حين يسأل المؤمن "إن لم يكن الله موجودا فمن فعل كذا؟"
فهذا نموذج بيّن لإله الفجوات : من خلق الكون؟ لا أعرف- إذا فهو الله.. من يغذي الجنين في بطن أمه؟ لا أعرف- إذا فهو الله..
من ينزل المطر؟ من يحدث الأعاصير و الزلازل و البراكين؟ لا أعرف- إذا فهو الله..
من الذي أمرضني؟ من الذي شفاني؟ من الذي احياني؟ من الذي سيميتني؟ من الذي يوقظني من النوم صباحا؟ من الذي ينسيني شيئا و يذكرني بغيره؟ من الذي يضحكني؟ من الذي يبكيني؟
من الذي سرق محفظتي؟ من الذي أخفى حذائي؟ من الذي جعل أبي يضربني و أنا طفل؟
من قتل كينيدي؟ من أغرق التيتانيك؟ من سرق مقابر الفراعنة؟
كل سؤال لا نعرف جوابا له, فالجواب هو الله- هذا أسهل من التفكير و البحث على أية حال!
أنت تشك في ديني؟ إذن بالتالي عليك أن تجيب على أي سؤال أسئله لك.. و إن عجزت عن إجابة أي من أسئلتي , فعليك إذن أن تعترف بوجود إلهي الذي أعبده , و الذي يجلس على عرش في السماء السابعة , و الذي يراقبك و أنت تنام و تستيقظ و تأكل و تمارس الجنس , و الذي هو مغرم بمنح أسراره و إبلاغ رسائله حصريا إلى بدو الصحراء الأميين دون غيرهم , والذي بعد مماتك سيدخلك إما إلى بيت دعارة كبير , أو إلى معتقل نازي مخيف ..
تأمل هذا المنطق الإيماني : إن عجزت عن إجابة أي سؤال على الإطلاق , فعليك أن تعترف بإلهي – و إلا فمن الذي يقوم بتلك الأشياء غيره ؟؟؟
طالما تلك الحجة مستمرة , فعلينا أن نبين تهافتها بشكل واضح , من ثلاثة جوانب:
أولا و من حيث المبدأ: عجزي (المفترض) عن جواب سؤال ما , لا يعني إلزامي بقبول جوابك دون دليل .. لنقل إنني لا أعلم من فعل تلك الأشياء , هل هذا يعفيك من تقديم الأدلة على ادعاءك؟
بالتالي عزيزي السائل : دعك منا.. اثبت أنت لنا أن من يقوم بتلك الأمور هو إله , وأنه واحد و ليس اثنين أو أكثر , و أنه عادل و ليس ظالما , و أنه حي و ليس ميتا , و أنه رحيم و ليس قاسيا.. باختصار اثبت لنا أن من يقوم بتلك الأمور هو بالذات إلهك الذي تعبده و تدافع عنه و تلزمنا بالإعتراف به – و ليس آمون رع أو حورس أو أوزوريس أو مردوك أو شاماش أو زيوس أو كريشنا أو فيشنو أو براهما أو أودين أو ثور, أو غيرهم من آلاف الآلهة التي عبدها الناس قديما و حديثا..
ثانيا : الله هو اسم, كلمة , مجرد حروف متراصة لا أحد يدري معناها , فلا أنت تعرف ما الله حقا و لا أنا , و لا يمكن لأي منا رؤيته أو الإستدلال على وجوده.. هذا يعني ببساطة أن ما تظنه جوابا ليس كذلك.. بل يمكنني استبدال إلهك بأي كلمة أو اسم آخر : من يطعم الجنين و يسقط الأمطار و يشفيك من المرض هو “بهموس” (و هو اسم قمت أنا باختراعه).. ما رأيك في هذا التفسير الكافي الوافي ؟
عزيزي المؤمن : لو أردت أن تستشهد بعجزي عن جواب أسئلتك, فعليك في المقابل أن تقدم لنا أجوبة حقيقية مفهومة و مثبتة بالأدلة.. لا يكفي أن تذكر كلمة “الله أو بهموس”, بل عليك أن تشرح لنا بالتفصيل و تدعم ذلك بالأدلة : اشرح لنا بالضبط كيف خلق الله الكون , و كيف أنشأ المادة من عدم , و كيف نفخ الروح في الإنسان.. ليس هذا فقط بل عليك أن تشرح لنا ما هو الله أصلا , و ما هي طبيعته , و كيف نشأ هو نفسه.. حينها تكون كفيت ووفيت..
أما إن لم تستطع- و لن تستطع- فرجاءا لا تعايرنا بعجزنا عن إجابة الأسئلة, بل اعترف إنك بدورك لم تقدم أجوبة و إنما مجرد كلمات لا معنى لها..
ثالثا: و بعد هذا: هل حقا العلم عجز عن إجابة الأسئلة عن الخلق؟؟ أم إنكم تكتفون بطرح الأسئلة كمحاولات طفولية للتعجيز؟ لماذا من يسأل تلك الأسئلة يكون دائما غير مهتم بالبحث عن الجواب العلمي الموجود و المتاح للجميع؟؟ لماذا يرفض فتح عقله أمام نظرية التطور على سبيل المثال , و التي تتضمن تفسيرات علمية و ردود على الكثير من تلك الأسئلة؟؟
لماذا المؤمن يسعد بالجهل و يتمسك به بشدة , و يعتبره أكبر دليل يدعم إيمانه ؟ و لماذا يخاف من العلم و يهرب منه , و يعتبره أكبر خطر على دينه و عقيدته؟؟
هذا يقودنا إلى الفارق بين الدين و العلم.. الدين يقدم كلمات (الله- الشيطان- الجن- الملائكة- السحر – الحسد..إلخ) و يقف عند هذا الحد.. أما العلم فهو يبحث و يفكر و يجتهد عن أجوبة حقيقية قابلة للإثبات.. لو وجدنا جثة مقتولة في الصحراء, فالعلم سيحاول جمع الأدلة و يبحث عن القاتل, أما الدين فسيكتفي بالقول أن الجن هو من قتل الرجل- فهل هذه إجابة شافية أو مفيدة أو قابلة للإثبات؟؟؟..
لهذا تقدمت الأمم التي تأخذ بالعلم: على سبيل المثال , في الماضي كان الناس يظنون أن الأمراض هي مس شيطاني.. ثم بفضل المنهج العلمي تم اكتشاف الجراثيم و الفايروسات- مما كان له الفضل في علاج الملايين ووقاية الملايين.. و لو كنا اكتفينا بالقول أن الله هو الممرض و هو الشافي لما تقدمت البشرية قيد أنملة..
لهذا نرى أمامنا أن العلم يتطور و يتقدم و يبحث , و هو يخطئ و يعترف بأخطائه و يتعلم منها و يفيد البشرية.. و لهذا نرى الدين لا يتطور و لا يتقدم – و هو لا يخطئ أبدا!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق