الثلاثاء، 1 يناير 2019

من القمع إلى الملل



أعداء الحرية ببلادنا انتقلوا - بسرعة البرق- من مرحلة المطالبة بقمع الملحدين أو المثليين أو العابرين جنسيا حتى النساء والوقوف ضد حقوقهم ، إلى مرحلة الملل منهم : أوكي يا شباب عرفنا أنكم مثليون أو ملحدون: صدعتونا بميولكم ورغباتكم، أنتم أحرارا وما حد مانعكم أن تفعلوا ما تريدون، فارحمونا من منشوراتكم..

لا أيها الكذبة أو المغيبين: هم ليسوا أحرار، وهناك من يمنعهم ويقهرهم بالتهديد والتنمر والمطاردة والسجن وأحيانا القتل..

إن كلمات مثل "صدعتونا، ارحمونا من منشوراتكم" تكون مناسبة لو أن المثليين أو المرتدين أو حتى امرأة تريد خلع الحجاب- لو أنهم حصلوا فعلا على كامل حقوقهم، ثم إذا بهم يتسلون بالإعلان عن أنفسهم من باب الإستفزاز حتى أصابوا فخامتك بالملل ورأسك الشريف بالصداع..

ولكن هذا لم يحصل ببلادنا، فتلك الفئات وغيرها ماتزال مقهورة ممنوعة من ممارسة حرياتها، فأقل حقوقهم الطبيعية أن يعلنوا عن أنفسهم ويثبتوا وجودهم من خلال المنبر الوحيد المتاح وهو ساحات التواصل الإجتماعي..

ولا يمكنني التفكير في سلوك أكثر انحطاطا ونفاقا من شخص لم نسمع أنه يشعر بأي انزعاج من قهر الآخرين، ولكنه - المسكين- يصاب بالصداع حين يعبر المقهورون عن حقوقهم ويمارسوا جزءا ضئيلا من حرياتهم..

لم يطلب أحد مساعدتك، ولن يلومك أحد على كونك مغيب عن مصائب مجتمعك وكأنك تعيش بكوكب آخر، ولكن على الأقل يمكنك أن تحتفظ بشرف أن تخرس ولا تقف عثرة بوجه من يطالبون بحريات مفقودة..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق