الجمعة، 1 مارس 2019

برمجة الديكة





أحيانا أعتقد أن ظهور الملحدين العرب على الساحة أزعج الإخوة المسلمين، ليس لأن الملاحدة الملاعين يهاجمون الإسلام العظيم، فالإخوة النصارى يفعلون ذلك منذ عقود (في ردة فعل محمودة طال انتظارها)..

ولكن السبب الحقيقي هو أن ظهور الملحد المزعج صنع تشويشا في البرمجة العقلية التي أشرف عليها المشايخ لأتباعهم عبر تلك العقود، حيث حشوا أدمغتهم بأفكار محفوظة مكررة، ليردوا بها على شبهات النصارى بشبهات أخرى مضادة، بداية من نشيد الإنشاد مرورا بتحريف الأناجيل وصولا إلى غموض الثالوث وفضائح الكهنة..

ولكن المشكلة أن الملحد ليس لدين كتاب مقدس يمكن الزعم بتحريفه، ولا معبود يمكن الطعن في ألوهيته، ولا كهنة يمكن تتبع عوراتهم.. تبا له!

هذا النقص كان كفيلا بأن تضيء جميع المصابيح الحمراء المثبتة على أدمغة المؤمنين المتحمسين، مع رنين مزعج يشير إلى أن شيئا ما ليس على ما يرام..

والحق أن بعض المشايخ استوعبوا المتغيرات الجديدة، وبدأوا فورا عمليات إعادة البرمجة، فدخلت مصطلحات جديدة عن التطور والإنفجار الكبير، مصحوبة باعترافات ليلية لكولين ويلسون وأنتوني فلو ومايكل بيهي..

ولكن رغم جهود المشايخ، يظل المسلم العادي أحيانا يصاب بالخلط والتشويش، بسبب تداخل البرمجة القديمة مع التحديثات الجديدة، فترى المسلم مثلا يسأل الملحدين عمن يكون إلهكم؟ أو من أين تستمدون شريعتكم؟ أو يستحضربعض مشاهير الملحدين ويبحث عن فضائحهم، على أساس أن الملحد العربي ترك الإسلام لأنه منبهر بدوكنز وهيتشنز، وليس- طبعا- لأن الإسلام نفسه دين يستحق الترك..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق