الجمعة، 1 فبراير 2019

الولاء والبراء المسيحي



ينهى القرآن المسلمين عن إقامة ولاية (صداقة أو تحالف) مع الكفار اليهود و النصارى، فيقول (لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ۗ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ۗ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) آل عمران 28 (ومعنى "تتقوا منهم تقاة" أي أنه يجوز لكم ولايتهم فقط حين تكونون في موقف ضعف؛ هذا ما جاء في التفسيرات- مثلا ما قاله الشعراوي: أنت لا تتخذ الكافر وليا إلا إن بانت لك مظاهر القوة فيه، ومظاهر الضعف فيك).
ويقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) المائدة 51.
مثل تلك النصوص هي التي أفرزت ما يسمى "عقيدة الولاء والبراء"، ومعناها باختصار أن يرتبط المسلمون ببعضهم البعض، ويتبرأون من صداقة الآخرين.
وكثيرا ما نسمع استنكارا وإدانة لتلك العقيدة المتعصبة، والتي تتجلى في مظاهر عديدة منها قضية زواج المسلمة بمسيحي - والتي تمنعها الشريعة على الرغم من سماحها- بكل نفاق- بحدوث العكس.
ولكن ما لا يدركه كثيرون هو أن المسيحية تحتوي عقيدة مشابهة، تتجلى في نصوص عديدة، لعل أشهرها ما جاء على لسان بولس الرسول ينهى المؤمنين عن الدخول في شراكة مع الكفار (زواج أو غيره)، فيأمرهم قائلا (لا تكونوا تحت نير مع غير المؤمنين لانه آية خلطة للبر والاثم واية شركة للنور مع الظلمة. واي اتفاق للمسيح مع بليعال (الشيطان) واي نصيب للمؤمن مع غير المؤمن؟) كوؤنثوس الثانية 6: 14,15.
في تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي نقرأ ( يحذرهم الرسول من الشركة مع الأشرار غير المؤمنين... هنا يطلب رفض الشركة معهم في عبادتهم وفي السلوك في الإثم وأعمال الظلمة... هذا وبالأكثر يقصد الرسول أيضا الزواج بغير المؤمنين... يقول الرسول: "أية شركة بين النور والظلمة"؟ حيث يوجد تناقض فاصل، ولا يمكن المصالحة بين النور والظلمة. فالشخص الذي يشترك في الاثنين معًا لا يساهم في شيءٍ، لأجل تعارضهما... حيث أنه من الاستحالة ومن غير المعقول أن يتوافق النور والظلمة، فالشخص الذي يضم الاثنين معًا يصير عدوًا لنفسه، إذ ينقسم إلى طريقين بين الفضيلة والشر).
وفي تفسير القس أنطونيوس فكري نقرأ (الرسول يتكلم هنا بصفة خاصة عن الزواج، ولكن هذه الآيات تفهم أيضًا على أنها عن أي شركة عميقة مع الوثنيين، كالتناول من على موائد الوثنيين أوالاشتراك في عاداتهم غير الأخلاقية أو الزواج من أولادهم.. لا تكونوا تحت نير = النير هو ما يربط حيوانين، ولا يمكن ربط ثور قوى مع حمار ضعيف (هذا ممنوع بحكم الشريعة.. ولاحظ أن الثور هو من الحيوانات الطاهرة إشارة للمؤمن، والحمار هو من الحيوانات غير الطاهرة إشارة للوثني).. بليعال = الكلمة الأصلية تشير لمن هو بلا فائدة أي بطال وأصبحت اسم شهرة للشيطان. إذًا عليكم أن لا تقيموا علاقات وثيقة مع غير المؤمنين كالزواج مثلًا. لأنه في هذه الحالة يقع المؤمن تحت نير العلاقة الزوجية مع غير المؤمن، فلا يستطيع أن يباشر العبادة الروحية بالصورة التامة. فإمّا نفتح قلوبنا للمسيح، وإمّا أن نفتحها لإبليس، ولا شركة بين المسيح وإبليس، فلكل منهما خططه التي لا يمكن التوفيق بينها. فكيف نخدم كلاهما في نفس الوقت).
فكل دين يرى أنه الحق المطلق، وبالتالي يحرص على عدم "تنجيس" أتباعه عن طريق الإختلاط مع أهل الديانات الأخرى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق