الاثنين، 1 أبريل 2019

إسلام أم إسلامات؟



مع ما صرنا نراه في عالم المنتديات والمواقع والصفحات النقاشية، ربما لم يعد ينبغي التعامل مع الإسلام باعتباره دين واحد..

من تعريف الدين، أو حتى الإطار الفكري أو الأيديولوجي، أن يكون لديه مرجعية موحدة يمكن النقاش من خلالها..

أما الإسلام اليوم فلا تنطبق عليه تلك السمة، إذ بداخل ذلك العنوان توجد تيارات كثيرة ومتناقضة معا، بحيث لا أنك لو أردت مناقشة المسلم فليس هناك مرجعية واحدة يمكن التحاكم إليها..

فهناك كتب التراث، الأحاديث والسيرة والأحكام الفقهية، وهي تختلف تماما ما بين كتب السنة، وكتب الشيعة، حتى أن كل فريق يستنكر كتب الثاني ويسخر منها، ولا يعترف بـ"علماء" الآخر ويطعن فيهم..

وبشكل أوسع فهناك مذاهب وطوائف رسمية معروفة ينقسم إليها المسلمون، سواء على المستوى العقائدي أو المذهبي أو السياسي، مثل الشافعية والمالكية والزيدية والإباضية والأشعرية والمعتزلة والصوفية والسلفية..إلخ، ولكل فريق منهجه وكتبه ورموزه وحتى دور عبادته..
 
ثم اليوم هناك تيارات معاصرة تمارس أنواعا مختلفة من الإنتقاء تجاه التراث، أو حتى لا تقبل بكتب التراث أصلا، بل تقرر انتزاع الإسلام من سياقه التاريخي وإعادة فهمه بشكل فردي، كل شخص حسب اجتهاده أو ما يقتنع به أو الداعية الذي يعجب بكاريزمته - ويصل الأمر في ذلك إلى ذروته مع القرآنيين، الذين يرفضون التراث بالكامل ويحاولون فهم النص القرآني بشكل مقطوع الصلة بالسياق التراثي، حتى صار كل داعية معاصر اليوم وكأنه نبي جديد مستقل وله أتباع، ولا يكاد يجمعه بباقي المسلمين سوى الإسم وبعض العبادات واللافتات..

وهذا يذكرنا بأنه حتى القرآن نفسه، وهو النص الأقدس عند المسلم، ورغم ما يبدو من اتفاق المسلمين جميعا حول ذلك النص، إلا أنه اتفاق نظري كلامي أكثر منه واقعي، وهو اتفاق على تقديسه وليس على معانيه وتطبيقاته، إذ ما قيمة الإتفاق على نص مع الإختلاف على سياقه وأسباب نزوله ومعاني كلماته؟

خاصة أننا أمام نص غير منظم ويتسم بالتشويش والإبهام وعدم الوضوح، وهو في محتواه يقفز من قضية لأخرى ويحيل إلى وقائع وشخصيات لا يذكرها بدقة، ثم أنه يحتوي ما يبدو أنه تناقضات (أو نسخ) لأحكام معينة، مما يتناسب مع سياقه التاريخي الذي يخبرنا أنه كتب على مدى أكثر من عشرين سنة، مر فيها الدين بتطورات وصراعات مختلفة، ثم أن الكتاب تم جمعه بترتيب يخالف الترتيب الزمني للأحداث، وكل ذلك يترك المجال مفتوحا للإختلاف والتخمين والتأويل، والنتيجة غالبا أن كل صاحب فكر لا يكون فكره من خلال النص القرآني، بقدر ما هو يستخدم النص القرآني كوعاء تبريري لفكره الشخصي أو الطائفي..

فإذا كنت غير مسلم، وقررت أن تناقش قضية تخص الإسلام، فأي مراجع تعتمد؟ لو ذكرت حديثا ستجد مسلما من أهل السنة يعترض بأن الحديث ضعفه فلان وعلان من علماء أهل السنة، ولو ذكرت حديثا صحيحا عند أهل السنة ستجد مسلما شيعيا يعترض، ولو اقتبست وقائع عن السيرة ستجد مسلما حداثيا ينكر السيرة بالمجمل ويؤكد أن محمدا شخصية مختلفة تماما عن ذلك الذي قدمته الرواية الإسلامية، ثم لو أنك ذكرت آية فستجد على اليمين مسلما تقليديا يطالبك بأن تلتزم بالتفاسير كالطبري وابن كثير والقرطبي..إلخ، وستجد على اليسار مسلما قرآنيا يطالبك بإلقاء التفاسير في سلة المهملات وفهم النص كما يريدك هو أن تفهمه..
وأبسط إجراء تجاه تلك الفوضى الدينية هو أننا حين نناقش مسلما فلا يجب أن نكتفي منه بأن يعلن هويته كمسلم، إذ إن تلك الكلمة لم تعد تعني أي شيء على المستوى الفكري والنقاشي، وإنما يجدر الإهتمام بالتقسيم الديني الحقيقي لمن يسمون بالمسلمين اليوم، فالمسلم السني ليس كالشيعي، والمسلم الصوفي ليس كالسلفي، والمسلم الأزهري ليس كالقرآني، وإنما بين كل تلك الفرق تناقض وخصومة بل وأحيانا كراهية وعداء تفوق كراهية المسلم للمسيحي أو اليهودي أو الملحد، مما يجعلنا نكاد نكون أمام أديان إسلامية، وليس دينا واحدا..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق