأختك أو ابنتك؟! على ذلك المسلم أن يتذكر أن في تراثه ما هو أسوأ من ذلك بكثير، فالملابس المتحررة و العلاقات الحرة الناضجة ليست جرائم، طالما لم تتضمن الأذى أو الإعتداء.

و يمكن للسؤال أن يوجه له بالمثل و جريا على نفس الأسلوب : يا مسلم، أنت ترفض أن تتحدث أختك مع رجل، فهل ترضى لأختك أن تتزوج زواج متعة، فيأتيها رجل بقطعة قماش أو حفنة تمر في مقابل أن يقضي معها بضعة أيام، بشرع الله، كما كان يفعل الصحابة؟

يا مسلم أنت ترفض لابنتك أن تخرج دون إذن، فهل ترضى لابنتك أن تكون أسيرة حرب، يختطفها جيش ما و تكون من نصيب أحد الجنود حيث يمارس عليها الجنس غصبا، كما كان يفعل محمد و جنوده بشرع الله؟

يا مسلم أنت ترفض أن تكشف أمك شعرها، فهل ترضى لها أن تكون جارية، تسير عارية الصدر و البطن و الظهر، و يتم ضربها لو حاولت أن تتغطى كما كان عمر يفعل مع الجواري بشرع الله؟

يا مسلم، أنت ترفض أن تقوم نساءك بمصافحة الرجال، فهل ترضى أن تقوم زوجتك أو أمك بإرضاع رجل كبير فلتقمه ثديها، كما أمر محمد أم حذيفة أن تفعل، و كما أمرت عائشة أقاربها بشرع الله؟

يا مسلم، هل ترضى أن تهب أختك نفسها لرجل دون عقد أو شهود أو ولي، كما كان يفعل محمد بالنساء بشرع الله؟ هل ترضى أن تزوج ابنتك ذات الستة سنوات لرجل في منتصف الخمسينات، كما فعل محمد بعائشة بشرع الله؟ هل ترضى أن تطلق زوجتك لأن رجلا آخر اشتهاها، كما فعل محمد مع زينب بشرع الله؟

يا مسلم، أنت لا ترضى لأمك أو أختك أو ابنتك أي شيء تعتقد أنه يخل بـ"شرفك و رجولتك"؛ فهل ترضى لأمك أو أختك أو ابنتك أن تكون إنسانا من الدرجة الثانية؟ و أن يتم ضربها و حبسها كالدواب؟ و أن تسمى عورة؟ أو يقال أنها تقبل في صورة شيطان؟ أو أنها ناقصة عقل و دين؟ أو أنها أكثر أهل النار؟ إن كنت تقبل تلك الأمور فربما عليك أن تراجع مفاهيمك عن الشرف و للرجولة.

و الأسئلة من هذا النوع لا تنتهي؛ و الخلاصة أنه لا يوجد لدى المسلم ما يتفاخر به على غيره من ناحية العفة و الأخلاق، فالحقيقة أن الأخلاق و الفضيلة تقاس بالإنسانية و العدل و الرحمة و احترام النساء و الرجال على السواء، و لا تقاس بكمية قماش التغطية أو مدى القمع و القهر الذي يصبه الرجل- أو الذكر- على "نساءه".

المقدمة وفهرس الأجزاء

هدم أسطورة دين العفة 7





سابعا: محمد



البديهي أن نبي الإسلام مرتبط بكل العناصر السابقة، كونه مؤسس الإسلام فهو المحور الرئيسي لنظرة الإسلام إلى الجنس، ضمن كل شيء آخر.



محمد هو من حكى قصص القرآن، فأقر أن أبناء آدم تناكحوا معا مما جعل البشرية كلهم أبناء نكاح المحارم ذلك ، و هو الذي أخبرنا أن أبو الأنبياء إبراهيم قواد يرسل زوجته إلى رجل ليضاجعها لكي يتجنب شره، و هو الذي قال أن النبي لوط عرض بناته على رجال القرية، بالإضافة إلى أنه هو من قص علينا تعرية الله لموسى، و كذلك المغامرات الجنسية للنبيين داود و ابنه سليمان..إلخ



محمد هو من قال أن المرأة متاع (أداة ينتفع بها)، و أنها خلقت من أجل الرجل؛ و هو الذي صاغ العلاقة الزوجية على أنها تملّك الرجل لبضع المرأة (فرجها) في مقابل دفعه لمبلغ مالي (الصداق أو المهر)؛ و هو الذي أباح تعدد الزيجات للرجل، و منحه الحرية في الزواج و الطلاق كيفما شاء؛ و هو الذي سمح بتزويج الطفلة و لو كانت رضيعة في المهد، رغما عنها بطبيعة الحال، و أباح التمتع بها و مضاجعتها قبل البلوغ ، و هو الذي انتهج نهجا براغماتيا (نفعيا انتهازيا) في التعامل مع ظاهرة انتشار الإنحلال و الزنا في مجتمعه، فعالج الأمر بشكل لا علاقة له بالأخلاق و الفضيلة، فشرع عقوبة للزنا ثم وضع شرطا مستحيلا لإثباته، و هو شهادة أربعة رجال يرون بأعينهم العملية الجنسية بجميع تفاصيلها، ثم أنه تحايل لكي يتفادى الصدام مع ظاهرة انتشار الفواحش و الخيانات في مجتمعه، فتغافل عن "اللمم" و أمر أصحابه بعدم مفاجأة زوجاتهم بالدخول عليهن بل تنبيههن أولا لإعطاء العشاق فرصة للخروج، و جعل هو و أتباعه مدة الحمل تطول لسنوات، و أمر بأن الولد للفراش أي للزوج حتى لو لم يكن ابنه.



و مع السماح بتعدد الزوجات سمح للرجال بأنواع أخرى من المتعة، منها نكاح المتعة و هو الجنس العابر في مقابل أجر (دعارة مقننة)، ثم هو من أباح التسري و هو اغتصاب أسيرات الحرب حتى لو كانت متزوجة ، الأمر الذي كان يغري به جنوده لكي يخرجوا معهم في الحروب؛ و هو الذي فرق بين عورة الجارية و عورة الحرة فجعل الأولى تسير مكشوفة علنا؛ ثم أنه هو من أكمل الإغراء لرجاله بأن وعدهم- على لسان خالق الكون- ببيت دعارة كبير ينشغلون فيه بجنس متكرر لا ينتهي، إلى جوار أكل اللحم  والفواكه و شرب الخمور..إلخ.



و هنا سوف نتناول بعض سلوكيات محمد الجنسية و الحقوق التي منحها لنفسه، ليس فقط في إطار تشريعاته و إنما التي تجاوزها بها عند اللزوم.



النبي و النساء

لنبدأ بزيجاته ؛ فعدد الزوجات التي عقد عليهن و دخل بهن محمد بعد خديجة هن أحد عشر امرأة؛ نقرأ من موقع "إسلام ويب" – مركز الفتوى، فتوى رقم 1462 (والنساء اللاتي عقد عليهن ودخل بهن ثنتا عشرة امرأة وهن على الترتيب : خديجة بنت خويلد ـ سودة بنت زمعة ـ عائشة بنت أبي بكر الصديق التيمية ـ حفصة بنت عمر بن الخطاب العدوية ـ زينب بنت خزيمة الهلالية ـ أم سلمة واسمها هند بنت أبي أمية بن المغيرة المخزومية ـ زينب بنت جحش الأسدية ـ جويرية بنت الحارث الخزاعية ـ ريحانة بنت زيد بن عمرو القرظية ـ أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان الأموية ـ صفية بنت حيي بن أخطب النضيرية ـ ميمونة بنت الحارث بن حزن الهلالية) – بالإضافة لذلك فهناك عشرات من النساء الأخريات اللاتي عقد عليهن و لكن لم تشأ الظروف أن يدخل بهن لسبب أو آخر.



حين قام القرآن بتحديد عدد الزوجات بأربعة فقط، أمر النبي الصحابة بتطليق ما زاد عن ذلك العدد؛ فمن كان متزوجا فخمسة فعليه أن يطلق واحدة منهن، و من كان متزوجا بستة كان عليه أن يطلق اثنين، و هكذا؛ أما محمد فلم يفعل ذلك بل احتفظ بجميع زوجاته-  و ذلك الإستثناء يعتبر من "خصائص النبي"، و هو ليس الإستثناء الوحيد الذي منحه محمد لنفسه كما سنرى.



هذا الإنشغال بالنساء سيكون مثار انتقاد شديد جدا لمحمد ؛ ليس فقط من قبل المستشرقين و المسيحيين و اللادينيين في العصور اللاحقة، و إنما في زمنه هو؛ حيث نجد آية قرآنية نزلت خصيصا لتبرر كثرة زيجات محمد.



في تفسير الرازي للآية 39 من سورة الرعد نقرأ (عابوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بكثرة الزوجات وقالوا: لو كان رسولاً من عند الله لما كان مشتغلاً بأمر النساء بل كان معرضاً عنهن مشتغلاً بالنسك والزهد، فأجاب الله تعالى عنه بقوله: "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرّيَّةً").



و في تفسير القرطبي نجد نفس المعنى (قيل: إن اليهود عابوا على النبي صلى الله عليه وسلم الأزواج، وعيرته بذلك وقالوا: ما نرى لهذا الرجل همة إلا النّساء والنكاح، ولو كان نبياً لشغله أمر النبوّة عن النّساء؛ فأنزل الله هذه الآية، وذكرهم أمر داود وسليمان فقال: "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً" أي جعلناهم بشراً يقضون ما أحلّ الله من شهوات الدنيا، وإنما التخصيص في الوحي).



هكذا كان رد القرآن: هناك أنبياء قبل محمد كانوا أيضا منغمسين مع النساء، و بالتالي فهو ليس الوحيد الذي فعل ذلك – فياله من جواب؛ و كأن قيام نبي بالزنا مع زوجة قائده، أو قيام نبي آخر بنكاح مئات النساء، هي رخصة مفتوحة لنبي ثالث كي يقوم بالمثل!



و لم يأت انتقاد سلوك محمد النسائي من أعدائه فقط (اليهود و المشركين) ، بل من زوجاته أيضا ؛ ففي "صحيح البخاري" 5666 و 7217 نقرأ أن عائشة كانت تتوجع، فأخبرها محمد أنها لو ماتت فسيستغفر لها ويدعو لها، فأجابته بل أنها لو ماتت فسيفرح و ربما ينتهي اليوم به يقضي ليلته مع زوجة أخرى (واللَّهِ إنِّي لأظُنُّكَ تُحِبُّ مَوْتي، ولو كان ذلكَ، لظللتَ آخرَ يومكِ مُعَرِّسًا ببعضِ أزْواجِكَ).



تلك الزيجات المحمدية المفرطة ، يردد البعض أنها كانت لأسباب اجتماعية و سياسية، و ليس لأسباب الشهوة و العياذ بالله؛ و الدليل أن النبي ظل مخلصا لامرأة واحدة - خديجة- لعدة سنوات حتى ماتت، كما أن أكثر زيجاته اللاحقة كانت من سيدات كبار و غير شابات جميلات.



أما بشأن خديجة فهل كان بإمكانه أن يتزوج عليها أصلا، و هو كان الشاب الفقير الذي احتوته تلك المرأة الثرية و كانت تنفق عليه؟ الإنسان يحكم على سلوكياته في حالة الإستطاعة و ليس العجز، و الواضح أن وضع محمد اختلف بالكلية بعد الهجرة.



و هذا لا يمنع أن بعض الزيجات كان لها أسباب سياسية،كأن تهدف إلى ضمان تألف قبول تلك الجماعة، أو ضمان ولاء ذلك الحليف، كما كان الغرض عادة من تلك المصاهرات في تلك البيئة القبلية، و ربما كان هناك هدف آخر مهم جدا و هو إنجاب ولد يرث حكمه، الأمر الذي فشل في تحقيقه ؛ و لكن غير صحيح أن أكثر زيجاته كانت من سيدات كبيرات كما يردد البعض، فعائشة مثلا و كذلك حفصة و زينب بنت خزيمة و زينب بنت جحش و صفية و جويرية و ميمونة كن شابات، و هذا بغض النظر عن الجواري الجميلات كمارية و غيرها – و لو تتبعنا بعض تفاصيل علاقات محمد النسائية سنجد أنها تتمحور حول المتعة الجنسية بشكل كبير، دون اعتبار لما هو شرعي أو أخلاقي أو إنساني، كما سنرى.



النساء اللاتي أحلهن الله لنبيه

في "صحيح البخاري" 5090 و "صحيح مسلم" 1466 و "سنن أبي داود" 2047 و "صحيح ابن ماجة" 1518 نجد نبي الإسلام يقدم نصيحة مخلصة إلى المؤمنين، قائلا (تُنكَحُ المرأةُ لأربَعٍ : لمالِها ولحَسَبِها وجَمالِها ولدينها، فاظفَرْ بذاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَداكَ)؛ فالمسلم عليه أن لا يبحث عن المال و الحسب و الجمال بقدر ما عليه أن يهتم بدين و أخلاق المرأة أولا- نصيحة ممتازة جدا يا رسول الله.



لكن حين خاطب القرآن محمدا متحدثا عن زوجاته في سورة الأحزاب 52، قال له (لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ.......)،

 ما الذي كان يعجب النبي في النساء يا ترى : دينهن؟ حسبهن؟ مالهن؟



(..وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ)، هكذا تقول الآية ؛ مما يعطينا فكرة عن العامل الأهل في اختيار النبي لنساءه من فم كاتب القرآن ذاته: و هو الجمال و الحسن؛ وذلك بغض النظر عن نصيحته لأتباعه بأن يختاروا ذات الدين.



و لكن ألا تبدو أن تلك الآية تضع حدودا على النبي، فتمنعه من أن يبدل الأزواج، فيطلق واحدة و يتزوج بأخرى؟



لكي نفهم الصورة بوضوح، علينا أن نقرأ الآيات كاملة، ففيها مفاتيح الحقوق النسائية لنبي الإسلام – من سورة الأحزاب 50-52 (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا- تُرْجِي مَن تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاء وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا - لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيبًا).



هنا عدة نقاط سنناقشها على حدة: 1- القرآن يحل لمحمد أزواجه جميعا، 2- يحل له ما ملكت يمينه من الجواري، 3- يحل له بنات عمه و بنات عماته و بنات خاله و بنات خالاته، 4- يحل له أي امرأة مؤمنة تهب نفسها له، 5- يحل له أن يتعامل مع تلك النسوة كما يشاء، و 6- يحرم عليه استبدال الأزواج بعد ذلك، و الإكتفاء بما ملكت يمينه.



ننتقل إلى التفاسير و أسباب النزول لنرى ما نوعية النساء اللاتي أحلهن الله لمحمد تحديدا.



أما الزوجات "اللاتي آتاهن أجورهن"، فالمعنى واضح؛  ينقل لنا الطبري (كان كل امرأة آتاها مهراً، فقد أحلها الله له)-  ولا يفوتنا التعبير القرآني المنحط الذي يصف المهر بأنه "أجر" للمرأة؛ نظير ماذا يا ترى؟ الجواب بصراحة في سورة النساء 24: نظير المتعة التي يأخذها الرجل.



أما ملك اليمين فهن السبايا و الجواري اللاتي تم أسرهن في الحروب؛ يقول الطبري (وَقَوْله : "وَمَا مَلَكَتْ يَمِينك مِمَّا أَفَاءَ اللَّه عَلَيْك" يَقُول : وَأَحْلَلْنَا لَك إِمَاءَك اللَّوَاتِي سَبَيْتهنَّ , فَمَلَكْتهنَّ بِالسِّبَاءِ , وَصِرْنَ لَك بِفَتْحِ اللَّه عَلَيْك مِنْ الْفَيْء).



ثم تأتي كل قريباته المهاجرات معه؛ يكمل الطبري (فَأَحَلَّ اللَّه لَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَنَات عَمّه وَعَمَّاته وَخَاله وَخَالَاته, الْمُهَاجِرَات مَعَهُ مِنْهُنَّ دُونَ مَنْ لَمْ يُهَاجِر مِنْهُنَّ مَعَهُ).



و يخبرنا الطبري أن هناك قراءة تضيف الواو إلى الآية (وَبَنَات خَالَاتك وَاللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَك)؛ مما يجعل المعنى أن الآية تحل لمحمد ليس فقط بنات أعمامه و عماته و بنات أخواله و خالاته، بل تضيف معهن كل امرأة مهاجرة على الإطلاق!، نقرأ (وَكَانَ الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم يَتَأَوَّل قِرَاءَةَ عَبْد اللَّه هَذِهِ أَنَّهُنَّ نَوْع غَيْر بَنَات خَالَاته , وَأَنَّهُنَّ كُلّ مُهَاجِرَة هَاجَرَتْ مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، (أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي حَرْف ابْن مَسْعُود : "وَاللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَك " يَعْنِي بِذَلِكَ : كُلّ شَيْء هَاجَرَ مَعَهُ لَيْسَ مِنْ بَنَات الْعَمّ وَالْعَمَّة , وَلَا مِنْ بَنَات الْخَال وَالْخَالَة).



اللاتي وهبن أنفسهن له

أما عن التي وهبت نفسها لمحمد، فالمعنى أنه يستطيع أن ينكح أي امرأة بدون مهر؛ يقول الطبري في تفسيره (.. وَقَوْله : "وَامْرَأَة مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ" يَقُول : وَأَحْلَلْنَا لَهُ امْرَأَة مُؤْمِنَة إِنْ وَهَبَتْ نَفْسهَا لِلنَّبِيِّ بِغَيْرِ صَدَاق).



و يكمل (وَقَوْله "إِنْ أَرَادَ النَّبِيّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا" يَقُول : إِنْ أَرَادَ أَنْ يَنْكِحَهَا , فَحَلَال لَهُ أَنْ يَنْكِحهَا وَإِذَا وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَهُ بِغَيْرِ مَهْر) ؛ و يضيف أن تلك خاصية أخرى لمحمد وحده من دون المؤمنين (.."خَالِصَة لَك" يَقُول : لَا يَحِلّ لِأَحَدٍ مِنْ أُمَّتك أَنْ يَقْرَبَ امْرَأَة وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَهُ, وَإِنَّمَا ذَلِكَ لَك يَا مُحَمَّد خَالِصَة أَخْلَصَتْ لَك مِنْ دُون سَائِر أُمَّتك)؛ ثم ينقل رواية تفيد بهذا المعنى (عَنْ قَتَادَة "خَالِصَة لَك مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ" يَقُول : لَيْسَ لِامْرَأَةٍ أَنْ تَهَبَ نَفْسَهَا لِرَجُلٍ بِغَيْرِ أَمْر وَلِيّ وَلَا مَهْر, إِلَّا لِلنَّبِيِّ , كَانَتْ لَهُ خَالِصَة مِنْ دُون النَّاس , وَيَزْعُمُونَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي مَيْمُونَةَ بِنْت الْحَارِث أَنَّهَا الَّتِي وَهَبَتْ نَفْسهَا لِلنَّبِيِّ).



و بينما ادعى البعض أن النبي لم يطبق تلك الخاصية الإلهية، فظلت مجرد حبر على ورق، أكد البعض أنه فعلها مرارا فكان ينكح النساء بدون مهر أو شهود أو ولي؛ حتى أنهم اختلفوا فيمن نزلت الآية- من الطبري نقرأ (.. وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا : قَدْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهُنَّ , فَإِنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ : كَانَتْ مَيْمُونَة بِنْت الْحَارِث . وَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ أُمّ شَرِيك , وَقَالَ بَعْضهمْ : زَيْنَب بِنْت خُزَيْمَةَ) ؛ و من تفسير القرطبي (وَقِيلَ الْمُوهِبَات أَرْبَع : مَيْمُونَة بِنْت الْحَارِث , وَزَيْنَب بِنْت خُزَيْمَة أُمّ الْمَسَاكِين الْأَنْصَارِيَّة , وَأُمّ شَرِيك بِنْت جَابِر , وَخَوْلَة بِنْت حَكِيم).



و مع بقية الآيات سنرى كيف أن عائشة كانت تغار من النساء اللاتي وهبن أنفسهن لمحمد، مما يعني أن المسألة حدثت مرارا.



و في بعض الأحيان كان محمد هو من يطلب من المرأة أن تهب نفسها له، و تحكي لنا المصادر عن إحدى النساء أنها رفضت ذلك و ردت عليه بغلظة و أهانته؛ فنقرأ في "صحيح البخاري" 4957 (عن أبي أسيد رضي الله عنه قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى انطلقنا إلى حائط يقال له: الشوط، حتى انتهينا إلى حائطين، فجلسنا بينهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اجلسوا ها هنا". ودخل، وقد أتي بالجونية، فأنزلت في بيت في نخل في بيتن أميمة بنت النعمان بن شراحيل، ومعها دايتها حاضنة لها، فلما دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم قال: "هبي نفسك لي". قالت: وهي تهب الملكة نفسها للسوقة؟ قال: فأهوى بيده يضع يده عليها لتسكن، فقالت: أعوذ بالله منك، فقال: "قد عدت معاذ". ثم خرج علينا فقال: "يا أبا أسيد، اكسها رازقيتين وألحقها بأهلها") – و السوقة هم الرعية أو الدهماء.



أما القرطبي فيخبرنا  في تفسيره للآية السابقة أن معنى "استنكحها" أي طلب منها الزواج، أو ممارسة الجنس(!)، فيقول (الِاسْتِنْكَاح بِمَعْنَى طَلَب النِّكَاح , أَوْ طَلَب الْوَطْء) ؛ ثم يضيف وَهَبَتْ الْمَرْأَة نَفْسهَا وَقَبِلَهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَلَّتْ لَهُ , وَإِنْ لَمْ يَقْبَلهَا لَمْ يَلْزَم ذَلِكَ. كَمَا إِذَا وَهَبْت لِرَجُلٍ شَيْئًا فَلَا يَجِب عَلَيْهِ الْقَبُول , بَيْد أَنَّ مِنْ مَكَارِم أَخْلَاق نَبِيّنَا أَنْ يَقْبَل مِنْ الْوَاهِب هِبَته)(!).



و يذكر الطبري رواية أخرى تؤكد أن النبي كان يحصل على النساء بمهر، حتى أحل الله له المسألة بدون الحاجة إلى مهر(قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله : "يَا أَيّهَا النَّبِيّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَك أَزْوَاجَك" . . . إِلَى قَوْله "خَالِصَة لَك مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ" قَالَ : كَانَ كُلّ امْرَأَة آتَاهَا مَهْرًا فَقَدْ أَحَلَّهَا اللَّه لَهُ إِلَى أَنْ وَهَبَ هَؤُلَاءِ أَنْفُسَهُنَّ لَهُ , فَأُحْلِلْنَ لَهُ دُونَ الْمُؤْمِنِينَ بِغَيْرِ مَهْر خَالِصَة لَك مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ إِلَّا امْرَأَة لَهَا زَوْج).



و يستمر الطبري في نقل ما يؤكد أن تلك الميزة قاصرة على محمد وحده (خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) كما يتضح من الآية.



إذن فتلك الآيات تبيح لمحمد نكاح: النساء اللاتي تزوجهن بمهر، ثم ما ملكت يمينه من الجواري، ثم بنات أعمامه و عماته و بنات أخواله و خالاته، ثم النساء اللاتي هاجرن معه، ثم أي امرأة مؤمنة تهب نفسها له.



لكن المفاجأة الطريفة في الأمر، هي أن تلك الآيات نزلت ليس لمنح محمد حقوقا نسائية ضخمة كما قد يبدو للقارئ، و إنما لانتزاع بعض تلك الحقوق!



يقول الطبري في تفسيره (وَذُكِرَ أَنَّ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْل أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَة أَنْ يَتَزَوَّجَ أَيّ النِّسَاء شَاءَ , فَقَصَرَهُ اللَّه عَلَى هَؤُلَاءِ , فَلَمْ يَعْدُهُنَّ , وَقَصَرَ سَائِرَ أُمَّته عَلَى مَثْنَى وَثُلَاث وَرُبَاع).



بمعنى آخر فحقوق النبي النسائية كانت أكبر من ذلك بكثير؛ فالحكاية- كما تخبرنا التفاسير- أن زوجات محمد انزعجن و تذمرن مرارا من سلوكياته النسائية السابقة،  ولعلها هي ذات المشاجرة الشهيرة بينهن و بينه و التي طالت أكثر من شهر؛ و بعد أن تم الصلح أخيرا، "نزل" القرآن يحجم السلوكيات المحمدية و يضع الحدود الصارمة للنبي فيما يخص النساء اللاتي يحق له نكاحهن، فلا يجب أن تزدن (فقط!) عن زوجاته الإحدى عشرة و جواريه و بنات عمه و بنات عماته و بنات خاله و بنات خالاته و النساء اللاتي هاجرن معه و امرأة مؤمنة إذ وهبت نفسها له - حتى رضين زوجاته أخيرا بالنظام المعدّل.



و لا نملك إلا التعاطف و الإشفاق على محمد المسكين أمام ذلك الحرمان القاسي الذي قيده ربه به(!) فماذا كنت تفعل قبل نزول تلك الآيات المقيدة يا رسول الله؟ هل كنت تنكح الرجال و الحيوانات و الشجر أيضا؟



الجواب ينقله لنا الطبري (عَنْ ابْن عَبَّاس قَوْله : "يَا أَيّهَا النَّبِيّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَك أَزْوَاجَك" . . . إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : حَرَّمَ اللَّه عَلَيْهِ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ النِّسَاء ; وَكَانَ قَبْل ذَلِكَ يَنْكِح فِي أَيّ النِّسَاء شَاءَ , لَمْ يُحَرَّم ذَلِكَ عَلَيْهِ , فَكَانَ نِسَاؤُهُ يَجِدْنَ مِنْ ذَلِكَ وَجْدًا شَدِيدًا أَنْ يَنْكِح فِي أَيّ النَّاس أَحَبَّ; فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّه : إِنِّي قَدْ حَرَّمْت عَلَيْك مِنَ النَّاس سِوَى مَا قَصَصْت عَلَيْك , أَعْجَبَ ذَلِكَ نِسَاءَهُ).



نكرر العبارة المهمة (.. وَكَانَ قَبْل ذَلِكَ يَنْكِح فِي أَيّ النِّسَاء شَاءَ).



و بالطبع على المسلم المخلص قبول ذلك الإنحطاط و العهر النبوي بكل رحابة صدر ، باعتبار أن وراءه حكمة إلهية عليا، تعجز عقولنا القاصرة عن إدراكها!



مسارعة الله في هوى نبيه

و كما حرر الله نبيه من قيد تحديد عدد الزوجات بأربعة، و حرره من قيد المهر، و الولي، و الشهود، حرره أيضا من قيد العدل بين النساء!



فالآية التالية (تُرْجِي مَن تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاء وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ) نزلت لتؤكد أن من حق النبي أن يتعامل مع نساءه كيفما شاء ، فيقرب إليه من شاء و يبعد من شاء، حسب المزاج دون حرج و دون التزام بالعدالة المنصوص عليها في آية التعدد.



من الطبري (عَنَى بِقَوْلِهِ : تُرْجِي : تُؤَخِّر , وَبِقَوْلِهِ : تُؤْوِي : تَضُمّ)، و (عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : "تُرْجِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ" قَالَ : تَعْزِل بِغَيْرِ طَلَاق مِنْ أَزْوَاجك مَنْ تَشَاء، "وَتُؤْوِي إِلَيْك مَنْ تَشَاء" قَالَ : تَرُدّهَا إِلَيْك)، (فَمَعْنَى الْكَلَام : تُؤَخِّر مَنْ تَشَاء مِمَّنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَك , وَأَحْلَلْت لَك نِكَاحَهَا , فَلَا تَقْبَلهَا وَلَا تَنْكِحهَا , أَوْ مِمَّنْ هُنَّ فِي حِبَالِك , فَلَا تَقْرَبهَا , وَتَضُمّ إِلَيْك مَنْ تَشَاء مِمَّنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَك , أَوْ أَرَدْت مِنْ النِّسَاء الَّتِي أَحْلَلْت لَك نِكَاحَهُنَّ , فَتَقْبَلهَا أَوْ تَنْكِحهَا , وَمِمَّنْ هِيَ فِي حِبَالِك فَتُجَامِعهَا إِذَا شِئْت , وَتَتْرُكهَا إِذَا شِئْت بِغَيْرِ قَسْم).



هنا الآية أسقطت مبدأ القسمة العادلة التي كان يتبعها محمد و أعفته من ذلك ؛ يكمل الطبري (..فَجَعَلَهُ اللَّه فِي حِلّ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَدَعَ مَنْ يَشَاء مِنْهُنَّ , وَيَأْتِي مَنْ يَشَاء مِنْهُنَّ بِغَيْرِ قَسْم , وَكَانَ نَبِيّ اللَّه يَقْسِم).



ثم يضيف أنه اختار من شاء للعدل بينهن (خاصة الجميلات و صاحبات المكانة و بنات أصحابه)، و اختار من شاء لحرمانهن من أي حقوق إلا حسب المزاج أيضا؛ يقول (..فَكَانَ مِمَّنْ آوَى عَائِشَة وَحَفْصَة وَأُمّ سَلَمَة وَزَيْنَب , فَكَانَ قِسْمَتهنَّ مِنْ نَفْسه وَمَاله سَوَاء بَيْنهنَّ . وَكَانَ مِمَّنْ أَرْجَى سَوْدَة وَجُوَيْرِيَة وَأُمّ حَبِيبَة وَمَيْمُونَة وَصَفِيَّة , فَكَانَ يَقْسِم لَهُنَّ مَا شَاءَ).



و من تفسير القرطبي للآية (وَأَصَحُّ مَا قِيلَ فِيهَا . التَّوْسِعَة عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَرْك الْقَسْم , فَكَانَ لَا يَجِب عَلَيْهِ الْقَسْم بَيْن زَوْجَاته . وَهَذَا الْقَوْل هُوَ الَّذِي يُنَاسِب مَا مَضَى)، و يضيف (وَقِيلَ : كَانَ الْقَسْم وَاجِبًا عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ نُسِخَ الْوُجُوب عَنْهُ بِهَذِهِ الْآيَة).



و ينقل لنا القرطبي أيضا الحديث الوارد في "صحيح البخاري"  و 4788 و 5133 و "صحيح مسلم" 1464 و "صحيح ابن حبان" 6367 و "صحيح النسائي" 3199 ، و الذي يتضمن تلخيصا دقيقا للوضع، على لسان أم المؤمنين و أقرب زوجات محمد إليه، حيث تقول (كنتُ أغارُ على اللاتِي وهبْنَ أنْفُسَهُنَّ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، وأقولُ أتهبُ المرأةُ نفسهَا؟ فلمَّا أنزلَ اللهُ تعَالى : "تُرْجِئُ مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنْ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ" . قلتُ : ما أُرَى رَبَّكَ إلا يُسَارِعُ في هَوَاكَ) – صدقت و هي أعلم الناس به و أقربهم إليه.



و المعروف أن النبي لم يكن يعدل بين زوجاته بل كان يفضل عائشة عليهن ؛ و لهذا قمن جميعا بإرسال ابنته فاطمة إليه، فقالت (أزواجك أرسلنني يسألونك العدل في ابنة أبي قحافة)، فما كان رده عليها إلا أنني أحب عائشة، و بالتالي فعليك أن تحبيها أيضا! - كما ورد في "مسند أحمد"- باب عائشة.



أما المفاجآت الأخيرة في تلك الآيات، فتكمن في المقطع الأخير المخصص لإرضاء أزواج محمد المعترضات و بعض أهلهن (لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيبًا)- فنلاحظ أولا أن الآية تبيح لمحمد الإستزادة من الجواري، كما يقول الطبري (لَا يَحِلّ لَك النِّسَاء مِنْ بَعْد اللَّوَاتِي أَحْلَلْتهنَّ لَك , إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينك مِنَ الْإِمَاء , فَإِنَّ لَك أَنْ تَمْلِك مِنْ أَيّ أَجْنَاس النَّاس شِئْت مِنَ الْإِمَاء).



لكن الأهم هو ما تفاجئنا به الروايات، من أن تلك الآية قد تم نسخها بعد ذلك!



ينقل لنا القرطبي عدة آراء حول الآية، منها رأي يقول أنها منسوخة بالسنة ، استنادا على حديث لعائشة (..أَنَّهَا مَنْسُوخَة بِالسُّنَّةِ , وَالنَّاسِخ لَهَا حَدِيث عَائِشَة , قَالَتْ : مَا مَاتَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أُحِلَّ لَهُ النِّسَاء) – و الحديث بالفعل موجود في "صحيح الترمذي" 3216 "صحيح النسائي" 3204؛ و في "البدر المنير" 7\440 نقرأ (ما مات رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ حتى أُحِلَّ له النساءُ تعني : اللاتي حُظِرْن عليه).



و الرأي الثاني أنها منسوخة أيضا و لكن بالقرآن؛ الآية التي سبقتها مباشرة- فيكمل القرطبي (..الثَّانِي : أَنَّهَا مَنْسُوخَة بِآيَةٍ أُخْرَى , رَوَى الطَّحَاوِيّ عَنْ أُمّ سَلَمَة قَالَتْ : لَمْ يَمُتْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَحَلَّ اللَّه لَهُ أَنْ يَتَزَوَّج مِنْ النِّسَاء مَنْ شَاءَ , إِلَّا ذَات مَحْرَم , وَذَلِكَ قَوْله عَزَّ وَجَلَّ : " تُرْجِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك مَنْ تَشَاء ").



و من تفسير الطبري للآية (عن عائشة قالت: ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتـى أحلّ له النساء؛ تعنـي أهل الأرض) (!)



فالنتيجة إذن أن الله أحل لنبيه كل ما يمكن أن يخطر ببال شخص شهواني طامع في النساء.



هنا نختم بذكر تفسير مختلف لإحدى العبارات الواردة في الآية، و هي قوله ".. وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ"، حيث تخبرنا الروايات أن المقصود هو ما يسمى بعملية "تبادل الزوجات" حيث كان العرب و المسلمون يمارسون تلك العادة قبل نزول الآية!



نقرأ من تفسير القرطبي و كذلك ابن كثير للآية 52 (قَالَ اِبْن زَيْد : هَذَا شَيْء كَانَتْ الْعَرَب تَفْعَلهُ , يَقُول أَحَدهمْ : خُذْ زَوْجَتِي وَأَعْطِنِي زَوْجَتك , رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : كَانَ الْبَدَل فِي الْجَاهِلِيَّة أَنْ يَقُول الرَّجُل لِلرَّجُلِ : اِنْزِلْ لِي عَنْ اِمْرَأَتك وَأَنْزِل لَك عَنْ اِمْرَأَتِي وَأَزِيدك , فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاج وَلَوْ أَعْجَبَك حُسْنُهُنَّ").



و تضيف الرواية أن أحدهم طلب ذلك من محمد في شأن عائشة ، فاعتذر له بأن الأمر لن ينفع بعد الآن (!) لأن الله حرمه (.. قَالَ : فَدَخَلَ عُيَيْنَة بْن حِصْن الْفَزَارِيّ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْده عَائِشَة , فَدَخَلَ بِغَيْرِ إِذْن , فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "يَا عُيَيْنَة فَأَيْنَ الِاسْتِئْذَان"؟ فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه , مَا اِسْتَأْذَنْت عَلَى رَجُل مِنْ مُضَر مُنْذُ أَدْرَكْت . قَالَ : مَنْ هَذِهِ الْحُمَيْرَاء إِلَى جَنْبك؟ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "هَذِهِ عَائِشَة أُمّ الْمُؤْمِنِينَ" قَالَ : أَفَلَا أَنْزِل لَك عَنْ أَحْسَنِ الْخَلْقِ؟ . فَقَالَ : "يَا عُيَيْنَة , إِنَّ اللَّه قَدْ حَرَّمَ ذَلِكَ").



و في تفسير الطبري أن الآية تحرم تبادل الزوجات فقط، كما كان الحال في الجاهلية، لكنها لا تمانع في استبدال الجواري (فقال: "لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أزْوَاجٍ وَلَوْ أعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إلاَّ ما مَلَكَتْ يَـمِينكَ" لا بأس أن تبـادل بجاريتك ما شئت أن تبـادل، فأما الـحرائر فلا قال: وكان ذلك من أعمالهم فـي الـجاهلـية).



عن الخصائص النبوية

تأكيدا لكل ما سبق و إضافة عليه ، ننقل عن المصادر الإسلامية تقريرهم لما يسمى "خصائص النبي"، و هي المميزات التي يقرون أن خالق الكون قد منحها لرسوله من دون الناس.



و الطريف أن أكثر تلك الخصائص متعلق بالنكاح و ما حوله؛ بعضها مررنا به و بعضها جديد صادم.



من تفسير القرطبي للآية 50 من سورة الأحزاب نقرأ أن الله قد أحل لنبيه ستة عشر أمرا، ما يهمنا منها هو (الزِّيَادَة عَلَى أَرْبَع نِسْوَة) فهو جمع بين إحدى عشرة زوجة كما قلنا، و (النِّكَاح بِلَفْظِ الْهِبَة) أي بكلمة "وهبتك نفسي" من دون أي شروط أخرى للعقد كالمهر أو الشهود أو الولي ، و (سُقُوط الْقَسْم بَيْن الْأَزْوَاج عَنْهُ) و هو ما مررنا به من أن محمد غير ملزم بالعدل بين زوجاته، ثم (إِذَا وَقَعَ بَصَره عَلَى اِمْرَأَة وَجَبَ عَلَى زَوْجهَا طَلَاقهَا)(!!)، و أما الأخيرة فهي أنه (إِذَا طَلَّقَ اِمْرَأَة تَبْقَى حُرْمَته عَلَيْهَا فَلَا تُنْكَح).



و في مصادر أخرى عديدة وردت تلك الخصائص النبوية؛ نقتبس فيما يلي عن موقع "موسوعة الكلم الطيب" و عن بحث منشور على الإنترنت لأبو معاوية البيروتي بعنوان "خصائص النبي صلى الله عليه وسلّم".



من تلك الخصائص كما قلنا أنه يحق للنبي الزيادة عن أربعة زوجات؛ و في تفسير ابن كثير 1\640 ينقل لنا عن الإمام الشافعي أنه قال ("وقد دلَّت سنةُ رسولِ الله-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-المبينة عن الله أنَّه لا يجوزُ لأحدٍ غير رسولِ الله- صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- أن يجمعَ بين أكثر من أربع نسوة")، و يضيف ابن كثير ("وهذا الذي قاله الشافعيُّ مجمعٌ عليه بين العلماءِ").



و منها اختصاصه بالزواج بدون ولي أو شهود، لأن النبي- كما جاء في القرآن- أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؛ و يقول ابن قدامه في المغنى (أما نكاح النبي صلى الله عليه وسلم بغير ولي وغير شهود فمن خصائصه في النكاح فلا يلحق به غيره) ؛ وذلك رغم أن هذا لا يصح شرعا، ففي "إرواء الغليل" 6\258 (عن عائشةَ-رَضيَ اللهُ عنهُا-,قالتْ: قالَ- صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ: "لا نِكاحَ إلا بوليٍّ وشاهدينِ") ؛ و في "نضرة النعيم" 1\508 تبرير لذلك الإستثناء المحمدي، فنقرأ (إنما اعتُبِرَ الوليُّ في نكاحِ الأُمَّةِ للمحافظةِ على الكفاءةِ،وهو-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- فوقَ الأَكْفَاءِ، وإنّما اعتُبِرَ الشُّهودُ لأمنِ الجُحُودِ,وهو-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- لا يجحدُ).



هكذا فالنبي فوق الشبهات و فوق الشك و فوق الشريعة التي جاء بها، و من تتزوجه لا تحتاج إلى ولي؛ و ذلك رغم أنه جاء في أحاديث أخرى عن محمد أن المرأة التي تُزوج نفسها – بدون ولي- تعتبر زانية!- "الأحكام الصغرى" 613 و "شرح البخاري" لابن الملقن 24\403 و "تحفة المحتاج" 2\364 و غيره.



لكن الملاحظ أن زيجات محمد لم يقررها بشر، و إنما هي تنسب لخالق الكون ذاته ؛ فالله شخصيا هو الذي زوج لمحمد جميع نساءه- نقرأ ذلك في الأحزاب 37، كما في أحاديث عديدة (و بالطبع فمن لا يصدق أن الله هو من زوج نساء محمد له فعليه أن يصعد بنفسه إلى السماوات ليتأكد منه!).



و هناك إباحة الموهوبة له، فمن حق النبي أن يتزوج أي امرأة بكلمة الهبة فقط ؛ كما قال ابن كثير في تفسير الأحزاب 50 (..أما هو، عليه السلام، فإنه لا يجب عليه للمفوضة شيء ولو دخل بها؛ لأن له أن يتزوج بغير صداق ولا ولي ولا شهود، كما في قصة زينب بنت جحش، رضي الله عنها. ولهذا قال قتادة في قوله: "خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ" ، يقول: ليس لامرأة تهب نفسها لرجل بغير ولي ولا مهر إلا للنبي صلى الله عليه وسلم).



ثم هناك حق محمد في أن يعقد على المرأة من غير استئمارها لأنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فلا يحق للمؤمنة طبعا رفض ما أمر به رسول الله.



كما يباح للرسول النكاح في الإحرام، بالمخالفة للشريعة ؛ قال النووي في "المجموع شرح المهذب" (الأصح عند أصحابنا أن للنبي صلى الله عليه وسلم أن يتزوج في حال الإحرام، وهو قول أبي الطيب بن سلمة وغيره من أصحابنا، والمسألة مشهورة في الخصائص من أول كتاب النكاح).



هناك أيضا حق محمد في ما يسمى "الصفي" و هو أن يصطفي من الغنيمة ما يشاء قبل القسمة، و هو أمر خاص به وحده ؛ (قال ابن الملقن في " غاية السول " : اصطفاء ما يختاره من الغنيمة قبل قسمتها من جارية أو غيرها، ويسمّى المختار الصفي والصفية، والجمع الصفايا، ومن صفاياه صلى الله عليه وسلم صفية بنت حيي؛ اصطفاها وأعتقها وتزوجها).



ثم نأتي للخاصية الأخيرة، أن النبي (إِذَا طَلَّقَ اِمْرَأَة تَبْقَى حُرْمَته عَلَيْهَا فَلَا تُنْكَح)، أي أنه لا يجوز لأحد أن يتزوج نساء محمد بعد طلاقه لها، أو بعد موته؛ كما جاء في سورة الأحزاب 53، و هي قصة تستحق وقفة أخرى، تأتي في إطار الحديث عن زيجاته ببعض التفصيل.



زيجاته

الكل يعرف بشكل عام قصة زواج نبي الإسلام بأولى زوجاته: التاجرة الثرية التي استأجرت محمدا ليتاجر في أموالها، ثم ما لبثت أن دعته إلى الزواج بها ؛ و لكن هناك روايات إسلامية يحرص الشيوخ على عدم ذكرها أمام العوام؛ منها كيفية حدوث ذلك الزواج المبارك.



حيث نقرأ أن خديجة أسقت والدها خمرا حتى ثمل، ثم دعت محمد و أقرباءه و دخلوا عليه و أقنعوه- و هو سكران- بأن يزوج خديجة لمحمد؛ و حين أفاق الرجل غضب و أخذ سلاحه، و كذلك فعل بنو هاشم، و كادت تندلع الحرب (نقرأ القصة في"تاريخ الطبري" – باب زواج خديجة، و في "الطبقات الكبرى" لابن سعد- ذكر تزويج الرسول خديجة بنت خويلد).



طوال حياة خديجة لم يتزوج محمد غيرها، و دعمته هي ماليا و اجتماعيا و نفسيا، و لكن بعد وفاتها و بعد الهجرة، بدأ سلسلة زيجاته و مغامراته النسائية.



عائشة

أما الزوجة الأشهر: عائشة، فقد تزوجها و هي في السادسة من عمرها، ثم دخل بها و هي في التاسعة.



القصة نقرأها في "صحيح البخاري" 3894 و "صحيح مسلم" 1422 و "سنن أبي داود" 4933 و غيرها من المصادر الإسلامية، حيث تحكي عائشة نفسها قائلة (تزوجني النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأنا بنت ست سنين، فقدمنا المدينة، فنزلنا في بني الحارث بن خزرج، فوعكت فتمزق شعري فوفى جميمة، فأتتني أمي أم رومان، وإني لفي أرجوحة، ومعي صواحب لي، فصرخت بي فأتيتها، لا أدري ما تريد بي فأخذت بيدي حتى أوقفتني على باب الدار، وإني لأنهج حتى سكن بعض نفسي، ثم أخذت شيئا من ماء فمسحت به وجهي ورأسي، ثم أدخلتني الدار، فإذا نسوة من الأنصار في البيت، فقُلْن : على الخير والبركة، وعلى خير طائر، فأسلمتني إليهن، فأصلحن من شأني، فلم يرعني إلا رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ضحى، فأسلمتني إليه، وأنا يومَئذ بنت تسع سنين).



 وتفاصيل القصة- كما تحكيها بطلتها- تعتبر أبلغ رد على من يبرر جريمة اغتصاب طفلة عن طريق ترديد مزاعم سخيفة بشأن بلوغ الفتيات بشكل مبكر في تلك البيئات..إلخ؛ فهنا نرى أنهم قد أخذوا عائشة-  ليس و هي تدرس في الجامعة، و ليس و هي تقرأ كتابا في إدارة الأعمال! – و إنما و هي تلعب على أرجوحة كأي طفلة ؛ كما لم يستشرها أحد فيأخذ موافقتها، بل لم يخبروها أين يذهبون بها!؛ فإن لم يكن ذلك اغتصابا صريحا - بتواطؤ الأهل- فلا أدري كيف يكون!



و في مصادر أخرى (مثل "البداية و النهاية" لابن كثير 3\129 و "مجمع الزوائد" للهيثمي 9\228 و "تاريخ الإسلام" للذهبي 1\280) نقرأ أن أبا بكر حين سمع برغبة محمد استنكر الأمر قائلا " أوَ تصلُح لَهُ وَهيَ ابنةُ أخيهِ؟!"، لكنه سرعان ما وافق تحت إصرار رسول الله.



أبسط قواعد الزواج أنه شراكة بين شخصين ناضجين واعيين؛ و لا أحد يتصور أي درجة من التقارب أو التفاهم العقلي بين رجل في العقد السادس و طفلة في التاسعة ؛ ما شكل الحوار الذي يمكن أن يدور بين هذين الزوجين؟ حين نفكر في مثل تلك الأسئلة نجد أن الأمر لا يعدو كونه مجرد نزوة جنسية بحتة للنبي.



و لم ينس محمد أن ينسب تلك الزيجة لله، حيث قال أنه رأى عائشة في المنام، يأتي له جبريل بصورتها فيقول له هذه زوجته في الدنيا و الآخرة- نقرأ ذلك في "صحيح مسلم بشرح النووي"- باب فضل عائشة و "الجامع الصحيح"- باب فضل عائشة.



فوق هذا فإن تلك القصة هي أحد أهم الأدلة التي يستخدمها الفقهاء لإباحة نكاح الأطفال و الدخول بهن- عملا بالسنة النبوية- و استشهادهم بالقصة هو دليل آخر على أن عائشة كانت طفلة غير بالغة وقت أن دخل بها محمد، على عكس ما يحاول إثباته بعض المسلمين "المودرن" الخجولين بشدة من تصرفات نبيهم.



و هذا ما نقرأه في موقع "إسلام ويب"- مركز الفتوى، فتوى رقم 196965، فبعد أن يذكر المفتي حديث زواج عائشة في البخاري و مسلم، يقول (.. وهذا يدل على صغرها وأنها لم تبلغ الحلم؛ فقد كانت تلعب في أرجوحة لها مع صواحبها في اليوم الذي بُني عليها فيه).



ثم يقول (ولذلك قالت رضي الله عنها: إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة. ذكره الترمذي في سننه. وهذا ليس معناه أنها قد بلغت المحيض وصارت مكلفة، وإنما معناه صلاحها للزواج في الغالب، فيكون لها حكم المرأة في هذه الأمور وما يتصل بها)، (ولذلك فإن أهل العلم يستدلون بزواج النبي صلى الله عليه وسلم بعائشة، ودخوله بها في هذه السن، على مسألة نكاح الصغيرة)، (وقد ظلت السيدة عائشة عند النبي صلى الله عليه وسلم مدة قد تصل لخمس سنين وهي غير بالغة).



و يستمر الموقع بنقل أقوال علماء الإسلام التي تؤكد أن عائشة لم تكن بالغة وقت الزواج و الدخول، و أنها ظلت طفلة في بيت محمد عدة سنوات و لذلك سمح لها باللعب بالدمى (العرائس)- نكمل الفتوى (قال العيني في "عمدة القاري": مطابقته للترجمة من حيث إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينبسط إلى عائشة، حيث يرضى بلعبها بالبنات، ويرسل إليها صواحبها حتى يلعبن معها، و كانت عائشة حينئذ غير بالغة، فلذلك رخص لها. والكراهة فيها قائمة للبوالغ)، (وقد بقيت على هذه الحال إلى غزوة خيبر على الراجح)، (قال الخطابي: .. إنما أرخص لعائشة فيها لأنها إذ ذاك كانت غير بالغ)، (قال البيهقي في "السنن الكبرى": كانت صغيرة في الوقت الذي زفت فيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعها اللعب ... وليس في شيء من الروايات أنها كانت بلغت مبلغ النساء بغير السن في وقت زفافها) انتهى.



بعد خطبة النبي لعائشة، و قبل زواجه بها، تزوج بامرأة أخرى هي سودة بنت زمعة، و لها قصة أخرى مشوقة.



الظلم الحلال

نبدأ من الآية 128 من سورة النساء (وَإِنِ ٱمْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَآ أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَٱلصُّلْحُ خَيْرٌ).



حين ننظر في التفاسير نجد أن الآية تتحدث عن المرأة الدميمة أو كبيرة السن، و التي تخاف من زوجها أن يطلقها، حيث بإمكانها أن تتنازل له عن بعض حقوقها في مقابل أن يتمسك بها(!)



من تفسير الطبري للآية (أن رجلاً سأل عليًّا رضي الله عنه عن قوله: "فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً" قال: تكون المرأة عند الرجل دميمة فتنبو عينه من دمامتها أو كبرها، فإن جعلت له من أيامها أو مالها شيئاً فليس عليه جناح)؛ ثم يخبرنا أن رجلا سأل عمر عن الآية فقال كلاما مشابها (هذه المرأة تكون عند الرجل قد خلا من سِنّها، فيتزوّج المرأة الشابة يلتمس ولدها، فما اصطلحا عليه من شيء فهو جائز).



و في تفسير ابن كثير نفس الشيء (عن عائشة، في قوله: "وَإِنِ ٱمْرَأَةٌ خَـٰفَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً" قالت: هو الرجل يكون له امرأتان: إحداهما قد كبرت، أو هي دميمة، وهو لا يستكثر منها، فتقول: لا تطلقني، وأنت في حل من شأني، وهذا الحديث ثابت في الصحيحين).



هنا الظلم و الحال المهينة للمرأة لا تحتاج منّا إلى توضيح؛ و لكن المفاجأة الأخرى التي نجدها في التفاسير و الروايات و كتب الأحاديث هي أن الآية نزلت في محمد و واحدة من زوجاته: سودة بنت زمعة.



 فتلك المرأة – التي كانت أول من تزوجها محمد بعد وفاة خديجة، فكانت ترعى بيته و تخدم بناته - ما لبثت أن كبر سنها فملّ منها النبي و أراد أن يطلقها، خاصة أنه قد صار لديه عددا آخر من النساء الأصغر و الأجمل – فتوسلت سودة إليه أن يبقى عليها، في مقابل أن تتنازل عن يومها لعائشة الأصغر و الأجمل، فوافق النبي بذلك، و نزل القرآن يبارك ذلك الوضع.



من الطبري (وزعم أنها نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي سدوة بنت زمعة كانت قد كبرت، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطلقها، فاصطلحا على أن يمسكها ويجعل يومها لعائشة، فشحت بمكانها من رسول الله صلى الله عليه وسلم).



و في تفسير ابن كثير للآية نقرأ (عن هشام، عن أبيه عروة، قال: أنزل الله في سودة وأشباهها: "وَإِنِ ٱمْرَأَةٌ خَـٰفَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً" وذلك أن سودة كانت امرأة قد أسنت، ففزعت أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم وضنت بمكانها منه، وعرفت من حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، عائشة ومنزلتها منه، فوهبت يومها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة، فقبل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم)، و في رواية أخرى (بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى سودة بنت زمعة بطلاقها، فلما أن أتاها، جلست له على طريق عائشة، فلما رأته قالت له: أنشدك بالذي أنزل عليك كلامه، واصطفاك على خلقه، لما راجعتني، فإني قد كبرت، ولا حاجة لي في الرجال، لكن أريد أن أبعث مع نسائك يوم القيامة، فراجعها) انتهى.



و في "الطبقات الكبرى" لابن سعد- باب سودة- أنها ظلت تلح على محمد أن يبقي عليها و هو يرفض، إلى أن تنازلت عن يومها و ليلتها لعائشة حبيبة محمد، حيث نقرأ (بعث النبي إلى سودة بطلاقها ؛ فلما أتاها جلست على طريقه إلى بيت عائشة ؛ فلما رأته قالت أنشدك بالذي انزل عليك كتابه واصطفاك على خلقه لما طلقتني الموجدة وجدتها فيّ (أي لسيئة فيّ) قال لا؛ قالت فإني أنشدك بمثل الأولى أما راجعتني وقد كبرت ولا حاجة لي في الرجال ولكن احب أن ابعث في نسائك يوم القيامة فراجعها(رفض)؛ إلى أن قالت فإني جعلت يومي وليلتي لعائشة حبّة رسول الله).



و في ذات المصدر ترد القصة بشكل أكثر وضوحا، يؤكد أن المسألة كانت مسألة جنسية بالأساس، حيث ورد (عن عائشة قالت :كانت سودة بنت زمعة قد أسنت وكان النبي لا يستكثر منها (أي لا يعاشرها جنسيا) وقد علمت مكاني من النبي وانه يستكثر مني (أي كان يضاجعها كثيرا!).



و هكذا جاء الوضع الجديد؛ فنقرأ من تفسير ابن كثير (عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي عن تسع نسوة، وكان يقسم لثمان).



و في "صحيح ابن ماجه" 1618 نجد تلخيصا للقصة (لمَّا كبِرَت سَودَةُ بنتُ زَمعَةَ وَهبَت يومَها لعائشةَ فَكانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ يقسِمُ لعائشةَ بيومِ سَودَةَ).



غنيمة أخرى

و حين أراد محمد أن ينكح امرأة أخرى شديدة الجمال - أم سلمة- و التي رفضت من قبل الزواج بأبي بكر و عمر، حاولت المرأة رفض محمد أيضا متحججة بأن لديها أولاد من زيجات سابقة، و أنه لا يوجد شاهد من أوليائها كما جرى العرف و كما أمر الإسلام، بالإضافة لكونها – على حد قولها- امرأة شديدة الغيرة ؛ إلا أن النبي رفض حججها جميعا (كما نقرأ في "الطبقات الكبرى" لابن سعد- باب أم سلمة) و أجابها بأن الله سيتولى كل تلك الأمور، بما فيها غيرتها!



و مما يؤكد أن أم سلمة كانت مغصوبة على تلك الزيجة، ما ذكرته المصادر الإسلامية أنها كانت تتهرب من ممارسة الجنس مع النبي، بأنها كانت تأخذ ابنتها لترضعها كلما رأته، حيث نقرأ في نفس المصدر السابق (وكان رسول الله يأتيها فإذا جاء أخذت زينب فوضعتها في حجرها لترضعها..).



إلا أن أخو أم سلمة- عمار ابن ياسر- أدرك ما تقوم به، فدخل عليها و أخذ منها ابنتها بكل غلظة، و عزلوها عنها، حتى يتمكن النبي من مضاجعتها- حيث نقرأ باقي القصة (..ففطن عمار بن ياسر لما تصنع. قال فأقبل ذات يوم وجاء عمار وكان أخاها لأمها، فدخل عليها فاستشطها من حجرها. وقال دعي هذه المقبوحة المشقوحة التي آذيت بها رسول الله. فدخل (أي محمد) فجعل يقلب بصره في البيت يقول أين زناب ما فعلت زناب؟ قالت جاء عمار فذهب بها. قال فبنى رسول الله بأهله).



و في كل الأحوال؛ كانت تلك الزيجة سببا في تدشين حزب نسائي جديد من زوجات محمد، كما تحكي عائشة- في نفس المصدر "الطبقات الكبرى" حيث نقرأ (عن عائشة قالت لما تزوج النبي أم سلمة حزنت حزنا شديدا لما ذكروا من جمالها؛ قالت فتلطفت لها حتى رأيتها فرأيتها والله أضعاف ما وصفت لي في الحسن والجمال؛ قالت فذكرت ذلك لحفصة وكانتا يدا واحدة فقالت لا والله إن هذه إلا الغيرة).



من الواضح إذن أن الله لم يتولى أمر غيرة نساء النبي!



ذلك الثنائي الذي ستكون له مغامرات أخرى في بيت النبوة ، منها مثلا أن آية (لا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ... ولا نِسَاء مِّن نِّسَاء) نزلت بسبب أن أم المؤمنين عائشة و أم المؤمنين حفصة سخرا من هيئة أم المؤمنين أم سلمة، و غير ذلك من القصص ؛ إلا أن ما سنهتم بتناوله هنا هو ما يقع داخل موضوعنا الأشمل و هو الجوانب الجنسية بالأساس.



روايات الفحولة النبوية

من الطبيعي لأي متابع لكثرة زيجات محمد أن يتساءل عن الجانب الجنسي: كيف يمكن لرجل في العقد السادس أن يتعامل مع أكثر من عشر نساء؟



 و هنا تكفلت الروايات- القوية و الضعيفة سندا- بسد الفضول و الإجابة على التساؤلات سليمة النية أو خبيثتها؛ فنقرأ في "صحيح البخاري" 268 و "صحيح ابن حبان" 1208 أن النبي كان يطوف على جميع نساءه بشكل متتابع، لأن الله منحه قوة ثلاثين رجلا (كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَدورُ على نسائِه في الساعة الواحدةِ ، منَ الليلِ والنهارِ ، وهنَّ إحدى عشْرَةَ. قال : قلتُ لأنسٍ : أوَ كان يُطيقُه؟ قال : كنا نتحدَّثُ أنه أُعطِيَ قوةَ ثلاثينَ).



و هناك أحاديث أخرى- مثلما ورد في "المعجم الأوسط" 1\178 و "مجمع الزوائد" 4\296- تصل فيها القوة إلى أربعين، حيث يقول محمدا عن نفسه (أُعطِيتُ قوَّةَ أربعينَ في البطشِ والنِّكاحِ).



و في "الجامع" لعبد الرازق"، و "منتخب كنز العمال" للشيخ علي متقي الهندي- باب النكاح- نجد أن القوة وصلت إلى خمسة و أربعين، و أنه لم يكن يستقر عند امرأة واحدة بل يتنقل بينهن (عن أبي سعيد قال: أعطي رسول الله قوة بضع (نكاح) خمسة وأربعين رجلا؛ وأنه لم يكن يقيم عند امرأة يوما تاما، كان يأتي هذه الساعة ويأتي هذه الساعة يتنقل بينهن كذلك اليوم- حتى إذا كان الليل قسم لكل امرأة منهن ليلتها).



و في "الطبقات الكبرى" لابن سعد- باب ذكر ما أعطي رسول الله من القوة على الجماع- نقرأ أن السر في تلك الفحولة الأربعينية هو طعام خاص جاء به جبريل إلى رسول الله (عن النبي قال: أتاني جبريل بقدر فأكلت منها فأعطيت قوة أربعين رجلا في الجماع).



و في نفس المصدر ما يدل أنه كان يعاني من الضعف الجنسي حتى أتاه الله بذلك الطعام السحري- الكُفّيِت (قال رسول الله كنت من أقل الناس في الجماع حتى أنزل الله علىّ الكفيت فما أريده من ساعة إلا وجدته وهو قدر فيها لحم).



و بالطبع يبقى لكل شخص أ ن يفسر المدلول الفعلي لتلك الروايات المبالغ فيها ، ليرى إن كانت تدل على فحولة نبوية حقيقية، أم أنها بالأحرى مصاغة خصيصا لدرء شبهات الضعف أو انعدام الكفاءة عن الرجل الكهل في مواجهة هذا العدد من النساء...؟



بعيدا عن ذلك، فمن الروايات التي تعطينا لمحة عن مدى "نظافة" رسول الله، هي التي تذكر أنه كان يضاجع عدة نساء دون أن يغتسل سوى مرة واحدة في أول رحلة الطواف الزوجية تلك؛ و هو ما نقرأه في "صحيح مسلم" 309 و "السنن الكبرى" للبيهقي 1\204 و "صحيح ابن حبان" 1206 و "المعجم الأوسط" 5\105 و "المحلي" لابن حزم 2\46 (عن أنس رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يطوف على نسائه بغسل واحد) – و لنا أن نتساءل عن مصير أهل بيت النبوة جميعا لو أن واحدة فقط  من أمهات المؤمنين تصادف أن لديها مرضا جنسيا قابلا للعدوى؟



و تتكفل المصادر الإسلامية أيضا بالتفاخر بتلك القوة النبوية، و ربطها بالكمال و النبوة و الإيمان؛ فيعلق الإمام ابن حجر على تلك الأحاديث، في "فتح الباري بشرح صحيح البخاري" 1\451 قائلا (وفي هذا الحديث من الفوائد... ما أعطي النبي - صلى الله عليه وسلم - من القوة على الجماع، وهو دليل على كمال البنية وصحة الذكورية)، و يقول الصنعاني في سبل السلام 6\128 (وفي الحديث دلالة على أنه - صلى الله عليه وسلم - كان أكمل الرجال في الرجولية؛ حيث كان له هذه القوة).



ويقول الحكيم الترمذي في " نوادر الأصول" (الأنبياء زيدوا في النكاح لفضل نبوتهم ، وذلك أن النور إذا امتلأ منه الصدر ففاض في العروق التذت النفس والعروق، فأثار الشهوة وقواها . وروي عن سعيد بن المسيب أن النبيين عليهم الصلاة والسلام يفضلون بالجماع على الناس . وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : أعطيت قوة أربعين رجلا في البطش والنكاح ، وأعطي المؤمن قوة عشرة ، فهو بالنبوة ، والمؤمن بإيمانه)، و يضيف (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أربع من سنن المرسلين : التعطر والحياء والنكاح والسواك)- و هكذا صار النكاح سنة نبوية!



حتى في الحيض و الصيام

قلنا أننا لا نعرف إن كانت تلك الروايات حول فحولة محمد هي حقائق، أم أنها محاولة إسلامية للتغطية على مشاكل ما أو لقطع الطريق على أي شخص يشكك في إمكانية إرضاء شيخ خمسيني جنسيا لذلك العدد من النساء ؛ و لكن ما تخبرنا به الروايات أيضا أن الرجل كان لا يستطيع الصبر على شهوته و مزاجه الولع بالنساء  (و هو بالمناسبة أمر لا يرتبط بالضرورة بالفحولة و القدرة).



من ذلك أنه كان لا يترك نساءه في فترة الحيض، التي أمر القرآن فيها "باعتزال النساء"، و لكن كان يمارس معهن الجنس دون إيلاج، و هكذا أحل لرجال المسلمين، كما ذكرنا في جزء سابق نقلا عن "صحيح مسلم 302 و غيره؛ و نجد نفس الأمر في "الجامع الصغير" للسيوطي 6549 و 6550 (عن ميمونة قالت كان النبي إذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه أمرها فأتزرت وهى حائض)، (عن بعض نساء النبي قلن: كان النبي إذا أراد من الحائض شيئا ألقى على فرجها ثوبا)، و في "اللؤلؤ والمرجان فيما أتفق عليه الشيخان البخاري ومسلم" 167 و 173 (عن عائشة قالت: كان النبي يباشرني وأنا حائض)، (عن عائشة قالت: كانت إحدانا إذا كانت حائض فأراد النبي أن يباشرها أمرها أن تأتزر في فور حيضتها ثم يباشرها) و غيرها من المصادر، مما ينتج عنه اكتمال المتعة من طرف واحد بالطبع هو طرف الرجل.



كذلك كان محمد لا يمتنع عن الجنس في أثناء الصيام؛ حيث نقرأ في "مسند أحمد" أيضا- باب مسند عائشة- نقرأ (عن عائشة قالت: كان النبي يقبل بعض أزواجه وهو صائم ثم ضحكت)، (عن عائشة قالت: أهوى إليّ النبي ليقبلني، فقلت: إني صائمة. قال: وأنا صائم. ثم فأهوى إليّ فقبلني)، (عن عائشة قالت :إن النبي كان يقبلها وهو صائم ويمص لسانها)، (عن عائشة قالت : تناولني النبي فقلت إني صائمة فقال وأنا صائم)، (عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أن النبي كان يباشر وهو صائم ثم يجعل بينه وبينها ثوبا يعني الفرج) – و بالمناسبة الرواية الأخيرة عن عائشة بنت طلحة، ابنة أخت عائشة التي مررنا ببعض من سيرتها العطرة جدا.



و في " فتح الباري في شرح صحيح البخاري" 1827 (عن عائشة أن النبي كان يقبلها ويمص لسانها).



و في "صحيح البخاري" 1792 و "صحيح مسلم" 1854 و 1856 و "مسند أحمد" 23000 و "سنن أبي داود"    2034 (عن عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل ويباشر وهو صائم وكان أملككم لإربه).



(و بخصوص العبارة الأخيرة، فلنا أن نتساءل متعجبين: يا ترى ما الذي أدرى عائشة بمدى تحكم ذكور المسلمين في شهواتهم الجنسية، حتى تقارن بينهم و بين زوجها الذي لم تتزوج غيره؟!).



و لا ننسى أن محمدا - في خصيصة أخرى من خصائصه- قد أباح لنفسه ممارسة الجنس في أثناء الإحرام؛ كما قال النووي في "المجموع شرح المهذب" (الأصح عند أصحابنا أن للنبي صلى الله عليه وسلم أن يتزوج في حال الإحرام، وهو قول أبي الطيب بن سلمة وغيره من أصحابنا، والمسألة مشهورة في الخصائص من أول كتاب النكاح).



النبي لا يغض بصره

و كأن الزوجات و ملك اليمين و الواهبات أنفسهن له لا تكفي الرسول ، فتخبرنا المصادر الإسلامية أن وله محمد بالنساء جعلته يمد النظر إلى أي امرأة تسير في الطريق - و هو أمر آخر منع المسلمين عنه ثم أباحه لنفسه.



ففي رواية أخرى نجد النبي واقفا مع بعض أصحابه، فتمر امرأة أمامهم، فينظر إليها حتى تشتعل شهوته، فيترك من كان معه و يدخل ليمارس الجنس مع زينب، ثم يخرج إلى أصحابه واعظا إياهم أن يفعلوا مثله! (أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى امْرَأَةً ، فَأَتَى امْرَأَتَهُ زَيْنَبَ ، وَهِيَ تَمْعَسُ مَنِيئَةً لَهَا ، فَقَضَى حَاجَتَهُ ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ ، فقَالَ : "إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ ، وَتُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ ، فَإِذَا أَبْصَرَ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ") - و الرواية واردة في "صحيح مسلم" 1403 و "مسند أحمد" 22\407 و "سنن أبي داود" 2151 و "سنن الترمذي" 1158 و "السنن الكبرى" للنسائي 7\235 و "صحيح ابن حبان" 12\384 و "المعجم الكبير" للطبراني 24\50 و "المعجم الأوسط" للطبراني أيضا 3\34.



و هناك رواية أخرى بنفس المعنى، نقرأها في "مسند أحمد" 29\557 و "الأوسط" للطبراني 4\159 (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا فِي أَصْحَابِهِ فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ وَقَدْ اغْتَسَلَ فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ كَانَ شَيْءٌ ، قَالَ : ( أَجَلْ ، مَرَّتْ بِي فُلَانَةُ فَوَقَعَ فِي قَلْبِي شَهْوَةُ النِّسَاءِ فَأَتَيْتُ بَعْضَ أَزْوَاجِي فَأَصَبْتُهَا ، فَكَذَلِكَ فَافْعَلُوا ، فَإِنَّهُ مِن أَمَاثِلِ أَعْمَالِكُمْ إِتْيَانُ الْحَلَالِ).



نلاحظ أن الرجل لم يلم نفسه على إطلاقه لبصره و اشتهائه للنساء المارات في الطرقات، و إنما ألقى باللوم على المرأة فشبهها هي بالشيطان(!) رغم أنها كانت غالبا مسلمة و ملتزمة بالملابس الشرعية (و إلا كان عليه كنبي أن ينبهها لكنه لم يفعل)- هذا الأمر الذي سيزرع في تلك الأمة سنّة نبوية أخرى ستستمر لقرون، هي سنّة إلقاء اللوم على المرأة و النظر إليها باعتبارها مصدر فتنة شيطانية و سبب خراب المجتمعات و منبع كل الشرور..إلخ.



كما نلاحظ أن تلك الشهوة الحارقة لم تصب أيا من أصحاب محمد الواقفين معه، فيبدو أنهم كانوا أكثر حياءا و أدبا و التزاما بغض البصر من رسولهم!



تلك العادة النبوية في تجاوز غض البصر و التطلع بالنظرة الشهوانية إلى النساء دون تمميز، سنجدها تلعب دورا محوريا في واحدة أخرى من زيجات النبي الذي يقولون أنه كان أشد حياءا من العذراء في خدرها!



الطمع في زوجة الإبن

تبدأ القصة بقيام الله و رسوله بالتعاون على إجبار فتاة على الزواج بشخص لا ترغب فيه؛ حيث أراد محمد تزويج ابنة عمته- زينب بنت جحش- لمولاه (عبده) و ابنه المتبنى زيد ابن حارثة.



نجد ذلك في سورة الأحزاب آية 36 (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِيناً) الأحزاب 36، حيث تخبرنا التفاسير أن تلك الآية نزلت حين طلب محمد من زينب الزواج من زيد فرفضت.



من تفسير الطبري للآية نسمع القصة (عن ابن عبـاس، قوله: "وَما كانَ لِـمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أمْراً".... إلـى آخر الآية، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلق يخطب علـى فتاه زيد بن حارثة، فدخـل علـى زينب بنت جحش الأسدية فخطبها، فقالت: لست بناكحته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فـانكحيه"، فقلت: يا رسول الله أؤامَر فـي نفسي؟! فبـينـما هما يتـحدّثان أنزل الله هذه الآية علـى رسوله: "وَما كانَ لِـمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ"... إلـى قوله: "ضَلالاً مُبِـيناً" قالت: قد رضيته لـي يا رسول الله مَنْكَحاً؟ قال: نَعم، قالت: إذن لا أعصى رسول الله، قد أنكحته نفسي) – و نجد نفس الرواية تتكرر في القرطبي و غيره.



ثم يأتي المشهد الثاني من القصة، في الآية التالية مباشرة، الأحزاب 37 (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِيۤ أَنعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَٱتَّقِ ٱللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى ٱلنَّاسَ وَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِيۤ أَزْوَاجِ أَدْعِيَآئِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ مَفْعُولاً).



و القصة باختصار أن محمدا بعد أن زوج زينب لزيد، ذهب مرة ليزورهما و لم يكن زيد في المنزل، فرأى النبي زينب متكشفة أو شبه عارية فأعجبه جمالها و أظهر لها ذلك؛ و حين رجع زيد أخبرته زينب بما كان، فذهب زيد إلى النبي عارضا عليه أن يقوم بتطليق زينب كي يتزوجها هو ؛ فطلب منه محمد أن لا يقوم بذلك، لكنه فعل، و بالفعل تزوجها محمد فورا.



و هنا نفهم أن الآية السابقة تعاتب محمدا على أنه حاول حث زيد على التمسك بزوجته، و تخبرنا أنه فعل ذلك خشية من كلام الناس أن يظنوا أنه أمر رجلا بطلاق زوجته ليأخذها لنفسه (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى ٱلنَّاسَ).



من تفسير الطبري للآية السابقة نقرأ (وذلك أن زينب بنت جحش فـيـما ذُكر رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعجبته، وهي فـي حبـال مولاه، فألِقـي فـي نفس زيد كراهتها لـما علـم الله مـما وقع فـي نفس نبـيه ما وقع، فأراد فراقها، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم زيد، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمْسِكْ عَلَـيْكَ زَوْجَكَ")، (.."وتُـخْفِـي فِـي نَفْسِكَ ما اللَّهُ مُبْدِيهِ" يقول: وتـخفـي فـي نفسك مـحبة فراقه إياها لتتزوّجها إن هو فـارقها، والله مبد ما تـخفـي فـي نفسك من ذلك "وتَـخْشَى النَّاسَ واللَّهُ أحَقُّ أنْ تَـخْشاهُ" يقول تعالـى ذكره: وتـخاف أن يقول الناس: أمر رجلاً بطلاق امرأته ونكحها حين طلَّقها، والله أحقّ أن تـخشاه من الناس) انتهى.



من الطبري أيضا نقرأ المشهد المحوري في القصة: و هو رؤية محمد لزينب و هي متعرية و إعجابه بها (قال ابن زيد: كان النبـيّ صلى الله عليه وسلم قد زوّج زيد بن حارثة زينب بنت جحش، ابنة عمته، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً يريده وعلـى البـاب ستر من شعر، فرفعت الريح الستر فـانكشف، وهي فـي حجرتها حاسرة، فوقع إعجابها فـي قلب النبـيّ صلى الله عليه وسلم).



و بالطبع الواضح هنا أن إعجاب النبي لم يكن بأخلاقها أو ثقافتها العالية أو تميز شخصيتها(!)، و إنما كان بجسدها- و هو ما يتسق مع قول القرآن لمحمد أن ما يعجبه من النساء هو "حسنهن (الأحزاب 52)، و يتسق أيضا مع قوله هو عن نفسه أنه "يحب النساء"، و أنهن بالنسبة له "متاع" في أحاديث تناولناها سابقا.



و في تفسير القرطبي للأحزاب 37 نجد نفس الكلام عن اشتهاء محمد لزوجة رجل آخر- ابنه بالتبني- و رغبته الدفينة أن يطلقها زوجها ليحصل هو عليها- و هو ما كان يخفيه في نفسه، فنقرأ (ذهب قتادة وابن زيد وجماعة من المفسرين، منهم الطبري وغيره ـ إلى أن النبيّ صلى الله عليه وسلم وقع منه استحسان لزينب بنت جحش، وهي في عِصْمة زيد، وكان حريصاً على أن يطلّقها زيد فيتزوّجها هو).



و نقرأ أيضا في القرطبي قصة رؤية النبي لجسد زينب الأبيض الضخم و إعجابه بها (زوّج النبيّ صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش من زيد فمكثت عنده حيناً، ثم إنه عليه السلام أتى زيداً يوماً يطلبه، فأبصر زينب قائمة، كانت بيضاء جميلة جسيمة من أتمّ نساء قريش، فهوِيَها وقال: "سبحان الله مقلّبِ القلوب"! فسمعت زينب بالتسبيحة فذكرتها لزيد، ففطِن زيد فقال: يا رسول الله، ائذن لي في طلاقها).



هكذا نجد أن الله هو المسئول عن إجبار زينب على الزواج بزيد، و هو المسئول عن إلقاء الكراهة له في قلبها، و هو أيضا المسئول عن إمالة قلب نبيه إلى زوجة رجل آخر (ذلك القلب النبوي الذي لا يتحرك إلا أمام الأجساد المكشوفة على ما يبدو؛ فالله أدرى بنبيه).



ليس ذلك فقط؛ بل نقرأ- في القرطبي أيضا- أن الله هو أيضا من تكفل بكشف جسد زينب للنبي ، حيث أرسل ريحا لتكشف الستار و تعري زوجة زيد أمام رسول الله!! (وقيل: إن الله بعث ريحاً فرفعت الستر وزينب مُتَفَضِّلة في منزلها، فرأى زينب فوقعت في نفسه، ووقع في نفس زينب أنها وقعت في نفس النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك لما جاء يطلب زيداً، فجاء زيد فأخبرته بذلك، فوقع في نفس زيد أن يطلقها").



و بعد أن طلقها زيد و نزل القرآن قائلا "زوجناكها"، دخل محمد على زينب بدون أي من إجراءات الزواج التقليدية- كما نجد في تفسير القرطبي أيضا (.. ولما أعلمه الله بذلك دخل عليها بغير إذن، ولا تجديد عقد ولا تقرير صداق، ولا شيء مما يكون شرطاً في حقوقنا ومشروعاً لنا. وهذا من خصوصياته صلى الله عليه وسلم، التي لا يشاركه فيها أحد بإجماع من المسلمين).



بالطبع، فإياك أن تقول عن ذلك الدخول - بدون عقد أو مهر أو أي شيء- أنه "زنا" (حاشاه!)، و إنما قل أنه "خصيصة نبوية"!



و بعد أن قام إله محمد بكل هذا، قام بإرسال جبريل ليزيل الحرج عن رسوله و يضفي الشرعية على الوضع كله، بل و يلوم النبي أنه طالب الرجل بالتمسك بزوجته و خشي كلام الناس!



ثم نجد - ختاما- أن الله شخصيا هو من قام بتزويج محمد لزينب، حيث نقرأ في تفسير القرطبي أيضا أنها كانت تتفاخر بذلك (عن أنس بن مالك قال: كانت زينب تَفْخَر على نساء النبي صلى الله عليه وسلم تقول: إن الله عز وجل أنكحني من السماء).



و علينا أن نبجّل ذلك الخالق الذي لا هم له سوى قضيب نبيه؛ و علينا أن نصدق أن كل تلك الأفعال حلال طيبة ، لأن خالق الكون لم يجد أسلوبا أفضل من هذا لإباحة زواج الرجل من طليقة ابنه بالتبني؛ و علينا أن نصدق أن الأمر لا علاقة له من قريب أو بعيد بالمزاج النبوي الجنسي!



أما بعد، فالطريف أننا سنجد النبي يتعلم درسا من تلك القصة، فيأمر الأزواج بأن لا يسمحوا بدخول أقاربهم على زوجاتهم، و على الأخص آبائهم منعا للفتن، ففي "صحيح البخاري" 5232 و "صحيح مسلم" 2172 (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم والدخول على النساء!"، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟ قال: "الحمو الموت") – و الحمو كما يقول المفسرون و أهل اللغة هم أقارب الزوج، خاصة أبيه.



و بالطبع فمحمد أبو زيد هو أخبر الناس بالفتن التي قد تقع من دخول الأب على زوجة ابنه!



ثم نجد- في حديث آخر- محمدا يقوم بإدانة و تحذير الرجل الذي يتلصص بعينيه على بيوت الناس ليرى العورات، بل و يعتبر أنه لو قام أحدهم بفقء عين ذلك الرجل لما كان مخطئا ، حيث يقول (أيما رجل كشف سترا فأدخل بصره من قبل أن يؤذن له فقد أتى حدا لا يحل له أن يأتيه ، ولو أن رجلا فقأ عينه لهدرت)، نجده في "جامع الترمذي" 2650 و "مسند أحمد" 20842 و "القدر" للفريابي 216 و "مجمع الزوائد" 10762 – و لكن من البديهي القول أن هذا الحكم لا ينطبق على رسول الله، بل ربما النظر إلى عورات النساء في البيوت هو من إحدى خصائصه أيضا!



و لكن عفوا، فلم يكن النبي هو من كشف الستر على زينب، بل الفاعل هو الله شخصيا، و الذي أرسل ريحا لهذا الغرض تحديدا، و العهدة على الإمام القرطبي!



أما الدرس الآخر الذي تعلمه محمد فهو الحجاب و ضرورة ستر الزوجات عن الأعين ، ذلك التشريع الذي يقال أنه أُمر به إبان زواج النبي بزينب، كما سنرى.



حماية الله لنساء نبيه

رأينا كيف أن النساء في المدينة كن يسرن في الطريق بدون أي نوع من أنواع الحجاب، حتى قرر الله أن يصون نساء نبيه و نساء المؤمنين الحرائر بملابس "إسلامية" خاصة؛ و لكن هناك آية أخرى نزلت بشأن نساء محمد لتفرض عليهن المزيد من الإحتجاب في الملابس و السلوك.



نقرأ من سورة الأحزاب 53 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا).



المعنى الواضح للآيات أنها تخاطب الصحابة فتضع لهم حدودا في التعامل مع خصوصية محمد، فتنهاهم عن دخول بيته بدون استئذان أو بدون دعوة مباشرة، و تمنعهم من المكوث في بيته أكثر من اللازم بل تطلب منهم الإنصراف بعد أن يأكلوا مباشرة ، كما تحرم عليهم التعامل مع نساء محمد إلا من وراء حجاب (ستار)، و أخيرا تحذر الآية بشدة من أن يقوم أحد الصحابة بالزواج من نساء النبي من بعده و إلى الأبد - ذلك لأن هذا الأمر يعتبر عند الله عظيما و خطيرا جدا(!).



أما أسباب النزول فهناك اختلاف حولها كالعادة، نقرأ ذلك في التفاسير ؛ فهناك من قال أن الآية نزلت بعد احتفال النبي بإحدى زيجاته (على الأرجح بزينب بنت جحش) ، حيث أنه في أثناء الوليمة في منزله قام بعض الصحابة بإطالة المكوث هناك أكثر من اللازم، بل و التجول في البيت هنا و هناك، فكان لابد لله أن يرسل جبريل فورا لتدارك الوضع، و يأمر الصحابة بالإنصراف حتى يكون نبي الله مرتاحا في منزله.



نقرأ من تفسير الطبري للآية (عن أنس بن مالك، قال: بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بـامرأة من نسائه، فأرسلنـي، فدعوت قوماً إلـى الطعام فلـما أكلوا وخرجوا، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم منطلقاً قِبَلَ بـيت عائشة، فرأى رجلـين جالسين، فـانصرف راجعاً، فأنزل الله: "يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُـلُوا بُـيُوتَ النَّبِـيّ إلاَّ أنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ").



أما بشأن الحجاب فيبدو أن الله هنا مجرد منفذ للفكرة؛ أما العقل المدبر لها فهو عمر ابن الخطاب - كما جاء في الطبري و أيضا القرطبي، حيث ورد عن أنس ابن مالك عن عمر ابن الخطاب (.. قلت يا رسول الله، لو ضربتَ على نسائك الحجاب، فإنه يدخل عليهنّ البرّ والفاجر؛ فأنزل الله عز وجل "وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَٱسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ")، (و قالت عائشة رضي الله عنها وجماعة: سببها أن عمر قال قلت: يا رسول الله، إن نساءك يدخل عليهنّ البَرّ والفاجر، فلو أمرتهنّ أن يحتجبن؛ فنزلت الآية)، و نفس النص عن دخول البر و الفاجر بيت النبوة نقرأه في "صحيح البخاري" 4790.



هذا و لا ندري على وجه التحديد من هم الفجّار\الصحابة الذين كانوا يدخلون على نساء النبي(!)؛ و هل هم قلة، أم أكثرية إلى درجة أن تشريعا يوضع من أجلهم؟ و لكن المهم أن هناك العديد من الروايات مفادها أن عمر هو صاحب فكرة حجاب نساء محمد.



و يروي الطبري و القرطبي و غيرهما واقعة أخرى لنزول الآية السابقة، مفادها أن الصحابة كانوا يأكلون مع محمد و زوجاته فلمست عائشة يد أحدهم ، فنزلت آية الحجاب (وقد قـيـل: إن سبب أمر الله النساء بـالـحجاب، إنـما كان من أجل أن رجلاً كان يأكل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعائشة معهما، فأصابت يدها يد الرجل، فكره ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم) - و نقرأ في "مصنف ابن ابي شيبة" 7\485 أن ذلك الرجل هو عمر ابن الخطاب.



و من صيغة الآية نكتشف أن محمدا لم يكن متشككا متوجسا من جهة الصحابة فقط، بل و من جهة زوجاته أيضا؛ حيث نقرأ من تفسير الطبري لقوله "ذَلِكُمْ أطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ" (.. يقول تعالـى ذكره: سؤالكم إياهنّ الـمتاع إذا سألتـموهنّ ذلك من وراء حجاب أطهر لقلوبكم وقلوبهنّ من عوارض العين فـيها التـي تعرض فـي صدور الرجال من أمر النساء، وفـي صدور النساء من أمر الرجال، وأحرى من أن لا يكون للشيطان علـيكم وعلـيهنّ سبـيـل).



و ما يدل على ذلك أن نبي الإسلام كان يأمر زوجاته بالإحتجاب حتى عن شخص أعمى كفيف ؛ فنقرأ في "مسند أحمد" 6\296 و "سنن أبي داود" 4112 و "الكبرى" للنسائي 9197 (عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ مَيْمُونَةُ، فَأَقْبَلَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ أُمِرْنَا بِالْحِجَابِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : "احْتَجِبَا مِنْهُ ؛ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَيْسَ أَعْمَى لاَ يُبْصِرُنَا وَلاَ يَعْرِفُنَا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : "أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا؟ أَلَسْتُمَا تُبْصِرَانِهِ؟) – فالمطلوب من نساء النبي أن لا يرين سواه طوال حياتهم.



و ذلك على الرغم من أنه حين جاءته امرأة أخرى (تدعى فاطمة بنت قيس) طلقها زوجها و تريد النفقة، رفض محمد طلبها و أمرها أن تذهب إلى ابن أم مكتوم فتمكث عنده دون حرج لأنه أعمى؛ حيث نقرأ في "صحيح مسلم" 1480 أن النبي قال لها (لاَ نَفَقَةَ لكِ، فَانْتَقِلي فَاذْهَبِي إلى ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَكُوني عِنْدَهُ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى، تَضَعِينَ ثِيَابَكِ عِنْدَهُ)؛ علما بأن ابن أم مكتوم هو نفس الشخص الذي رفض محمد دخوله على زوجاته! – فما سر ذلك الكيل بمكيالين يا ترى؟ هل عرض نساء محمد أجدر بالحفاظ عليه، أم أن ثقته في زوجاته أقل من ثقته في باقي النساء؟



الآن فقط بعد أن مررنا بكثرة الفحش و الخيانات الزوجية المنتشرة في مجتمع النبوة، يمكننا أن نتفهم هلع محمد من أن تنفلت نساءه.



و في سورة الأحزاب أيضا - و هي بحق السورة الجديرة بحمل لقب "سورة الحياة الجنسية للنبي- نقرأ في الآية 32 تحذيرا مخيفا شديد اللهجة موجها لنساء محمد من أن يتجهن إلى أي انحراف، و تأمرهن الآية بالحشمة و خفض الصوت و التزام المنزل تجنبا لأي نجاسات أخلاقية محتملة (يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ إِنِ ٱتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِٱلْقَوْلِ فَيَطْمَعَ ٱلَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً - وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ ٱلأُولَىٰ وَأَقِمْنَ ٱلصَّلاَةَ وَآتِينَ ٱلزَّكَـاةَ وَأَطِعْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ ٱلرِّجْسَ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيـراً).



و كما رأينا أن نساء النبي قبل آية الحجاب كن يسرن مكشوفات، و يأكلن مع الرجال..إلخ، فكذلك يخبرنا الطبري في تفسير الآية أن نساء النبي قبل تلك الآية كن يخرجن في الطرقات مكشوفات الزينة متبرجات، يحركن أجسادهن بإغراء و دلال(!)، فمنعهن القرآن عن ذلك (عن قتادة "وَلا تَبرَّجْنَ تَبرُّجَ الـجاهِلِـيَّةِ الأُولـى" : أي إذا خرجتن من بـيوتكنّ. قال: كانت لهن مشية وتكسُّر وتغنُّـج، يعنـي بذلك الجاهلـية الأولـى فنهاهنّ الله عن ذلك)، (وقـيـل: إن التبرّج هو إظهار الزينة، وإبراز الـمرأة محاسنها للرجال).



سبب إضافي لتلك الغيرة النبوية نجده في تفسير الجزء الأخير من آية الأحزاب 53، الخاص بنهي الصحابة عن الزواج بزوجات محمد من بعده؛ حيث نقرأ في التفاسير أنها نزلت في بعض الصحابة الذين قالوا أنه بعد موت محمد فسيتزوجون عائشة.



من القرطبي نقرأ (عن قتادة أن رجلاً قال: لو قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجتُ عائشة؛ فأنزل الله تعالى: "وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ ٱللَّهِ" الآية. ونزلت: "وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ")، (وقال ابن عطية: روي أنها نزلت بسبب أن بعض الصحابة قال: لو مات رسول الله صلى الله عليه وسلم لتزوَّجت عائشة؛ فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فتأذّى به).



و من تفسير البغوي أن الآية (..نزلت في رجل من أصحاب النبي، قال: لئن قبض رسول الله لأنكحن عائشة)، و في ابن كثير أنها (..نزلت في رجل هم أن يتزوج بعض نساء النبي بعده).



فمن تلك الآية – تفاسيرها و أسباب نزولها- نرى مثالا آخر على الإنحطاط الأخلاقي في ذلك المجتمع، حيث يطمع الرجال في النساء، و العكس، بشكل طاغي لا يعرف لياقة أو تهذيبا، و الواضح أن نساء النبي أنفسهن غير معفيات (في نظر الله و رسوله) من تلك الأفكار المنحرفة، مما يجعل محمدا يخفي نساءه عن عيون قومه؛ مطلقا شرارة البدء للهوس الإسلامي بمحاولة الحفاظ على النساء عن طريق قمعهن في المنازل و تغطيتهن بأطنان من القماش، و كأنهن ملكية جامدة يجب صيانتها بهذا الشكل البدائي.



سراريه

السراري لغويا هي جمع "سرية" و هي الجارية، المرأة المتخذة للتملك و لممارسة الجنس؛ و هي ما يسميها القرآن "ما ملكت الأيمان" أي تم شراءه بالمال لغرض الجنس كما أوضحنا – و قد أحل الله لنبيه اتخاذ السراري كما أوضحنا سابقا في تفسير الآية 50 من سورة الأحزاب (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ..إلخ).



و بالإضافة إلى زوجاته الكثيرات، فقد كان بالفعل لمحمد الكثير من النساء اللاتي أسرهن في الحروب (أفاء الله عليه بهن)، أو اللاتي تلقاهن كهدايا من آخرين؛ فمن"الطبقات الكبرى" لابن سعد- باب ذكر مارية أم إبراهيم بن رسول الله نجد أن محمد كان له أربع سراري (أي جواري يمارس معهن الجنس)، نقرأ (عن أبو عبيدة قال: كان للنبي أربعة سراري هن مارية القبطية وريحانة وامرأة جميلة أصابها في سبي وجارية وهبتها له زينب بنت جحش).



علما بأن بعض زوجات محمد هن سراري سابقات، البعض حررهن محمد و تزوجهن بينما بقيت الأخريات كجواري-  و سنحكي قصص هؤلاء و هؤلاء.



جويرية

جويرية بنت الحارث، من بني المصطلق، أغار المسلمون على قومها و تم قتل زوجها مسافع بن صفوان بن سرح بن مالك على يد محمد و صحابته- كما ورد في "الطبقات الكبرى" لابن سعد- باب جويرية بنت الحارث.



و في "صحيح البخاري" 2541 (أن النبي صلى الله عليه وسلم أغار على بني المصطلق وهم غارون ، وأنعامهم تسقى على الماء ، فقتل مقاتلتهم ، وسبى ذراريهم ، وأصاب يومئذ جويرية).



بعد هزيمة بني المصطلق في غزوة المريسع، تم أسر جويرية ووقعت في نصيب أحد المسلمين، فأرادت أن تدفع له المال لتحرر نفسها، و ذهبت تطلب العون المادي من محمد؛ و هنا عرفت عائشة أنه سيعجبه جمالها و يستولى عليها لنفسه؛ و هو ما تحقق بالفعل- و من أكثر خبرة بأخلاق نبي الله من زوجته؟



تحكي عائشة القصة بنفسها- كما ورد في "سيرة ابن هشام"- غزوة بني المصطلق (عن عائشة قالت لما قسم النبي سبايا بني المصطلق وقعت جويرية في سهم ثابت بن قيس فكاتبته على نفسها؛ وكانت امرأة حلوة ملاحة لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه، فجاءت إلى النبي تستعينه. قالت عائشة: فوالله ما أن رأيتها على باب حجرتي فكرهتها وعرفت أنه (النبي) سيرى منها ما رأيت. فقالت أنا جويرية بنت الحارث سيد قومه وقعت في سهم ثابت بن قيس فجئتك أستعينك على كتابتي. قال النبي: فهل لك خير من ذلك؟ قالت: ما هو يا رسول الله؟ قال: اقضي عنك كتابك وأتزوجك. فقالت: نعم يا رسول الله. قال النبي قد فعلت) انتهى.



ريحانة

ريحانة بنت زيد، هي فتاة من بني قريظة، كانت متزوجة برجل يدعى الحكم ؛ ثم حين انتصر المسلمون على اليهود أمر محمدا بذبح رجال القبيلة بالكامل، و أرسل النساء و الأطفال ليتم بيعهم في سوق العبيد و يشتري بأثمانهم بالمال خيلا و سلاحا لرجاله – كما ورد بالتفصيل في "المغـازي للواقـدي"- باب غزوة بني قريظة - ذكر قسم المغنم وبيعه، و "الطبقات الكبرى" لابن سعد- باب ريحانة بنت زيد، و "السيرة الحلبية" - غزوة بني قريظة و "البداية و النهاية" لابن كثير- فصل في غزوة بني قريظة، بالإضافة إلى كتب الحديث كالبخاري و غيره.



و بعد القتل و السلب و النهب و الإستعباد، قرر الرسول أن يصطفي ريحانة لنفسه ؛ و في "تاريخ اليعقوبي" 2\52,53 أن النبي (اصطفى من السبي ست عشرة جارية، فقسمها على فقراء بني هاشم، وأخذ لنفسه منهم واحدة، يقال لها: ريحانة).



و تخبرنا الروايات الإسلامية أن محمد عرض على ريحانة أن يتزوجها و تحتجب، فرفضت و اختارت أن تكون جارية- فيبدو أنها رأت أن حياة العبودية أخف من حياة السجن و الحجاب التي يعيش فيها زوجات النبي "الحرائر".



مأساة صفية

صفية بنت حيي بن أخطب هي ابنة حيي بن أخطب أحد كبراء اليهود؛ كانت فتاة متزوجة و تعيش بين الجالية اليهودية، و لما قامت الحرب مع المسلمين تم قتل أقاربها و قومها و زوجها أيضا و كانا متزوجان حديثا، ثم ضمها محمد إلى نساءه، و لم تكن قد بلغت سبعة عشر سنة (كما ورد في "الطبقات الكبرى" لابن سعد) - و للأمر قصة درامية لا تختلف كثيرا عن قصة جويرية و ريحانة ، سوى أنها أكثر دموية و بشاعة.



من "صحيح البخاري" 2235 نقرأ ملخصا للواقعة (قدم النبي صلى الله عليه وسلم خيبر ، فلما فتح الله عليه الحصن ، ذكر له جمال صفية بنت حيي بن أخطب ، وقد قتل زوجها وكانت عروسا فاصطفاها رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه ، فخرج بها حتى بلغنا سد الروحاء حلت ، فبنى بها (أي ضاجعها)).



و في "صحيح مسلم" 1365نجد أن صفية في البداية كانت من نصيب صحابي آخر- دحية الكلبي- لكن حين علم محمد أنها ابنة كبير القوم طلب أن يحضروها إليه ، و حين رأى جمالها أخذها لنفسه و أمر دحية بأن يأخذ فتاة أخرى من السبي غيرها.



بعد أن تحدثت الرواية عن هزيمة خيبر نقرأ (..وأصبناها عنوة . وجمع السبي . فجاءه دحية فقال "يا رسول الله، أعطني جارية من السبي. فقال "اذهب فخذ جارية " فأخذ صفية بنت حيي . فجاء رجل إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا نبي الله! أعطيت دحية ، صفية بنت حيي ، سيد قريظة والنضر؟ ما تصلح إلا لك . قال " ادعوه بها " قال : فجاء بها . فلما نظر إليها النبي صلى الله عليه وسلم قال " خذ جارية من السبي غيرها") – يلي ذلك أنه طلب من الصحابة أن يحضر كل منهم ما عنده من طعام، و أقام وليمة، فنقرأ (.. حتى إذا كان بالطريق جهزتها له أم سليم . فأهدتها له من الليل. فأصبح النبي صلى الله عليه وسلم عروسا. فقال "من كان عنده شيء فليجيء به " قال : وبسط نطعا . قال : فجعل الرجل يجيء بالأقط . وجعل الرجل يجيء بالتمر. وجعل الرجل يجيء بالسمن . فحاسوا حيسا . فكانت وليمة رسول الله صلى الله عليه وسلم)؛ و تخبرنا الروايات أيضا أن النبي أعتق صفية و تزوجها، معتبرا أن عتقها هو ذاته مهرها- الله أكبر.



و في مصادر أخرى- كـ"صحيح ابن ماجه" 1857 و "المسند الجامع" 4\251 و غيره- نقرأ أن النبي قد "اشترى صفية من صاحبها الأول دحية بسبعة رؤوس" – و المقصود بالرؤوس هنا أي سبعة كائنات بشرية، و ليس مواشي، و إن كانت النظرة الإسلامية لا تفرق كثيرا بين هذا و ذاك.



و حتى نتفهم شيئا من الحالة النفسية التي كانت عليها الفتاة الصغيرة ساعة اغتصابها؛ نعود إلى ما ذكرته المصادر الإسلامية عن قصة قيام نبي الرحمة بتعذيب زوجها- كنانة ابن الربيع، لكي يدله على مكان أمواله، حيث أمر الزبير قائلا (عذبه حتى تستأصل ما عنده)، فعذبه بالنار حتى دله على مكان المال، ثم أمر النبي بقتله - نجد الراوية في "سيرة ابن هشام"- باب ذكر المسير إلى خيبر، و في "البداية و النهاية" لابن كثير- الجزء الرابع - سنة سبع من الهجرة غزوة خيبر – ذكر قصة صفية بنت حيي النضرية.



ليس هذا فقط؛ بل المعلوم أن أبا صفية، و إخوتها، و أعمامها، قد قتلوا أيضا في تلك الحرب، قبل زوجها.



و في "تاريخ الطبري"- غزوة خيبر 720 نجد كيف أن أحد الصحابة- بلال ابن رباح- قد أخذ صفية و فتاة أخرى، و أخذ يمر بهما على جثث القتلى مما جعل الفتاتين تنهاران و لا شك ؛ و بعد ذلك رآهما النبي فأمر بإبعاد الأخرى بعد أن وصفها بالشيطانة (لأنها بكت على أهلها القتلى!)، و أخذ صفية لنفسه- نقرأ (وَلَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَمُوصَ حِصْنَ ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ ، أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ ، وَبِأُخْرَى مَعَهَا ، فَمَرَّ بِهِمَا بِلالٌ وَهُوَ الَّذِي جَاءَ بِهِمَا عَلَى قَتْلَى مِنْ قَتْلَى يَهُودَ ، فَلَمَّا رَأَتْهُمُ الَّتِي مَعَ صَفِيَّةَ صَاحَتْ وَصَكَّتْ وَجْهَهَا ، وَحَثَتِ التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهَا ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ ، قَالَ : "أَغْرِبُوا عَنِّي هَذِهِ الشَّيْطَانَةَ . وَأَمَرَ بِصَفِيَّةَ ، فَحِيزَتْ خَلْفَهُ ، وَأُلْقِيَ عَلَيْهَا رِدَاؤُهُ ، فَعَرَفَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِ اصْطَفَاهَا لِنَفْسِهِ).



هذا القتل لأقارب صفية هو ما دفع أحد الصحابة المخلصين لأن يبيت قريبا من خيمة رسول الله، لكي يحرسه من تلك المرأة و هو يقوم باغتصابها؛ حيث نقرأ القصة في "المغازي" للواقدي - باب غزوة خيبر- انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر إلى المدينة، يقول (وأولم رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ عليها بالحيس)، (قالوا : وبات أبو أيوب الأنصاري قريبا من قبته آخذا بقائم السيف حتى أصبح؛ فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بكرة، فكبر أبو أيوب. فقال ما لك يا أبا أيوب؟ فقال يا رسول الله دخلت بهذه الجارية (أي صفية) وكنت قد قتلت أباها وإخوتها وعمومتها وزوجها وعامة عشيرتها ، فخفت أن تغتالك . فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له معروفا)؛ و في رواية أنه قال (اللهم احفظ أبا أيوب كما بات يحفظني) - و نفس القصة نجدها في "السيرة النبوية" لابن هشام- ذكر المسير إلى خيبر في المحرم سنة سبع- بناء الرسول بصفية وحراسة أبي أيوب للقبة ، و "تاريخ ابن عساكر"، و عن "منتخب كنز العمال في سنن الأقوال و الأفعال" للشيخ علي متقي الهندي- باب أم المؤمنين صفية بنت حيي.



فياله من عرس راقي و رومانسي جدا؛ ذلك الذي يحتاج فيه العريس إلى حارس شخصي مسلح، يحميه من عروسته التي قام منذ قليل بذبح زوجها السابق و جميع أقاربها!



و من المضحك المبكي أن بعض من المصادر الإسلامية استشعرت الحرج من قصص اغتصاب محمد للأسيرات ، فأضافت روايات تصور الجواري يقبلن ذلك الوضع؛ و كان ذلك أحيانا يحكى بشكل مبالغ فيه، فصفية مثلا جعلوها تشاهد محمدا بعد المعركة فتنسى أباها و زوجها و إخوتها و تقع فورا في غرام ذلك الرجل الذي قتلهم- و يفترض في القارئ العاقل أن يصدق ذلك!



و في موقع "إسلام ويب"- مركز الفتوى، الفتوى رقم 100065 نقرأ ردا على "شبهة" اغتصاب محمد لصفية، حيث يقول المفتي في النهاية (ولا شيء في هذا الأمر، لأن من خصوصيات الرسول صلى الله عليه وسلم أن له صفي المغنم -كما هو معروف في كتب الفقه)- نعم إنها خصوصية أخرى من خصائص النبي!، كيف فاتنا ذلك؟!



 بالطبع، فالفاعل هو ذاته مرجعية الحق و الباطل، فكيف يمكن إدانته في أي شيء يفعله، بينما هو الخصم و الحكم و مندوب الإله على الأرض؟!



و من اللمحات المضحكة المبكية التي تصادفنا في سيرة بيت النبوة، هي ما نجده في "الطبقات الكبرى"- باب عائشة بنت أبي بكر الصديق، حيث سمح محمد لعائشة بأن تسب أبا صفية، و غضب بشدة حين حدث العكس؛ حيث نقرأ (قالت عائشة كنت استب أنا وصفية فسببت أباها فسبت أبي وسمعها النبي فقال يا صفية أتسبين أبا بكر؟! يا صفية أتسبين أبا بكر؟!)- الأمر الذي يعطينا نبذة أخرى عن أخلاقيات زوجات النبي اللاتي كن يتبادلن "الردح" و السباب في بيت النبوة ، كما يعطينا نبذة عن العدل النبوي، الذي يرضى بسب فتاة مكلومة في والدها المقتول على أيدي أتباع الرسول نفسه، و يمنعها من رد الهجوم بالمثل.













مارية

المعروفة بمارية القبطية؛ و هي لم يأسرها محمد في إحدى الغزوات، و إنما أرسلها له المقوقس المصري كهدية حسب المصادر الإسلامية ؛ حيث نقرأ في "الطبقات الكبرى" لابن سعد - باب ذكر مارية أم إبراهيم بن رسول الله (بعث المقوقس صاحب الإسكندرية إلى النبي في سنة سبعة للهجرة بمارية وأختها سيرين وألف مثقال ذهب).



و في نفس المصدر نقرأ (كانت مارية جميلة جعدة وكان النبي معجبا بها وكانت بيضاء جميلة؛ وضرب عليها الحجاب وكان يطأها بملك اليمين).



فالغريب أن مارية كانت جارية، لكن محمد قرر فرض الحجاب عليها؛ مما جعل المسلمين يختلفون حول ما إذا كان تزوجها أم لا- و لعله لم يفعل بل اعتبرها جارية ، أما فرضه للحجاب عليها فالأرجح أنه كان من باب الغيرة.



على الجانب الآخر كانت عائشة تغار بشدة من مارية، على حد قولها بسبب جمالها و بسبب إفراط محمد في ممارسة الجنس معها(!)، حيث نقرأ تصريحاتها الصريحة في "الإصابة في أخبار الصحابة" لابن حجر العسقلاني- باب مارية (عن عائشة قالت : ما غرت على امرأة إلا دون ما غرت على مارية، ذلك أنها كانت جميلة جعدة و أعجب بها النبي، وكان عامة النهار والليل عندها حتى عني أو عناها، فجزعت فحولها إلى العالية فكان يختلف (أي يذهب) إليها هناك) – و معنى كلمة "عنى" النبي أي أصابه الإنهاك و العجز الجنسي من كثرة الممارسة ، و "عناها" أي أصيبت هي – مارية- بالإنهاك الجنسي؛ و هي الألفاظ الفجة و الصريحة التي وردت على لسان عائشة، و التي استحت كاتبة إسلامية كبيرة هي "بنت الشاطئ" من وضعها هكذا في كتابها الشهير "نساء النبي" فاكتفت بوضع مكانها نقاطا فارغة!



حفصة تمسك برسول الله متلبسا

من بداية سورة التحريم 1-5 نجد الله يخاطب نبيه قائلا (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ - قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ - وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ - إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ - عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا).



الآيات ليست واضحة تماما؛ نجد فيها لوما لمحمد على أنه يحرم على نفسه شيئا أحله الله له في محاولة منه ليرضي زوجاته، و نجد إشارة لكيفية تحلل المسلم من يمينه الذي أقسم عليه، كما نجد قصة مبهمة عن سر ما أخبر به محمد بعض زوجاته، فأفشينه- ثم يقوم الله بعتاب زوجتين قامتا بالتعاون معا ضد محمد، و يطالبهما بالتوبة و إلا فسوف يرزقه الله أزواجا أفضل من أزواجه الحاليات.



فما المقصود هنا؟



في التفاسير نجد أسباب نزول تلك الآيات؛ و مفادها أن حفصة دخلت بيتها فوجدت محمد مع مارية على فراشها، فطلب منها النبي أن لا تخبر أحدا بذلك الأمر، و على الأخص عائشة، و لكي يمتص غضب حفصة وعدها النبي بأن مارية ستكون حراما عليه أي أنه لن يمارس معها الجنس مرة أخرى؛ و إذا بالقرآن- كالمعتاد- يتظاهر بالنزول للوم النبي، إلا أنه في الحقيقة يضبط الأوضاع لصالحه و يزيل عنه الحرج، حيث يأمره بأن يكفر عن اليمين و يعود لمضاجعة جاريته!



من تفسير الطبري للآية نسمع القصة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصاب أمَّ إبراهيم في بيت بعض نسائه قال: فقالت: أي رسول الله في بيتي وعلى فراشي؟، فجعلها عليه حراماً فقالت: يا رسول الله كيف تحرّم عليك الحلال؟، فحلف لها بالله لا يصيبها، فأنزل الله عزّ وجلّ: "يا أيُّها النَّبِيُّ لِمَ تُحَرّمُ ما أحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أزْوَاجِكَ" قال: زيد: فقوله أنت عليّ حرام لغو).



 و في رواية أخرى لنفس الواقعة (كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتاة، فغشيها، فبصُرت به حفصة، وكان اليوم يومَ عائشة، وكانتا متظاهرتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اكْتُمي عَليَّ وَلا تَذْكُرِي لِعائِشَةَ ما رأيْتِ " فذكرت حفصة لعائشة، فغضبت عائشة. فلم تزل بنبيّ الله صلى الله عليه وسلم حتى حلف أن لا يقربها أبداً، فأنزل الله هذه الآية، وأمره أن يكفر يمينه، ويأتي جاريته).



و في رواية ثالثة ينقلها الطبري أيضا (كانت حفصة وعائشة متحابتين وكانتا زوجتي النبيّ صلى الله عليه وسلم، فذهبت حفصة إلى أبيها، فتحدثت عنده، فأرسل النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى جاريته، فظلت معه في بيت حفصة، وكان اليوم الذي يأتي فيه عائشة، فرجعت حفصة، فوجدتهما في بيتها، فجعلت تنتظر خروجها، وغارت غيره شديدة، فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم جاريته، ودخلت حفصة فقالت: قد رأيت من كان عندك، والله لقد سُئْتَنِي، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "واللَّهِ لأُرْضِيَنَّكِ فإنّي مُسِرّ إلَيْكِ سِراً فاحْفَظِيهِ" قالت: ما هو؟ قال: "إنّي أُشْهِدُكِ أنَّ سُرِّيَّتِي هَذِهِ عَليَّ حَرَامٌ رِضاً لكِ" وكانت حفصة وعائشة تظاهران على نساء النبيّ صلى الله عليه وسلم، فانطلقت حفصة إلى عائشة، فأسرّت إليها أن أبشري إن النبيّ صلى الله عليه وسلم قد حرّم عليه فتاته، فلما أخبرت بسرّ النبيّ صلى الله عليه وسلم أظهر الله عزّ وجلّ النبيّ صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله على رسوله لما تظاهرتا عليه "يا أيُّها النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ماأحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أزْوَاجِكَ") انتهى.



مثل تلك الروايات نجدها في مختلف التفاسير الأخرى كالقرطبي و ابن كثير و غيرهما ، كما نجدها في مصادر إسلامية عديدة مثل "الطبقات الكبرى" لابن سعد - باب ذكر المرأتين اللتين تظاهرتا على رسول الله وتخييره نساءه و "المعجم الأوسط" للطبراني 3\13 و 8\323 و "مجمع الزوائد" للهيثمي 5\11 و 7\129و "التلخيص الحبير" لابن حجر العسقلاني 4\1248و "فتح القدير" للشوكاني 3\358.



و على الجانب الآخر نجد روايات أخرى تحكي سبب نزول مختلف للقصة، مفاده أن ما حرمه محمد على نفسه هو العسل؛ حيث أكله مرة عند حفصة، فغارت عائشة و ذهبت لزوجاته الأخريات تقول لهن إذا دخل عليكم محمد فاخبروه أن رائحة فمه سيئة بسبب ذلك العسل؛ و فعلت عائشة نفسها ذلك، فاضطرب محمد و حرم على نفسه العسل- فنزل القرآن يطلب من محمد أن لا يحرم على نفسه العسل و يكفر عن يمينه.



و لكن هناك عدة أمور تجعل تلك الرواية غير منطقية بالمرة، و ترجح عليها الرواية الأولى  الخاصة بمارية:



من ذلك أن تحريم العسل هو أمر لا يستحق اللوم خاصة إن كان السبب هو الرائحة السيئة، حيث نجد في مصادر أخرى أن محمدا لم يكن يأكل البصل و الثوم لنفس السبب، و لم يلمه القرآن على ذلك! ؛ و منها أن تحريم العسل هو أمر بسيط لا يستحق أن يكون سرا يطلب محمد من حفصة أن تخفيه ؛ و منها أن الآية الواردة تخاطب زوجتين فقط (بصيغة المثنى) ، و هو ما لا يتوافق مع الرواية الثانية التي تتحدث عن تآمر عدة زوجات و إنما يتوافق مع الرواية الأولى حيث تآمرت حفصة و عائشة فقط - و ما يؤكد الإحتمال الأخير أيضا هو ما ورد في مواضع أخرى من أن حفصة و عائشة كانتا حليفتين كما ورد في الرواية الأولى و لم تكونا خصمتين كما ورد في الرواية الثانية.



 و أخيرا فهناك روايات أخرى على لسان عمر ابن الخطاب تجعل المتهمة الأولى في المسألة هي حفصة، كما ورد في "صحيح البخاري" 2468 و 4913 و 5191 و "صحيح مسلم" 1479 و غيره - و هو ما يتفق أيضا مع رواية مارية لا رواية العسل.



و الطريف أنه حين غضبت زوجات محمد عليه، و نزل القرآن يعاتبهن، قرر محمد أن يعتزلهن لمدة شهر، بقي فيه مع محبوبته الجديدة مارية ؛ و هكذا يندم محمد على تحريم جاريته فيقوم بإلغاءه ثم يحرم زوجاته جميعا عليه(!)؛ و هكذا يتعاون الله و جبريل دائما لضمان تحقيق مزاج رسول الله على أكمل وجه.











ابن مارية

يبدو أن من أهم مشاكل محمد أنه لم يكن له ولد وريث؛ و لكن أخيرا و بعد طول انتظار حملت مارية القبطية.



و فور أن حدث الإنجاب أبعدوا الطفل عن أمه ، لكي تتفرغ لمحمد(!) ؛ فنقرأ في "الطبقات الكبرى"- باب ذكر مارية أم إبراهيم بن رسول الله (وتنافست الأنصار في إبراهيم (أي في رضاعته و رعايته) وأحبوا أن يفرغوا مارية للنبي لما يعلموا من هواه فيها).



ثم إن الشائعات أخذت تتردد في جنبات المدينة؛ قائلة أن الطفل ليس ابنا لمحمد بل ابن لشخص آخر قبطي كان يدخل على مارية في بيتها، مما جعل بعض أهل المدينة يقولون (علج يأوى إلى علجة)، كما ورد في "مجمع الزوائد" للهيثمي 9\161- و العلج لغة هو الحمار الوحشي، و هو مصطلح عربي يطلق على غير العرب الكفار بقصد التحقير منهم.



و حين حمل محمد الولد و ذهب إلى عائشة أخبرته بأنه : لا يشبهك! ("المستدرك" للنيسابوري 4\39).



و يبدو أن عائشة أرادت أيضا زرع الشك في قلبه؛ ففي "الطبقات الكبرى" - باب ذكر إبراهيم ابن رسول الله نقرأ نفس الكلام (.. وحدثت أم المؤمنين وقالت : لما ولد إبراهيم جاء به رسول الله إلى فقال انظري إلى شبهه بي فقلت ما أرى شبها, فقال رسول الله ؛ ألا ترين إلي بياضه ولحمه؟ قالت من سقي ألبان الضان, ابيض وسمن).



و دفعت الغيرة النبي إلى أن أمر علي ابن أبي طالب بقتل الرجل الذي تتهم مارية معه، و تخبرنا الرواية أن عليا لم يتركه إلا حين اكتشف أنه ليس له عضو ذكري(!)، كما نقرأ القصة في "صحيح مسلم" 2771 (أنَّ رجلًا كان يُتَّهم بأمِّ ولدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ . فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لعليِّ: اذهبْ فأضربْ عُنُقَه. فأتاه عليٌّ فإذا هو في ركي يتبرَّدُ فيها . فقال له عليٌّ : اخرجْ . فناوله يدَه فأخرجه . فإذا هو مجبوبٌ ليس له ذَكرٌ . فكفَّ عليٌّ عنه).



و في "تاريخ الطبري"- ذكر موالي رسول الله، كما في "الطبقات الكبرى"- ذكر مارية أم إبراهيم، نقرأ تلخيصا للقصة (كان قبطي يأوي إلى مارية يأتيها بالماء والحطب فقال الناس علج يدخل على علجة؛ فبلغ ذلك النبي فأرسل علي ابن أبي طالب ليقتله فلما ذهب علي ابن أبي طالب وجد الرجل مجبوبا (مخصيا أو بدون عضو) فخرج علي ولم يقتله).



و لك أن تسأل عشرات التساؤلات المنطقية و الأخلاقية حول ما فعله محمد؛ مثل لماذا لم تسرع في الحكم، و لم يحاول التمهل و التأكد من التهمة (كما فعل في حالة اتهام عائشة)؟، و أين شرط الشهود الأربعة الذين يرون المرود في المكحلة؟ و ماذا لو لم يكن الرجل قد تعرى بالصدفة أمام عليّ؟ ثم، هل كان الرجل بدون عضو حقا، أم أن القصة مختلقة بهدف نفي الشبهات عن محمد و أسرته و ابنه - أو ربما اختلقها عليّ الذي نستشف من مصادر أخرى أنه كان يكره عائشة و ربما أراد تخييب ظنها؟



كل تلك الأسئلة لا تهمنا كثيرا هنا؛ و لكن المهم أن القصة في مجملها تعطينا لمحة أخرى عن أخلاقيات أهل المدينة و سوء ظنهم ، بما فيهم زوجة النبي التي تدفعها الغيرة إلى تعريض حياة امرأة أخرى للخطر لو تمت إدانتها بالزنا.



أما بخصوص تصرف محمد نفسه بشكل خارج عن شريعته فقد اعتدنا منه ذلك الكيل بمكيالين، فالرجل دائما لا يطبق على نفسه و أسرته ما يطالب الناس بتطبيقه على أنفسهم و أسرهم.



و في رواية أخرى يحرص النبي- أو واضع الحديث- على تبرئة بيت النبوة من أي شبهة؛ فنقرأ في "منتخب كنز العمال" للشيخ متقي الهندي (قال النبي ألا أخبركم أن جبريل أتاني فأخبرني أن الله عز وجل قد برأ مارية وقريبها مما وقع في نفسي وبشرني أن في بطنها غلاما مني وأنه أشبه الخلق بي) – هكذا فالتهمة تمت إزالتها بحكم جبريل بنفسه!



و الجدير بالذكر أن هذه ليست التهمة الوحيدة التي ستمس نساء محمد، و ليست المرة الوحيدة التي سيشك النبي فيهن.

عائشة و صفوان

مررنا سابقا بتحذير القرآن الشديد - في الأحزاب 32- و الموجه لنساء النبي، بأنهن لو اتجهن إلى أي نوع من الإنحراف فسينالهن عذابا مضاعفا في الآخرة؛ تلى ذلك أمرا لهن بأن يلتزمن المنزل و يكلمن الناس من وراء حجاب و عدم الخضوع بالصوت و طاعة الرسول، بعد أن كن يسيرات مكشوفات متبرجات بين الجميع و يظهرن زينتهن، و يجلسن و يتحدثن و يأكلن مع الرجال- كما كان يدخل عليهن البر و الفاجر كما جاء في الروايات.



و مررنا قبل ذلك بانتشار الإنحلال و الفواحش و الخيانات الزوجية و سوء الخلق عموما بين العرب، قبل الإسلام و بعده، و الذي رأيناه في قضايا الملاعنة و معضلة المغيبات و بغاء الجواري و نكاح المتعة و غيره – حتى رأينا عائشة نفسها تزين جارية و تخرج بها إلى الطرقات لكي "تصطاد بها الشباب" على حد قولها.



وسط هذا الجو الموبوء، لم يكن مستغربا أن يتناول جماعة من أهل المدينة عائشة بالكلام، كما تناولوا مارية، حقا أو باطلا لا ندري؛ فقالوا بأنها خانت محمدا مع صفوان ابن المعطل؛ بل لم يكن مستغربا أن يقوم محمد أيضا بالشك في زوجته، بل و حتى أبوها نفسه اتهمها بشكل صريح كما سنرى.



القصة نجدها بالتفصيل في تفاسير سورة النور الآية 11، كما نجدها في أكثر المصادر الإسلامية ككتب الحديث و الفقه و التاريخ ؛ و ملخصها أن المسلمين خرجوا في إحدى الغزوات و أخذ محمد معه عائشة؛ و مع نهاية الغزوة و استعداد المسلمين للإنصراف و العودة إلى المدينة مرة أخرى، بعدت عائشة عن الركب و ضاع منها عقدها – حسب روايتها هي- فذهبت تبحث عنه، و حين وجدته عادت إلى المكان لتجد أن الجيش قد تركها و انصرف حيث رفعوا هودجها (الخيمة الموضوعة على ظهر الجمل) و لم يشعروا بغيابها لأن وزنها كان خفيفا ؛ فلما لم تجد أحدا ظلت مكانها حتى وجدت صفوان ابن المعطل سائرا، فأخذها و عاد بها إلى المدينة؛ و حين رآهما بعض أهل المدينة بدأت الشائعات تنتشر- فمن تفسير القرطبي للآية مثلا أنهم قالوا حينها (والله ما نجت منه ، ولا نجا منها)، كما قالوا (امرأة نبيكم باتت مع رجل).



و في "صحيح البخاري" 4141 أن عائشة قالت بأن أهل المدينة استمروا نحو شهر يتناولونها باللمزو الإتهام و هي مريضة (فاشتكيت شهراً، والناس يُفِـيضُون فـي قول أهل الإفك)، و هذا التعبير "الإفاضة في الحديث" أي الإسترسال و الخوض هو نفس التعبير الذي استخدمه القرآن (النور 14) مما يؤكد انتشار التهمة و ذيوعها، و هو الأمر الذي يدل على سوء ظن كثير من أهل المدينة بعائشة أو بنسائهن عموما -  هذا و قد كان شارك في اتهام عائشة العديد من الصحابة، منهم من يسمى "رأس المنافقين" عبد الله ابن سلول، و منهم شاعر الرسول حسان ابن ثابت، و قريب لأبي بكر اسمه مسطح ، و حمنة أخت زينب بنت جحش زوجة محمد.



و تحكي عائشة- في نفس المصدر- أن النبي نفسه لم يكن واثقا من برائتها ، حيث قال لها (.. ياعائشةُ ، إنه بلَغَني عنك كذا وكذا ، فإن كنتِ بريئةً ، فسُيُبَرِّئُك اللهُ ، وإن كنتِ أَلْمَمْتِ بذنبٍ ، فاستغفري اللهَ وتوبي إليه ، فإن العبدَ إذا اعتَرَفَ ثم تابَ ، تابَ اللهُ عليه).



و حين استغاثت بأبيها و أمها لم يدافعا عنها بكلمة (..قالت عائشة : فلما قضى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مقالتَه قَلُصَ دمعي حتى ما أُحِسُّ منه قطرةً ، فقلتُ لأبي : أَجِبْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عني فيما قال ، فقال أبي : والله ما أدري ما أقولُ لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فقلت لأمي : أجيبي رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فيما قال ، قالت أمي : واللهِ ما أدري ما أقولُ لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم).



و في رواية أخرى، في "مجمع الزوائد" الجزء التاسع 15295 نقرأ أن محمدا قال لها عبارة واحدة فقط (يا عائشة ، إن الله قد وسع التوبة) مما يؤكد أنه كان يميل لكونها مذنبة؛ أما أبو بكر فيبدو أنه كان متيقنا من كونها زانية، إذ دخل عليهما و خاطب محمدا قائلا (.. يا رسول الله ، ما تنظرن بهذه التي قد خانتك وفضحتني؟)، و هي كلمات شديدة القسوة تؤكد ظنه فيها؛ و قد ذهب محمد إلى علي ابن أبي طالب يسأله عن رأيه في عائشة، فأجابه (قد وسع الله النساء)، و استمر محمد يسأل خادمتها عنها و عن سلوكها.



ثم في النهاية جاء القرآن مبرئا زوجة النبي بعد انتظار إلهي طويل لما يقرب من شهر! (و لنا أن نتساءل عن علاقة تلك المدة بمجيء الدورة الشهرية لعائشة، مما أكد أنها ليست حاملا).



و بغض النظر عما حدث - أو لم يحدث- بين عائشة و صفوان، إلا أن دواعي الشك قائمة، على الأقل في ذهنية محمد الذي نهى عن خلوة الرجل بامرأة تحت أي ظروف، لأن الشيطان يكون ثالثهما ؛ نقرأ بعض تلك الأحاديث في موقع "إسلام ويب"- مركز الفتوى، الفتوى رقم 60438 حيث يقول المفتي (.. الخلوة المحرمة هي أن  ينفرد رجل بامرأة أجنبية عنه لا يكون معهما ثالث بحيث يحتجبان عن الأنظار، وقد جاءت الأحاديث النبوية الصحيحة الصريحة، بالتحذير من ذلك، من ذلك ما في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم". وقال صلى الله عليه وسلم: "ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان". رواه أحمد والترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما. وروى الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس بينها وبينه محرم") – و هذا ما فعله صفوان مع عائشة تماما، فلماذا يفترض بنا أن نصدق أن في خلوتهما لم يكن ثالثهما الشيطان؟



ثم في مصادر أخرى نجد اعترافا آخر، من صفوان ابن المعطل نفسه، بأنه لا يستطيع الصبر عن الجنس، كما ورد في "تهذيب تاريخ دمشق الكبير" للحافظ ابن عساكر، حيث نقرأ (عن أبي سعيد قال جاءت امرأة إلى النبي، فقالت: يا رسول الله إن زوجي صفوان يضربني إذا صليت ويفطرني إذا صمت ولا يصلي صلاة الفجر حتى تطلع الشمس. قال وصفوان عنده فسأله، فقال صفوان: أما قولها يفطرني إذا صمت فإنها تصوم وأنا رجل شاب فلا أصبر(عن النساء) فقال صلى الله عليه و سلم لا تصوم امرأة إلا بإذن زوجها).



على الجانب الآخر، و بشكل عام، ففي سيرة عائشة ما يثير العديد من الشكوك في سلوكها، إذا ما تعاملنا معه دون هالة من التقديس لزوجة رسول الله، كما سنرى.



عائشة و الأخبار الجنسية

سمعنا أحاديث ترويها عائشة لا تخلو من فحش صريح؛ منها حديثها المفصل- و هي تضحك- عن تقبيل النبي لها و مصه للسانها، و منها مباشرته لها و هي حائض، و منها وصفها الفج للعلاقة الجنسية بين محمد و مارية القبطية، و غيره.



و رغم أمر القرآن لنساء النبي بأن يعتزلن الرجال و يلتزمن البيت، إلا أن عائشة خالفت ذلك الأمر بوضوح على مدار حياتها، فكانت تخرج و تشارك في الأمور العامة كالمفاوضات السياسية و المعارك (كموقعة الجمل)؛ و الأهم أنها كانت تروي تلك الأحاديث الفاحشة للرجال، بشكل يتنافى مع الصورة التقليدية التي يروجها المشايخ عن الحياء المفترض للمرأة المسلمة، ناهيك عن زوجة النبي و أم المؤمنين.



و لا يصح هنا التحجج بأن عائشة كانت مضطرة إلى ذلك في سبيل شرح الأحكام الفقهية لعوام المسلمين، فهذا الأمر لا يستلزم سرد التفاصيل الشخصية بتلك الفجاجة ، و إنما كان بإمكانها أن تسرد الحكم و تكتفي بذلك- لكن الواضح أن المرأة كان لديها ولع بالحديث عن أمورها الجنسية الخاصة أمام الرجال.



و هي لم تبدأ تلك العادة و إنما أخذتها عن محمد؛ ففي صحيح مسلم 527 نجد أن النبي يتحدث عن علاقاته الجنسية مع عائشة أمام الناس و أمامها، فنقرأ على لسان عائشة نفسها (عن عائشة زوج النبي قالت : إن رجلا سأل رسول الله عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل هل عليهما الغسل؟ وعائشة جالسة. فقال رسول الله إني لأفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل).



و ذلك رغم أن محمدا نفسه نهى عن أن يتكلم الرجل عن علاقته الخاصة بزوجته أمام الآخرين!، كما نقرأ في موقع "إسلام ويب"- مركز الفتوى، فتوى رقم 161969 (..فلا يجوز للمرأة إفشاء ما يجري بينها وبين زوجها من علاقة زوجية كأمور الاستمتاع مثلا، روي عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا عسى أحدكم أن يخلو بأهله يغلق بابا ثم يرخي سترا، ثم يقضي حاجته ثم إذا خرج حدث أصحابه بذلك، ألا عسى إحداكن أن تغلق بابها وترخي سترها فإذا قضت حاجتها حدثت صواحبها، فقالت امرأة سفعاء الخدين والله يا رسول الله إنهن ليفعلن وإنهم ليفعلون قال فلا تفعلوا فإنما مثل ذلك مثل شيطان لقي شيطانة على قارعة الطريق فقضى حاجته منها ثم انصرف وتركها. رواه البزار وله شواهد تقويه، وحسنه الشيخ الألباني؛ وعَن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ ـ رَضِي اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا. رواه مسلم؛ وجاء في شرح النووي لصحيح مسلم: وفي هذا الحديث تحريم إفشاء الرجل ما يجرى بينه وبين امرأته من أمور الاستمتاع ووصف تفاصيل ذلك وما يجرى من المرأة فيه من قول أو فعل) انتهى.



و لكن على ما يبدو فمحمد- كالعادة- استثنى نفسه من تشريعاته؛ و بعد وفاته ستستمر عائشة في عادة إفشاء تفاصيلهما الجنسية أمام الرجال.



المزيد من الروايات الفاحشة

و ها هي أم المؤمنين مهتمة بشرح أن القبلة و المباشرة الجنسية مسموح بها في أثناء نهار رمضان، بل و هي حريصة على توضيح أن النبي كان يقوم بذلك معها ؛ فتقول في "شرح السنة" للبغوي 1\337 (إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَظَلُّ صَائِمًا ، ثُمَّ يُقَبِّلُ مَا شَاءَ مِنْ وَجْهِي حَتَّى يُفْطِرَ. إذا التقى الختانانِ أو مسَّ الخِتَانُ الختانَ فقد وجب الغُسْلُ)، و نفس الكلام عن قبلات محمد لها و مصه للسانها و مباشرته لها و هو صائم، نجده يتكرر- و كأنه مسألة محورية جدا! - في "صحيح البخاري" 1792 و "صحيح مسلم" 1852 و 1853 و 1854 و 1855 و 1858 و 1860و 1861 و "مسند أحمد" 25018و 23775 و غيره.



و في رواية البخاري أن بعض الرجال تحرجوا من سؤال عائشة عن القبلة في أثناء الصيام، لكنها أجابتهم بكل أريحية (عن علقمة وشريح بن أرطاة رجلان من النخع كانا عند عائشة , فقال أحدهما لصاحبه سلها عن القبلة للصائم , قال : ما كنت لأرفث عند أم المؤمنين . فقالت " كان رسول الله يقبل وهو صائم ويباشر وهو صائم, وكان أملككم لإربه").



(و بشأن العبارة الأخيرة لا نملك سوى تكرار السؤال: كيف عرفت عائشة بمقدار تحكم المسلمين في إربهم؟!)



ثم أنها حريصة على شرح كيف كان يتكئ محمد في حجرها و هي حائض؛ كما ورد في "صحيح البخاري" 293 (عن عائشة: انّ النبي كان يتكىء في حجري وأنا حائض).



و في "السنن الكبرى" للبيهقي 1\314 مشهد آخر رومانسي تحكيه (أخبرك بما صنع رسول الله دخل فمضى إلى مسجده فلم ينصرف حتى غلبتني عيني وأرجعه البرد فقال أدني مني قالت فقلت إني حائض قال وإن اكشفي عن فخذيك فكشفت عن فخذي فوضع خده وصدره على فخذي وحنيت عليه حتى دفئ ونام).



و في حديث آخر- في "صحيح البخاري" 1794 و "صحيح مسلم" 1851 تشرح بالتفصيل كيف أصابها الحيض و كيف اغتسلت مع محمد و كيف كان يقبلها (عن ‏عائشة قالت ‏بينما أنا مع رسول الله ‏ ‏في ‏الخميلة ‏إذ حضت ‏‏فانسللت ‏ ‏فأخذت ثياب حيضتي. فقال ‏ما لك أنفست؟ قلت نعم. فدخلت معه في ‏الخميلة. ‏وكانت هي ورسول الله ‏ ‏‏يغتسلان من إناء واحد وهو صائم وكان يقبلها).



و تستمر أحاديث التقاء الختانين (أي العضوان الجنسيان للرجل و المرأة) ثم الإغتسال من الجنابة ثم المباشرة في أثناء الحيض ؛ ففي "صحيح البخاري" 6687 (عن عائشة: كنت أغتسل أنا ورسول الله من اناء واحد ونحن جنبان) ؛ و في "سنن ابن ماجة" 608 (عن عائشة: إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل، فعلته أنا ورسول الله فاغتسلنا)، و في "صحيح البخاري" 295 (كنت اغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من اناء واحد كلانا جنب، وكان يأمرني فأتزر، فيباشرني وأنا حائض).



و في رواية أخرى- في "مسند أحمد"- باب عائشة، تحدث رجلا عن القبلات و تضحك (عن عائشة قالت : أن النبي قبّل بعض نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ. قال عروة قلت لها: من هي إلا أنت؟ قال: فضحكت).



و في مشهد آخر تحكي لنا كيف كانت تنظف منيّ محمد عن ملابسه، بأن تحكه بظفرها؛ كما ورد في "صحيح مسلم" 290 (قالت عائشة رضي الله عنها: "كنت أحكه يابساً من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أحكه بظفري وربما غسلته").



و ليت الأمر وقف على الكلام فقط؛ ففي مشاهد أخرى نجد أن عائشة كانت تمثل أمام الرجال أسلوب الإغتسال الصحيح(!)؛ فنقرأ في "صحيح البخاري" 243 و "صحيح مسلم" 481 و "سنن النسائي" 227 و "مسند أحمد" 23293 و غيره (سمعت ‏ ‏أبا سلمة ‏ ‏يقول ‏: ‏دخلت أنا وأخو ‏ ‏عائشة ‏ ‏على ‏ ‏عائشة فسألها أخوها عن غسل النبي ‏.‏ ‏فدعت بإناء نحواً من صاع فإغتسلت وأفاضت على رأسها وبيننا وبينها حجاب).



و الحجاب- كما ورد في بعض الروايات- هو الستر، وضعته عائشة بينها و بين الرجال و هي تغتسل؛ و أول تساءل بديهي يخطر بالبال : إن كان الهدف من ذلك العرض هو أن تُري عائشة الرجال كيفية غسل النبي، فما فائدة الحجاب بينهم و بينها إذن؟! و إن كانت مستورة تماما عن عيونهم فكيف سيتحقق غرض التعلم؟ أم يفهم من ذلك أن الحجاب لم يكن ساترا تماما؟



في الرواية الأخيرة نلاحظ أن من دخلوا على عائشة كان ضمنهم شخص "أخوها في الرضاعة"، و لذلك الأمر قصة أخرى مشوقة.



عائشة و "إخوانها" الغامضون

مررنا سابقا بفقه قرابة الرضاع و رضاع الكبير؛ حيث يمكن شرعا لرجل أن يصبح محرما على أي امرأة عن طريق رضاعته منها (فيصير ابنها من الرضاعة) أو يرضع من إحدى قريباتها، مثل أمها (فيصبح أخوها من الرضاعة) أو أختها (فيصبح ابن أختها من الرضاعة)..إلخ؛ و من ثم يستطيع الدخول على تلك المرأة و الإختلاء بها كما شاء – و رأينا كيف أن محمدا هو من شرع ذلك الوضع الشاذ حيث أمر به أم حذيفة.



و لكن الطريف في الأمر أن أكثر من استفاد من تشريع رضاع الكبير هو عائشة؛ فاستغلت المسألة بشكل مدهش حقا.



في أحد الدروس المسجلة على مقطع متداول ، يقول الشيخ أبو إسحاق الحويني بالحرف (عائشة إذا أرادت أن يدخل عليها أحد من الرجال تأمر بنات أخواتها أو بنات إخوانها أن يرضعن هذا الرجل ثم يدخل عليها)- هكذا!.



و في موقع "إسلام ويب"- مركز الفتوى، فتوى رقم 3901 نقرأ (وفي الموطأ والمسند وسنن أبي داود أن عائشة رضي الله عنها كانت تأمر أخواتها وبنات أخواتها أن يرضعن من أحبت أن يدخل عليها من الرجال. والحديث طويل وفيه فوائد وهو صحيح).



نلاحظ فارقا طفيفا بين كلمتي "أرادت" و "أحبت"؛ و بالرجوع إلى المصادر نجد أن الثانية هي الصواب، و أن الحويني استبدل بها كلمة "أرادت" حتى يخفف المسألة قليلا.



ثم إن موقع "إسلام ويب" يضيف لنا معلومة مهمة، و هي أن عائشة كانت هي الوحيدة بين زوجات النبي التي طبقت ذلك التشريع العجيب، بينما رفضت باقي الزوجات ذلك- فنقرأ في نفس الفتوى السابقة (أبت سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يُدخلن عليهن أحداً بتلك الرضاعة، وقلن لعائشة: والله ما نرى هذا إلا رخصة أرخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم لسالم خاصة).



لكن عائشة أصرت أن الحكم عام، و استمرت تأمر قريباتها أن يرضعن الرجال حتى يدخلوا عليها بحرية!



في "مسند أحمد" 25125 ، و بعد أن يذكر الراوي قصة رضاعة الكبير الأصلية بين النبي و أم حذيفة، ينتقل إلى ما كانت تفعله عائشة (.. ‏فأمرها رسول الله ‏ (أي أم حذيفة) ‏عند ذلك أن ترضع ‏ ‏سالماً ‏فأرضعته خمس رضعات وكان بمنزلة ولدها من الرضاعة ، ‏فبذلك كانت ‏ ‏عائشة ‏ ‏تأمر أخواتها وبنات أخواتها أن يرضعن من أحبت ‏ ‏عائشة ‏: ‏أن يراها ويدخل عليها وإن كان كبيراً خمس رضعات ثم يدخل عليها ، وأبت ‏ ‏أم سلمة ‏ ‏وسائر أزواج النبي ‏أن يدخلن عليهن بتلك الرضاعة أحداً من الناس حتى يرضع في ‏ ‏المهد ‏، ‏وقلن ‏ ‏لعائشة ‏ ‏والله ما ندري لعلها كانت رخصة من رسول الله ‏‏لسالم ‏ ‏من دون الناس)- و نفس المعنى في "صحيح مسلم" 1454، و "سنن أبي داود" 1764.



و في "موطأ مالك" 1107 (عن ‏ ‏نافع ‏ ‏أن ‏ ‏سالم بن عبد الله بن عمر ‏ ‏أخبره : أن ‏ ‏عائشة أم المؤمنين ‏أرسلت به وهو يرضع إلى أختها ‏ ‏أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق ‏، ‏فقالت ‏: ‏أرضعيه عشر رضعات حتى يدخل عليّ).



نفهم إذن أن "المنطق" الإسلامي المحمدي و العائشي يسير على النحو التالي:

- يا أيتها المرأة: هل يمكنني أن أختلي بك فنجلس وحدنا؟

- حاشا لله! هذا حرام شرعا و لا يرضي الله و رسوله!

- هل يمكنني إذن أن أرضع من ثدي أختك أو أمك أولا، و بعد هذا أختلي بك فنجلس وحدنا؟

- نعم بكل سرور؛ هكذا يصير الوضع حلالا يرضي الله و رسوله.



و نعم العفة و الفضيلة؛ بل و نعم المنطق في هذا الدين!



و بسبب أهمية ذلك التشريع- رضاع الكبير- بالنسبة لعائشة، ظهر الإدعاء أن الحكم كان موجودا في آية قرآنية في بيتها تحت سريرها، لكنها ضاعت حين أكلتها داجن (ماعز)- كما ورد في "سنن ابن ماجة" 1934 و "سنن الدارقطني" – كتاب الرضاع، و "معرفة السنن و الآثار" للبيهقي – كتاب الرضاع، و غيره.



و الكارثة أن عائشة كانت تمارس ذلك الأمر في حياة محمد أيضا، حيث كان يدخل عليها فيجد عندها رجالا لا يعرفهم، فيغضب، فتخبره هي بأنهم إخوانها في الرضاعة- و ضجر النبي من الأمر حتى أمرها أن تعيد النظر في هذه المسألة.



نقرأ هذا الخبر في "صحيح البخاري" 2647 و "صحيح مسلم" 1455 و "صحيح النسائي" 3312 و "سنن أبي داوود" 2058 و "صحيح ابن ماجة" 1594) (دخل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وعندي رجلٌ قاعدٌ . فاشتدَّ ذلك عليه . ورأيتُ الغضبَ في وجهِه . قالت فقلتُ : يا رسولَ اللهِ! إنه أخي من الرضاعةِ. قالت فقال " انظُرْنَ إخوتَكنَّ من الرضاعةِ . فإنما الرضاعةُ من المجاعةِ")، و في رواية أخرى (قالَت هذا أخي. قالَ انظُروا من تُدخِلنَ عليكُنَّ).



هكذا إذن نفهم أن رجالا غامضين لا يعرفهم أحد يدخلون عند عائشة، و كان التبرير جاهز دائما: أنهم إخواني، من الرضاعة!



و لكن نتساءل يا ترى ما الذي أغضبك يا رسول الله؟ أليس هذا تشريعك المقدس الذي وضعته بنفسك و رضيت به لأم حذيفة؟ أم أن حال بيتك يختلف عن بيوت سائر المسلمين؟



في الحقيقة لا نملك سوى تهنئة عائشة الذكية، التي نجحت في استغلال تشريع محمد ضده، و جعلته يناقض نفسه للمرة المليون، فيستنكر على نساءه ما سبق أن قبله لنساء الآخرين!



روايات شذوذ الرسول

بالإضافة إلى كثرة الزيجات و اغتصاب أسيرات الحرب و الإنجراف وراء الشهوات بشكل غير منضبط ، نجد في المصادر الإسلامية العديد من الروايات الغريبة جدا و التي تنقل لنا ممارسات جنسية شاذة و مقززة قام بها محمد، تجاه ابنته و تجاه أحفاده.



في "سنن أبي داود" 5217 و "صحيح الترمذي" 3872 و غيره، نسمع عائشة تحكي أن محمدا كان يكثر من تقبيل ابنته (.. كانت إذا دخلتْ عليه (فاطمة) قام إليها ، فأخذ بيدِها وقبَّلها وأجلسَها في مجلسه ، وكان إذا دخل عليها قامتْ إليه ، فأخذتْ بيدِه فقبَّلتْه وأجلستْه في مجلسِها).



إلى هنا يبدو أن الأمر عاديا، فهي مجرد قبلات بين أب و ابنته؛ و لكن في مصادر أخرى نفاجأ أن تلك القبلات كانت في الفم!



في "المستدرك" 3\156 نقرأ (كان رسول الله إذا رجع من غزاة أو سفر أتى المسجد ، فصلى فيه ركعتين ، ثم ثنى بفاطمة رضي الله عنها ، ثم يأتي أزواجه، فلما رجع خرج من المسجد تلقَّتْه فاطمة عند باب البيت تلثم فاه) ؛ و في "فيض القدير" للمناوي 1\105 (و كانت فاطمة من فضلاء الصحابة وبلغاء الشعراء، وكانت أحب أولاده إليه، وإذا قدمت عليه قام إليها وقبَّلها في فمها).



و في نفس المصدر السابق ("فيض القدير" 5\174) نجد إضافة أن النبي كان يمص لسانها أيضا!



و في كتاب "ذخائر العقبى" للطبري 1\36 نقرأ أن عائشة استغربت من كثرة تقبيل النبي لابنته، فيذكر لها تبريرا عجيبا، مفاده أن رائحة فاطمة تذكره بثمار الجنة التي كان قد سبق و أكلها! (عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي يكثر القبل لفاطمة، فقالت له عائشة: إنك تكثر تقبيل فاطمة! فقال : إن جبريل ليلة أسرى بي أدخلني الجنة، فأطعمني من جميع ثمارها، فصار ماءاً في صلبي، فحملت خديجة بفاطمة، فإذا اشتقت لتلك الثمار قبَّلت فاطمة، فأصبت من رائحتها جميع تلك الثمار التي أكلتها).



و نفس المشهد نقرأه في نفس المصدر، حيث تستغرب عائشة من قيام محمد بإدخال لسانه في فم ابنته و مص لسانها (ذكر ما جاء أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يقبلها في فيها ويمصها لسانه. عن عائشة رضى الله عنها قالت: قلت يارسول الله مالك إذا قبلت فاطمة جعلت لسانك في فيها كأنك تريد أن تلعقها عسلا؟ فقال صلى الله عليه وسلم إنه لما أسرى بى أدخلني جبريل الجنة فناولني تفاحة فأكلتها فصارت نطفة في ظهرى فلما نزلت من السماء واقعت خديجة ففاطمة من تلك النطفة كلما اشتقت إلى تلك التفاحة قبلتها) – و الرواية وردت في "تاريخ بغداد" 5\87 و "الفضائل" 3\124 – و بالطبع لكل شخص أن يحكم على مدى وجاهة التبرير المحمدي لسلوكه!



و في نفس المصدر ("ذخائر العقبى" 1\36) نجد أن النبي كان يقبل أيضا عنق فاطمة، و يستخدم مبررا مشابها (وعن عائشة رضى الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم قبل يوما نحر فاطمة)، (فقلت له يارسول الله فعلت شيئا لم تفعله؟ فقال يا عائشة إنى إذا اشتقت إلى الجنة قبلت نحر فاطمة).



و في مصادر أخرى- شيعية- نقرأ أنه كان يقبل وجهها و يضع وجهه بين ثديهها ؛ فيي "بحار الأنوار 43\44 (كان رسول الله لا ينام حتى يُقَبِّلَ عرض وجه فاطمة)، و في نفس المصدر 43\78 (وكان يَضعُ وجهَه بين ثَدْيَيْها).



بل إن ذلك الشذوذ سيمتد حتى يصل إلى أبناء فاطمة، أحفاد محمد أنفسهم.



الشذوذ مع الأحفاد

لننتقل إلى روايات شذوذ محمد مع الأطفال الذكور، الأحفاد.



رأينا فيما سبق اشتهاء نبي الإسلام لعائشة الطفلة و زواجه بها، كما رأينا اشتهاءه للصبي الأمرد الصغير، حتى طلب أن يجلسوه وراءه كي لا يراه؛ و هنا نشاهده يمارس مظاهر عجيبة و مقززة من الشذوذ مع الحسن و الحسين أبناء فاطمة ابنته.



ففي "ذخائر العقبي" 126 نجد أن محمدا كان يمص لسان الحسن؛ و كذلك في "مسند أحمد" 16848 نقرأ رواية تقول بأن محمدا كان يمص لسان الحسن أو شفته (رأيت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يمص لسانه ‏ ‏أو قال شفته ‏ ‏يعني ‏ ‏الحسن بن علي ‏ ‏صلوات الله عليه. ‏وإنه ‏ ‏لن يعذب لسان أو شفتان مصهما رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم)؛ و نفس الشيء في "مجمع الزوائد للهيثمي 14371 و في "تاريخ ابن عساكر" 4\169- و لا ندري ما علاقة المص بالجزاء الأخروي على الأعمال!



و في "كنز العمال" للمتقي الهندي 37648 (عن أبي هريرة قال: رأيت رسول الله صلعم يمص لسان الحسن كما يمص الرجل التمرة).



و في موقع "إسلام ويب"- مركز الفتوى، فتوى رقم 165013، نقرأ سؤالا لأحدهم يقول (في موقع للنصارى يذكرون أن الرسول صلى الله عليه وسلم ـ والعياذ بالله ـ كان شاذا، لأنه كان يمص لسان الحسن وعلي بن أبي طالب وفاطمة ويستشهدون على ذلك بأحاديث عند الترمذي وأحمد وأبي داود وغيرهم، فما هو الرد العلمي على ذلك بدون تعصب أو شتائم بارك الله فيكم؟).



فجاء الجواب من المفتي كالآتي، ننقل فقرات منه لأهميته (فأما حديث: مص النبي صلى الله عليه وسلم لسان الحسن ـ فقد رواه أحمد في مسنده عن معاوية ـ رضي الله عنه ـ قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمص لسانه أو قال شفته ـ يعني الحسن بن علي ـ صلوات الله عليه، وإنه لن يعذب لسان أو شفتان مصهما رسول الله صلى الله عليه وسلم.



وأما بالنسبة لعلي ـ رضي الله عنه ـ فالذي اطلعنا عليه ما أورده علي بن برهان الدين الحلبي في السيرة الحلبية نقلا عن الزمخشري حيث قال: وفي خصائص العشرة للزمخشري أن النبي صل الله عليه وسلم تولى تسميته بعلي وتغذيته أياما من ريقه المبارك بمصه لسانه، فعن فاطمة بنت أسد أم علي ـ رضي الله تعالى عنها ـ أنا قالت: لما ولدته سماه عليا وبصق في فيه ثم إنه ألقمه لسانه، فما زال يمصه حتى نام قالت فلما كان من الغد طلبنا له مرضعة فلم يقبل ثدي أحد فدعونا له محمدا صلى الله عليه وسلم فألقمه لسانه فنام فكان كذلك ما شاء الله عز وجل.



وأما فاطمة ـ رضي الله عنها ـ فالمعروف عنها تقبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم لها، فقد روى أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: ما رأيت أحداً كان أشبه سمتاً ودلاً وهدياً برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة، كانت إذا دخلت عليه قام إليها فأخذ بيدها فقبلها وأجلسها في مجلسه، وكان إذا دخل عليها قامت إليه فأخذت بيده فقبلته وأجلسته في مجلسها. 



والحديثان الأول والثالث صحيحان؛ وأما قصة علي ـ رضي الله عنه ـ فهي غير مسندة حتى يتم الحكم على إسنادها) انتهى.



و الخلاصة أن قصة تقبيل محمد لفاطمة، و مصه للسان الحسن، هي روايات صحيحة حسب مقاييس علماءالإسلام.



و لكن الكارثة الأكبر أن تقبيل رسول الله للأحفاد لم يتوقف عند الفم و اللسان، بل نزل إلى أماكن أخرى أكثر خصوصية؛ حيث نقرأ في بعض المصادر - السنية و الشيعية- أن محمدا كان يقبل العضو الذكري للحسن و الحسين!



ففي "مجمع الزوائد" للهيثمي 9\189نقرأ (كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل زُبّ الحسين)- وفي لفظ زُبيبة).



و في نفس المصدر (وعن إبن عباس قال رأيت رسول الله فرج ما بين فخذي الحسين وقبل زبيبته).



و نفس النص نجده في "المعجم الكبير" للطبراني 3\45 و 12\108 و "الضياء المقدسي في الأحاديث المختارة" 9\555 و "الإصابة" 1\611 و "مجمع الزوائد" 14431و "سير أعلام النبلاء" 253 و غيره (عن ابن عباس أنه قال: رأيتُ رسول الله فرَّج فخذي الحسين وقَبَّلَ زُبَيْبته).



و في "السنن الكبرى" للبيهقي 1\137 (عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: كنا عند النبي ، فجاء الحسن، فأقبل يتمرَّغ عليه، فرفع عن قميصه، وقبَّل زُبَيْبته).



و نفس الكلام موجود في المصادر الشيعية؛ فف "بحار الأنوار" للمجلسي 43\317 و 77\224 و في "مستدرك الوسائل" للنوري 1\236 و في "الجعفريات" لمحمد الأشعف الكوفي 19-30 (أَنَّ النَّبِيَّ قَبَّلَ زُبَّ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، كَشَفَ عَنْ أُرْبِيَّتِهِ وَ قَامَ فَصَلَّى مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَوَضَّأَ).



و في "المبسوط" 12\375 (أن النبي كان يقبل زب الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما وهما صغيران).



وقد استدل فقهاء سنة و شيعة بذلك الحديث على أن الطفل الصغير ليس له عورة!



كما نقرأ في "المغنى لابن قدامة 5341 (فأما الغلام الذي لم يبلغ سبعا فلا عورة له يحرم النظر إليها. وقد روي عن ابن أبي ليلى عن أبيه قال : "كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم قال : فجاء الحسن فجعل يتمرغ عليه فوقع مقدم قميصه، أراه قال : فقبل زبيبته" رواه أبو حفص).



و في كتاب "نصب الراية لأحاديث الهداية" للزيلعي- مع حاشية "بغية الألمعي في تخريج الزيلعي"- باب شروط الصلاة الحديث الرابع (واستدل الشيخ في "الإمام" على أن الصغير ليس له عورة بحديث رواه الطبراني في "معجمه الكبير" :أخبرنا الحسن بن علي عن خالد بن يزيد عن جرير عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن ابن عباس قال: رأيت رسول اللّه يفرّج ما بين فخذي الحسن وقبَّل زبيبته).



و في "نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار" للشيخ الشوكاني - الجزء الأول- باب من لم ير الفخذ من العورة وقال هي السوأتان فقط، نقرأ (والإلزام أن ذكر الرجل ليس بعورة لما روي أنه صلى اللّه عليه وآله وسلم قبل زبيبة الحسن أو الحسين أخرجه الطبراني والبيهقي من حديث أبي ليلى الأنصاري قال البيهقي وإسناده ليس بالقوي وروى أيضاً من حديث ابن عباس بلفظ (رأيت رسول اللّه صلعم فرج ما بين فخذي الحسين وقبل زبيبته. أخرجه الطبراني وفي إسناده قابوس ابن أبي ظبيان).

المقدمة وفهرس الأجزاء