الجمعة، 23 مايو 2014

لماذا يا رب كل هذا الوقت؟!


تخبرنا الأديان الإبراهيمية (اليهودية و المسيحية و الإسلام) أن الله خلق الكون في ستة أيام:

(وفرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل)- سفر التكوين2-2

(وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) القرآن- ق:38


و بصرف النظر عن هل استراح الله بعد الخلق كما تقول التوراة, أم لم يسترح كما يقول القرآن: وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ, (رغم تلميحه في موضع آخر للراحة: "خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ"- أي أنه فرغ من عمله ثم جلس!!), لكن ما يهمنا هنا هو المدة الزمنية التي استغرقها في الخلق:

لماذا ستة أيام؟

لماذا لم يخلق الخلق في لمح البصر, و هو القادر على ذلك؟؟
(إنما اَمُرهُ اِذَا ارادَ شيئاً اَن يقولَ لهُ كُنْ فيكون) - يس-82





بالطبع سيجيب المؤمنون كالعادة بأن ذلك يقينا لحكمة عظمى – حتى لو لم نكن نعلمها (!).. لكننا أيضا لن نتوقف عند تلك النقطة, بل سنتجاوزها إلى ما يقوله العلم عن المدة الزمنية لنشأة الكون..


ما الذي يقوله العلم؟


نشأ كوننا منذ حوالي 13.8 مليار سنة, فيما يسمى بـ"الإنفجار الكبير" big bang..أما الحياة و الإنسان فقد نشئا بعد ذلك بكثير جدا..





و لننظر إلى خط زمني time line بسيط (و تقريبي) يوضح تطور الأمر زمنيا في كوننا:





و نلاحظ عدة أمور:
أولا : ما بين نشأة الكون و نشأة نظامنا الشمسي أكثر من 9 مليار سنة.. و هي مدة زمنية هائلة يكاد يكون من المستحيل لنا تصورها بعقولنا التي اعتادت التعامل بالعقود و القرون على أقصى تقدير..

فماذا كان الله يفعل في تلك المدة؟؟ و ما الحكمة من ذلك الزمن "الضائع"؟؟؟؟


ثانيا: ما بين تكون الأرض و تكون أولى مظاهر الحياة أكثر من نصف مليار سنة.. 



و هي أيضا فترة كبيرة جدا لا ندري ما الحكمة الإلهية منها...؟!

ثالثا: أول كائن شبيه بالإنسان ظهر بعد بضعة مليارات من السنين من ظهور الحياة على كوكبنا! 





قبل 3000 مليون سنة ظهور التخليق الضوئي.
قبل 2000 مليون سنة ظهور خلايا معقدة.
قبل 1000 مليون سنة ظهور كائنات متعددة الخلايا.
قبل 600 مليون سنة ظهور حيوانات بسيطة.
قبل 570 مليون سنة ظهور مفصليات الأرجل.
قبل 550 مليون سنة ظهور حيوانات معقدة.
قبل 500 مليون سنة ظهور أسماك وبرمائيات بدائية.
قبل 475 مليون سنة ظهور نباتات الأرض.
قبل 400 مليون سنة ظهور الحشرات والبذور.
قبل 360 مليون سنة ظهور البرمائيات.
قبل 300 مليون سنة ظهور الزواحف.
قبل 200 مليون سنة ظهور الثديات.
قبل 150 مليون سنة ظهور الطيور.
قبل 130 مليون سنة ظهور الازهار.
ثم قبل 2.5 مليون سنة ظهور جنس Homo الذي تتفرع منه أنواع الإنسان المختلفة!!

في تلك الفترة ظهرت الديناصورات و انقرضت مثل الكثير من الفصائل و الأنواع الأخرى.. 



(و لنا أن نتساءل عن الحكمة الإلهية في خلق كائنات ثم إفناءها!!)

أيضا ما الحكمة من كل هذه المدد الكبيرة؟؟؟

و نؤكد مرة أخرى على الفترة الهائلة بين ظهور أول حياة, و ظهور أول كائن قريب للبشر:





و هي نسبة 1 إلى أكثر من 1500 ضعفا! 

الآن, سنأخذ تلك الفترة الأخيرة (القصيرة نسبيا) لظهور أول كائن شبيه بالإنسان في أول صورة و نقوم بتكبيرها ألف مرة! حتى نقارن بينها و بين زمن ظهور الإنسان الحديث:



و نلاحظ أولا: ظهور الإنسان الحديث homo sapien تقريبا منذ 250,000 سنة فقط, أي بعد أكثر من 2,25 مليون سنة من ظهور الكائنات أشباه البشر..!

ثانيا: بداية التاريخ الإنساني كله بحضاراته المعروفة كالسومرية و المصرية و البابلية و الفارسية..إلخ, و أديانه كالهندوسية و اليهودية و المسيحية و الإسلام..إلخ وصولا إلى العصر الحديث, كل ذلك بدأ على ما يعرف حوالي عام 4000 ق.م أي منذ حوالي 6000 سنة- بعد مئات الألوف من السنين من ظهور الإنسان ذاته على الأرض..







و النسبة تساوي اكثر من 1 إلى 40 ضعفا!

أخيرا نأخذ النسبة بين أطول و أقصر مدتين تحدثنا عنهما: الأولى هي نشأة الكون, و الثانية هي بداية التاريخ, لنجد أن النسبة بين الفترتين هي 1 إلى أكثر من اثنين مليون ضعف!!!



 فهل يمكن بعد ذلك الإدعاء أن الكون مخلوق خصيصا من أجل من حل ضيفا عليه متأخرا بعد مليارات السنين؟

ألن يشبه هذا أن ينضم عامل فني بسيط إلى شركة كبرى عريقة (شركة مرسيدس مثلا) ثم يأتي فيدعي أن الشركة قد أنشئت خصيصا من أجله هو و تم إعدادها فقط استعدادا لقدومه؟؟

و الأهم: هل يمكن القول- بعد تلك الفجوات الزمنية الهائلة- أن الخلق هو عملية مقصودة موجهة؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق