الجمعة، 1 فبراير 2019

الدين نظرية علمية؟





هل وجدت يوما صعوبة في الرد على طرح ما من شدة سخافته وغبائه؟

هو بدأ الكلام بعبارة جميلة : "لكي تكون النظرية علمية لابد أن تكون قابلة للنفي".. ثم حولها بخفة يد إلى : "طالما الشيء قابل للنفي فهو نظرية علمية"!، وشتان بين العبارتين.

فتحولت القابلية للنفي من "إحدى شروط النظرية العلمية"، وهو حق، إلى "العلامة الوحيدة للنظرية العلمية" وهو هراء، فقد يكون الشيء قابلا للنفي دون أن يجعله ذلك نظرية علمية..

"اليوم هو الأربعاء".. "فلان يحبني".. "حذائي أسود اللون".. "جدي مات".. هذه عينة بسيطة من عبارات قابلة للنفي، أي أنها تحقق شرط بوبر، ولكن لا يوجد عاقل يقول أنها نظريات علمية.

إذن فلو سلمنا بأن الدين يحقق شرط بوبر فهذا لا يكفي لجعله نظرية علمية..

ولكن الأهم من ذلك أن الدين بالفعل يخالف شرط بوبر..

النص الديني يمكن تقسيمه بشكل عام إلى عدة أقسام، منها التحليل والتحريم والشرائع (افعل ولا تفعل)، وهذه بطبيعتها أوامر لا تخضع للإثبات والنفي.. (اذكر اسمي ثلاث مرات قبل الأكل- هل هذه عبارة صحيحة أم خاطئة؟! لا هذا ولا ذاك).

وأما القسم الآخر فهو السرد أي الثرثرة المقدسة، ويشمل قصص الخلق وأحوال الأمم السابقة، وهو في أكثره غيب لا يقبل التفنيد (من يمكنه أن يثبت أو ينفي قصة سجود الملائكة لآدم، أو جدال الله مع الشيطان، أو أخذ الله ذرية آدم من ظهره ليشهدهم على أنفسهم..إلخ؟)، وفي بعضه الآخر تاريخ غامض في أغلبه يقع في مجاهل التاريخ التي لا يمكن التيقن منها سلبا أو إيجابا، مثل قصص عاد وثمود وموسى..إلخ، وسائر الأنبياء الذين لم يثبتهم التاريخ.

نعم بعض الأمور التي تناولها النص الديني يمكن إثبات خطأها أو مخالفتها للعلم (وهو ما حصل بالفعل، ولهذا يترك الناس الدين، وهذا ليس موضوعنا على كل حال)، ولكن النسبة الأكبر من الدين تتعلق بالغيبيات والروحانيات التي لا يمكن إثباتها أو نفيها بشكل مباشر، مما يجعله مفتقرا إلى واحدة من أهم شروط العلمية.
على الهامش: كارل بوبر غير موقفه بشأن الإنتخاب الطبيعي واعترف بأنه قابل للتجريب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق