الجمعة، 1 فبراير 2019

الإرهاب الإسلامي: الأرقام والسياق



تعريف الإرهاب

حسب "قاعدة البيانات العالمية الإرهابية" في جامعة ميريلاند، والتي تجمع البيانات حول أكثر من 150،000 حادثة إرهابية منذ 1970، فإن تعريف الإرهاب أنه "فعل عنيف عمدي، أو تهديد بالعنف، من قبل طرف غير حكومي" - مما يحقق على الأقل معيارين من الثلاثة التالية: أن يهدف لتحقيق هدف سياسي أو اقتصادي أو ديني أو اجتماعي - أن يتوفر دليل على وجود نية للإجبار أو الترهيب أو إيصال رسالة أوسع من الضحايا المباشرين - أن يكون خارجا عن إطار القانون الإنساني الدولي..


-----------------------------الإرهاب العالمي

عالميا، ما بين 2006 و2016 تراوحت الهجمات الإرهابية بين حوالي 7 آلاف و14 ألف عملية سنويا..

في 2016 وقعت 11,072 حادثة إرهابية على مستوى العالم، نتج عنها مقتل 25،621 ضحية، وإصابات أكثر من هذا العدد..
وكان نصيب الأسد منها للعراق (حوالي 3 آلاف عملية) ثم أفغانستان (حوالي 1300)..ومن تقرير "للمركز القومي المناهض للإرهاب" لعام 2010 نجد نمطا مشابها: العراق هي الأولى، وأفغانستان هي الثانية..
ويأتي بعد ذلك الهند وباكستان ثم الفلبين والصومال وتركيا ونيجيريا واليمن وسوريا وليبيا ومصر..


-----------------------------

حجم الإرهاب الإسلامي - أوروبا

رغم الإنطباع السائد لدى أكثرنا، ربما بسبب التغطيات الإعلامية، إلا أن العديد من التقارير تشير إلى أن نصيب المسلمين من الإرهاب في الغرب أقل من المتوقع كثيرا..

لنبدأ بأوروبا: وفقا لتقارير يوروبول (وكالة تطبيق القانون الأوروبية) هنا وهنا، فما بين الهجمات الإرهابية التي وقعت في دول الإتحاد الأوروبي ما بين 2009 و2013، فإن نسبة العمليات التي يحركها من التطرف الديني تقدر بـ2% فقط.. أما البقية فلها دوافع عرقية أو قومية أو سياسية..

في 2009 وقع 294 هجوم إرهابي، واحد فقط تم نسبته لمنظمة إسلامية مسلحة..
في 2010 وقع 249 هجوم، ثلاثة منهم فقط اعتبرتها يوروبول إسلاميا..
في 2011 كان هناك 174، ولم يتم اعتبار أي منها مرتبطا بالإسلاميين..
في 2012 وقع 219 هجوم إرهابي، كان هناك ستة منهم ناتجا عن الحافز الديني..
في 2013 وقع 152 هجوم إرهابي بدول الإتحاد الأوروبي، اثنان منهم نتجا عن الحافز الديني..

وفي تنسيق آخر لبيانات يوروبول، نجد أنه في 4 سنوات ما بين 2011 و2014، كانت هناك 746 هجمة إرهابية بدول الإتحاد الأوروبي، منهم 8 فقط محفزة دينيا، وهذا لا يتضمن المسلمين وحدهم..

وقبل ذلك، ما بين 2006 و2010، تم تسجيل 2131 هجمة إرهابية، منها 8 فقط قام بها إسلاميون، وهذا يعني أقل من 0.4%..

-----------------------------

حجم الإرهاب الإسلامي بأمريكا

أما في الولايات المتحدة، فيبدو أن الإرهاب الإسلامي يحصل على نسبة أعلى قليلا مما هو حاله بأوروبا، ولكن تظل هناك جهات أخرى تفوقه بكثير..

فقد أصدر مكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكي (إف بي آي) تقريرا عن الهجمات الإرهابية التي وقعت على أرض الولايات المتحدة فيما بين عامي 1980 و2005 (ربع قرن)،

وقامت إحدى المدونات (تنسب أحيانا لجامعة برينستون) بتصنيف بيانات التقرير، لتقسيم الجهات المسئولة عن تلك الهجمات الإرهابية، وكانت النتائج كالتالي:

جهات لاتينية - 42%
أجنحة يسارية متطرفة - 24%
جهات شيوعية - 5%
متطرفون يهود - 7%
متطرفون إسلاميون - 6%
جهات أخرى - 16%
هذا يعني أن 94% من الهجمات الإرهابية في ربع قرن ليست لها علاقة بالمسلمين، كما يتضح هنا وهنا وهنا..


-----------------------------
على الجانب الآخر هناك من قام بالتشكيك في دقة هذا الجمع وتلك التصنيفات.. وأعاد حساب نفس البيانات (للإف بي آي) بالتركيز لا على عدد الهجمات وإنما على عدد الضحايا، ليخلص إلى نتيجة معاكسة مفادها أن المسلمين مسئولون عن 94% من الضحايا (نفس النسبة السابقة ولكن معكوسة!).. ولكن الكاتب يعود فيشير إلى أن ما يجعل الأرقام هكذا هي حوادث 11 سبتمبر تحديدا..


-----------------------------
وفي تقرير آخر تم تسجيل 2400 هجمة إرهابية بالولايات المتحدة من 1970 حتى 2012، وكان المسلمون مسئولون عن 60 فقط منها، أي 2.5%..

بصيغة أخرى، فالأمريكيون المسلمون مسئولون عن مقتل أقل من 0.0002% من ضحايا القتل بأمريكا في تلك الفترة..

بل يقال أنه في عام 2013، كان احتمال أن يتم قتلك على يد طفل رضيع أكبر من احتمال قتلك على يد إرهابي، حيث مات ثلاثة أشخاص في تفجير ماراثون بوسطن، بينما بنفس العام تم قتل خمسة أشخاص بالرصاص بشكل خاطئ على أيدي أطفال يمسكون بالسلاح..

كما قيل أن احتمال موتك بسقوط ثلاجة عليك أكبر من احتمال مقتلك في هجوم إرهابي..

-----------------------------

وقد صدر تقرير عن "إرهاب المسلمين الأمريكيين في 2013" من بروفيسور علم اجتماع من جامعة كارولينا الشمالية، ذكر أنه منذ 11\9 وحتى 2013 فإن إرهاب المسلمين الأمريكيين مسئول عن مقتل 37 ضحية فقط ، من بين 190,000 قتيل في تلك الفترة..

وللمقارنة، ففي عام 2013 وحده نتج عن حوادث القتل الجماعية بأمريكا أكثر من ثلاثة أضعاف ذلك العدد من الضحايا..


-----------------------------
وفي مقال نشرته سي إن إن عام 2010 (وتم تحديثه في 2018) بعنوان "دراسة: تهديد إرهاب المسلمين الأمريكيين مبالغ فيه"، تحدث عن دراسة من جامعة ديوك وجامعة كارولينا الشمالية، بتمويل من وزارة العدل الأمريكية، وجدت أنه في السنوات الثمانية التالية على حادث 11 سبتمبر 2001 ، فإن عدد المسلمين الأمريكيين المطلوبين أو الذين تم إدانتهم أو قتلهم في حوادث إرهابية يقدر بـ139 شخصا فقط (بمعدل 17 شخصا في العام)..

-----------------------------
الإرهاب غير الإسلامي بأمريكا

على الجانب الآخر هناك قائمة مما يسمى "الإرهاب المحلي" في الولايات المتحدة، وهي الجهات التي ترتكب هجمات إرهابية داخل الأراضي الأمريكية، من ذلك هجمات الإرهاب المناهض للإجهاض، والإرهاب المناصر للبيئة وحقوق الحيوان، كما هناك قائمة من المنظمات المتطرفة، بعضها تم القضاء عليها وبعضها ماتزال تعمل، منها منظمات شيوعية ماركسية مثل "جبهة الحرية المتحدة"، ومسيحية متطرفة، مثل منظمة "جيش الرب"، وقومية أو عرقية أو عنصرية، مثل الكوبية "أوميغا 66"، والنازية مثل "الأمم الآرية" والسوداء مثل "جيش تحرير السود" وبيئية حقوقية مثل "جبهة تحرير الحيوانات" ويهودية مثل "عصبة الدفاع اليهودية"، وغيرها، وجميعها ارتكبت وترتكب عددا من الإغتيالات والتفجيرات..

-----------------------------
الإرهاب اليهودي
ولنلقي نظرة- مثلا- على الإرهاب اليهودي، قد يظن القارئ أن الفاعلين هم مجرمون صادف كونهم يهودا، ولكن الحقيقة أنهم يهود متطرفون في يهوديتهم، يمارسون إرهابا له دوافع قومية\دينية.. ومن أشهر النماذج على ذلك هي المنظمة المسماة "عصبة الدفاع اليهودية"، والتي صنفها الإف بي آي عام 2001 على أنها مجموعة يمينية متطرفة، وهي مجموعة عصابات يهودية عنصرية كانت تستهدف- بالقتل والتفجير- جميع من تراهم أعداء لليهود داخل الولايات المتحدة، خاصة العرب والسوفييت، وتنوعت أهدافها ما بين أهداف تجارية أو تعليمية أو دينية..

وفي تقرير عام 1999 اعتبر المنظمة واحدة من أنشط المجموعات الإرهابية داخل الولايات المتحدة،
-----------------------------
عن التغطية الإعلامية
وبسهولة يمكن ملاحظة أن الأرقام السابقة تتناقض بشدة مع الإنطباعات السائدة لدى كثير من الناس، وربما السبب يكون في التغطية الإعلامية..

قام باحثون من جامعة جورجيا بتفحص التغطية الإعلامية لنحو مائة عملية إرهابية وقعت بأمريكا في خمس سنوات، وكانت النتيجة باختصار أن الحادث سيحصل على المزيد من التغطية إن كان الفاعل مسلما، خاصة لو كان أجنبيا، وذلك بالمقارنة مع العمليات الإرهابية المحلية التي يقوم بها مواطنون أمريكيون..

فرغم أن الهجمات التي قام بها مسلمون لا تتعدى ثُمن مجمل العمليات (12% تقريبا) فإنها قد حصلت على نحو 44% من التغطية الإعلامية..

وبفحص المقالات التي خصصت لكل من الهجمات الإرهابية، وجدوا أن الهجمة التي يقوم بها مسلم تحصل على نحو 91 مقالا في المتوسط، وأما التي يقوم بها مسلم أجنبي المولد فتحصل على 193 مقالا، وذلك بالمقارنة مع الهجميات المحلية الأخرى والتي تحصل على 18 مقال..

ويخلص التقرير إلى أن تلك التغطية المنحازة تساهم في إشعار الأمريكيين بالخوف من المسلمين..

لكن البعض يرى أن ذلك الخوف مبالغ في حجمه، فعلى مدار الـ15 عاما المنصرمة فإن احتمال موتك في حادثة إرهابية إسلامية بأمريكا هو 1 من 2,640,000،
بينما احتمال مقتلك بصاعقة برق هو 1 من 161،000 ، أي أكبر بـ16 ضعف..
وأما احتمال مقتلك في حادث سيارة فهو 1 من 114..


----------------------------
حجم الخطر
يرى البعض - مستشهدا بأرقام- أن خطر الإرهاب عموما يتم تضخيمه في الولايات المتحدة..

وقد ذكرنا أنه- في بعض التقديرات- فإن احتمال مقتل إنسان بسبب الإرهاب يقل أحيانا عن احتمال مقتله في حادث سيارة، أو على يد طفل، أو بسقوط ثلاجة، أو بصاعقة برق..
ونفس الشيء ينطبق على مقارنات مماثلة، حيث يقل احتمال خطر الموت بالإرهاب- بآلاف وأحيانا بعشرات آلاف من الأضعاف- عن خطر الموت بكل من أزمة قلبية أو بالسرطان أو في حادث طائرة أو قطار أو غرقا أو انتحارا، كما يقل عن احتمال الموت بسبب شرب الخمور أو بسبب حرارة الجو، أو بسبب الإيدز أو البدانة أو الأخطاء الطبية التي يمكن تلافيها..

وكمثال، ففي 2011 كان عدد من ماتوا من جراء الأمراض القلبية بأمريكا هو 596،339 إنسان، فكم كان عدد المواطنين الأمريكيين الذين تم قتلهم على يد الإرهابيين حول العالم كله؟ 17 شخصا، كما أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية..

أما من تم قتلهم على يد الشرطة في نفس العام فكانوا 55 شخصا، وهذا يعني أن احتمال مقتلك على يد شرطي يفوق احتمال مقتلك على يد إرهابي، بنحو تسعة أضعاف..


----------------------------
هل هذا يعني أن المسلمين ليس لديهم مشكلة إرهاب؟
حتما لا، فأكثر ما سبق كان تركيزنا فيه على الإرهاب في الغرب (الولايات المتحدة ودول الإتحاد الأوروبي)، وهناك يجب الإعتراف فعلا أن الخطر الإرهابي الإسلامي مبالغ فيه، كما تقول الأرقام..

ولكن في أماكن أخرى يختلف الوضع، فلو ركزت على ما يحدث في إسرائيل مثلا فربما تعتقد أن الإرهاب اليهودي هو الأسوأ، ولو ركزت على بورما ربما تظن أن الإرهاب البوذي هو الأسوأ..إلخ، ولكن حين نرجع إلى المنظور العالمي يبقى ما ذكرناه أول المنشور، أن الإرهاب الإسلامي تأثيره الأسوأ، ولكن في الدول الإسلامية، لا الغرب، حيث وقعت أكثر الهجمات في العراق وأفغانستان وباكستان..

على سبيل المثال في أحد التقارير المذكورة نجد أنه في عام 2010 راح ضحية الإرهاب نحو 13,303 إنسان، تم قتل أكثر من ثلثيهم (9092، أي نحو 68%) على أيدي إرهابيين مسلمين..

وكما نقلت الغارديان عن "تقرير الإرهاب العالمي" ، أنه في عام 2013 تم تسجيل مقتل نحو 18،000 حالة قتل نتيجة الإرهاب، كانت الأكثرية منها (66%) منسوبة فقط لأربع مجموعات: "الدولة الإسلامية بالعراق والشام" (داعش)، "بوكو حرام" في نيجيريا، "طالبان" في أفغانستان، و"القاعدة".. كما أن أكثر من 80% من ضحايا الإرهاب في 2013 كانوا في خمس دول فقط، هي العراق وأفغانستان وباكستان ونيجيريا وسوريا..

وبالمقارنة مع السنوات السابقة، نجد أن نسبة الإرهاب القومي والسياسي ثابتة، بينما ما يزداد هو الإرهاب المستند على دوافع دينية، وذلك خاصة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق آسيا..

فعدد الهجمات القادمة من مجموعات انفصالية وقومية ظل ثابتا، بينما ازداد الإرهاب الناتج عن التطرف الديني، ويرجع ذلك إلى تنامي المنظمات الإسلامية في الدول الخمس المذكورة..

فقط 5% من ضحايا الإرهاب وقعت في دول "منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية" (والتي تشمل غالبا الدول الغربية)..

وفي تقرير "للإتحاد الوطني لدراسة الإرهاب والإستجابة للإرهاب"، والمستند إلى بيانات تقرير "قاعدة البيانات العالمية الإرهابية" المذكورة، يؤكد بوضوح تزايد الإرهاب الإسلامي، بالمقارنة مع الإرهاب القومي والأيديولوجي، مشيرا إلى أن إرهاب المتطرفين اليساريين كان أكثر نشاطا في أواخر الستينات وأوائل السبعينات من القرن العشرين، وأما إرهاب اليمين المتطرف فقد كان أكثر نشاطا في التسعينات، ومنذ 11\9 فإن أكثر الإرهابيين كانوا الإسلاميين المتطرفين، والذي يميل إلى كونه أكثر تماسكا وتنظيما من التطرف اليميني واليساري..

والأكثر أهمية هنا أنه فيما يخص المتطرفين اليمينيين واليساريين، فإن المعتقدات والممارسات الدينية كانت متناسبة عكسيا مع استخدام العنف (كلما ازداد الشخص تدينا كلما تراجع استخدامه للعنف) بينما في حالة الإسلاميين كان الوضع معكوسا، فقد كان التدين هو الحافز الأكبر لاستخدام العنف..

-----------------------------
الخلاصة: الإرهاب الإسلامي في الغرب مبالغ في تأثيره، فالحقيقة أن أنواع الإرهاب الأخرى القومية والسياسية تفوقه بكثير..

ولكن على الجانب الآخر فالإرهاب الإسلامي في بلاد الإسلام خطير ويتزايد، وهذا العنف المحلي هو ما يرجح كفة مساهمة المسلمين في الإرهاب على مستوى العالم..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق