الاثنين، 1 أبريل 2019

العملة المعنوية



من القوانين المهمة في الحياة أن القيمة ترتبط طرديا بالندرة،
والشيء المتاح المشاع يفقد قيمته مهما كان ضروريا..

هذا القانون لا يعمل على المستوى الإقتصادي فحسب، ولكن على مستوى المشاعر والتعامل الإنساني أيضا..

فقيمة "الإحترام" مثلا لا يجب منحها لكل شخص ولكل فكرة.. فلا أتفق مع الذين يدعون لاحترام جميع العقائد، لأنه في تلك الحالة نبدو وكأننا نسوي بين الصواب والخطأ، الحق والباطل، المنطقي والعبثي، والعلم والخرافة، أو بين الخير والشر..


وحتى "الحب" لا يكون للجميع.. فمثلا لا يمكنني الإعجاب بإله يقدم محبته بشكل غير انتقائي إلى الضحية والمجرم، المظلوم والظالم، ولا أرى في ذلك عظمة أو حكمة، وإنما اعتباطية وظلما وحماقة..


كذلك "التقارب" والألفة لا يستحقها الجميع.. ولم أستسغ أبدا ذلك الشخص الذي يحرص على إزالة كل كلفة في كل تعاملاته، بل إن الحواجز المعنوية بين البشر ضرورية حتى نمرر منها فقط من يستحق الدخول إلى دائرتنا الأقرب..


وكما أننا لا نثق بالجميع، ولا نعطي أموالنا مثلا لكل من هب ودب، وإنما فقط لمن يستحق أو سيؤدي لنا خدمة جيدة بالمقابل، فكذلك مشاعرنا لا يجب أن تكون مجانية رخيصة، وإنما يجب أن تكون انتقائية نادرة وغالية..


أما لو أننا قدمنا الإحترام والحب والتقارب للجميع بلا تمييز، فهذا يعد أكبر امتهان لتلك القيم ذاتها، واستهانة بكل من استحقها عن جدارة..

بالطبع هي ليست دعوة لتوزيع الإحتقار والكراهية والجفاء بين الناس، بل هي دعوة للإنتقائية والتدرج، فإن كان من الجيد منح بعض القيم بسهولة للجميع تقريبا على السواء (مثل الإنصاف والتهذيب وبعض اللطف) فهناك بعض القيم الأسمى والأخص، والتي يتوجب منحها فقط لمن يستحق التميز بها..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق