الاثنين، 1 أبريل 2019

لماذا نكره الحرية؟



ربما لأننا لا نكاد نفهم معنى الحرية..

في تراثنا القديم: الحرية هي نقيض العبودية، وترتبط بالمكانة الرفيعة والشرف..

وفي تراثنا الحديث: الحرية هي نقيض الإستعمار، وترتبط بزوال المحتل..

أما الحريات الشخصية: حرية الفكر والتعبير والحركة والعمل والدراسة والجنس، فما نزال ننظر لها بنظرة ريبة..

فطالما الفكر التقليدي يربط الحرية بالتمرد (تمرد العبد على سيده، أو تمرد الشعب على مستعمره)، ذلك التمرد الذي كان يستدعي صداما وربما حروبا (مثل حروب العبيد أو حروب الإستقلال) فنحن بالتالي نسقط تلك النظرة على من يطالب بحريته وكأنه ينوي التمرد وإعلان الحرب على المجتمع..

ولذلك نرتعب بشكل خاص من تعبير "حرية المرأة"، فلا نفهمه على وجه التمكين أن تدرس وتعمل وتتحرك بشكل مستقل، وإنما نفهمه على وجه أنها ستتمرد على الأب والأخ والزوج ومنظومة الأسرة..

وطالما أن المرأة- كما نعلم جميعا وكما ثبت في تراثنا العزيز- هي مخلوق جنسي ناقص العقل والدين، عورة متحركة تمشي على قدمين، من أكثر أهل النار، فتمردها هنا له معنى واحد: هو أنها ستتحول إلى قنبلة جنسية تجري عارية بالشوارع وتزني مع كل من هب ودب..

والنتيجة مرعبة طبعا: اختلاط الأنساب، فلن نعرف العدناني من القحطاني، ولن نعرف القرشي من الساساني، تخيل المصيبة؟ إذن كيف سنتمكن من اختيار خليفة قرشي شرعي للمسلمين، بعد أن نتحد وننتصر على جيوش أمريكا والصين ويأجوج ومأجوج؟

وحينها- الكابوس الأكبر الشخصي- لن أضمن تمرير جيناتي العزيزة، فقد أفرح بإنجاب ولد أخيرا يرثني ويرث من آل يعقوب، بعد أن كنت أخاف الموالي من ورائي، ثم بعد أربعين سنة وأنا على فراش الموت أكتشف أن الحقيرة خانتني وأنني كنت أقوم بتربية ابن ساعي البريد مثلا، وهكذا ستختفي سلالتي المباركة إلى الأبد كما اختفت سلالة الإمام الحسن العسكري، وكل ذلك بسبب حريتكم الملعونة..
هذا كل ما يشغل بال أصحابنا ويرعب خيالهم الواسع..

وهو لا ينطبق على المرأة وحدها، فحرية السياسة يسموها حرية الخروج على الحاكم، وحرية التعبير يسموها حرية الإلحاد ويتخيلون حينها أن تتحول المساجد إلى صالات للرقص والقمار وحظائر الخنازير..إلخ..

فهم يجدون صعوبة في الفهم خارج منطق التمرد والصراع والغلبة، والذي كان الأصل في الماضي، حتى حل محله التعايش والتعددية بين المختلفين، ليمارس كل منهم حياته كما يشاء بدون الإعتداء على الآخرين، وتلك هي الحرية ببساطة..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق