الثلاثاء، 1 يناير 2019

حوار لاهوت من طرف ثالث



من المتع الدينية التحشيشية حين ترى المؤمنين في مناظراتهم يتجادلون في الغيب بكل حماس..


يقول المسلم: يا نصراني هل يعقل أن الله ثالث ثلاثة؟


كملحد، سأسمح لنفسي بالإنحشار بينهما (لن أزيد الأمور بينهما سوءا على كل حال)، وبإزاحة النصراني جانبا (صار لكم ألفين سنة تتكلمون) وسأجيب بدلا منه:


نعم يا مسلم يعقل.. كما يعقل أن الله واحد بنظرك، فيعقل أنه ثلاثة أو خمسة أو 534633 إله، ربما تأتي في شكل أقانيم كما يؤمن المسيحي، أو في شكل آلهة تعددية كما يؤمن أخوكم الوثني الذي قضيتم عليه قبل أن تتفرغا لحرب بعضكما..


الآن سأسمح لنفسي بإزاحة المسلم وإكمال النقاش مع نفسي، فأسأل وأجيب.. (صار لكم 1400 سنة تتكلمون)..


وأسأل: يا مسيحي (لن أستخدم الكلمة الأخرى التي تكرهها) هل من المعقول أن الله يتجسد؟

وأجيب بالنيابة عن النصرا.. عفوا، المسيحي : نعم معقول جدا، فكما تؤمن أن الله له يد ورجل ويجلس على عرش (أيا كان معنى ذلك)..


هل من المعقول أن الله يضرب ويتألم؟

نعم يعقل، كما يعقل أنه يغضب وينتقم..


هل من المعقول أن الله يموت؟

نعم، من المعقول أن يموت بل وينتحر لو شاء، كما من المعقول أنه يقتل (فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم)..


ويمكن عكس الأدوار، فيتساءل المسيحي مستنكرا: يا مسلم هل يمكن لله أن يقتل؟

وسأجيب بالنيابة عن صديقي المسلم: نعم يا مسيحي، كما يمكن له أن يتجسد وينتحر على الصليب..


ونكمل: يا مسلم هل يمكن للإله أن يكره أحدا؟

نعم يمكن، كما يمكن له أن يحب.. فمن قال أن الحب أليق بالإله من الكراهية؟

وما دخل الله في المنطق على كل حال؟!


يا صاحبي السجن: الواحد والثلاثة مجرد أرقام، والقتل والموت والحب والكراهية هي مشاعر وأفعال بشرية كلها تتطلب النقص.. وبالنهاية الله غيب مجهول، ويفترض - كما تقولون- أنه خارج أحكام البشر، وهذا يعني أن أي شيء أقوله يمكن أن ينطبق عليه، طالما لا يتعارض مع تصوري الخاص، فأنا هنا (أي مؤمن) هو الخصم والحكم..


هل تعلم لماذا؟ لأنه ليس لدينا كبشر صورة مرجعية عن الله أصلا، لنقول ما ينبغي له وما لا ينبغي..


وهذا لا يعني أنني أنحاز للإله المسيحي الفصامي المصلوب، كما لا أنحاز للإله اليهودي العنصري أو الإله العربي شيخ القبيلة.. ولكن لا تكلمني عن المنطق مع الإله، تلك الصورة الذهنية البعيدة، فطالما لا توجد مرجعية موحدة يحق لكل إنسان أن يفتي بما شاء.. يمكنني أن أجعل الله جبارا شريرا، أو مطربا رومانسيا، يمكن أن أجعله يضحك أو يبكي أو يمارس الجنس أو يرقص أو يخبز الفطائر .. و لأن الله مجرد فكرة، فلن يمكنك إثبات خطأ أي شيء أقوله عنه..


ولأن اللاهوت والفلسفة الدينية هي مجرد ثرثرة كلامية سفسطائية تصلح لإثبات أي شيء، فيمكنني أن أجعل كل الصفات السابقة لا تتعارض مع الكمال والهيبة الإلهية العظيمة..


باختصار يا صاحبي السجن، إن ربكما العزيز هو شبح مرن إلى درجة المطاطية، يمكنني أنا وأنت تشكيله كما نشاء.. حسب النصوص لكن أيضا حسب الخيال والرغبة.. فإن ذلك الخالق العظيم هو بالنهاية ملكنا جميعا..


ومن صفات الأطفال اللطفاء المهذبين أنهم لا يدعون صورهم التخيلية المتناقضة تثير العداوة فيما بينهم..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق