في بعض الأحيان، مما نقرأه في النصوص الدينية، و مما نسمعه من كلام رجال الدين و أتباعهم المخلصين، يبدو و كأن الله لم يخلقنا- أو لم نخلقه- إلا من أجل الإهتمام بالجنس في المقام الأول.
صحيح أن الإله العظيم له أدوار و مهمات متنوعة ، تتراوح بين
نصرته لفريقك المفضل لكرة القدم، أو مساعدته لك على إيجاد مفاتيحك الضائعة منذ ساعتين،
أو حتى ككتابة اسمه على السحاب أو الفاكهة بين الحين و الآخر،
و لكن هذه كلها أمور يومية بسيطة و مملة بالنسبة له، و ربما
يكلف بها أحد موظفيه من الملائكة الكثيرين عنده ، و الذين يبدون أحيانا كبطالة مقنعة لا تمثل سوى عبئا زائدا على الميزانية السماوية.
أما ما يشغل بال إلهك حقا و بصدق، و ما يثير شغفه فهو الجنس
و كل ما يتعلق بالجنس!
الوظيفة اليومية الأهم لخالق الكون، و التي يحرص على القيام
بها بنفسه، هو التأكد بأن الكائنات الساعية على هذا الكوكب اللعين لا يمارسون الجنس
بشكل فوضوي و عشوائي.
هنا يبدو الله منشغلا للغاية بما يدور في رأسك ؛ ليس فيما
يخص دراستك أو عملك- لا لا فهذه أمور شخصية تخصك و لا تهمه ؛ حتى أفكارك الكبيرة الوجودية
عن الحياة و الموت و الأديان..إلخ، و حتى عنه هو شخصيا، فقد تأتي في المرتبة الثانية
و قد نهتم بها في وقت آخر - أما الآن فهناك
ما هو أخطر بكثير.
إلهك متابع باهتمام شديد لكل ما تفكر به حول الجنس، و خاصة
لو كنت مراهقا أو مراهقة أو شابا أو شابة - فهو يقوم بنفسه بإحصاء كل خاطرة سيئة تدور
ببالك و كل خيال غير لائق قد يجد طريقه إلى ذهنك ؛ و صدقني كثير مما تفكر به لا يرضيه
بالمرة.
أما لو دفعتك الغرائز السيئة إلى أن تفكر - مجرد تفكير- في
القيام بممارسة يعتبرها الله و المجتمع مشينة و لاأخلاقية، سواء بالإستعانة بأحد أو
حتى بالإعتماد على جهودك الذاتية، فتأكد بأن خالق الكون غاضب كما لم يغضب من قبل!
صحيح أن الله لا يحب القتل كثيرا، خاصة لو تم دون رضاه؛ و
قد اضطر أن يدين تلك الأمور في كتبه المقدسة، رغم أنه على الجانب الآخر مارسها في أحيان
كثيرة بحرق الناس أو إغراقهم..إلخ، و كذلك مارسها العديد من أبطاله المفضلين المسمون
بالأنبياء؛
و لكن مع ذلك فحتى
القتل العشوائي و الحروب الدموية و الإبادات الجماعية و العمليات الإرهابية، مهما كان
عدد الضحايا، فهي لا تزعج الله لهذه الدرجة.
الحروب- المجاعات- الأوبئة- الكوارث الطبيعية- هي أمور معتادة
تأتي و تذهب أمامه منذ آلاف السنين؛ يريها له الملائكة على شاشته السماوية فيقرها حينا
أو يعترض عليها في أحيان أخرى، و لكنه سرعان ما يتثاءب مللا و يأمرهم بأن يؤجلوا هذه
الأمور التافهة إلى وقت آخر، فمشاغل الله كثيرة كما نعلم و لا يمكنه الإهتمام بمنع
جميع الشرور فقط لأجل عيون مقتول ظلما هنا أو ضحية بريئة هناك - ثم إن هذه الكوارث
جزء من الحياة على الأرض، فمال هؤلاء البشر يريدونها جنة؟!
إلا الجنس؛ خاصة لو كان عشوائيا أي دون زواج شرعي ؛ لا شيء
يضايقه مثل هذا، و لا شيء يثير جنونه مثل تلك الكلمة المخيفة المكوّنة من ثلاثة أحرف-
لا يطيق حتى سماعها!
و لكن مهلا، فهناك شيء واحد يغضبه أكثر من الزنا بكثير، حتى
أنه يقع على قمة هرم الأشياء التي لا يطيقها خالق الكون: المثلية، أو الشذوذ.
لقد تمكن من تحمل العمل لستة أيام متواصلة لخلق الكون، احتمل
عبء كتابة ثلاثة كتب مملة و توصيلها إلى رعاة الغنم الصحراويين في كهوفهم ، و تحمل
معصية الشيطان و إهاناته ، و تحمل الكثير و الكثير من غرور البشر و غبائهم و دمويتهم
– و لكنه لسبب ما يجد أعصابه أضعف من أن تحتمل منظر ذكرين يمارسان الجنس سويا! مجرد
تصور هذا يجعله على حافة الإنهيار العصبي (و كذلك يثير غيظه السحاق النسائي و لكن-
لسبب ما- بدرجة أقل بكثير).
هكذا لتأمل أن لا تكون ممن يرتكبون تلك الأمور ؛ فلا يهم
حينها لو كنت أفضل الناس أخلاقا أو أغزرهم علما أو أكثرهم نفعا لمجتمعك..إلخ - كل هذا
لن يشفع لك عنده لو لم يكن سلوكك الجنسي منضبطا.
و منذ زمن و هو لا يدري ما السر في اهتمامه بالجنس؟
هل لأنه الشيء الوحيد الذي لم يتمكن من ممارسته يوما، و بالتالي
صار يثير شغفه بهذا الشكل؟! ربما.
و لقد حاول، و الحق يقال، أن يتغلب على تلك العقدة النفسية
مرارا و بأشكال مختلفة: حاول مرة أن يرسل نبيا بتولا و ابن عذراء، ثم لجأ إلى النقيض
فأرسل آخر مزواجا لا يشبع، و لكن سرعان ما اكتشف أن تعميم أي من التجربتين الإستثنائيتين
سيكون كارثة على المستوى الإنساني و قد تؤدي إلى انقراض الجنس البشري.
فلا مفر إذن إلا الإستمرار في متابعة الحياة كما هي، و تحمل
البشر كما هم - حتى نجد حلولا أخرى.
حتى يصل الله إلى هذا الحل، ستجده مهتما للغاية بأفكارك و
سلوكك الجنسية؛ و ستجد أن من أهم ما يحرص عليه في يومه هو أن أمك و أختك و ابنتك ملتزمات
بالحشمة و الحجاب بشكل دقيق- هذه المهمة المقدسة هي التي تمنحه معنى لحياته.
هكذا ستراه كل صباح يترك كرسيه القابع فوق السماء السابعة
لينزل إلى الأرض و يتفحص أولئك النساء من قمة رأسهن حتى أسفل أقدامهن، ليتأكد بنفسه
أنه لا يوجد أقل جزء من أجسادهن ظاهر للعيان – فلو كانت إحدى نساءك من الإهمال و الرعونة
بحيث أنها وضعت عطرا أو نمصت حاجبيها أو ربما أطلت شعرتين من مقدمة رأسها تحت الحجاب،
فتأكد بأن الله لن يفوته ملاحظة هذا!، فكن حذرا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق