الثلاثاء، 1 يناير 2019

غزوة بدر والرؤيا الكاذبة





المكان: يثرب
الزمان: بعد الهجرة
الظروف المالية والإقتصادية للمهاجرين ليست جيدة أبدا..

ويبدو أن ترتيب الأحداث جرى على شبه هذا النحو:

1- سمع المسلمون عن قافلة لقريش عائدة من الشام بقيادة أبي سفيان، غنية بالمال قليلة الحراسة.. بدأ محمد في إغراء الصحابة بالتسلح والخروج لاعتراض طريق تلك القافلة ونهبها.. فانطلقت العصابة من يثرب طامعة في تلك الغنيمة السهلة..

2- بلغ قريش الأمر، ولكن القافلة كانت قد انطلقت بالفعل، فكان الحل في إرسال نذير إلى أبي سفيان يحذره من هجوم محمد، وبنفس الوقت تم إطلاق جيش كبير (ألف رجل) ذاهبا إلى يثرب لينقذ الموقف وضرب تلك العصابة المزعجة..

3- وصل ذلك لمسامع جيش المسلمين، فالآن صار لدينا وضعا يشبه مطاردات السيارات المعقدة في أفلام هوليوود: حيث هناك مجموعتين متحركتين لقريش: قافلة أبو سفيان الغنية قليلة الحراسة (تسمى العير)، والجيش الكبير المسلح (النفير).. وكانت عصابة محمد مزعزعة بين الطمع في لقاء الأولى، والخوف من الثانية..

4- في تلك الأثناء كان أبو سفيان الماكر قد قرر تغيير مسار قافلته بعيدا عن مكان جيش محمد، وانطلق في مسار آخر.. وبنفس الوقت كان جيش قريش يقترب من موقع المسلمين.. فكانت المواجهة حتمية رغم خشية العصابة المحمدية، مع النفير المسلح..

5- حدثت المواجهة وانتهت بمفاجأة : انتصار المسلمين على الجيش الأكبر..

6- بعد المعركة عادت العصابة مع نشوة النصر مع بعض جدالات حول الغنائم وغيره..
--------------------

وهنا نزلت آيات من سورة الأنفال، تحكي القصة :
كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ - يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ - وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ..

من هنا يتضح أن العصابة كانت متخوفة من قتال قريش، كما كانوا طامعين في الغنيمة.. كما يذكر أن محمدا وعد المؤمنين بأنهم سيلتقون بواحدة من الطائفتين: العير أو النفير..

ولكن الواضح أن هذا الوعد قد صدر بعد الخروج إلى القتال.. وهو ما تؤكده السيرة:
فحين نرجع إلى الروايات نجد أن المسلمين حين خرجوا أول مرة، لم يكن هناك أي نية للقتال، وهذا طبيعي لأن جيش قريش لم يكن قد خرج بعد..

فنقرأ من تفسير الطبري "عن عبد الله بن عباس, قالوا: لما سمع رَسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي سفيان مقبلا من الشام, ندب إليهم المسلمين, وقال: هذه عير قريش فيها أموالهم, فاخرجوا إليها، لعل الله أن ينفِّلكموها! فانتدب الناس, فخفّ بعضهم وثقُل بعضهم, وذلك أنهم لم يظنوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقى حربًا..

كما نقرأ من صحيح البخاري- كتاب المغازي- باب قصة غزوة بدر : "إنما خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - يريد عير قريش " أي ولم يرد القتال"..

والمعنى باختصار أن محمد وعد عصابته أولا بأنهم سيحصلون على القافلة الغنية قليلة الحراسة، فلما تغيرت الأوضاع وخرج الجيش الآخر واضطرهم للمواجهة غير كلامه وبرر كذبته قائلا لقد وعدكم الله بإحدى الطائفتين..

ونأتي إلى الآية الفضيحة:
إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ..

في مرحلة ما، غالبا بعد الخروج للحرب، وقبل اتضاح المواجهة ، أخبر محمد رجاله بأن الله ألهمه في المنام رؤيا تفيد بأنهم سيواجهون عددا صغيرا، وكان ذلك كفيلا بتشجيعهم على القتال.. ولكن انقلاب الأحداث سبب إحراجا لمحمد، فكان التبرير لهذا هو: لقد أراه الله أن يري نبيهم العدد قليلا حتى تتشجعوا على القتال!

والمعنى أن الله يمكن أن يكذب على نبيه، حتى يخدع المؤمنين- الجبناء الطماعين- ويدفعهم إلى القتال..

نقرأ ذلك من تفسير الطبري "يقول تعالى ذكره: وإن الله، يا محمد، سميع لما يقول أصحابك, عليم بما يضمرونه, إذ يريك الله عدوك وعدوهم " في منامك قليلا "، يقول: يريكهم في نومك قليلا فتخبرهم بذلك, حتى قويت قلوبهم، واجترأوا على حرب عدوهم، ولو أراك ربك عدوك وعدوهم كثيرًا، لفشل أصحابك, فجبنوا وخاموا, ولم يقدروا على حرب القوم, ولتنازعوا في ذلك، ولكن الله سلمهم من ذلك بما أراك في منامك من الرؤيا"..

ومن موقع د.عدنان إبراهيم نقرأ تفريغا لأحد دروسه الدينية (تحت بند "التفسير"، الحلقة 8) يقول بالنص أن الله "خدع المسلمين" ولكنها "خديعة حق"!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق