مواجهة ظاهرة التحرش لا تكون عن طريق المزيد من تغطية النساء، وإنما عن طريق تمكين النساء وإقرار المساواة بالمجتمع..
فالذكر لا يتحرش لأنه رأى جسدا عاريا فثارت غرائزه - هذا تبسيط مخل للمسألة..
إنما هو يفعلها لأنه - بفعل الموروث الخاطئ- يعتبر المرأة كائنا جنسيا، مخلوقا فقط لهذا الغرض، فمجرد وجودها يعطيه الحق في أن يستغلها، ولأنه يحتقرها كأنثى فهو لا يرى بأسا في امتهانها، ولأنه يراها أضعف فهو لا يخاف عاقبة ذلك الإمتهان..
فالتحرش ليس فقط ظاهرة جنسية، وإنما هو متعلق بالإستغلال والإحتقار والإستقواء وأحيانا الكراهية والإنتقام..
وأكثر ما يشجع الذكر على التحرش بالمرأة ليس ملابسها، وإنما رؤية الذكر لقوته ولضعفها واحتقار المجتمع لها، ولإيمانه بأنه يستطيع النجاة بفعلته..
ولذلك فالمواجهة تكون بتنشئة الإثنين منذ البداية - الذكر والأنثى- على الإنسانية والتساوي والإستقلال، عمليا وليس كلاما، فلو ولد الذكر ليرى أن المرأة ليست تحت قوامة الرجل، يسيطر عليها أو يحميها، وأنها تتحرك وتدرس وتعمل وتخرج إلى الشارع مثله، ترفع رأسها وترفع صوتها وترفع عينيها في الوجوه، وأن ملابسها تخصها وحدها، وأن الذي يحميها بكل صرامة هو الدولة ممثلة في ذات النظام القانوني الذي يحمي الرجال أيضا - لو رأى الذكر ذلك فلن يعتبر المرأة كائنا جنسيا ضعيفا محتقرا وإنما إنسان ومواطن مثله عليه أن يحترمها باختياره أو رغما عنه، وحينها فقط- أتصور- ستتراجع تلك الظاهرة المقرفة..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق