الجمعة، 1 فبراير 2019

طعم الشر



نسمع مثل هذا كثيرا في معرض الدفاع الديني عن الإله خالق الشر، أوالسامح به..

لا أدري.. هل سيكون للحياة طعم بدون الألم والمعاناة؟ بدون وجع وعذاب وحرق؟ هل سيكون لها طعم بدون الكراهية والخيانة والغل والحقد والحسد والقسوة والذل والهوان؟

هل سيكون لها طعم بدون الزلازل والبراكين والعواصف والتسونامي التي تغرق وتحرق وتقتلع البيوت من أسسها أو تهدمها على رؤوس ساكنيها؟

هل سيكون للحياة طعم بدون الحيات والعقارب والديدان؟ بدون الفايروسات والأوبئة والسرطان والإيدز؟ بدون الحروب والدمار والأسلحة الكيماوية والقتل والتشويه والتشريد والتهجير والتيتيم والترميل؟


بدون المجاعات ومشاهدة الإنسان لأهله وأبناءه يتضورون دون أن يملك لهم شيئا؟ بدون التشوهات الخلقية؟


هل سيكون للحياة طعم بدون اغتصاب أطفال؟ بدون أدوات تعذيب؟ بدون حيوانات تفترس بعضها البعض لتأكل؟
ما أدراني؟ ربما احتاج الله أن يجعل للحياة معنى ومغزى عن طريق الألم، مثل رش بعض الملح على الطعام.. ولكن كواحد من المتألمين، أو على الأقل أشاركهم في النوع والكوكب، يحق لي أن نسأل: ألم يكن بإمكانه أن يخفف الألم قليلا؟


هل كان الطعم سيفسد لو أنه فقط- فقط- جعل تشوهات ولادات الأطفال أقل قليلا؟ لو أنه جعل عددا أكبر من الأطفال يولدون أصحاء بدون أطراف ناقصة أو ثقب في القلب أو سرطان يلتهم لحومهم؟ هل سيفسد معنى الحياة بدون هذا الكم من دموع الأطفال وعذابهم؟


ويا من تؤمنون بالجنة، هل تعتقدون أن الشر حقا وهم لا وجود له (فهو مجرد غياب الخير، كما ترددون في سفسطة صفيقة بليدة) أو أنه نتاج عمل الإنسان (وكأن الغابة تخلو من قسوة وألم، أو كأنه لا يوجد أمراض من صنع الطبيعة ، صنعنا نحن دواءها، أو كأن خالق الإنسان ليس مسئولا عن أفعال الإنسان، إلا الخير منها طبعا)، أو تعتقدون أن الشر ضروري لنشعر بالخير، حتى أنكم حين تدخلون جنة أديانكم بعد الموت، ستشعرون بالملل وتفتقدون الشعور بالخير (فالأشياء تتميز بضدها كما ترددون) إلى درجة أنكم ستقيمون مظاهرة غاضبة تنقمون فيها على تلك الجنة التي تخلو من الألم والعذاب، وتطالبون ربكم بأن يمددكم بقليل من الكوليرا أو الطاعون أو يرسل عليكم بركانا بين الحين والآخر، لكي تشعروا بحال أفضل؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق