الجمعة، 23 مايو 2014

سر الرهبان الطائرين





لو استوقفت شخصا في الشارع بصورة عشوائية و سألته: هل تؤمن أن بعض الأشخاص لديهم قدرات خارقة تفوق البشر العاديين و تستعصي على التفسير العلمي؟ فظني إن الرد بنسبة 90% سيكون بالإيجاب..

على تباين أفكارنا و تنوع خلفياتنا الثقافية, فإن معظمنا يؤمن بالقوى الغيبية الخارقة التي لا نستطيغ تفسيرها أو إدراكها.. تلك الغيبيات قد تعود لأصول دينية رأسا (الملائكة و الجن و الشياطين و السحر و الحسد..إلخ), و قد لا ترتبط بالدين بصورة مباشرة (الطب البديل بأنواعه, تأثير النجوم و الأبراج, و كذلك القدرات العقلية الخارقة للبشر: التخاطر (telepathy) و التنبؤ و تحريك الأشياء عن بعد (telekinesis) ..إلخ ..

مع الكم الهائل مما يكتب و ينشر و يذاع حول تلك الأمور في الشرق و الغرب على حد سواء, صار وجودها عند البعض حقائق بديهية لا تقبل الجدل..

أذكر إني مباشرة بعد إدراكي لزيف الأديان ظللت لفترة أؤمن بوجود الكثير من تلك القوي الغيبية, لكني كلما هممت بتقصي إحداها فوجئت بعدم ثبوته بأي صورة علمية و أنه لم يتم رصده أو توثيقه, مما جعلني أعيد النظر في مسألة الغيبيات برمتها, و توصلت في النهاية إلى إنكارها جميعا و إلحاقها بالأديان في سلة واحدة- هي سلة الخرافات..


هنا سأتناول مثالا واحدا أراه طريفا.. و هو دليل حي على السهولة التي يمكن بها خداع العامة: و هو مسألة "الطفو في الهواء"..

يقال الكثير جدا عن القدرات الغامضة لدي رهبان\فقراء الهند, و من تلك القدرات تمكنهم من رفع أنفسهم في الهواء دون دعم!!

ترى كيف يتمكن هذا الراهب العجيب من رفع نفسه بتلك الطريقة فيجلس مستقرا في الهواء متحديا قانون الجاذبية؟؟؟




هل تكمن الإجابة في سيطرة الروح على الجسد؟ هل المسألة متعلقة بأسرار التأمل العميقة و بفلسفات عتيقة متوارثة لم يصل لها العلم الحديث؟ ترى هل الأمر يحتاج سنوات و سنوات من التدريب الشاق كما يقال, حتى يخرج المرء القدرات الغامضة الكامنة في النفس البشرية؟؟

أم إن الأمر أبسط كثيرا من ذلك - كما يوضح لنا هذا الفيديو؟

هنا يبرز السؤال المعتاد: و لكن هل وجود هؤلاء المخادعين هو دليل على عدم وجود الغيبيات بصورة مطلقة؟؟ لم لا نقول أنه هناك رهبان و سحرة بالفعل يملكون قدرات خارقة حقيقية- على عكس هذا النصاب في الفيديو؟ و لماذا تتحدثون و كأن العلم قد فسر كل شيء؟؟

و الجواب أن وجود الساحر الحقيقي ممكن طبعا- فمن الناحية النظرية لا يمكنك إثبات عدم وجود أي شيء: ربما في مكان ما من الكوكب هناك سحرة حقيقيين, ربما أيضا هناك فئران تغني أو خنازير تطير- هل يمكنك نفي ذلك؟؟ الحقائق تتأكد بإثباتها و ليس بعدم إمكانية نفيها..

و صحيح أن العلم لم يتمكن من تفسير و فهم كل شيء, و ربما لن ينجح أبدا في ذلك- من يدري؟ و لكن المشكلة الحقيقة في الإيمان بالخرافات هي أنه يمنعك من محاولة الفهم! لجوءك إلى الغيبيات يعني ببساطة إنك قررت إنك لن تفهم أبدا! أما العلم فهو يفكر و يحاول و يجرب و يخطئ و يتعلم من أخطاؤه..

إذن, كيف نفرق بين ما يجب تصديقه و ما يجدر رفضه؟


ببساطة حين نرى ما لا يمكننا تفسيره فهناك احتمالين اثنين لا ثالث لهما:
1- هذا الأمر نتيجة لقوي غيبية خارقة ما تتحدي العلم و المنطق..
2- هناك تفسير منطقي و علمي, لم أكتشفه بعد..


الإحتمال الأول يفترض أمورا لم يتمكن أحد من إثباتها أبدا بصورة مؤكدة(الجن و السحر و القدرات الخارقة)..

أما الإحتمال الثاني فيفترض أمورا موجودة و لاشك فيها, لأننا نراها و نتعامل معها كل يوم (قوانين الطبيعة من ناحية, و الكذب و النصب و الدجل و التوهم..إلخ من ناحية أخرى)..

و الأمر متروك لك : حين تجد شيئا لم تتمكن من تفسيره لاول وهلة, هل تفضل البحث في إطار الموثوق في وجوده, أم تفضل ترك البحث تصديقا لما لم يثبت وجوده بعد؟؟

أو بمعنى آخر: هل ستصدق ساحر القبيلة الذي يفسر المرض على أنه لعنة شيطانية, أم ستنضم إلى الطبيب الذي يجتهد في التوصل إلى دواء؟

اقرأ أيضا:

كابوس الدجالين

العلم الحقيقي في مقابل العلم الزائف


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق