الاثنين، 1 أبريل 2019

وعظ أم حقد؟



ثمة تناقض غريب جدا، ما بين تأكيد المسلم الملحّ على أن الإنحلال يضر بصاحبه، أي أن شرب الخمر والعلاقات الجنسية المفتوحة هي- كما يكرر - أمور تؤدي بالنهاية إلى اعتلال الصحة وفراغ الروح وتفسخ المجتمع، وبين ما نراه من غيظ المسلم الشديد تجاه الملحد الذي تحرر من الدين ليمارس ذلك الإنحلال..


إن كان الغوص في "الإنحلال" (والكلمة بين قوسين) سيضر الملاحدة، فما بالك أنت تبدو منزعجا إلى هذا الحد؟ هذا شخص حسب إيمانك هو من أهل الجحيم على كل حال، فما يضيرك لو أصيب بالإيدز أو تليف الكبد؟


فإن كانت تلك هي نتيجة الإنحلال فالشعور المتوقع منك إما الشفقة على الملحد (إن كنت رحيما) أوالشماتة به (إن كنت قاسيا كإلهك)، وأما غيظك الظاهر هذا من انحلال الملحدين فكيف يمكن تفسيره؟ حقد مثلا؟


المسلم يعرف أن الجنس - وربما الخمر- هو أمر ممتع جدا إلى درجة أن إلهه يستخدم تلك الأمور لإغراؤه بالجنة، وفي الحالات الطبيعية فإن ذلك "الإنحلال" لا يؤدي إلى ضرر لو مورس بذكاء واعتدال، ولكنه يعرف أن دينه يقيده ويكبحه - ليس بإسم الأخلاق، فالأخلاق هي عدم الإضرار بالآخرين - وإنما بإسم التشدد والتعصب وعادات الأعراب، حتى نجد أن أنواع الإنحلال الموجودة بأصل الإسلام (ملك اليمين أو زواج المتعة) قد تم منعها عبر التاريخ، ولم يبق للذكر المسلم خاصة السنّي إلا تعدد الزوجات، وهو أمر مكلف وله قيوده وتبعاته غالبا أكبر من متعته..

وطالما تذكرت أن الإنحلال موجود بالإسلام، ومتاح للذكر المسلم الغني خاصة، حتى أن اليوم هناك مشايخ يغيرون الزوجات كما يغيرون هواتفهم النقالة ولا يبدو أن المسلم المتحمس يشعر بالإستفزاز منهم كما يشعر بالإستفزاز من الملحد المسكين الذي لديه غيرل فريند واحدة، بل إن نفس ذلك المسلم نراه يبرر زيجات نبيه التي تصل بالعدد إلى فريق كرة قدم بحارس مرماه.. طالما تذكرت كل ذلك فيمكن إعادة النظر للقول أن ما يغيظ المسلم ليس ممارسة الإنحلال بحد ذاته، وإنما ممارسته بعيدا عن دينه، وبالخروج على تقاليد أجداده وكتابه المقدس..


المسلم المغتاظ المحتج على الإنحلال، هو لا يحقد على الملحد لأنه أكثر استمتاعا بحياته منه ، فكثير من المسلمين يستمتعون بحياتهم - عن طريق الإنحلال أو غيره - بشكل يفوق الملحدين..

هو يحقد عليه لأنه أكثر حرية..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق