يقال أن شهادة المرأة في الإسلام هي نصف شهادة الرجل، استنادا على آية الدَّين (البقرة 282) التي تطلب شهادة إما رجلين، أو رجل وامرأتين، بحجة (أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى)..
على الجانب الآخر يرد المدافعون، محاولين تبرير المسألة بأن هذا الحكم قاصر على الأمور المالية فقط، لأن النساء في تلك البيئة كن أقل دراية بشئون التجارة والديون وغيره، وبالتالي فالمسألة ليس لها علاقة بالتحقير من شأن النساء..
ويبدو أن الرأيين بحاجة إلى مراجعة:
أما من يفسر الآية بأن شهادة المرأة هي نصف شهادة الرجل، فهذا غير دقيق، لأنه لو كان كذلك لطلب رجلين، أو رجل وامرأتان، أو أربعة نساء.. ولكن الحالة الأخيرة غير واردة، بل حتى لو جاءت ألف امرأة بدون رجل فلن تصلح شهادتها، بدون على الأقل رجل واحد.. مما يجعل المرأة نصف أو أقل..
لكن الكارثة فيمن يقول أن شهادة المرأة أقل من الرجل في الأمور المالية فقط، فهو يحاول أن يوحي لنا بأن شهادة المرأة في بقية الأمور مساوية شرعا لشهادة الرجل، وهذا يجعل المتكلم إما مخادع أو جاهل، لأن ذلك هو أبعد شيء عن الحقيقة..
ولو رجعنا إلى آراء الفقهاء، فسنجد أن رأي الجمهور بالفعل يقوم على أن شهادة المرأة نصف شهادة الرجل فقط في الأمور المالية، كالبيع والديون وغيره..
والإستثناء هنا أبو حنيفة، الذي يرى تعميم الحكم القرآني في أمور أخرى، مثل شهادات النكاح والطلاق والنسب، حيث يحق للمرأة أن تشهد فيها، بنفس الكيفية الموصوفة في الآية (رجلان أو رجل وامرأتان، أي لا تصلح شهادة أي عدد من النساء بدون رجل)..
إذن، فما قول الجمهور في شهادة المرأة في النكاح والطلاق والنسب؟ قولهم أنه لا يجوز لها فيها أي شهادة!، مما يعني أن أبو حنيفة (الذي جعل شهادتها النصف في كل الأمور) هو أكثرهم انحيازا للمرأة..
أما لو جئنا للشهادات في الحدود، فإجماع الأئمة الأربعة أن شهادة المرأة لا تجوز (فلو ذهبت أربع نساء إلى المحكمة يقلن أنهن رأين حالة زنا، فلا يعتد برأيهن).. وهناك استثناء خارج الفقهاء الأربعة، للظاهرية، حيث يرون أن شهادة المرأة النصف في كل شيء (أفضل درجة من أبي حنيفة)..
لتلخيص المذاهب الفقهية الأربعة:
في الأمور المالية: الإجماع أن شهادة المرأة النصف..
في أمور النكاح والنسب والطلاق: الجمهور يرى أن شهادتها لا تنفع..
في الحدود: الإجماع أن شهادتها لا تنفع..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق