الاثنين، 1 أبريل 2019

الإله والشر



يتساءل البعض: إن لم يكن هناك إله فمن يحاسب المخطئ والمجرم والشرير؟


وهي مغالطة تعرف بإسم "تفكير الأمنيات".. طالما أريد الشيء فلابد أن يكون حقيقيا..

على أساس أن الكون الواسع ملزم بتلبية طموحات وأحلام تلك القردة العليا الساكنة على إحدى أذرع مجرة ضمن مئات المليارات من المجرات..


وكان ينبغي أن يكون السؤال: إن لم يكن هناك إله فمن يمنع المجرم من ارتكاب جرائمه؟

ولكنهم لا يسألونها بهذا الشكل.. لماذا؟ لأنهم يرون بوضوح إن إلههم لمن يمنع مجرما في حياته، فهو جالس في سمائه يراقب، لا يمنع الشرور ولا يوقف الظلم..
 
رأينا ونرى الحروب والمذابح والمحارق والكوارث الطبيعية والفوضى والظلم والإستغلال والعبودية والإغتصاب.. وكل من له عينان يرى أنه لا يوجد أي عدل أو نظام، باستثناء المحاولات الناقصة التي يقيمها البشر لأنفسهم، وأما الآلهة فلا تنفع ولا تضر..


ولهذا حين تحدث مصيبة، فكلنا - مؤمنين وغير مؤمنين- نطمع بجهود البشر حصرا: الأطباء وجهود الإغاثة المؤسسية وحتى الفردية، ولا يوجد عاقل ينتظر نزول ملاك من السماء لإطفاء حريق أو دعم لاجئين أو إعادة إعمار منطقة متهدمة.. ولهذا حين نجد مصيبة لا يتدخل أحد لوقفها، نقول أن الضحايا "لهم الله"، وهو تعبير عن يأسنا من أن يتدخل أحد لإنقاذهم..

ولو كان الله يفعل شيئا، لكان تعبير "لهم الله" يعني أننا مطمئنون أنه لن يحدث لهم سوء، ولكنه يعبر عن النقيض تماما..

فلو كان إلهك موجودا، فلماذا يترك الشرور تحدث؟ (ناهيك طبعا عن الشرور الطبيعية التي يحدثها هو، إن كنت تؤمن به)..

هل من باب الإختبار؟ وهو يعرف النتيجة؟ هو يترك مجرما يغتصب طفلة ويقتلها، ويجلس على عرشه يتفرج على استمتاعه وألمها، وعلى شعورها الجارف بالوحدة والخوف بشكل لا يمكن لأحد منا تخيله، وذلك حتى يختبر البشرية، وهو يعلم تحديدا ما سيحصل؟

فإن كان كل ما نراه هو الظلم وسكوت ربك عليه، فما يضمن لنا أنه سوف يحقق العدل يوما ما؟ ما أدراك أنه رحيم أو يريد العدل أصلا؟ هل ترى أي إشارة على تلك الرحمة وذلك العدل؟

كونك تشعر بقسوة الدنيا، وتعترف بوجود الظلم فيها، وتحيل الرحمة والعدالة إلى عالم غيبي مستقبلي تتصور أنه يأتي بعد الموت.. كل هذا يشكك في صحة إيمانك، ولا يؤكده..

بالطبع هناك ظلم في الدنيا، ولهذا اخترعنا الإله الرؤوف العادل، وتصورنا أنه سيعوض كل آلامنا ويصلح كل ما تعرض للكسر فينا..


ولأننا لا نرى أي تأثير لوجود ذلك الإله، فلا هو يشفي المرضى ولا ينقذ القتلى ولا يوقف المجازر ولا يمنع المظالم.. فقد افترضنا أنه سيتدخل في لحظة ما قادمة.. متى؟ بعد أن نموت جميعا! حينها سيحضر المغتصب ويعاقبه بشدة، وربما يحضر الطفلة الضحية ويكافئها.. (باستثناء طبعا لو كان المغتصب تاب ومات على دينك، وكانت الطفلة على دين مخالف، فحينها سينعكس الوضع، فياله من عدل إلهي منتظر!)

ولو نظرت إلى السيناريو الديني فستجد أنه يتسم بجميع سمات الكذبة، ويتصرف كالنصابين والدجالين تماما.. فهو يغريك بكل ما تفتقده في حياتك، ويعدك بأنه سوف يتحقق مستقبلا، ثم إنه يحيل كل ذلك إلى مكان لا يمكنك أن تراه أبدا، بعد الموت!.. وذلك حتى لا يكون بإمكانك استخدام أي منطق أو الإستناد إلى أي شواهد لتكذيب كلامه..
 
ويفعل ذلك في كل شيء: فالله في السماء، أو خارج الزمان والمكان.. والملائكة والشياطين مختفين لا يمكن رؤيتهم.. والمعجزات كلها وقعت في الماضي السحيق..
 والعدل والرحمة والخير والسلام الإلهيين، كلهم قادمون بعد الموت إن شاء الله.. فقط كن مطيعا واغلق عقلك وانبذ الشك واقبل هراءنا وتمسك بعقيدتنا الآن، ثم فور أن تواري جثتك التراب سوف تلقى كل ما تريد، صدقني..

لو كنت قدمت لنا دليلا هنا والآن، لربما صدقناك في ما تعد به في المستقبل..

ولو كان هناك شواهد على وجود ربكم، تتعلق بالعدل والرحمة، لما احتجتم إلى التحجج بظلم الدنيا لإثبات وجوده!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق