الجمعة، 23 مايو 2014

ماذا لو أمرك الله أن تذبح ابنك؟


ترى لو طلب منك الله, مباشرة أو عن طريق وسيط, أن تقوم بذبح طفلك- هل ستفعل؟


لدينا حالتين مشهورتين في القرآن لقتل أطفال دون ذنب:

الأولى هي حالة إبراهيم, و التي وردت في التوراة من قبل, حيث أوحى الله إليه في المنام أن يقوم بذبح ابنه (المختلف فيه هل هو اسماعيل أو إسحاق).. و أوشك أبو الأنبياء على الإمتثال للأمر الإلهي فوضع السكين على عنق ولده, ثم في آخر لحظة تدخل الله ليمنعه, و فدى الإبن بكبش عظيم..

و بغض النظر عن معنى "الفداء" هنا تحديدا, و بغض النظر عن "حكمة الله" من اختبار إبراهيم بهذه الطريقة المروعة, لكن المهم هنا أن هذا لم يكن قتلا فعليا, و إنما هو "شروع في قتل" لم يتم..

 رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107)- الصافات
الحالة الثانية ليست مجرد شروع و إنما تم القتل بالفعل: و هي حالة الخضر الذي صاحبه موسى في رحلته,



و أثناء الرحلة قابل غلاما مجهولا..



فقام الخضر بقتله, رغم اعتراض موسى المصدوم.. يخبرنا تفسير الطبري أنه: وجد خضر غلـماناً يـلعبون، فأخذ غلاماً ظريفـاً فأضجعه ثم ذبحه بـالسكين.

(فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا(74)- الكهف

لكن بالطبع في نهاية القصة يكشف الخضر لموسى "الحكمة" العظيمة من أفعاله الغريبة و منها قتل الغلام- فنعرف أن الغلام كان سيكبر ليصبح كافرا شقيا, و بالتالي فإن قتله هو عمل خيري بامتياز!

وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81) - الكهف



(ملحوظة: هنا كنت سأضع صورة لطفل رأسه مقطوعة حتى أساعدكم على تخيل المنظر البشع, و لكني فضلت ألا أفعل مراعاة لأصحاب المشاعر الرقيقة- لكني فقط أرجو من الجميع تخيل المنظر: طفل تجز عنقه بسكين)

و بغض النظر عن السبب الذي جعل الله يخلق الغلام من الأصل و هو يعلم إنه سيقتله في طفولته, لكن المهم أن الدرس المستفاد من قصة موسى و الخضر بشكل عام هي: الأشياء لا تبدو على ما هي عليه و دائما هناك حكمة خفية أنت لا تعلمها, و بالتالي عليك بالطاعة العمياء و إياك أن تتساءل أو تعترض على ما تؤمر به, بل و يفضل أن تتجنب عملية التفكير برمتها, فهي ضارة جدا بصحتك في الدنيا و في الآخرة..

ترى: هل يمكنك القول أن قتل هذا الطفل هو عملية غير أخلاقية؟؟ حاول أن لا تتسرع في الحكم و تذكر إن عقلك محدود! 

طبعا إلى جوار تلك الحالتين فهناك ما لا يحصى من الحالات الأخرى التي قام الله فيها بقتل أطفال: منها في الأمم الهالكة كقوم نوح و قوم هود و قوم صالح و غيرهم.. و منها في العصر الحديث في المجاعات و الزلازل و الكوارث الطبيعية بأنواعها- فلا يبدو أن للأطفال أي حصانة خاصة بسبب براءتهم..

لكن ما يميز الحالتين المذكورتين إنهما يمثلان أمرا إلهيا محددا و قاطعا.. و قتل الطفل هنا ليس أمرا عارضا أو أثرا جانبيا لسنة من سنن الطبيعة أو الإله, و إنما هو هدف و غاية لم يكن لها أي ضرورة و كان يمكن تجنبها بسهولة لو أن الله أراد ذلك!

طبعا المؤمن يقول أن لله حكمة عظيمة من كل ما يفعل.. و لن أناقش تلك النقطة, و لكن سأناقش أخلاقية الإمتثال لهذا النوع من الأوامر- و أوجه للمؤمن السؤال الذي بدأت به: لو أمرت بذلك هل كنت ستفعلها؟؟ لو أمرك الله (أو أحد وسطاؤه) أن تقتل ولدك أو أمك أو أخيك, هل ستفعل؟
شخصيا أظن إنني لو رأيت الله شخصيا جالسا على عرشه في السماء, ثم أمرني بقتل طفل فسأرفض.. سأقول له يا رب لا شأن لي بوجود حكمة لديك أو عدمه, قد تكون حكيما و قد لا تكون- لا يمكنني التيقن من ذلك فعقلي محدود كما تعلم! لكن على كل حال أنت خلقته فتحمل مسؤوليته, نفذ مشيئتك بعيدا عني , اذهب و اقتله إن شئت - فهي لن تكون أول مرة تفعلها- أما أنا فلن ألوث يدي بدماء بريئة..

اقرأ أيضا:

الله أمرني أن أقتل ابني
الأخلاق بين الدين و الإلحاد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق