الجمعة، 1 مارس 2019

قبائل العرب






العرب هم فرع من الشعوب المسماة سامية، وينتشرون في أنحاء شبه الجزيرة العربية بالإضافة إلى أماكن أخرى..

أقدم ذكر تاريخي للفظة عرب يرجع إلى نص آشوري باللغة الأكدية من القرن التاسع قبل الميلاد، كما وردت بصيغ منوعة (عريبو، عريبي، عربايا) في نصوص أخرى بابلية وسبئية وغيرها، وويبدو أن الكلمة أصلا تعني "أهل البادية"، والمقصود البادية الصحراوية بين العراق والشام، جنوب الهلال الخصيب، ثم امتد المعنى لاحقا ليشمل بقية أنحاء شبه الجزيرة..

وقبل أن نبدأ بذكر أنساب العرب نبدأ بنبذة عن الأنساب العبرانية المذكورة في التوراة والمصادر اليهودية، خاصة سفر التكوين، حيث أن التأثير قوي وواضح بين الثقافتين اليهودية والعربية في هذا الشأن، كما في غيره..

مع الأخذ في الإعتبار أن تلك الأنساب والشخصيات التي ترمز لها لا تتضمن بالضرورة دقة تاريخية، بل وقد لا تعبر عن علاقات نسب واقعية بين القبائل، بقدر ما تعبر عن علاقات تقارب وتحالفات سياسية وقعت في مراحل معينة، بل وفي أحيان كثيرة يتم اختراع أسماء الشخصيات وفقا لأسماء قبائل موجودة أو مناطق جغرافية معينة، وربما هذا لا يقلل من أهمية تلك الأنساب تاريخيا، فهي إن لم تكن تمثل حقائق دقيقة إلا أنها تعكس تصنيفات القوم لأنفسهم والعلاقات فيما بينهم..

--------------------------------------
حسب التوراة فآدم وحواء أنجبا ثلاثة أبناء هم هابيل وقايين (قابيل) وشيث، ومن الأخير جاء المواليد وصولا إلى نوح، والذي أعاد إعمار البشرية بعد هلاك البشر الطوفان عن طريق أبناءه الثلاثة يافث وحام وسام..


من نسل يافث جاء الأوروبيين واليونانيين والفرس والأكراد، ومن نسل حام جاء المصريون والأفارقة والأمازيغ، ومن نسل سام جاء الأشوريين والعبرانيين والعرب والأراميين..


والذي يهمنا هو سام ابن نوح، فمن نسله جاء شالخ ومن الأخير جاء عابر (الذي ربما تنسب له لفظة العبرانيين) والذي ولد يقطان، والذي من نسله جاء تارح، أبو إبراهيم..
إبراهيم أنجب اسماعيل، ثم إسحاق، والأخير ولد عيصو ويعقوب، وهو الملقب بإسرائيل، وأولاده يسمون الأسباط، وهم أجداد القبائل الإسرائيلية: رأوبين ويهوذا ودان وأشير وشمعون ويساكر ونفتالي وزبولون وجاد وبنيامين ولاوي ويوسف (ويتم استبعاد لاوي سبط الكهان الذين ليس لهم أرض محددة كالآخرين وإنما يعملون بخدمة الهيكل، وبدلا من يوسف يتم وضع ابنيه أفرايم ومنسى، فيظل العدد اثنى عشر)..

وينتسب القادة والأنبياء اليهود اللاحقين إلى تلك الفروع، فمثلا موسى وهارون ينحدران من سبط لاوي (المختص بالكهانة)، بينما داود وسليمان من سبط يهوذا (المختص بالحكم)، وكذلك عيسى (يسوع)..

وكذلك قام الإسرائيليون بربط الشعوب المجاورة لهم بتلك الشجرة، فمثلا لوط هو ابن أخو إبراهيم، وتحكي التوراة أنه واقع بنتيه وأنجب من الأولى شعب العمونيين، ومن الثانية المؤابيين، ثم إن عيصو ابن إسحاق تزوج فتاة من نسل عمه إسماعيل، ومنهما نشأ شعب الإدوميين..

--------------------------------------
وقد تبنى العرب تلك الشجرة التوراتية بشكل عام، فنسبوا أنفسهم إليها، ولاحقا في العصر الإسلامي سيقوم الإخباريون والمؤرخون والنسابون بتقسيم العرب إلى : عرب بائدة، أي زائلة مندثرة، وعرب باقية قسموا بدورهم إلى عرب عاربة ومستعربة..


العرب العاربة الأصليون هم القحطانيون، المنتسبون إلى جد إبراهيم قحطان (يقطان) ابن عابر (أحيانا يقال عنه هود) ابن شالخ (صالح؟) ابن أرفشخذ ابن سام ابن نوح..


وأما العرب المستعربة الأحدث، العدنانيون، فهم من نسل اسماعيل ابن إبراهيم، والذي هاجر إلى البرية مع أمه (بسبب غيرة زوجة أبيه الأولى سارة) ثم هناك تزوج من امرأة جرهمية واندمج مع العرب..

والجدير بالذكر وجود خلافات كبيرة بين الأقوال، فعلى سبيل المثال هناك من نسب قحطان إلى اسماعيل..

--------------------------------------
العرب البائدة هم السكان الأصليون للجزيرة العربية، والذين انقرضوا جميعا قبل الإسلام، ومنهم عاد وثمود والعماليق ووجديس وعبيل وجرهم..


وتتسم سيرة وقصص العرب البائدة بملامح أسطورية، ذكر بعضها القرآن على سبيل العبرة والموعظة، فمنهم قوم عاد الذين سكنوا الأحقاف وأهلكهم الله بعد رفضهم الإستجابة لأحد أنبياءه، هود (عابر؟)، ومنهم ثمود أصحاب الناقة الذين عصوا نبيهم صالح (شالخ؟) فتعرضوا لهلاك مماثل، ومنهم جرهم الذين يحكى أنهم سكنوا مكة في القديم وهاجر إليهم اسماعيل وتزوج إحدى فتياتهم، وهي أم العرب المستعربة..

--------------------------------------
العرب العاربة ترجع أصولهم إلى اليمن وجنوب الجزيرة، فمنهم القبائل السبئية، أهمها كهلان وحمير (بكسر الحاء وفتح الياء)، وهما أخان من أولاد سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان وصولا إلى نوح، إلى جوار قبائل أخرى..


من القبائل الكهلانية مذحج وطيء (الذين منهم حاتم الطائي) والأزد، ومن القبائل الحميرية حضرموت وقضاعة (على خلاف)، ولكل منها فروع كثيرة..


هذه القبائل اليمنية قامت بعدة هجرات شمالية في القرن الثاني أو الثالث، فاستوطنوا العراق والشام وأسسوا عدة ممالك، منها المناذرة والغساسنة والكنديين..


المناذرة اللخميون من أقوى الممالك العربية وقد حكموا العراق قبل الإسلام، وترجع أصولهم إلى قبيلة لخم الكهلانية، وهي العمود الفقري لاتحاد التنوخيين القبلي..
كذلك الكنديون الذين حكموا وسط الجزيرة العربية كان لديهم أصول كهلانية، ويتلاقون مع اللخميين في جد مشترك هو مرة ابن أدد ابن كهلان، وكانت مذحج كذلك جزءا من التحالف الكندي..

ومن التنوخيين أيضا قبيلة الغساسنة التي حكمت الشام، وترجع أصولهم إلى الأزد الكهلانية اليمنية، وقد ظل الغساسنة حلفاءا لبيزنطة لكنهم لاحقا انضموا إلى الغزوات الإسلامية مع بقائهم على عقيدتهم المسيحية..


ومن الأزد كذلك قبائل يثرب التي هاجر إليها نبي الإسلام (الأنصار: الأوس والخزرج) حيث ينتسبون إلى غسان ابن الأزد الكهلاني القحطاني..
--------------------------------------

العرب المستعربة ينتسبون إلى نزار ابن معد ابن عدنان، والذي جاء من نسل اسماعيل، وأحيانا ينتسبون إلى أي من أولئك الأجداد، فيقال لهم العرب العدنانيون أو النزاريون أو المعديون..


وتنقسم القبائل العدنانية إلى قسمين كبيرين: مضر وربيعة، وكلاهما ابن نزار..


وأما مضر فتنقسم إلى خندف وقيس عيلان، فمن خندف قريش (قبيلة محمد) وكنانة وبنو أسد (يشتهرون بالكهانة ومنهم طليحة الأسدي الذي ادعى النبوة زمن الردة) وهذيل وتميم (الذين حكموا شرق الجزيرة قبل الإسلام، ومنهم مالك ابن نويرة الذي قتله خالد ابن الوليد في حروب الردة)، ومن قيس عيلان هوازن وسليم وثقيف وغطفان (والتي منها بنو عبس قبيلة عنترة ابن شداد)، وكلها تتفرع منها أقسام كثيرة..


وأما ربيعة فمنها بكر وتغلب، والذين جرت بينهما حرب البسوس الشهيرة قبل الإسلام، ومن البكريين أيضا قبيلة بنو شيبان التي استقرت في جنوب العراق، وبسببها قامت معركة ذي قار التي انتصر فيها العرب على الفرس قبل الإسلام، كما كان لبني شيبان دور مهم مع الغزوات الإسلامية لفارس..

هذه القبائل العدنانية هاجرت أيضا إلى الشمال واستوطنت عدة مناطق قبل الإسلام، حيث نجد ديار بكر في شمال العراق قرب تركيا، وجنوبها ديار ربيعة، وإلى الغرب قرب الشام ديار مضر..

وقد اختلف النسابون في تصنيف عدة قبائل، منها خزاعة الذين سكنوا مكة والحرم قبل قريش، حيث نسبهم البعض إلى مضر العدنانية، بينما قال البعض أنهم ينتمون إلى الأزد القحطانية، كما اختلف النسابون في إضافة قضاعة إلى العدنانيين أو تصنيفها مع القحطانيين، ويحكى عن أحد أقوى فروع قضاعة (الكلبيين) أنهم كانوا حلفاء معاوية وساعدوه على إقامة ملكه الأموي، فهناك احتمال أنه أغراهم بنقل تصنيف نسبهم من القحطانية إلى العدنانية لتقريب التحالف معهم..

--------------------------------------
أما قريش فمن الفرع الكناني الخندفي من مضر من عدنان، وهم ينتسبون إلى النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، ويحتمل أنهم - مثل تنوخ- أقرب إلى حلف سياسي انتسب إلى بعضه في فترة متأخرة..

وتنقسم قريش عدة أقسام، أهمها هم بنو قصي ابن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة..إلخ، وكذلك بنو زهرة ابن كلاب (منهم آمنة أم محمد)، وبنو تيم ابن مرة ابن كعب ابن لؤي (ومنهم أبو بكر الصديق) وبنو مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي (ومنهم خالد ابن الوليد)، وبنو عدي بن بن كعب بن لؤي (ومنهم عمر ابن الخطاب) وغيرهم..

أما بنو قصي المذكورون فينقسمون إلى بني عبد مناف وبني أسد (وهم يختلفون عن قبيلة أسد الخندفية المضرية، ومنهم خديجة زوجة محمد والزبير ابن العوام) وبني عبد الدار وبني عبد قصي (انقرض نسله)..


اما بنو عبد مناف فينقسمون بدورهم إلى بنو هاشم (أسرة محمد) وبنو المطلب (لاحقا منهم الإمام الشافعي) وبنو عبد شمس (ومنهم بنو أمية الذين كانوا أسياد قريش قبل الإسلام، ومنهم عثمان ابن عفان ومعاوية ابن أبي سفيان) وبنو نوفل..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق