الجمعة، 2 يناير 2015

جسم الجريمة الدينية





من الأمور الطريفة و المعتادة في عالم الجريمة (المخدرات خصوصا) أنه حين تحاصر الشرطة المتهم فإنه يقوم بابتلاع جسم الجريمة (المخدر الملفوف في ورقة) – بهذا ينجو من الدليل الرئيسي على التلبس
.

ألا يذكرنا هذا بما يفعله المؤمنون "المودرن" حين يقومون بتغيير دينهم بخفة يد و التلاعب بالنصوص و المنطق و التاريخ ، للتملص من جرائمه؟؟؟
 
لا مشكلة عندي طبعا مع محاولات "إصلاح الدين"، و تطويره ليناسب العصر، و لكن المشكلة هي مع التدليس و تحريف النصوص، الذي يقوم به المؤمنون "المعتدلون" أصحاب التفسيرات الجديدة (كالقرآنيين و غيرهم)  ليس بهدف الإصلاح بقدر ما هو بهدف محاولة تبرئة الدين من مصائبه بأثر رجعي، على طريقة : "لا لا أنتم لم تفهموا الدين، و القدماء لم يفهموا الدين، و الفقهاء و المفسرون لم يفهموا الدين..إلخ، فالله أنزل كلاما غير قابل للفهم و انتظر قرونا طويلة حتى آتي أنا لأفسر كلامه!".
 
المسلمون لأكثر من ألف سنة طبقوا  الغزوات و الحروب و توسعوا في دولهم شرقا و غربا، و هم مارسوا الرق و تاجروا في العبيد و استمتعوا بالجواري، و ذبحوا المرتد و رجموا الزناة و أخذوا الجزية من المسيحي و اليهودي و قمعوا النساء و الأقليات باسم القرآن و السنة ؛ ثم حين انقلبت الطاولة و لم يعد لهم قوة على الأرض ، إذا بهم (أو ببعضهم على الأقل) يسارعون بابتلاع جسم الجريمة فورا حتى لا يتم إمساكهم بها: فجأة اكتشف البعض أن القرآن و السنة لا يحتويان على تلك المصائب!.. فجأة اكتشفوا أن الإسلام ليس فيه حد ردة أو زواج أطفال أو ضرب زوجات أو ملك يمين..إلخ، !

أين الجريمة؟ اختفت كالسحر! لا جريمة! نحن أبرياء أطهار و ما حدث هو مجرد سوء فهم بسيط؛ و الأن فلننسى ما فات و لنبدأ صفحة جديدة.

و الذي يستفز البعض أن الأمر لا يطرح على سبيل الإعتذار عن جرائم الماضي المرتبطة بدينه الذي يدافع عنه، بقدر ما هو محاولة صفيقة لإنكارها و التملص منها.

و لكن المشكلة أن ما فات تظل له ذيول تخرب حاضرنا؛ و دون حسم جذر المشكلة لن يكون هناك مستقبل.

مرة أخرى: من الرائع إصلاح الفكر الديني؛ و من المؤكد أن المسلم المعتدل خير و أحب إلى العقل من المسلم الداعشي مثلا ، و لكن المطلوب فقط أن يتم ذلك بقدر أكبر من الصراحة و الجرأة و شجاعة الإعتراف ، و بقدر أقل من التدليس و المراوغة و الإنكار المعاند- فهل هذا صعب؟

بمعنى آخر: عزيزي المسلم المعتدل المعاصر؛ أرجوك أن لا تبتلع لفافة الجريمة و تنكرها ، و لكن اعترف بها و تحمل النتيجة و اعزم على التغيير  – فهذه هي الوسيلة للإصلاح الحقيقي.

هناك تعليقان (2):

  1. ما هذا التناقض الكاتب يدعو المسلم المعتدل الى التعقل والاعتراف بخطأه رغم الحاد الكاتب

    ردحذف
  2. ما هذا التناقض الكاتب يدعو المسلم المعتدل الى التعقل والاعتراف بخطأه رغم الحاد الكاتب

    ردحذف