الجمعة، 27 يناير 2017

هدم أسطورة دين العفة 5




خامسا: الدعارة الشرعية

دعارة المتعة
قلنا أن النبي كان مطالبا بتعويض صحابته المقاتلين عما يبذلوه من جهد و مخاطرة في الحرب معه تاركين عائلاتهم و بيوتهم في حملات عسكرية قد تطول شهورا.
و كما تتحقق تلك التعويضات بحصولهم على الغنائم المادية الوفيرة - الذهب و الفضة و الأملاك و الأراضي- فهي تتحقق أيضا بالحصول على الغنائم البشرية : خاصة النساء.
و لأن الزواج التقليدي غير متاح بسهولة في بيئة  الحرب، كما أنه يستلزم تحمل أعباء غير مرغوب فيها، بالإضافة إلى محدودية العدد بأربعة كحد أقصى، كان لابد من توفير البدائل النسائية للمجاهدين - و هنا كان اللجوء إلى نكاح المتعة و إلى ملك اليمين.
لنبدأ بالعودة إلى آية مررنا بها سابقا، و التي يتحدث شطر منها عن منح الأجر للنساء في مقابل المتعة (فَمَا ٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) النساء 24؛ و الإستمتاع بالنساء هنا يقصد به الزواج أو النكاح أو الجنس، و هي معاني لا تمييز كبير بينها في الإسلام كما رأينا.
يوجد خلاف بين المفسرين حول مضمون الآية، فهناك من يرى أنها تتحدث عن الزواج التقليدي (و في تلك الحالة يكون الآجر هو المهر في مقابل الجنس كما ذكرنا) بينما هناك من يرى أنها تتحدث عن شكل آخر من العلاقة العابرة بين رجل و امرأة يصادفها فيدفع لها في مقابل قضاء بضعة ليالي معها، و هي الممارسة المعروفة بإسم "نكاح المتعة".
و حين ننظر في تفسير الطبري للآية نجد أنه بعد أن ذكر القول الأول انتقل إلى الثاني فقال (وقال آخرون: بل معنى ذلك: فما تمتعتم به منهنّ بأجر تمتع اللذة، لا بنكاح مطلق على وجه النكاح الذي يكون بولىّ وشهود ومهر)، (عن مجاهد: "فَمَا ٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ" قال: يعني نكاح المتعة).
و ما يدعم ذلك الرأي أن للآية قراءة أخرى تضيف إلى العبارة مقطع "إلى أجل مسمَّى"، مما يجعل العلاقة مؤقتة- و هو الحال في نكاح المتعة؛ كما ينقل لنا الطبري (أن ابن عباس قرأ: "فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إلى أجل مسمَّى")، يلي ذلك عدة روايات أخرى حول قراءة بعض الصحابة و التابعين للآية على هذا النحو ، و هو ما نجده في مصادر إسلامية عديدة مثل "التمهيد" 10\113 و غيره.
بصرف النظر عن الخلاف حول تفسير الآية و قراءتها و ما إذا كانت تتحدث عن الزواج التقليدي أم المتعة ، إلا أن هناك اتفاق بين المسلمين جميعا- سنة و شيعة- على أن الرسول أباح المتعة بالفعل في عدة مناسبات، بينما الإختلاف حول ما إذا كان حرمها في النهاية (و هو رأي السنة)، أم أنه لم يحرمها و إنما استمر الصحابة في ممارستها من بعده، و كان ابن عباس يفتي بها، ثم إن الذي منعها لاحقا هو عمر ابن الخطاب (و هو رأي الشيعة).

من كتاب "فتاوى ابن باز" 20\334 نقرأ (في طبقاته عن الشافعي قال: " ليس في الإسلام شيء أُحلّ ثم حُرِّم ثم أحل ثم حرم إلا المتعة " وقال بعضهم: نسخت ثلاث مرات، وقيل: أكثر)، و في "التحرير و التنوير" لطاهر ابن عاشور،تفسيره للآية 24 من النساء نقرأ (والذي يستخلص من مختلف الأخبار أن المتعة أذن فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرتين ، ونهى عنها مرتين).
و ينقل ابن عاشور رواية عن أحد الصحابة مفادها أن المتعة لم يتم نسخها، و إنما الذي منعها هو رجل أفتى برأيه الشخصي، و يقصد عمر ابن الخطاب (عن عمران بن حصين في الصحيح أنه قال نزلت آية المتعة في كتاب الله ولم ينزل بعدها آية تنسخها، وأمرنا بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال رجل برأيه ما شاء ، يعني عمر بن الخطاب حين نهى عنها في زمن من خلافته بعد أن عملوا بها في معظم خلافته)، و الرواية موجودة في "صحيح مسلم" 1226.
ثم يذكر مقولة أخرى للصحابي حبر الأمة و ابن عم الرسول ابن عباس يتحسر فيها على تحريم عمر للمتعة، و يؤكد أنها كانت تقي المسلمين من الزنا، و هي الرواية الواردة في عدة مصادر إسلامية أخرى مثل "نخب الأفكار" 10\355 (ما كانَتِ المتعةُ إلَّا رَحمةً رحمَ اللَّهُ بِها هذِهِ الأمَّةَ، ولولا نَهْيُ عمرَ بنِ الخطَّابِ رضيَ اللَّهُ عنهُ ما زَنى إلَّا شقيٌّ).
و المعروف أن ابن عباس استمر يفتي للناس بممارسة نكاح المتعة لفترة، حتى تراجع عنها أمام انتقادات البعض؛ من "التحرير و التنوير" (وكان ابن عباس يفتي بها ، فلما قال له سعيد بن جبير : أتدري ما صنعت بفتواك؟ فقد سارت بها الركبان حتى قال القائل: "قد قلت للركب إذ طال الثواء بنا - يا صاح هل لك في فتوى ابن عباس؟ - في بضة رخصة الأطراف ناعمة - تكون مثواك حتى مرجع الناس"، أمسك عن الفتوى وقال : إنما أحللت مثل ما أحل الله الميتة والدم ، يريد عند الضرورة).
بغض النظر عن الأقوال المتضاربة، فما يهمنا هنا هو قيام محمد بحث رجاله على ممارسة الجنس مع نساء مقابل أموال، دون أن يكون هناك أي نية للإستمرار أو تكوين أسرة مع أولئك النساء.
ينقل الطبري عن النبي أنه قال ("اسْتَمْتِعُوا مِنْ هَذِهِ النَّساء")، و الحديث موجود في "صحيح ابن حبان" 4147 ، و في الصحيحين نجد القصة بتفصيل أكبر، فمن "صحيح مسلم" 1405 نقرأ (خرج علينا مُنادي رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ، فقال : إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قد أذِن لكم أن تستَمْتِعوا . يعني مُتعةَ النِّساءِ).
و من "صحيح البخاري" 5117 نجد الكارثة أوضح، حيث يحكي أحد الصحابة (كنا في جيشٍ ، فأتانَا رسولُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقال : إنه قد أُذِنَ لكم أَنْ تَسْتَمْتِعُوا ، فاستمتعوا . وقال ابْنُ أبي ذِئْبٍ : حدَّثنِي إياسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الأكوعِ ، عن أبيه ، عن رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- : أُّيمَا رجلٍ وامرأةٍ توافقَا، فعشرةُ ما بينَهما ثلاثُ ليالٍ ، فإِنْ أَحَبَّا أَنْ يَتَزَايَدا ، أويَتَتَارَكَا تَتَارَكَا).
هكذا قام رسول الله بحل المشكلة الجنسية لجنوده من الصحابة: أذن لهم الإستمتاع بالنساء، فأحلّ لأي رجل و امرأة أن يقضيا بضعة ليالي سويا، فإن أعجبهما الحال استمرا و إن لم يعجبهما انفصلا!، و نعم مكارم الأخلاق التي جاء لإتمامها.
و نتساءل: ما الفارق الفعلي بين هذا و بين الزنا؟
لا شيء، إلا الإسم فقط!
هذا يذكرنا بمفارقة عجيبة، و هي أن الإسلام قادر على قلب الحقائق عن طريق التلاعب بالأسماء فقط ، فالقتل و الغزو و العدوان و السرقة و الإستعباد و الإغتصاب هي أمور مرفوضة، لكنها تصبح مقبولة حين نفعلها نحن بإسم الله و نطلق عليها أسماء الجهاد و الغنيمة و الفيء و الأسلاب و ملك اليمين ، و كذلك الزنا مرفوض و لكنه يصبح مقبولا تماما حين يمارسه النبي و صحابته و يطلقون عليه اسم "المتعة"!، فهنا بإمكانك أن تخالف الأخلاق بكل بساطة، بشرط أن تضع إطارا و اسما شرعيا لما تمارسه.
فلو تذكرنا المعادلة الأصلية للمسألة - "المتعة مقابل أجر"- لاكتشفنا أن نكاح المتعة الإسلامي يتجاوز "الجنس العابر بين رجل و امرأة" على طريقة الأفلام الأمريكية، ليصل إلى مرتبة "الدعارة" متكاملة الأركان.
نعود إلى كتاب "فتاوى ابن باز"20\337 و ننقل (سمعت عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول: كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس معنا نساء، فأردنا أن نختصي، فنهانا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم رخص لنا أن ننكح المرأة إلى أجل بالشيء)، و الحديث موجود في "صحيح البخاري"- النكاح 5076 و "صحيح مسلم"- النكاح 1404 و "مسند" أحمد بن حنبل 1/432.

و حين نقرأ تفاصيل بعض مغامرات الصحابة الأجلاء مع المتعة، سنجد أن ممارساتهم تستحق تلك الكلمة عن جدارة.
من "صحيح مسلم" 1406 نسمع الصحابة يحكي كيف سمح لهم النبي بممارسة الدعارة لعدة أيام، فتنافس صحابيان على امرأة جميلة، يريد كلا منهما إغراءها لقضاء بضعة ليالي معه (أذن لنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ بالمتعةِ . فانطلقت أنا ورجلٌ إلى امرأةٍ من بني عامرٍ . كأنها بَكْرَةٌ عَيطاءُ . فعرضنا عليها أنفسَنا . فقالت : ماتُعطي ؟ فقلت : ردائي . وقال صاحبي : ردائي . وكان رداءُ صاحبي أجودَ من ردائي . وكنت أشبَّ منه . فإذا نظرت إلى رداءِ صاحبي أعجبها . ثم قالت : أنت ورداؤُك يكفيني . فمكثت معها ثلاثًا . ثم إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ قال : مَن كان عندَه شيءٌ من هذهِ النساءِ التي يتمتعُ ، فليخلِّ سبيلَها).
بينما تؤكد بعض الروايات أن تلك الدعارة كانت مستمرة أيام النبي و أبي بكر و عمر، حتى نهى الأخير عن ذلك، فنقرأ في "صحيح مسلم" 1405 عن أحد الصحابة أنه يقول (كنا نستمتِعُ ، بالقبضةِ من التمر ِوالدَّقيقِ ، الأيامَ ، على عهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ، وأبي بكرٍ ، حتى نهى عنه عمرُ) – أي أن الصحابي الشريف كان يمارس الجنس مع الصحابية الشريفة مقابل أن يعطيها حفنة تمر أو دقيق.
و من يجد في نفسه الجرأة على الدفاع عن تلك الدعارة الإسلامية، فليوجه اللوم و العتاب إلى عمر ابن الخطاب الذي نهى عنها؛ فلو كانت ممارسة محترمة و طبيعية فلم أوقفها الفاروق يا ترى؟
و الطريف أننا نجد المسلمين السنة يعايرون الشيعة بأنهم مازالوا يحلون المتعة و يطبقونها ،و ينسون أن نبيهم أحلها و طبقها و أمر بها، و أحيانا يشتمون الشيعة بأنهم "أبناء المتعة" و لا يسألون أنفسهم كم من الصحابة و التابعين كان هو نفسه من أبناء المتعة التي مارسها مسلمو الجيل الأول.
و هكذا لم يكن غريبا أن نجد بعض الفقهاء المسلمين لا يعتبرون الزنا زنا إن تضمن أجرا مدفوعا من الرجل إلى المرأة، بل اعتبروا المسألة في تلك الحالة زواجا شرعيا(!)، ذلك لأن هذا الدين لا يميز بشكل واضح بين الزواج و الزنا و الدعارة، فالكل عنده ليس سوى صفقة مال مقابل جنس.
ملك اليمين
ما فات يركز على جوانب من الإنحلال و الزنا أباحها الإسلام للمسلم في مناسبات عديدة، و لكن هناك جوانب أخرى أكثر خطورة، و تتعلق بجرائم اغتصاب واسعة و منظمة تحدث تحت رعاية الله و بحكم شريعته، و هي ظاهرة "ملك اليمين".

ورد ذلك المصطلح- بأشكاله المختلفة (مَـلَـكَتْ أَيْمَانُكُمْ) (مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ) (مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ) (مَلَكَتْ يَمِينُكَ)- نحو خمسة عشر مرة في القرآن، و معناه البشر الذين يمتلكهم الشخص كعبيد و إماء ، فهم يصيرون "ملك يمينه" ربما كناية عن دفع المال باليد اليمنى للشراء.

يظن المسلم الغافل أن الإسلام يهتم بتحرير العبيد، و لكن من يطلع على النصوص و السيرة يجد العكس تماما، فالإسلام في المجمل أباح تجارة الرقيق و توسع فيها بشكل كبير، فسمح بزيادة أعداد العبيد بثلاثة طرق رئيسية، و هي الشراء (من سوق النخاسة)، و الإستيلاد (فأبناء العبيد يكونون عبيدا)، و الأسر في الحروب.

و لشرح الأخيرة أنقل نصا معاصرا من موقع "الإسلام سؤال و جواب" بإشراف الشيخ صالح المنجد، فتوى رقم 12562، حيث نقرأ (إذا أقدر الله تعالى المجاهدين المسلمين على الكفار المحاربين : فإن رجالهم يكون أمرهم بين القتل أو الفداء أو العفو عنهم أو استرقاقهم وجعلهم عبيداً، ويكون الأمر راجعاً في اختيار واحدة من هذه الأربع إلى الإمام حسب ما يراه من المصلحة في ذلك، وأما النساء فإنهن يصرنَ إماء وملك يمين ، والأطفال الذكور يصيرون عبيداً ، ويقسِّم القائد والإمام هؤلاء بين المحاربين المجاهدين.. قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله : "وسبب الملك بالرق : هو الكفر ، ومحاربة الله ورسوله ، فإذا أقدر اللهُ المسلمينَ المجاهدين الباذلين مُهَجهم وأموالهم وجميع قواهم وما أعطاهم الله لتكون كلمة الله هي العليا على الكفار : جعلهم ملكاً لهم بالسبي إلا إذا اختار الإمام المنَّ أو الفداء لما في ذلك من المصلحة للمسلمين" ." أضواء البيان " ( 3 / 387)) انتهى.

و لمن يزعم أن هذه كانت العادة في ذلك الزمان (و كأن انتشار الفعل يكفي لتبريره!) ننقل كلام جواد علي في كتابه "تاريخ العرب قبل الإسلام"  7\287 نقلا عن الجاحظ، الذي قال عن قريش أنهم (من بين جميع العرب)، كانوا متدينين، و بسبب تدينهم (تركوا الغزو كراهية للسبي و استحلال الأموال و استحسان الغصوب)، فهنا نجد أن قريشا- قبل الإسلام- لجأوا إلى الإشتغال بالتجارة ترفعا بدينهم عن الغزو الذي كان يقوم به العرب، و ما يصاحبه من سلب و نهب و انتهاك للأعراض.

و يبدو أن هذا ما جاء محمد ليغيره، فالإسلام سمح و شجع على امتلاك البشر و بيعهم و شرائهم، كما سينرى ببعض التفصيل، و النتيجة العملية أنه تاريخيا كان في كل مدينة إسلامية سوق للعبيد و الجواري، و استمرت تلك الممارسة حتى العصور الحديثة حين قامت الدول الغربية (العلمانية الكافرة) ، ثم الأمم المتحدة، بالضغط على المسلمين لمنع تجارة العبيد، فأصبحت الدول الإسلامية هي آخر دول في العالم كله تمنع الإتجار بالبشر، و تم ذلك أخيرا في النصف الثاني من القرن العشرين.

و سنرى أن محمدا و جماعته لو أرادوا إدانة الرق و لو بشكل رمزي لضربوا على الأقل المثل بأنفسهم فيرفضون تملك العبيد و الجواري، و لكن الحقيقة تخبرنا أن العكس هو ما حدث، فالنبي و زوجته و كذلك الصحابه امتلكوا و باعوا و اشتروا و أهدوا و أُهدي إليهم و أسروا و استعبدوا ، و لاحقا امتلك بعض الصحابة و من تلاهم الآلاف من العبيد كما تخبرنا المصادر الإسلامية، و كما سنأتي جزئيا، مع التركيز على موضوعنا الأساسي و هو الجنس- و ليس العبودية- في الإسلام.

وطء ملك اليمين
(مع الإعتذار عن استخدامنا لمثل تلك الألفاظ المنحطة، إلا أننا نتحدث بلغتهم)

أوضح قاعدة إسلامية هي أن الجواري يجوز ممارسة الجنس عليهم ، سواء اللاتي تم شرائهن أو أسرى الحرب، ففي آية الزواج التي مررنا بها يقول القرآن (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) النساء: 3، و في آية أخرى يتحدث عن المؤمنين أنهم (َالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ- إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) المؤمنون 5-6؛ تلك الآيات و غيرها تؤكد جواز ممارسة الجنس علي الإماء.

و نقرأ من "الموسوعة الفقهية الكويتية" 24\56 (يحل للرجل الحر أن يستمتع بجاريته بالوطء ، أو بمقدماته)، كما جاء في "معرفة السنن والآثار" للبهيقي- وطأ السبايا بالملك قبل الخروج 14\436 (يقول الأوزاعي: له أن يطأها وهذا حلال من الله عز وجل بأن المسلمين وطئوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أصابوا من السبايا في غزوة بني المصطلق قبل أن يقفلوا).

و البديهي أن مواقفة الجارية هنا لا وزن لها بالمرة، فهي أولا أسيرة و ثانيا امرأة، فهل سيهتم أحد برأيها؟! و إن كان الزوجة عليها طاعة زوجها فما بالك بما ملكت يمينه؟

بهذا الشأن نقرأ من موقع "إسلام ويب – مركز الفتوى" 126497 (إذا كانت الزوجة لا يحل لها الامتناع عن معاشرة زوجها لها إلا لعذر، فمن باب أولى ألا يجوز لملك اليمين الامتناع عن معاشرة سيدها لها إلا لعذر.. فإذا امتنعت الزوجة أو ملك اليمين عن المعاشرة بلا عذر شرعي، فحينئذ يجوز للزوج أو السيد إجبارها على ذلك).

اغتصاب؛ تلك هي الكلمة المناسبة لوصف الحال، اغتصاب شرعي لأسيرات الحرب، بشرع الله و رسوله.

هنا يبرز سؤال عجيب بعض الشيء : إن كان يجوز للرجل معاشرة ما ملكت يمينه، فهل يجوز للمرأة معاشرة ما ملكت يمينها أيضا: العبيد التابعين لها؟
الطريف أن الآية التي تتحدث عن المؤمنين أنهم (َالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ- إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) المؤمنون 5-6، جاءت عامة و لم تقل أنها موجهة للذكور فقط، كما أنه لا يوجد نصوص واضحة تمنع معاشرة المرأة للعبيد أو تبيحه.
لكن الفقهاء، و كالمتوقع، فسروا الآية بشكل يجعل الأمر مقصورا على الرجال فقط، فنقرأ في "الموسوعة الفقهية الكويتية" 24\55،56 (أن هذه الآيات العشر من أول سورة المؤمنون عامة في الرجال والنساء ، إلا قوله تعالى : "والذين هم لفروجهم حافظون" فإنما خاطب بها الرجال خاصة دون الزوجات).

و يضيف أن امرأة في زمن عمر ابن الخطاب كانت تعاشر عبدها جنسيا، لأنها فسرت الآية السابقة على أنها عامة، و يحكى أن عمر لم يرجمها باعتبارها زانية و إنما نهرها و فقط!، (و نقل ابن كثير عن ابن جرير بسنده عن قتادة أن امرأة اتخذت مملوكها ، وقالت : تأولت آية من كتاب الله "أو ما ملكت أيمانهم" قال : فأتي بها عمر رضي الله عنه، فضرب العبد، وجز رأسه؛ ونقل ابن قدامة عن جابر أن امرأة جاءت إلى عمر بالجابية وقد نكحت عبدها ، فانتهرها عمر).

أما المميزات الرائعة لهذا النظام- الجواري- فهو أن الجارية أخف حملا و أرخص ثمنا من الزوجة، و لا أهل لها و لا حقوق، كما ليس هناك حد أقصى في العدد، كما يقولها القرآن نفسه (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا) النساء: 3.
في تفسير البغوي للآية نقرأ ("أو ما ملكت أيمانكم" يعني السراري لأنه لا يلزم فيهن من الحقوق ما يلزم في الحرائر ، ولا قسم لهن ، ولا وقف في عددهن)، و نفس المعنى في تفسير الجلالين (.."فَإِنْ خِفْتُمْ" أَنْ لَا "تَعْدِلُوا" فِيهِنَّ بِالنَّفَقَةِ وَالْقَسْم "فَوَاحِدَة" انْكِحُوهَا "أَوْ" اقْتَصِرُوا عَلَى "مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ" مِنْ الْإِمَاء إذْ لَيْسَ لَهُنَّ مِنْ الْحُقُوق مَا لِلزَّوْجَاتِ) – (و نلاحظ أن القرآن اشترط العدل فقط مع تعدد الزوجات، لكنه طبعا لم يشترط أي عدل في ملك اليمين، بل إنه نصح من لا يقدر على العدل أن يلجأ إلى نكاح ملك اليمين).
و يصل الأمر إلى أن الصحابة كانوا يبيعون الجارية بعد أن ينجبوا منها ، دون اعتبار لقلب الأم الذي سيتقطع على فراق ولدها، فهي هنا مجرد وعاء إنجابي لا قيمة له؛ و لم يتم منع تلك الممارسة البشعة إلا في زمن عمر ابن الخطاب، ففي "سنن أبي داود" 3954 نقرأ عن جابر ابن عبد الله قوله (بعنا أمهات الأولاد ، على عهد رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وأبي بكر ، فلما كان عمر : نهانا فانتهينا).
الزواج بالجارية مكروه
هذا و الجدير بالذكر أن الوضع الطبيعي للأمة هي أن تظل كذلك، أما زواج المسلم بالجارية فهو أمر غير مسموح به شرعا إلا للفقراء عند الإضطرار، حيث يقول القرآن (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمْ الْمُؤْمِنَاتِ..)، و في النهاية يقول (.. ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) النساء 25، مما يدل أن الزواج بالجواري مسموح به فقط عند افتقاد القدرة المالية للزواج بالحرائر، لكن الإمتناع عن ذلك أفضل.
نقرأ في "المغنى" لابن قدامة 5\160 قوله (ولا لحر مسلم أن يتزوج أمة مسلمة، إلا أن لا يجد طولا بحرة مسلمة، ويخاف العنت) ، و في موقع "إسلام ويب" - مركز الفتوى – الفتوى رقم 19919 نقرأ أنه لا يجوز للمسلم الزواج من الجارية إلا بشرطين: أن يكون فقيرا غير قادر على الزواج و أن يخشى على نفسه العنت (الوقوع في الزنا)، و نقرأ أن قول ابن قدامة مجمع عليه (هو قول عامة العلماء لا نعلم بينهم اختلافاً فيه؛ و نقرأ كذلك في "الموسوعة الفقهية الكويتية" 24\61 أن من شروط الزواج بالجارية (.. أن لا يكون عنده زوجة حرة يمكنه أن يستعف بها . فإن وجدت لم يجز له نكاح الأمة ; لأن الحرة طول ، وفي الحديث "تنكح الحرة على الأمة ، ولا تنكح الأمة على الحرة").



اغتصاب الجارية حتى لو كانت متزوجة
نعود إلى الآية 24 من سورة النساء، لنجد القرآن يتكلم عن النساء المحرم معاشرتهن على المؤمن (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَٰتُكُمْ وَبَنَٰتُكُمْ وَأَخَوَٰتُكُمْ وَعَمَّٰتُكُمْ وَخَالَٰتُكُمْ..إلخ) و يسترسل في ذكر النساء المحرمات حتى يصل إلى فئة المحصنات (المتزوجات)، و يستثني ملك اليمين (.. وَٱلْمُحْصَنَٰتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَٰنُكُمْ).
و المعنى: المرأة المتزوجة حرام معاشرتها، إلا لو كانت جارية أو أسيرة حرب!
نقرأ هذا التفسير من الطبري (ملكُ اليمين: السبايا اللواتي فرّق بينهنّ وبين أزواجهنّ السباء، فحللن لمن صرن له بملك اليمين من غير طلاق كان من زوجها الحربيّ لها) ، (عن ابن عباس، قال: كل ذات زوج إتيانها زنا، إلا ما سَبَيْتَ)، (عن ابن عباس في قوله: "وَٱلْمُحْصَنَـٰتُ مِنَ ٱلنِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَـٰنُكُمْ" يقول: كل امرأة لها زوج فهي عليك حرام إلا أمة ملكتها ولها زوج بأرض الحرب، فهي لك حلال إذا استبرأتها)،(عن مكحول في قوله: "وَٱلْمُحْصَنَـٰتُ مِنَ ٱلنِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَـٰنُكُمْ" قال: السبايا)، و يستمر الطبري في نقل العديد من الأقوال التي تؤكد هذا الرأي.
أما سبب نزول الآيات، فهو يؤكد المصيبة أكثر، حيث نزلت بعد غزوة أسر فيها المسلمون بعض النساء، و حين أرادوا اغتصابهن أخبرتهن النساء أنهن متزوجات فتحرج الصحابة من الأمر، فأرسل الله جبريل ليطمئنهم أنه يجوز اغتصاب أولئك النساء المتزوجات!
نعود لنقرأ من تفسير الطبري للآية، حيث ينقل عدة روايات تؤكد الواقعة (أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم بعث يوم حنين سرية، فأصابوا حيًّا من أحياء العرب يوم أوطاس، فهزموهم وأصابوا لهم سبايا، فكان ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتأثمون من غشيانهن من أجل أزواجهنّ، فأنزل الله تبارك وتعالى: "والمُحْصَناتُ مِنَ النَّساءِ إلاَّ ما مَلَكَتْ أيمَانُكُمْ" منهنّ، فحلال لكم ذلك) ، (لما سبي رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل أوطاس، قلنا: يا رسول الله، كيف نقع على نساء قد عرفنا أنسابهن وأزواجهنّ؟ قال: فنزلت هذه الآية: "والمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إلاَّ ما مَلَكَتْ أيمَانُكُمْ")، (عن أبي سعيد الخدري، قال: أصبنا نساء من سبي أوطاس لهنّ أزواج، فكرهنا أن نقع عليهنّ ولهن أزواج، فسألنا النبيّ صلى الله عليه وسلم، فنزلت: "وَٱلْمُحْصَنَـٰتُ مِنَ ٱلنِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَـٰنُكُمْ" فاستحللنا فروجهنّ).
و بشكل أعم فالأية تتحدث عن أن الجواري يحل وطؤهن من قبل مالكهن ، حتى لو كانت متزوجة من رجل آخر، و في تلك الحالة يقولون أنه بمجرد شراء الجارية يتم طلاقها "أوتوماتيكيا" من زوجها، كما جاء في تفسير الطبري أيضا أن ما ملكت الأيمان (هنّ كل ذات زوج من النساء حرام على غير أزواجهنّ، إلا أن تكون مملوكة اشتراها مشتر من مولاها فتحلّ لمشتريها، ويُبطل بيع سيدها إياها النكاحَ بينها وبين زوجها)، (عن إبراهيم: أنه سئل عن الأمة تباع ولها زوج، قال: كان عبد الله يقول: بيعها طلاقها)، (عن عبد الله في قوله: "وَٱلْمُحْصَنَـٰتُ مِنَ ٱلنِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَـٰنُكُمْ" قال: كل ذات زوج عليك حرام، إلا ما اشتريت بمالك؛ وكان يقول: بيع الأمة: طلاقها).
و يكمل الطبري ناقلا تلك المقولة عن أخرين، كابن المسيب و الحسن و قتادة و أبيّ ابن كعب و جابر و عبد الله ابن عباس، أن الحصول على الأسيرة أو شراءها يعتبر طلاقا لها من زوجها، لأن مشتريها- سيدها- هو الأحق بعضوها على حد تعبيرهم! (قال عبد الله: مشتريها أحقّ ببُضْعِها. يعني: الأمة تباع ولها زوج)، (عن ابن مسعود، قال: إذا بيعت الأمة ولها زوج فسيدها أحقّ بُبْضعها)، و البضع هو الفرج كما مر بنا.
و نجد أن باقي التفاسير و المصادر الإسلامية تؤكد ذات المعنى، فمن تفسير الرازي للآية من سورة النساء نراه ينقل رأي الإمام الشافعي أن الأسر في الحرب يزيل عقد الزوجية للأسيرة، و هنا يجوز اغتصابها، فيقول (اتفقوا على أنه إذا سبى أحد الزوجين قبل الأخر وأخرج إلى دار الاسلام وقعت الفرقة. أما إذا سبيا معا فقال الشافعي رضي الله عنه: ههنا تزول الزوجية، ويحل للمالك أن يستبرئها بوضع الحمل إن كانت حاملا من زوجها، أو بالحيض)، (حجة الشافعي رضي الله عنه أن قوله: "وَٱلْمُحْصَنَـٰتُ مِنَ ٱلنّسَاء" يقتضي تحريم ذات الأزواج ثم قوله: "إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَـٰنُكُمْ" يقتضي أن عند طريان الملك ترفع الحرمة ويحصل الحل).

و من تفسير القرطبي نجد نفس الشيء: المسبية التي لها زوج يجوز لسيدها أو مشتريها اغتصابها، طبقا لتلك الآية التي نزلت لتسمح للمسلمين باغتصاب سيدات أسيرات كان لهن أزواج (.. وَٱلْمُحْصَنَٰتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَٰنُكُمْ)، (فقال ٱبن عباس وأبو قلابة وٱبن زيد ومَكْحُولٌ والزُّهِريّ وأبو سعيدٍ الخُدْرِيّ: المراد بالمحصَنات هنا المسْبِيّات ذواتُ الأزواج خاصة، أي هنّ محرّمات إلاَّ ما ملكت اليَمين بالسبْي من أرض الحرب، فإن تلك حلال للَّذي تقع في سهمه وإن كان لها زوج. وهو قول الشافعيّ في أن السِّباء يقطع العِصمة؛ وقاله ٱبن وهب وٱبن عبد الحكم وروياه عن مالك، وقال به أَشهب. يدلّ عليه ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي سعيدٍ الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يومَ حُنينٍ بعث جيشاً إلى أوْطاسٍ فلقوا العدوّ فقاتلوهم وظهروا عليهم وأصابوا لهم سَبَايَا؛ فكان ناس من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم تحرّجوا من غِشْيانهنّ من أجل أزواجهنّ من المشركين، فأنزل الله عزّ وجلّ(في ذلك) "وَٱلْمُحْصَنَاتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَانُكُمْ". أي فهنّ لكم حلال إذا ٱنقضت عدّتهنّ. وهذا نصّ صحيح صريحٌ في أن الآية نزلت بسبب تحرّج أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم عن وطء المَسْبِيّات ذواتِ الأزواج؛ فأنزل الله تعالىٰ في جوابهم "إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَانُكُمْ". وبه قال مالك وأبو حنيفة وأصحابه والشافعيّ وأحمد وإسحاق وأبو ثَوْر، وهو الصحيح إن شاء الله تعالىٰ) انتهى.
و في كتاب "الدر المنثور" 3\75 نقرأ نفس القصة: أن الأسيرات أخبروا الصحابة أن لهن أزواج، و عندما تردد الصحابة في اغتصابهن نزل القرآن ليعطيهم الضوء الآخر في ذلك (لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا أصاب المسلمون سبايا، فكان الرجل إذا أراد أن يأتي المرأة منهن قالت: إن لي زوجا. فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له، فأنزل الله "والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم")

هنا يجدر بنا التوقف طويلا عند المقارنة بين أخلاق الجاهلية- كما يسمونها- و أخلاق الإسلام التي يقال أنها جاءت لترفع من شأن أخلاق العرب، حيث نرى أن الصحابة، بخلفيتهم العربية التقليدية الوثنية، شعروا بضرورة احترام عقد الزوجية للأسيرة و هو الحد الأدنى من المروءة الواجبة؛ و تردد الصحابة هذا يرينا أن اغتصاب المتزوجات كان أمرا مستهجنا في ذلك العصر المسمى بـ"الجاهلية"(!)، و لكن على الجانب الآخر نرى إله القرآن يحط من أخلاق العرب بدلا من أن يرفعها، و يأمر الصحابة بالتجاوز عن الأخلاق و العفة و احترام المرأة و احترام الزواج ، فالله على ما يبدو لا يتحرج و لا يستحي مثل الصحابة!، و الواضح طبعا أن الهدف هنا ليس إلا تلبية- بل تشجيع- غريزة بهيمية بهدف تشجيع الجنود على الإستمرار في الغزو مع النبي المرسل بالرحمة إلى العالمين.

نزع الجارية من زوجها لوطئها
(ملحوظة: في العديد من الأجزاء الخاصة بملك اليمين و أحكامهم، استعنّا بسلسلة مقالات لسردار عبود منشورة على الإنترنت بعنوان "العبودية في الإسلام").

فإذا كان يجوز وطء الأسيرة حتى و إن كانت متزوجة، فهل يجوز لصاحب الجارية المتزوجة أن يمارس معها الجنس أيضا؟

الجواب هو نعم، حيث نقرأ في "فتح الباري" لابن حجر- باب ما يحل من النساء وما يحرم- 14\351، أن الصحابي أنس ابن مالك كان يرى جواز أن يأخذ الرجل جاريته من زوجها فيمارس معها الجنس، (فإذا هو لا يرى بما ملك اليمين بأسا أن ينزع الرجل الجارية من عبده فيطأها)، و نجد نفس الشيء في "صحيح البخاري" – كتاب النكاح - باب وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن، و كذلك في "عمدة القاري بشرح صحيح البخاري" - باب ما يحل من النساء و ما يحرم.

و لا يختلف الأمر بين السنة و الشيعة، ففي كتاب "الفروع من الكافي" – الجزء الخامس- باب الرجل يزوج عبده أمته ثم يشتهيها، نقرأ أن الرجل يحق له نزع جاريته من زوجها ليعاشرها (عن أبي عبدالله قال: سألته عن الرجل يزوج جاريته من عبده فيريد أن يفرق بينهما فيفر العبد كيف يصنع؟ قال: يقول لها: اعتزلي فقد فرقت بينكما فاعتدى فتعتد خمسة وأربعين يوما ثم يجامعها مولاها إن شاء وإن لم يفر قال له مثل ذلك، قلت: فإن كان المملوك لم يجامعها، قال: يقول لها: اعتزلي فقد فرقت بينكما ثم يجامعها مولاها من ساعته إن شاء ولا عدة عليه).

نفس الشيء - أنه يحق للسيد المسلم نزع جاريته من زوجها ليطأها هو- نجده في مصادر شيعية أخرى مثل كتاب "مستمسك العروة الوثقى" للسيد محسن الحكيم 14\348، و كتاب "رياض المسائل" للسيد علي الطبطبائي 10\355، و كتاب "تفسير الميزان" للطبطبائي أيضا 4\286 و غيرها.

و لا عجب في وجود ذلك الأمر عند السنة و الشيعة ، فحسب الإسلام المرأة في هذا الوضع هي مجرد ملكية أو متاع لسيدها، يتصرف فيها كيفما شاء دون اعتبار لمشاعرها أو حتى لعقد زوجية.

العزل
هذه الإباحية الجنسية طرحت مشكلة أخرى، حيث يمكن حدوث الحمل لدى الجارية في أوقات أو ظروف غير مناسبة، و بالتالي فقد سمح محمد لرجاله بالقيام بما يسمى "العزل" و هو قذف المني خارج فرج المرأة، تجنبا لحدوث الحمل غير المرغوب فيه ("صحيح مسلم" 1439).

و في واقعة محددة نجد أن الصحابة سبوا بعض النساء و أرادوا بيعهن، و لكن قبل ذلك أرادوا اغتصابهن،و خشين من أن يحملن فينخفض سعرهن عند البيع ، فسمح لهم نبي الرحمة بأن يقوموا بالعزل.

نقرأ من "صحيح البخاري" 4138 (قال أبو سعيدٍ : خرَجْنا معَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في غزوَةِ بني المُصطَلِقِ، فأصَبْنا سَبْيًا من سَبيِ العربِ، فاشْتَهَينا النساءَ، واشتَدَّتْ علينا العُزبَةُ وأحبَبْنا العَزلَ، فأرَدنا أنْ نَعْزِلَ، وقُلْنا نَعْزِلُ ورسولُ اللهِ بين أظهُرِنا قبلَ أن نسألَه، فسألناه عن ذلك، فقال: "ما عليكم أن لا تفعَلوا").

و قد اختلف الفقهاء في الجارية المتزوجة، هل يحتاج زوجها إذن سيدها لكي يعزل عنها، و رأى بعضهم أن الجواب بنعم، كما ورد في "تفسير ابن بطال" 13\327 (فقال مالك والكوفيون: لا يعزل عنها إلا بإذن سيدها) – أي أن السيد له الحق في تقرير إن كان زوج الجارية سيفرغ فيها أو لا!

اغتصاب النساء من أهم دوافع الجهاد
تلك الممارسة المشينة – الإغتصاب و الدعارة و بيع النساء و شرائهن كالبهائم- كانت منتشرة تماما بين محمد و صحابته، الذين أسروا النساء و اغتصبوهن و باعوهن و كانوا يهدوا منهن إلى بعضهم البعض؛ كان ذلك يتكرر في كل غزوة ينجح فيها المسلمون في أسر سكان القبائل، مثلما حدث في غزوة بني قريظة على سبيل المثال، حين تم قتل جميع الرجال و أسر النساء و الأطفال حيث تم إرسالهم للبيع و اشتري محمد بأموالهم خيلا و سلاحا لرجاله، كما ورد في كتب الأحاديث كـ"البخاري" و كتب السيرة مثل "المغازي" للواقدي و غيره.

و لا شك أن أسر الصحابة لزوجات الناس و بناتهن كان من أقوى دوافع الجهاد مع نبيهم ، فحين ننظر في الآية 49 من سورة التوبة و نقرأ قوله (.. وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ٱئْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلا فِي ٱلْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَافِرِينَ)، نعود إلى سبب نزولها لنجد أن محمدا كان يغري أصحابه بالنساء الجميلات اللاتي سيقومون بأسرهن و اغتصابهن في الجهاد، فتحفظ أحدهم (الجد ابن قيس) على الأمر من الناحية الأخلاقية و عاتب محمدا على أنه يغريهم بالنساء، فنزل القرآن يلوم الجد و يهدده بالجحيم باعتباره منافقا ساقط في الفتنة(!)

 نقرأ الرواية من تفسير الطبري للآية (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اغْزُوا تُبُوكَ تَغْنَمُوا بَناتِ الأصْفَرِ وَنِساءَ الرُّومِ" فقال الجدّ: ائذن لنا، ولا تفتنا بالنساء)، و في موضع آخر (و رجل من المنافقين يقال له: جدّ بن قيس، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم العام " نَغْزُو بني الأصفر ونتخذ منهم سرارى و وصفاناً" فقال: أي رسول الله، ائذن لي ولا تفتني).

و في تفسير القرطبي نجد نفس الواقعة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للجدّ بن قيس أخي بني سلمة لما أراد الخروج إلى تبوك: " "يا جدّ، هل لك في جِلاد بني الأصفر تتخذ منهم سراري و وُصَفاء" فقال الجدّ: قد عرف قومي أني مغرم بالنساء، وإني أخشىٰ إن رأيت بني الأصفر ألا أصبر عنهن، فلا تَفْتِنّي وأذن لي في القعود وأعينك بمالي؛ فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "قد أذنت لك") ، و تخبرنا الروايات أن "بنات الأصفر" كن مشهورات بالجمال الشديد ، و بالتالي فمن غير المستغرب أن يلجأ النبي إلى هذا الإغراء ليدفع رجاله إلى الجهاد معه.



عورة الجارية: من السرة للركبة
يبقى أن نعرف أن أولئك الجواري- أسيرات الحرب اللاتي كن يُبعن و يُشترين و يتم ممارسة الجنس عليهن تحت شرع الله- لا تنطبق عليهن شروط الإحتشام الإسلامية، بل عورتهن من السرة إلى الركبة فقط، و ذلك بإجماع الفقهاء (مع اختلافات طفيفة) و ذلك استنادا على أدلة واضحة من القرآن و السنة و أفعال الصحابة.

و للمسلم المتحمس بشدة لحجاب المرأة (الإسم الدارج لغطاء الرأس) و الخمار أو النقاب (من الأسماء الدارجة لغطاء الوجه) و الإحتشام عموما، اللاعن للعري و الإباحية العلمانية، نقولها بشكل أوضح: دينك يبيح أن تسير الفتاة أو المرأة عارية الصدر بالكامل و جزء من البطن و الساق، إن كانت تلك الفتاة جارية- أما الحجاب و الإحتشام فللحرائر بالأساس، و الجارية ليست مطالبة بالحجاب ، بل ممنوعة منه(!) كما سنرى.

نقرأ من "الموسوعة الفقهية الكويتية" 24\49 (عورة المملوكة في الصلاة - وفي خارجها أيضا - أخف من عورة الحرة ، فهي عند المالكية وفي الأصح عند الشافعية ، من السرة إلى الركبة ، واستدلوا بحديث أبي داود مرفوعا : "إذا زوج أحدكم خادمه عبده أو أجيره ، فلا ينظر إلى ما دون السرة وفوق الركبة" . ويزيد الحنفية : البطن والظهر ، وفي كلامهم ما يفيد أن أعلى صدرها ليس بعورة ، ثم قال المالكية : لا تطالب الأمة بتغطية رأسها في الصلاة لا وجوبا ولا ندبا بل هو جائز . وظاهر كلامهم أن الأمة إن صلت مكشوفة شيء مما عدا العورة المذكورة أعلاه لا إعادة عليها) انتهى.

إذن: صدر الجارية ليس بعورة حسب شرع الإسلام، و هي لا يجب عليها تغطية رأسها- أو ربما باقي جسدها- حتى في الصلاة.

و في مصدر آخر هو "إسلام ويب" – مركز الفتوى، رقم الفتوى 114264 نقرأ سؤالا عن عورة الجارية، و ضمن إجابة المفتي نقرأ (ولما كانت الإماء تكثرُ إليهن الحاجة في الاستخدام وأمورِ المهنة، وكنّ مبتذلاتٍ بكثرة الذهاب والمجيء، وكان فرضُ الحجاب عليهن مما يشقُ مشقةً بالغة، كان من رحمة الله بعباده أنه لم يفرض عليهن الحجاب كما فرضه على الحرائر، ودليلُ ذلك النص واتفاق السلف).

يالها إذن من رحمة إلهية عظيمة بالعباد:  خالق الكون الحريص على العفة دوما لم يقم بفرض الحجاب على النساء- عفوا أقصد الجواري!، و يالها من قدرة مذهلة قدرة كهنة الدين على قلب الأوضاع و تبرير كل المواقف و الأحكام.

و يذكر الموقع نفس الشيء عن أن صلاة الجارية عارية الصدر حلال، و كذلك في حكم النظر إليها فيجوز النظر إلى كل جسدها ما عدا ما بين السرة و الركبة، فنقرأ (قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: وصلاة الأمة مكشوفة الرأس جائزة هذا قول عامة أهل العلم)، (وزاد العلامة العثيمين الأمرَ إيضاحا ونحنُ ننقل كلامه بطوله لنفاسته وسهولة عبارته، قال في شرحه الممتع على زاد المستقنع: الأَمَةُ - ولو بالغة - وهي المملوكة، فعورتها من السُّرَّة إلى الرُّكبة، فلو صلَّت الأَمَةُ مكشوفة البدن ما عدا ما بين السُّرَّة والرُّكبة، فصلاتها صحيحة، لأنَّها سترت ما يجب عليها سَتْرُه في الصَّلاة. وأما في باب النَّظر: فقد ذكر الفقهاءُ رحمهم الله تعالى أن عورة الأَمَة أيضاً ما بين السُّرَّة والرُّكبة) انتهى.

و هكذا أجمع فقهاء المسلمين أن عورة الأمة كعورة الرجل، ما بين السرة و الركبة ، فنقرأ في "البحر المديد" 5\115 (أما الإماء فلا تسترن شيئا إلا ما بين السرة والركبة كالرجل)، و نفس المعنى في "عون المعبود" 2\161، "تحفة الأحوذي" 1\406، "نيل الأوطار" 2\481، كما نقرأ ذلك الحكم في الكتب الخاصة بالفقه و المذاهب الإسلامية ، مثل كتاب "المغنى" و "فقه العبادات" و "البحر الرائق" و "الفتاوى الهندية" و "مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر" و "الشرح الصغير على أقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك"، و "الروض المربع" و كتاب "الإختيار لتعليل المختار" و "المهذب في فقه الإمام الشافعي" و غيرها من مصادر الفقه الإسلامي.
و نفس الشيء لدى الشيعة، ففي كتاب "وسائل الشيعة" 21\148 نقرأ (عن جعفر عن أبيه (عليه السلام) أنه قال: إذا زوج الرجل أمته فلا ينظرن إلى عورتها والعورة ما بين السرة والركبة).

التحرش و الحجاب، بين الجارية و الحرة
أهم دليل جعل الفقهاء يفرقون بين عورة الحرة و عورة الجارية هي آية الحجاب ذاتها : يخاطب القرآن النبي قائلا (يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً) الأحزاب 59.

و تجمع التفاسير أن الآية نزلت بسبب تحرش بعض أهل المدينة (الصحابة أو المنافقين- اختر أي التسميتين تفضل) بالنساء و الفتيات و هن في طريقهن إلى قضاء حاجاتهن (و هو أمر لا يجب أن نستغربه كثيرا بعد أن أخذنا فكرة عن طبيعة ذلك المجتمع)، و بالتالي أمر القرآن الزوجات و البنات بالتحشم في ملابسهن خارج المنزل، و ذلك – انتبه- لكي يتم تمييزهن عن الإماء فلا يتم التحرش بهن.

من تفسير الطبري للآية (يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: يا أيها النبـيّ قل لأزواجك وبناتك ونساء الـمؤمنـين، لا يتشبهن بـالإماء فـي لبـاسهنّ إذا هن خرجن من بـيوتهنّ لـحاجتهنّ، فكشفن شعورهنّ و وجوههنّ، ولكن لـيدنـين علـيهنّ من جلابـيبهنّ، لئلا يعرض لهنّ فـاسق، إذا علـم أنهنّ حرائر بأذى من قول).

و يقول (قدم النبـيّ صلى الله عليه وسلم الـمدينة علـى غير منزل، فكان نساء النبـيّ صلى الله عليه وسلم وغيرهنّ إذا كان اللـيـل خرجن يقضين حوائجهنّ، وكان رجال يجلسون علـى الطريق للغزل، فأنزل الله: "يا أيُّها النَّبِـيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الـمُؤْمِنِـينَ يُدْنِـينَ عَلَـيْهِنَّ مِنْ جَلابِـيبِهِنَّ" يقنعن بـالـجلبـاب حتـى تعرف الأمة من الـحرّة).

إذن فنساء محمد و غيرهن كن يلبسن مثل الإماء (كيف كانت تلك الملابس يا ترى؟)، فكان أهل المدينة المنورة يجلسون على الطريق لمغازلتهن و التحرش بهن ، فنزلت الآية تأمر نساء محمد و أصحابه بتغطية أجسادهن، لكي يتم تمييزهن عن الجواري.

و في تفسير ابن كثير نجد نفس المعنى، أن الآية نزلت لمنع أهل المدينة من التحرش بنساء نبيهم (كان ناس من فساق أهل المدينة يخرجون بالليل حين يختلظ الظلام إلى طرق المدينة يتعرضون للنساء، وكانت مساكن أهل المدينة ضيقة، فإذا كان الليل، خرج النساء إلى الطرق يقضين حاجتهن، فكان أولئك الفساق يبتغون ذلك منهن، فإذا رأوا المرأة عليها جلباب، قالوا: هذه حرة، فكفوا عنها، وإذا رأوا المرأة ليس عليها جلباب، قالوا: هذه أمة، فوثبوا عليها) – و لا ندري كم تكرر ذلك "الوثوب" على نساء النبي و المؤمنات قبل نزول الآية، و لكن المهم أن الصورة هي خير تجسد لطبيعة ذلك المجتمع النبوي النموذجي و "الراقي جدا".

ثم ينقل لنا ابن كثير أن الأمر بالحجاب و الجلباب كان هدفه تمييز نساء النبي عن الجواري و العاهرات!، فيقول (..إذا فعلن ذلك، عرفن أنهن حرائر، لسن بإماء ولا عواهر)، فيبدو إذن – و العهدة على الراوي- أن الناس كان يختلط عليها الأمر قبل ذلك، فلا يستطيعون التمييز شكلا بين زوجة النبي و بين العاهرة!

أما عن طبيعة ذلك الحجاب الذي أمر به القرآن، فتنقل التفاسير عن ابن عباس أن الله هنا أمر (نساء الـمؤمنـين إذا خرجن من بـيوتهنّ فـي حاجة أن يغطين وجوههنّ من فوق رؤوسهنّ بـالـجلابـيب، ويبدين عيناً واحدة)- و هو الرداء المعروف اليوم بإسم النقاب أي تغطية الوجه ما عدا فتحة بسيطة تكفي للرؤية، و لو بعين واحدة (ربما درءا لفتنة العين الأخرى).

و للتأكيد على المعنى ، نعود إلى فتوى موقع "إسلام ويب" سابقة الذكر(برقم 114264) لنقرأ فيها قول ابن تيمية عن تلك الآية (قال شيخ الإسلام في الفتاوى: قوله "قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن" الآية، دليلٌ على أن الحجاب إنما أمر به الحرائر دون الإماء) – و المصدر في كتاب "مجموع فتاوى ابن تيمية" 3\371.

إذن، فمن الآية، سياقها و أسباب نزولها و صياغتها، يمكننا أن نستنتج أن العري و العهر كان موجودا في مجتمع المسلمين الأوائل، و أن آية الحجاب لم تنزل لتمنع أيا من ذلك، و إنما نزلت فقط لتمييز فئة بعينها هي فئة " نساء النبي و المؤمنين".

و نلاحظ هنا أن القرآن لم يطالب الإماء بالإحتشام، كما أنه لم يبد أقل اهتمام بتعرض الجارية إلى التحرش و "الوثوب عليها" من قبل فساق مجتمع المدينة- و هو أمر أيضا ليس بمستغرب لو انتبهنا إلى حال تلك الجواري و دورهن المحوري في منظومة الإباحية الجنسية الإسلامية، كما رأينا و سنرى؛ فمن يرخص للدعارة المنظمة- تحت مسميات مختلفة- هل سيهتم بأن تقوم الداعرة بتغطية جسدها؟!

و هنا لا يفوتنا ملاحظة أن سكوت القرآن عن حجاب الجارية، ثم تعليله للحجاب بأنه جاء خصيصا لتمييز الحرة عن الجارية، و هو أمر طبقي بامتياز، كل ذلك يؤكد لنا أن الإسلام لا يتجاهل فقط أمر الجارية بالحجاب، و إنما هو حريص تماما على منعها من ذلك، كما سنرى.


التعرّي فرض إسلامي على الجارية
نعود مرة أخرى إلى فتوى "مركز الفتوى" السابقة، و هي تكمل لنا من كلام ابن تيمية، الذي يذكر لنا رواية مهمة عن النبي، مفادها أن الحجاب كان بالفعل وسيلة المسلمين لتمييز الحرة من الجارية، فيقول (..فهذا مع ما في الصحيح من أنه لما اصطفى صفية بنت حيى، وقالوا: إن حَجّبها فهي من أمهات المؤمنين، وإلا فهي مما ملكت يمينه، دَلّ على أن الحجاب كان مُختصّاً بالحرائر).

فمحمد أسر صفية بنت حيي في إحدى الغزوات (و سنتعرض للقصة بالتفصيل لاحقا)، ثم قام بضمها إلى نساءه، و حين تساءل المؤمنين هل تعتبر صفية زوجته أم جارية لديه؟ لم يجدوا وسيلة للتمييز بين الصنفين إلى الحجاب: فإن حجبها فهي زوجة، و إن تركها فهي جارية.

و الحديث المقصود نقرأه في "صحيح البخاري" 4213 (فقال المسلمونَ : إِحْدَى أُمَّهَاتِ المؤمنينَ ، أو ممَّا ملكتْ يمينُهُ؟ فقالوا : إنْ حَجَبَها فهي إِحْدَى أُمَّهاتِ المؤمنينَ ، وإن لم يَحْجُبْها فهي ممَّا ملكتْ يمينُهُ . فلمَّا ارْتَحَلَ وطَّأَ لهَا خَلْفَهُ ، ومدَّ الحِجَابَ) ، و كذلك نقرأه في "صحيح مسلم" 1365 (وقال الناس : لا ندري أتزوَّجها أم اتخذها أمَّ ولدٍ . قالوا : إن حجَبها فهي امرأتُه . وإن لم يحجِبْها فهي أمُّ ولدٍ . فلما أراد أن يركب حجَبها . فقعدتْ على عجُزِ البعيرِ فعرفوا أنه قد تزوَّجها) – تلك القصة هي دليل آخر لجأ إليه الفقهاء للقول بأن عورة الجارية تختلف عن عورة الحرة.

الفاروق يضرب الجارية لتتعرّى
و يذكر ابن تيمية، كما تنقل لنا الفتوى، نصا آخر من فعل الصحابة، يؤكد أن الحجاب مختص بالحرة فقط، و أن الجارية ممنوع عليها الحجاب (وقال كذلك : والحجابُ مختصٌّ بالحرائر دون الإماء، كما كانت سُنّةُ المؤمنين في زمن النبي وخلفائه: أن الحُرَّةَ تحتَجِبُ، والأَمَة تبرُز. وكان عمر إذا رأى أَمَةُ مُختَمِرة، ضرَبها وقال: أتتشبهين بالحرائر؟).

و تنقل الفتوى نصوصا أخرى تؤكد نفس المعنى: أن عمر كان يضرب الجارية إذا تحجبت و يأمرها بالتكشف (ولنا , أن عمر رضي الله عنه ضرب أمة لآل أنس رآها متقنعة , وقال: اكشفي رأسك, ولا تشبهي بالحرائر)، (قال أبو قلابة : إن عمر بن الخطاب كان لا يدع أمة تقنع في خلافته, وقال : إنما القناع للحرائر).

هذا كله يؤكد أن المسألة لا علاقة لها بالأخلاق و الحشمة، و إنما بالطبقية و حماية فئة معينة فقط من النساء.

و نلاحظ أن الفاروق كان على ما يبدو حريصا على ترسيخ تلك الطبقية و استمرارها في المجتمع، معبرا عنها بشتم و ضرب المرأة المسكينة حتى تنزع حجابها رغما عنها ؛ و الرواية واردة في كتاب "الطبقات" لابن سعد 7\127 أن (عمر بن الخطاب أمير المؤمنين كان يطوف فى المدينة فإذا رأى أمة محجبة ضربها بدرته الشهيرة حتى يسقط الحجاب عن رأسها ويقول : فيم الإماء يتشبهن بالحرائر؟!)، و في "نصب الراية" 4\250، و الدراية 2\230 (و كان عمرُ إذا رأَى جاريةً متنقِّبةً علاها بالدرَّةِ وقال أَلقي عنكِ الخمارَ يا دَفَارِ تتشبَّهينَ بالحرائرِ)، و في "مصنف أبي شيبة" 6292 (عن أنس ابن مالك قال: دخلت على عمر ابن الخطاب أمة قد كان يعرفها ببعض المهاجرين أو الأنصار، و علينا جلباب متقنعة به، فسألها : "عُتقتِ؟"، قالت: "لا"، قال: "فما بال الجلباب؟" ضعيه عن رأسك؛ إنما الجلباب للحرائر من نساء المؤمنين"، فتلكأت، فقام إليها بالدرة، فضرب بها رأسها، حتى ألقته عن رأسها") و نفس القصص في كتاب "المغني" 1\351 و غيرها من المصادر.

فعمر، الذي كان حريصا على تغطية عورات المسلمات الحرائر إلى درجة أنه صلب و قتل ذميا من أهل الكتاب لأنه نخس دابة (أي دفعها بعصا) فسقطت مما أدى إلى انكشاف جزء من عورة امرأة حرة مسلمة ("تفسير القرطبي" 8\83، و "حاشية الدسوقي على الشرح الكبير" 7\288)، يبدو أن ذلك الفاروق كان يتمتع بنفس الحرص على تكشف الجاريات.

و قد يبدو من تلك المشاهد أن عمر حريص على كشف رأس الجارية فقط، (و هي مصيبة حين نأخذ في الإعتبار تشدد مشايخ الإسلامي في كشف شعرة واحدة من رأس المرأة و يعتبرونها فتنة مهلكة و فضيحة مدوية) ، و لكن هناك نصوص أخرى تؤكد أن المسألة أكبر من ذلك.

ففي مصادر أخرى، مثل "السنن الكبرى" للبيهقي 2\227، و "إرواء الغليل" 6\204 نقرأ هذا المشهد (عن أنسِ بنِ مالكٍ قال كنَّ إماءَ عمرَ رضيَ اللهُ عنهُ يَخدِمْنَنا كاشفاتٍ عن شعورهن تضطربُ ثُدُيِهِنَّ)، و واردة أيضا في كتاب "حجاب المرأة" للألباني 45 ، و كتاب "كنز العمال في سنن الأقوال و الأفعال، حرف الميم"

بوضوح أكثر: فالصحابي أنس ابن مالك يقول أن جواري عمر ابن الخطاب كن يقدمن لهن الخدمة و هن كاشفات شعورن تهتز صدورهن أمام الجميع- فيالها من صورة تليق بمجتمع العفة و الإحتشام.

ليس هذا فقط، بل روي أن عمر أعلن أنه لا حد على الجارية لو زنت، و ذلك بالمخالفة للقرآن و السنة! ، فحين سئل عن الأمر قال أن الأمة ليس عليها قناع و لا حجاب لخروجها إلى كل موضع يرسلها أهلها إليه لا تقدر على الامتناع منه، فلذا لا تكاد تقدر على الامتناع من الفجور، فلا حد عليها ، نجد الرواية في "الموطأ" لمالك- كتاب الحدود- باب ما جاء في حد الزنا، و كذلك في "التحرير و التنوير" 3\388 و "تفسير القرطبي" 5\143).

ذلك التبذل للجواري كان أمرا طبيعيا في إطار وضعهن الإجتماعي كخادمات و عاهرات يتم شرائهن من الأسواق بهدف الخدمة الجنسية للمؤمنين، فيجب النظر إلى عوراتهن للتأكد من سلامة البضاعة- و كذلك كان يفعل الصحابة : على سبيل المثال نقرأ في "المحلي" لابن حزم 10\31 (عن أبي موسى الأشعري إباحةُ النظرِ إلى ما فوق السرةِ ودون الركبةِ).

و بعد هذا فلا مانع من ابتذال الجواري بين الرجال فهي أنجح وسيلة للحفاظ على نساء المؤمنين محصنات؛ تلك الدعارة كانت تتم بطريقة منظمة، تحت تواطؤ الحاكم و الفقهاء، حتى أنهم سمحوا للجواري بالإختلاط و الخروج و السفر بدون محرم ("شرح السير الكبير" 1\66)، فنحن لا نتحدث عن حالات انفلات خاصة، و إنما عن فساد اجتماعي كامل مقنن.

المزيد من العري و الإبتذال
أما عبد الله ابن عمر ابن الخطاب، ابن الفاروق و الذي اشتهر بأنه أكثر الصحابة اتباعا لسنة النبي، فقد روي أنه كان خبيرا بمسألة تفحص الجواري و تحسس أجسادهن في الأسواق.

نقرأ في  "السنن الكبرى" للبيهقي 5\329 و أيضا في "إرواء الغليل" 6\201 (عن ابن عمر : أنه كان إذا اشترى جارية كشف عن ساقها و وضع يده بين ثدييها وعلى عجزها وكأنه كان يضعها عليها من وراء الثوب).

و في "مصنف عبد الرازق" 7\286 (عن نافع أن ابن عمر كان يكشف عن ظهرها وبطنها وساقها ويضع يده على عجزها)، (عن مجاهد قال: مر بن عمر على قوم يبتاعون جارية، فلما رأوه وهم يقلبونها أمسكوا عن ذلك، فجاءهم بن عمر فكشف عن ساقها ثم دفع في صدرها وقال اشتروا)، و في نفس المصدر 13203 (قال كنت مع بن عمر في السوق فأبصر بجارية تباع فكشف عن ساقها وصك في صدرها وقال اشتروا، يريهم أنه لا بأس بذلك).

و ذلك يدل على أن المسلم يباح له ليس فقط النظر إلى جسد الجارية كما يحلو له ، و إنما لمسه أيضا، خاصة إن كان ينوي شراءها ؛ و في "تحفة المحتاج في شرح المنهاج" – باب الإستبراء، نقرأ أنه يجوز الإستمتاع بالنظر و اللمس للجارية، و أن هذا سمح به النبي و فعله الصحابة (..لأنه صلى الله عليه وسلم لم يحرم منها غيره مع غلبة امتداد الأعين والأيدي إلى مس الإماء سيما الحسان ولأن ابن عمر رضي الله عنهما قبل أمة وقعت في سهمه لما نظر عنقها كإبريق فضة فلم يتمالك الصبر عن تقبيلها والناس ينظرونه ولم ينكر عليه أحد؛ رواه البيهقي).

فأيادي الصحابة كانت تمتد علنا إلى أجساد الإماء خاصة الجميلات منهن و النبي يسمح بذلك ؛ كما أن الصحابي الجليل عبد الله ابن عمر وقعت في نصيبه جارية، فنظر لها فأعجبته (خاصة عنقها) فلم يتمالك نفسه فقبلها أمام الناس، و لم ينكر عليه أحد!

هكذا، من القرآن و السنة و أفعال الصحابة، نجد أن وجه الجارية و شعرها و صدرها و ظهرها و ساقيها ليسوا بعورة في شرع الإسلام ، و أنه في تلك البيئة كانت النساء تسير شبه عارية، و كن يعرضن في الأسواق على هذا النحو، و كان الصحابة يشترين و يبعن و يمتلكن  النساء، و كان المورد الأكبر لهن هي الفتوحات، فكم من فتاة أو امرأة أخذت من بين أسرتها- أو بعد قتلهم- لينتهي بها الحال في تلك المنظومة الهائلة من الدعارة الإجبارية.

و نلاحظ أن تبذل و عري الإماء هنا قد يتفق "شكلا" مع "الإنحلال العلماني الغربي" الذي يحلو للمسلمين التنديد به، و إن كان يختلف عنه موضوعا ؛ فنمط الحياة الغربي (أيا كان رأيك فيه) يدور الجانب الأكبر منه في فلك التحرر النابغ من الرغبة الشخصية للذكور و الإناث على السواء ، بشكل ممنوع فيه قانونا اعتداء أحد على الآخر بالجبر أو الأذى ، أما الإنحلال الإسلامي فهو معتمد بالأساس على الإغتصاب للأسيرات المخطوفات من وسط أهلهن و المباعات في الأسواق رغم إرادتهن ؛ ثم هو كذلك انحلال متخفي في ثوب مزيف من الأخلاق، مما يجعله نظاما منافقا بامتياز- فهو من ناحية يتطرف في حماية المرأة الحرة، زوجته أو أبنته أو أخته أو أمه، إلى درجة الهوس ، فيهتم بتغطيتها بأمتار القماش و يبالغ في حصارها إلى درجة القمع و التشدد، و هو من ناحية أخرى يتساهل في أجساد الأمة أو السبية، إلى درجة إجبارها على التعري و ابتذالها في كل نواحي الحياة.

هذا التناقض قد يبدو مدهشا للشخص العادي سليم النية، و الذي يتعامل مع الدين على أنه إطار أخلاقي عادل و عقلاني، مما يجعلنا نتساءل : لماذا يفرق الإسلام بين عورة الحرة و عورة الجارية؟  لو كان الهدف من الحجاب - كما نتوهم - هو درء الفتنة في المجتمع و الحفاظ على استقامة شبابنا، فكيف يتم قصره على فئة معينة من النساء دون الأخرى؟

أليست الجارية امرأة؟ ألن يؤدي كشف عورتها إلى ما يدعي الإسلام أنه يحاربه، و هي الفتن و انتشار الشهوات..إلخ؟

و الجواب ببساطة يكمن فيما ناقشناه و كررناه، و فيما سنستمر في توضيحه: أن التشريع الإسلامي لا علاقة له بالمبادئ الأخلاقية بقدر ما هو يهتم بإدارة شئون مجتمعه بطريقة براغماتية (نفعية)، لصالح الذكر المسلم الحر، و على حساب الفئات الأخرى جميعا- فهو نظام طبقي ذكوري عنصري و طائفي.

بهذا المقياس فمن الطبيعي أن النساء هنا نوعان على طرفي نقيض : فئة أولى تابعة لرجل مسلم، يجب الحفاظ عليها و إخفاءها عن عيون الرجال الآخرين ، و فئة ثانية دنيا غير تابعة لأحد إلا بالبيع و الشراء ، فيحق للجميع رؤية جسدها أو معاينته، فلا حاجة لحمايتها و لا خوف من انتهاكها.

و هي ليست صدفة أبدا أن القرآن يسمى المرأة الحرة بالـ"محصنة" – مما يجعل المسكينة الأخرى "مستباحة" أو "مبتذلة"، كما رأينا و كما سنرى.





بغاء الجواري
مما سبق نجد أن مجتمع المدينة كان أبعد ما يكون عن حياة العفة و التقشف و الزهد التي يتخيلها البعض، و لكن المشايخ المعاصرون لا يجدون داعيا لإظهار مثل تلك الروايات أمام الشباب الذين يطالبوهم ليلا و نهارا بغض الأبصار و حفظ الفروج و الصيام..إلخ.

تتضح تلك الصورة أكثر حين نرجع إلى القرآن، لنجده ينهي أصحاب محمد عن إجبار الجواري على ممارسة البغاء (الدعارة) للحصول على المال، في حالة أن أولئك الفتيات لم يردن ذلك!

نقرأ الآية 33 من سورة النور(وَلاَ تُكْرِهُواْ فَتَيَاتِكُمْ عَلَى ٱلْبِغَآءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِّتَبْتَغُواْ عَرَضَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُنَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).

و من تفسير الطبري نجد معنى الآية (عن ابن عباس: ولا تكرهوا إماءكم علـى الزنا)، و في بعض الروايات نجد أن الآية نزلت في عبد الله ابن أبي سلول، الذي- نقرأ من تفسير القرطبي- (كانت له جاريتان إحداهما تسمى مُعاذة والأخرى مُسَيْكة، وكان يُكرههما على الزنى ويضربهما عليه ابتغاء الأجر وكسب الولد).

فالبعض كان يرسل جواريه لمضاجعة الرجال ليكسب أمرين: المال، و الولد؛ حيث أن الجارية حين تنجب من أولئك الرجال كان سيدها يبيع ولدها – و هو مشروع استثماري ممتاز كما ترى لا يختلف كثيرا عن مشاريع تربية الدواجن أو العجول، و لكن هذا للأكل و ذاك للمضاجعة!

نلاحظ في الآية أنها لم تعتبر ذلك البغاء زنا أو جريمة في حد ذاته ، بدليل أنه لم يحكى لنا أنه تم فرض أي عقوبة على من ضاجع الجاريتان أو من ساهم في حدوث ذلك الإغتصاب؛ و الأهم أن الآية في صياغتها لم تنه عن البغاء ذاته، و إنما عن الإكراه عن البغاء(!)؛ و هذا يظهر من قوله (تكرهوا) و قوله (إن أردن تحصنا)، فالقرآن لجأ لفظيا -مرتين- إلى تأكيد أنه إنما ينهى عن البغاء الجبري على وجه التحديد- مما يعني أنه، بمفهوم المخالفة، لا ينهى عن البغاء الطوعي.

ثمن الجارية
و أيا يكن، فالواضح أن ممارسة الجنس مع الجواري كان يتم التساهل فيه دائما، فقد سئل محمد عن الشخص الذي يضاجع جارية تمتلكها زوجته، فرد بأن الجارية إن كانت مكرهة (اغتصبها الزوج) فليتم تحريرها و على الزوج أن يشتري جارية أخرى للزوجة – هكذا، لا عقوبة على المغتصب و لا تعويض للمغتصبة و لا رعاية لمشاعر الزوجة التي تم خيانتها!

ثم يزيد محمد الطين بلة، مكملا الإحتمال الثاني: أما لو قامت الجارية بمطاوعة الرجل تصبح جاريته هو، و عليه أن يشتري لزوجته بديلا لها ("السنن الكبرى" للنسائي 7195 و "سنن أبو داود" 4460 و "العلل الكبير" للبخاري 235 و غيرها) – ففي كل الحالات لا عقوبة على الزنا بالجواري، و في كل الحالات يبدو أننا لا نتعامل مع إنسانة و إنما مع متاع أقصى ما يجب هو تعويض صاحبها بقيمتها ماليا.

و في "تاريخ دمشق" لابن عساكر 11\332 نقرأ القصة المخزية بتفصيل أكثر (أن رجلا من أصحاب النبي كان لا يزال يسافر ويغزو، وإن امرأته بعثت معه جارية لها، قالت تغسل رأسك وتخدمك وتحفظ عليك ولم تجعلها له.. وإنه طال سفره في وجهه فوقع بالجارية، فلما فعل أخبرت الجارية مولاتها بذلك غارت غيرة شديدة فغضبت فأتت النبي فأخبرته بالذي صنع، فقال لها النبي : "إن كان استكرهها فهي عتيقة وعليه مثلها وإن كان أتاها عن طيب نفس منها ورضاها فهي له وعليه مثل ثمنها لك" ولم يقم فيه حدا).

بالطبع لم يقم محمد عليه الحد، فما فعله الرجل حلال مائة بالمائة، و ليس زنا؛ و ذلك حسب المفهوم الإسلامي العجيب للزنا، حيث يبيح النبي للرجل أن يضاجع الجواري كيفما يشاء، برضاهن أو غصبا، بشرط تعويض الزوجة- فما أسعد الذكر صاحب المال تحت شرع إله الإسلام، و ما أتعس النساء خاصة المفتقرات إلى المال و السند.

المزيد من العهر
تلك الألوان من الإباحية و الإنحلال و الإغتصاب و الدعارة الإسلامية مع  الجواري و أسيرات الحرب ستستمر مع الصحابة و في زمن الخلفاء "الراشدين"، فسنرى الخليفة الأول أبا بكر حين يحارب المرتدين يقوم بسبي نساءهم و أولادهم باعتبارهم كفارا (شرح النووي على مسلم- 91)، و في إحدى تلك الغزوات كان من نصيب عليّ ابن أبي طالب جارية مسبية و هي التي ولدت له محمد ابن الحنفية ("المبسوط"- كتاب السيرة 12\246، و "نهاية الأرب في فنون الأدب" 2\334).

أما عمر ابن الخطاب ، فقد وجد جارية له حاملا، و حين ولدت طفلا أسود عرف أنها زنت مع رجل آخر ("موسوعة الحديث الشريف" 46، و "الموطأ" لمالك- كتاب النكاح)، ثم أنه وطئ جارية حائض فأمره النبي بأن يتصدق بنصف دينار ("عون المعبود" – كتاب الطهارة- في إتيان الحائض 312).

و في مناسبة أخرى كان عمر صائما فرأى جارية له تمر أمامه فأعجبته فضاجعها، و حين سأل الصحابة أفتاه عليّ ابن أبي طالب بأن ما فعله هو أمر حلال ؛ نقرأ من "الطبقات الكبرى" لابن سعد 2411 (عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، قَالَ : خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى أَصْحَابِهِ يَوْمًا ، فَقَالَ : أَفْتُونِي فِي شَيْءٍ صَنَعْتُهُ الْيَوْمَ ، فَقَالُوا : مَا هُوَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ : مَرَّتْ بِي جَارِيَةٌ لِي فَأَعْجَبَتْنِي فَوَقَعْتُ عَلَيْهَا وَأَنَا صَائِمٌ! قَالَ : فَعَظَّمَ عَلَيْهِ الْقَوْمُ وَعَلِيٌّ سَاكِتٌ ، فَقَالَ : مَا تَقُولُ يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ ؟ فَقَالَ : " جِئْتَ حَلالا وَيَوْمًا مَكَانَ يَوْمٍ! " فَقَالَ : أَنْتَ خَيْرُهُمْ فَتْوَى)، فيبدو أن حالة الصيام لم تمنع الفاروق من النظر إلى النساء و التفكير في الجنس ، كما لم تمنعه من ممارسة "الزنا الحلال" مع إحداهن.

و نقرأ قصة مشابهة لابن عباس، في "مصنع عبد الرازق"  باب الرجل يطأ جارية بغيا 12810(عن سعيد بن أبي الحسن قال : دخلت على ابن عباس أول النهار ، فوجدته صائما ، ثم دخلت عليه في نهاري ذلك ، فوجدته مفطرا ، فسألته عن ذلك ، فقال : رأيت جارية لي فأعجبتني فأصبتها ، قال : أما أني أزيدك أخرى ، قد كانت أصابت فاحشة فحصناها)، و في "السنن الكبرى" للبيهقي 7\155 (أن ابن عباس رضى الله عنهما خرج عليهم ورأسه يقطر وقد كان حدثهم انه صائم فقال انها كانت حسنة هممت بها وانا قاضيها يوما آحر ورأيت جارية لى فأعجبتني فغشيتها اما انى ازيدكم انها كانت بغت فاردت ان احصنها)، فابن عباس كان ينوي الصيام لكنه قرر مضاجعة الجارية؛ و هنا يزيدنا ابن عباس معلومة مهمة هي أن جاريته هذه كانت تسلك سلوكها عاهرا و تزني، فأراد بذلك إرجاعها إلى طريق الحلال!

أما عثمان ابن عفان فحكي عنه أن النبي منحه جارية في أحدى الغزوات و كان لها زوج، و كانت تكره عثمان ("المغازي" للواقدي 944، "أسد الغابة" 3\359)، و لاحقا قام أحدهم بإهداء عثمان جارية أخرى اشتراها بالبصرة و لها زوج، فرفض عثمان أن يضاجعها حتى يرضى زوجها! ("المنتقى" شرح الموطأ – 3\368، و "تنوير الحوالك" شرح موطأ مالك – 2\388)- و قيل أن عثمان لما مات ترك خلفة آلاف العبيد (كما ورد في "الطبقات الكبرى" و "السيرة الحلبية" و "مروج الذهب").

 و قد حكي عن عليّ ("تحفة الأحوذي" 9\125) أنه في إحدى السرايا واقع جارية دون انتظار لقسمة الغنائم و دون استبراء (أي دون انتظار للعدة)، مما أثار حفيظة الصحابة.

و المعروف قصة خالد ابن الوليد في حروب الردة، حين قتل مالك ابن نويرة (الذي كان يشهد أن لا إله إلا الله و يقيم الصلاة)، ثم أخذ زوجته لنفسه، و التي اشتهرت بجمالها و قيل أن خالد كان يهواها قبل الإسلام ؛ القصة واردة في العديد من المصادر الإسلامية مثل "تاريخ الطبري" 2\502 و "النهاية لابن الأثير" 4\15 و "تاريخ أبي الفداء" 18\87 – و من الأخير نقرأ أن خالد (..تقدم إلي ضرار بن الأزور بضرب عنقه فإلتفت مالك إلي زوجته وقال لخالد‏ :‏ هذه التي قتلتني وكانت في غاية الجمال ، فقال خالد ‏:‏ بل الله قتلك برجوعك عن الإسلام‏ ، فقال مالك‏ :‏ أنا على الإسلام فقال خالد‏ :‏ يا ضرار إضرب عنقه‏)؛ و يحكى أن عمر استقبل خالد بعنف قائلا (قتلت إمرءاً مسلماً ثم نزوت على امرأته؟! ، والله لأرجمنك بأحجارك)، لكن أبا بكر دافع عنه باعتبار أن خالد اجتهد فأخطأ- و كالمتوقع لم يعاقبه أحد.

حتى عائشة نفسها كانت تقوم بما قد يفهم على أنه تجارة جنسية بالجواري ؛ حيث نقرأ في "مصنف ابن أبي شيبة- كتاب النكاح- باب ما قالوا في الجارية تشوف ويطاف بها" (عن عائشة أنها شوفت جارية ، وطافت بها وقالت : " لعلنا نصطاد بها شباب قريش")؛ و رواية مشابهة في "مصنف ابن أبي شيبة" - كتاب البيوع والأقضية - في تزيين السلعة (لاحظ العنوان!).

و في كتاب "أخبار مكة" للفاكهي، المتوفي في القرن الثالث الهجري، يذكر أن عادة تجميل الجواري و الطواف بهن مكشوفات في أرجاء المدينة كان عادة عربية، يبدو أنها استمرت بعد الإسلام، كما نرى في سلوك عائشة.

تلك مجرد أمثلة معدودة لإعطاء صورة عامة عن حياة العفة و الفضيلة و الزهد التي كان يعيش فيها الصحابة الأجلاء، على حسب ما يتوهم المسلم المعاصر المسكين – و لاحقا سنتعرض إلى الممارسات النسائية للنبي نفسه.

المقدمة وفهرس الأجزاء

هناك 4 تعليقات:

  1. زواج المتعه كان شكل من اشكال الزواج المتعارف عليها قبل الإسلام فجاء الإسلام وأقرها فى بدايه الأمر ولكن نهى النبى عن هذا الشكل من الزواج فى فتح خيبر وهو ليس بدعاره ياقذر فهذا الزواج يكون بأقرار ولى الأمر وبمهر وشهود بل ولها عده كالمطلقه ولو انجبت ينسب الابن الى المتمتع فشتن بين هذا وبين الدعاره والبغاء ياعاهر وعمر بن الخطاب ليس هو من الغى زواج المتعه بل قد سمع ان هناك بعض الصحابه مازالوا يتزوجون هذا الزواج فنهاهم عن ذلك لأن هذا الزواج حرمه النبى ومن الواضح ان هؤلاء الصحابه لم يصلهم التحريم وقال سيدنا عمر بالنص اذن لنا الرسول فى المتعه ثلاث ثم حرمها وما اعلم احدا يتمتع وهو محصن إلا رجمته اما قوله تعالى (فما استمتعتم بهن فأتوهن اجورهم ) رغم انك ذكرت خلاف المفسرين حول هذه والاغلب انه يقصد بها الزواج التقليدى وما يدعم هذا القول هو القرأن وليس مصادرك قوله تعالى (الذين هم لفروجهم حافظين إلا على ازواجهم او ماملكت ايمانهم فأنهم غير ملومين * ومن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ) فلو كان زواج المتعه لم ينهى عنه لكان ذكر مع الازواج وملكات اليمين ) وحتى لو اباح ابن عباس زواج المتعه فالعبره بالنص وابن عباس اجتهد اخطأ فى حكمه لانه بشر يخطئ ويصيب ويقال انه كان يقراها الى اجل مسمى وهذه اما قراءه شاذه او منسوخه

    ردحذف
  2. الله يلعنكم
    قال تعالى:(یُرِیدُونَ لِیُطۡفِـُٔوا۟ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَ ٰ⁠هِهِمۡ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَـٰفِرُونَ)
    [سورة الصف 8]
    مهما حاولتوا تشويه الإسلام فلن تستطيعوا ولا أحد ينكر أن دين الإسلام هو أسرع دين انتشارا على وجه الأرض لأنه وبكل بساطة (الدين الحق) فلا تحاولوا عبثًا

    ردحذف
  3. الله يلعنكم
    قال تعالى:(یُرِیدُونَ لِیُطۡفِـُٔوا۟ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَ ٰ⁠هِهِمۡ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَـٰفِرُونَ)
    [سورة الصف 8]
    مهما حاولتوا تشويه الإسلام فلن تستطيعوا ولا أحد ينكر أن دين الإسلام هو أسرع دين انتشارا على وجه الأرض لأنه وبكل بساطة (الدين الحق) فلا تحاولوا عبثًا

    ردحذف
  4. الفرق يا حمار يا ابن العبيطة أن زواج المتعة يتوافر فيه الإشهار و تلتزم فيه المرأة بالعدة بعد انتهائه. و هذا ما يجعله غير الزنا يا ابن الهبلة يا مدلس حيث أن الزنا علاقة سرية بين رجل و إمرأة بدون اى ضوابط. و بنفس منطقك المتخلف يمكننى أن ادعى أن الزواج عبارة عن دعارة مقننة حيث يعاشر رجل إمرأة و يقدم لها ثمن ممارسة الجنس معها من مهر و إلتزام بالإنفاق عليها.... بل وتقوم بخدمته فوق كل ذلك. يعنى الزواج اوسخ من الزنا بمنطقة المتخلف يا متخلف.

    ردحذف