الجمعة، 27 يناير 2017

هدم أسطورة دين العفة 8





ثامنا: الختام

أما بعد، فالأصل- كما أشرنا في البداية- أن الجنس هو مسألة خاصة تخضع للحرية الشخصية طالما لا تتضمن أذى للآخرين أو اعتداءا على حقوقهم؛ بهذا المعنى فحتى العري و الإنحلال و الإباحية هو مسألة شخصية، نقبلها أو نرفضها حسب معتقداتنا الشخصية ، و لكن في كل الحالات لا ينبغي لنا فرض معتقداتنا تلك على الغير.

أما الإباحية الإسلامية، فهي تستحق النقد أولا لأنها تتضمن الأذى و الضرر و الإعتداء على الآخرين ، كما أنها - ثانيا - تمتاز بالنفاق و الإزدواجية و الكيل بمكيالين، و بالدناءة و الخسة، و بالظلم و الذكورية.

فالمسلم المتحمس الذي نجد لديه القدرة على إدانة مظاهر الحرية في الغرب العلماني الكافر بكل قوة، مركزا على الحرية الجنسية و التي يسميها إباحية و فجور و فسق..إلخ، نجد لديه في ذات الوقت القدرة على قبول جميع مظاهر تلك الإباحية في دينه، بل و يدافع عنها بكل حرارة، فقط إن تسمّت بأسماء مختلفة.

في الإسلام و التراث الإسلامي وجدنا جميع أنواع الإباحية الجنسية، نكاح محارم- قوادة و نخاسة و بغاء تحت أسماء عديدة- اغتصاب الأطفال و أسيرات الحرب- كشف عورات..إلخ؛ و لكن المسلم متقبل لكل تلك الممارسات و مستعد لتبريرها، فقط لأنها تحمل أسماء إسلامية و لافتات شرعية تحت رضا الله و رسوله.

المسلم يدين الدعارة (دفع المال لامرأة مقابل جنس عابر)، و لكنه مستعد لتبرير ممارسة الصحابة لزواج المتعة، و هو عبارة عن دفع المال لامرأة مقابل جنس عابر!

و المسلم يدين ممارسة الجنس خارج إطار الزواج بين شخصين ناضجين (الزنا) ، و لكنه مستعد لأن يبرر اختطاف فتاة من وسط أهلها بعد قتلهم، ثم القيام ببيعها أو اغتصابها، و يسميه جهادا و ملك يمين و تسري حلال!

المسلم يدافع عن تعدد الزوجات و ملك اليمين و زواج المتعة و دعارة الجنة، و يقدس رجلا نكح عشرات النساء بدون أي إجراءات زواج معتادة ، و لم يترك امرأة إلا طمع فيها، بما فيهن أسيرات الحرب و الأطفال و زوجة ابنه بالتبني و حتى النساء المارات في الطريق، كما كان يأوي في بيته عددا من الزواج يصلح لتكوين فريق نسائي لكرة القدم -  ثم إذا بنفس المسلم يتهم الشخص اللاديني أنه ترك الإسلام لكي يستمتع بالشهوة الجنسية!

المسلم يتحدث عن العفة و المنطق الأخلاقي، بينما هو يدافع عن دين ينكح الصغير و يرضع الكبير!

أما تلك "العفة الإسلامية" و التي تنحصر في الهوس بتغطية النساء بأطنان القماش، فهي أمر لا علاقة له بالأخلاق و إنما بالحفاظ على الملكية ؛ فهذا الدين و هذا الفكر يعتبر أن الرجل هو الإنسان، أما المرأة فهي ملكية و متاع لذلك الإنسان؛ ملكية يجب أن تصان و تحفظ في مكان مغلق حتى لا يعتدي عليها الآخرون!

و هي تصورات نبعت عن بيئة ذكورية بدائية همجية تمنح الرجل مميزات غير محدودة في الدنيا و الآخرية، و على الجانب الآخر تحتقر النساء و تعاملهن بالضرب و الحبس؛ و هي عمليا تقسم النساء إلى قسمين: قسم "المحصنات" التابعات لرجل: زوجته و أخته و ابنته..إلخ، فهو يقيم سجنا لحمايتهن من اطماع الرجال الآخرين، و قسم "المستباحات" و هن الجواري اللاتي يبعن و يشترين بالمال و يستخدمن في الدعارة أو الفقيرات اللاتي لا أهل لهن.

ثم إن تلك الثقافة ظهرت في بيئة تمتلئ بالعهر و الفوضى الجنسية؛ مما أنتج لنا شريعة لا تثق بأخلاق النساء، لأنها صيغت في مجتمع نساءه- كرجاله- لا تستحق الثقة فعلا و ليس لديهن مقاييس أخلاقية واضحة، مما جعل الحل الوحيد هو قمعهن و حبسهن وراء الحوائط و أطنان القماش.

و النتيجة أن المنظومة الفكرية الإسلامية تقوم على تسليع النساء و قمعهن؛ و  يستحيل أن تتناغم مع مجتمع يحترم المرأة و يعتبارها إنسانا أيضا له حقوق كالرجل تماما.

أما في المفهوم الإنساني المعاصر فالمرأة كائن مكتمل مستقل مساوي للرجل، و من حقه أن يختار لنفسه أسلوب حياته تماما كالرجل، و العلاقة بين الطرفين هي علاقة شراكة متساوية و ندية و احترام متبادل، و ليس طرف قوام مالك و طرف آخر مملوك يشتريه و يتحكم فيه كالدابة.

و لهذا نجد أن النظرة العربية إلى الأخلاق مقتصرة على الجنس و ليس غيره ، و النظرة إلى الجنس مقتصرة على المرأة فقط؛ و النتيجة أن أخلاق الشعوب و شرفهم صار في موضع واحد بين أفخاذ النساء؛ طالما هذا الموضع المقدس الملعون مصانا فكل شيء بخير!

و لهذا ترى أن الذكر المسلم العربي التقليدي- أو نسبة كبيرة منهم- قد يتفاخر بمغامراته الجنسية علنا، بينما هو شديد الحرص على قمع نساءه في البيوت و تحت أطنان القماش، و قد يحب وضع نفسه في صورة كازانوفا أو دون جوان، و لكنه حين يريد الزواج يبحث عن فتاة لم تكلم رجلا و لم تخرج من بيتها؛ لأنه لا يبحث عن إنسانة و إنما عن قطعة ملابس أو أثاث غير مستعملة، فهذا يجعل قيمتها أعلى.

و من ثم فتلك النظرة لا تعتبر الرجل عاهرا أو داعرا أبدا، لأنه ذكر فيحق له فعل ما يشاء؛ و لنتصور فقط- كمثال- لو أن سيدة خمسينية وقورة صرحت قائلة أنها تحب من الدنيا "العطور و الرجال"؛ ماذا كان سيقول المسلم عنها؟ بل ماذا لو أن تلك السيدة طالبت الرجال بأن يهبوا لها أنفسهم - ألن تعتبر فاجرة داعرة؟ فلماذا لا تنطبق تلك الصفات على نبيكم أيضا؟ ألأنه ذكر؟

تلك الإزدواجية تظهر أكثر مع الرجل الغني المقتدر؛ حيث نسمع المشايخ يسيرون على نهج محمد، فيطالبون الشباب البسيط و الفقير بالصبر و التعفف و غض البصر و العيش كالرهبان ، بينما هم يتمتعون بالنساء و يعددون فيهن و يستبدلونهن كما يستبدلون سياراتهم أو هواتفهم المحمولة.

و بسبب رسوخ تلك التعاليم المنافقة المتناقضة- بين الكبت و الإنحلال، و بسبب شيوع تلك النظرة الدونية للمرأة، لا عجب أن نجد كوارث جنسية في عالمنا الإسلامي، منها انتشار ظاهرة زنا المحارم و اغتصاب الأطفال، و منها أن مجتمعاتنا المسلمة تسجل أعلى نسبة بحث عن البورن (المقاطع الإباحية) حول العالم، كما تسجل شركات الإنترنت، بما في ذلك مقاطع جماع الأطفال و الحيوانات و غيره من الأمور الشاذة ، و منها أن زيادة معدلات الإغتصاب في بعض البلدان الغربية (شمال أوروبا مثلا) يكون المسئول عنها بدرجة كبيرة هم المهاجرون، و المسلمون منهم على وجه التحديد، حسب ما تقول الإحصائيات- و ذلك ناهيك عن التكرار المأساوي لممارسات استعباد البشر و بيعهم و نكاح المتعة الذي تمارسه المجتمعات الإسلامية في العديد من البلدان.

لا نقول أن تلك الأمور مقتصرة على المسلمين، فهي ظواهر عالمية، و لكن نقول أنها تزداد بشدة عند المسلمين بشكل لا يتناسب أبدا مع ادعاءاتهم المتكررة عن العفة و الشرف..إلخ.

و هكذا نجد السؤال المحفوظ يتكرر على لسان كل مسلم يشاهد فتاة تلبس ملابس متحررة أو تدخل علاقة حب مع شاب..إلخ،  فيتساءل مستنكرا: أترضاه لأختك أو ابنتك؟! على ذلك المسلم أن يتذكر أن في تراثه ما هو أسوأ من ذلك بكثير، فالملابس المتحررة و العلاقات الحرة الناضجة ليست جرائم، طالما لم تتضمن الأذى أو الإعتداء.

و يمكن للسؤال أن يوجه له بالمثل و جريا على نفس الأسلوب : يا مسلم، أنت ترفض أن تتحدث أختك مع رجل، فهل ترضى لأختك أن تتزوج زواج متعة، فيأتيها رجل بقطعة قماش أو حفنة تمر في مقابل أن يقضي معها بضعة أيام، بشرع الله، كما كان يفعل الصحابة؟

يا مسلم أنت ترفض لابنتك أن تخرج دون إذن، فهل ترضى لابنتك أن تكون أسيرة حرب، يختطفها جيش ما و تكون من نصيب أحد الجنود حيث يمارس عليها الجنس غصبا، كما كان يفعل محمد و جنوده بشرع الله؟

يا مسلم أنت ترفض أن تكشف أمك شعرها، فهل ترضى لها أن تكون جارية، تسير عارية الصدر و البطن و الظهر، و يتم ضربها لو حاولت أن تتغطى كما كان عمر يفعل مع الجواري بشرع الله؟

يا مسلم، أنت ترفض أن تقوم نساءك بمصافحة الرجال، فهل ترضى أن تقوم زوجتك أو أمك بإرضاع رجل كبير فلتقمه ثديها، كما أمر محمد أم حذيفة أن تفعل، و كما أمرت عائشة أقاربها بشرع الله؟

يا مسلم، هل ترضى أن تهب أختك نفسها لرجل دون عقد أو شهود أو ولي، كما كان يفعل محمد بالنساء بشرع الله؟ هل ترضى أن تزوج ابنتك ذات الستة سنوات لرجل في منتصف الخمسينات، كما فعل محمد بعائشة بشرع الله؟ هل ترضى أن تطلق زوجتك لأن رجلا آخر اشتهاها، كما فعل محمد مع زينب بشرع الله؟

يا مسلم، أنت لا ترضى لأمك أو أختك أو ابنتك أي شيء تعتقد أنه يخل بـ"شرفك و رجولتك"؛ فهل ترضى لأمك أو أختك أو ابنتك أن تكون إنسانا من الدرجة الثانية؟ و أن يتم ضربها و حبسها كالدواب؟ و أن تسمى عورة؟ أو يقال أنها تقبل في صورة شيطان؟ أو أنها ناقصة عقل و دين؟ أو أنها أكثر أهل النار؟ إن كنت تقبل تلك الأمور فربما عليك أن تراجع مفاهيمك عن الشرف و للرجولة.

و الأسئلة من هذا النوع لا تنتهي؛ و الخلاصة أنه لا يوجد لدى المسلم ما يتفاخر به على غيره من ناحية العفة و الأخلاق، فالحقيقة أن الأخلاق و الفضيلة تقاس بالإنسانية و العدل و الرحمة و احترام النساء و الرجال على السواء، و لا تقاس بكمية قماش التغطية أو مدى القمع و القهر الذي يصبه الرجل- أو الذكر- على "نساءه".

المقدمة وفهرس الأجزاء

هناك تعليقان (2):

  1. السلام عليكم ورحمة الله عذرا أخي في الإسلام . أولا الدين الإسلامي هو دين عفة و ليس كما تقول أنت . والإسلام كرم المرأة وخصص لها سورة في القرٱن الكريم هدا أولا و ثانيا الإسلام لايعترف بزواج المتعة فهو حرام في شرع ونحن في دنيا البلاء كل شخص سيحاسب على أفعاله سواءا جيدا أم سيئة ولتعرف أكثر إقرأ ٱية واحدة من القرٱن الكريم و إفهمها وتفكر فيها وستعلم أن الله واحد ليس له شريك هو من خلقنا من طين من ماء مهين خلقنا لنعبده ولا نشرك به أحد فالله لم يخلقنا لنشر الفحشاء و الرذيلة وقذف بعضنا البعض فالإسلام هو السلام هو المحبة في الله هو الإخلاص هو التعبد لله و حده لا شريك له وقبل أن تشتم أو تهين هذا الدين القيم راجع نفسك لماذا خلقت و لماذا هل خلقت عبثا الله لا يخلق شيئا ما عبثا خلق الجن و الإنس و 7 سماوات والكون كله ليس عبثا كلنا سنحاسب على أعمالنا إكتفي بنفسك و مادا صنعت لٱخرتك و لا تهن أحدا فكلنا سنذوق طعم الموت كل شيئ فان إلا الله سبحانه أستسمح إن لم يعجبك أسلوبي أو كلامي فقط تفكر في أية واحدة و ستفهم أنك على خطأ و الإسلام أعز المرأة و كرمها فهي الزوجة الصالحة المخلصة لزوجها وليس كما في الغرب زوجة شخص وتنام مع 100 شخص هي الأم و الله سبحانه يقول و بوالديك إحسانا .وهي الإبنة و الإسلام يوصي بتربيتها على الخلق الحميدة و الإحسان إليها .ألا يكفيك هذا ..لا تقول كلام قد يخلدك في النار إبحث عن الدليل إبحث عن الحقيقة و أقسم أنك ستفهم أنك أخذت الأمور عن غير حقيقتها تفكر في الكون كيف خلق ...وأرجو منك أن تعود إلى السنة والكتاب لتعرف حق المعرفة الخلق الحقيقية للصحابة فالقرٱن ليس من عند بشر بل هو كلام الله عز و جل و هو شفيع للناس يوم المحشر فالإنجيل و الفرقان و الثوراة ...، كلها كتب سماوية ولكنها تعرضت للتحريف و التزوير و الكتاب اللذي يجب الإقتداء به هو المصحف الشريف و الصحابة الكرام رضي الله عنهم لم يذلو المرأة أبدا ...عذرا لأني طولت في التعليق وقبل أن تنشر أي تظليل تأكد منه وإعطنا دليل علمي على صحة كلامك وشكرا

    ردحذف
  2. السلام عليك ورحمة جلدة الحنفية وبركاتها

    أما بعد أخي في الإنسانية موسى الشهير ب "M80" ، فلقد كنت اشاهد الكثير من الصور الساخرة التنويرية والتي أعجبتني جداً وبحثت عنك كثيراً حتى دلني أحد الأخوان جزته الآلهة كل خير على هذه المدوّنة
    ولكن
    نحن نريدك معنا على تويتر إذا كان لديك المتسع من الوقت ف تويتر يحترم حرية التعبير أكثر من الفيسبوك و يوجد به الآلاف المؤلفة من اللادينيين العرب ..
    ولدينا قروبات كثيرة نستطيع دعمك بها حتى تعتلي منبر تويتر.
    كيف نستطيع التواصل معك بطريقة آمنة ؟

    ردحذف