(لو قلنا أن احتمال وجود الإله من عدمه هو 50:
50 فهذا سيعني أن كلا من المؤمن و الملحد لديهما احتمال 50% أن يكونا على صواب.
و لكن، إن كان الإله غير موجود (الملحد
محق) فهنا المؤمن لن يخسر شيئا بإيمانه، بل كل ما سيواجهه هو الفناء، كالجميع.
أما إن كان الإله موجودا (المؤمن محق) فهنا
الملحد لديه كل شيء ليخسره، بإنكاره للإله، و مواجهته لعقابه).
هكذا تسير الفكرة المسماة، برهان باسكال.
و من المعروف أن كثيرين ردوا على هذه الفكرة
و فندوها و أظهروا سذاجتها بعدة طرق:
1- هناك الآلاف من الآلهة التي عبدت على مر التاريخ،
و بالتالي فموقف المؤمن بإله معين لديه احتمال أقل من 0.1% أن يكون على صواب، مما يجعله
في وضع مخاطرة لا يختلف كثيرا عن وضع الملحد.
2- لو وجد الإله الكامل الرحيم فيفترض أن يكون أكثر
حكمة و عدلا من أن يطلب هذا النوع من الإيمان الإعتباطي ، الذي يجعل المسألة أشبه بلعبة
قمار سخيفة.
3- على عكس ما يزعم الرهان، فالملحد لو كان محقا فلديه
الكثير ليكسبه، و الملحد لو خسر فلديه الكثير ليخسره، و هي الحياة ذاتها و عيشها بحرية
و عقلانية و استمتاع كامل، دون مخاوف أو أوهام دينية.
و أود إضافة طريقة أخرى للرد على الرهان،
من نفس ادعاءه- و عن طريق توضيح مكمن الخلل الحقيقي فيه.
السؤال موجه للباسكاليين: لو قلنا أن احتمال وجود الإله 50% ، فما هو احتمال
أن ذلك الإله يريدني أن أؤمن به؟!
حسب المنطق البحت ، الذي يدعيه الرهان،
فهناك احتمال 50% أن الإله سيريدنا جميعا أن نؤمن بوجوده و سيكافئنا على ذلك ، و أيضا
هناك احتمال 50% أن ذلك الإله لن يريدنا أن نؤمن بوجوده، بل و سيعاقبنا لو آمنا به!
منطقيا هذا وارد أليس كذلك؟
(بالطبع الإحتمالات أكثر من هذا و متداخلة، فمنها
مثلا احتمال أنه لا يكترث، و لكن اخترنا التبسيط، لتوضيح الفكرة)
الباسكالي يدعي دوما أنه يجنب الدين عن
القضية و يحصرها في وجود الإله فقط؛ و لكنه ينسى أن الإله لو وجد فإن رغبته و نيته
هي غيب كامل – ولا يمكن الجزم هكذا، بخفة يد، أنه طالما وجد فإنه أوتوماتيكيا سيريدنا
أن نؤمن به!
من أين جاء الباسكالي بهذه الفكرة: أن الإله
يريد الإيمان به؟
من الإله الديني الإبراهيمي تحديدا – والذي
هو متأثر به دون أن يدري!
أما الإله الإفتراضي المحايد، فلا يمكن
ترجيح رغبته بهذا الشأن!
بالتالي نعود لاحتمالاتنا:
المؤمن هنا لكي يربح فهو يحتاج إلى أن يكون
الله موجودا (50%)، و أن يكون الله راغبا أن نؤمن به (50%) مما يجعل احتمال فوز المؤمن
(و بالتالي خسارة الملحد) 25%.
أما احتمال خسارة المؤمن فهي أن يكون الله
موجودا و لا يريدنا الإيمان به (25%) – هكذا نجد أن احتمال نجاة المؤمن مساوي تماما
لاحتمال خسارته!
أما احتمال نجاة الملحد (و بالتالي عدم
ربحية المؤمن) فتحتاج إلى إما أن يكون الله غير موجود (50%)، أو أن يكون الله موجودا
و لا يريدنا أن نؤمن به (25%)- مما يعني أن احتمال نجاة الملحد (أو عدم ربح المؤمن)
تساوي 75%.
و لو أدخلنا الإحتمالات الأخرى (عدم الإكتراث
أو غيرها) فلن تختلف النتيجة كثيرا: سيظل احتمال نجاة المؤمن مساوي أو أقل من احتمال
نجاته، و سيظل احتمال نجاة الملحد أكثر.
و السر في ذلك أن المؤمن يلعب على احتمال
واحد فقط (أن الله موجود و أنه يريدنا أن نؤمن به، على طريقة إله الأديان)، بينما الملحد
لا تضره جميع الإحتمالات الأخرى.
أي محاولة لمنطقة الإيمان لن تنفع- بما
فيها رهان باسكال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق