لعل المشكلة الكبرى تكمن في أن قصة الإسلام الأولى- سيرة نبيه- انقسمت إلى قسمين لا ثالث لهما: فترة الإضطهاد و فترة التمكين.
فأبرز ما نلاحظه
في حياة محمد الدعوية -كما وصلت لنا- أن نصفها الأول تقريبا قضاه مظلوما خائفا مختبئا
هو و جماعته، و نصفها الثاني قضاه محاربا منتصرا متسلطا مهيمنا.
في تلك السيرة
لا تكاد ترى مرحلة وسطا، عاش فيها المسلمون بندية و تساوي و احترام متبادل مع غيرهم..
هذا ببساطة لا وجود له؛ إما أن يُضطهدوا- بضم الياء- و إما يَضطهدوا- بفتحها.
و ربما هذا هو
السبب الأكبر في أن المسلم، أو لنقل الإسلامي، المتشرب بذلك التراث المقدس، و المتلقيه
على أنه النموذج الأمثل الذي يجب أن تكون عليه الأمور (خير القرون)- هذا الإسلامي بات
لا يعرف غير تلك الحالتين، القمع أو فرض السيطرة، و لا يفهم غير لغة الهزيمة أو النصر-
فلا حلول وسط.
و لكن الهزيمة
و النصر هي مفردات حربية لا مجتمعية؛ و الفارق ببساطة أن الحرب بطبيعتها لا تعرف الحلول
الوسط؛ إما أن تسحق العدو و إما أن يسحقك هو- لا خيار ثالث.
هذا مفهوم في إطار
الحرب؛ أما الحياة المجتمعية العادية فتستلزم التعايش، و الندية، بل و المساومة، و
منح الحقوق و تلقّيها بالتبادل و التنازل عن بعضها لو لزم الأمر، في إطار سلمي هادئ يتعامل مع الآخرين باعتبارهم شركاء في
الوطن - و هذا ما يجد الإسلامي اليوم صعوبة شديدة في استيعابه و فهمه، ناهيك عن تقبّله،
لأنه لا يكاد يجده في تراثه الديني.
و ذلك رغم أن هذا
التعايش موجود في التاريخ الإسلامي -بدرجات متفاوتة طبعا- لكن المؤسف أن الإسلامي المعاصر
لا يعبأ كثيرا بتاريخ حضارته الماضية، إلا فقط على سبيل استلهام مظاهر العزة و المجد..إلخ،
للتفاخر بها أمام الآخرين، تعويضا لبؤس الحاضر- لكن وقت الجد فالمثل و النموذج هو ما
فعله النبي و أصحابه لا غير: و هو لا يحتمل إلا الذل أو السيادة؛ النصر أو الشهادة.
بالتالي فبينما
نرى المسلم قد يتعايش مع الآخرين في أي مجتمع بشكل معقول ؛ لكن الإسلامي المتحمس، الذي
يقرأ القرآن و يقتدي بمحمد، فنراه عاجزا عن ذلك – فهو مازال يحلم بفتح الأرض و الإنتصار
على الكفار، و سيستمر يرى أي إعاقة لحلمه على أنها اضطهاد و ظلم يقع عليه من أولئك
الكفار - فالمسكين قاموسه الديني\الحربي لا
يحتوي سوى هذين العالمين البائسين: مكة و المدينة القرن السابع للميلاد.
و يؤسفني القول
أن هذا يجعل العالم مجبرا على حصاركم في شعاب مكة مضطهدين؛ فهذا أفضل من أن يترككم
تذبحونه في فتوحات جديدة منتصرين- و لا خروج من هذه المعضلة إلا حين يكتشف المسلمون
جميعا وجود الحل الثالث، غير الوارد في نصوصهم المقدسة.
نظرة ضيقة للاسلام ، الا تجد ان الاقوى مهما كان دينه ومعتقده هو الغالب حالياً ، الملحد هتلر كم قتل من الناس والملحد ماو كم قتل؟
ردحذف