السبت، 20 يوليو 2019

اتركونا مغيبين


 
لعلها زفرة يائس، أكثر منها رأي مدروس:

لا يثير جنوني إلا ذلك الشخص الذي يلعن الحكومات والإعلام غاضبا منها لأنها "تغيب الناس" و"تلهيهم" عن قضايا الأمة..

وأتمنى أن أسأله عن تلك الأشياء العظيمة التي تفعلها شعوبنا حين لا تكون مغيبة، وحين تمتلئ صدور الشباب بالحماسة لأجل الأمة؟

سأجيبك أنا : العربي المسلم الذي يتحمس لقضايا الأمة، تجده إما ينضم إلى حزب متطرف، أو يتحول إلى مجاهد مسلح في خلية إرهابية، أو ثائر يطالب بهدم الكوكب ليعيد بناؤه بشكل يناسب أحلامه، ولا يكتفي بالمطالبة بل ينشط بإلقاء زجاجات المولوتوف على أي مبنى زجاجي على سبيل الكفاح الثوري..

يا أخي اتركنا مغيبين..
ألم تر أن الصاحي منا لا يحلم بحرية ومساواة وديمقراطية وتعايش وسلام، بقدر ما يحلم بحروب وثورات وجهاد وغزوات وخلافة وقهر وتشفي لأعداء الداخل، وإن بقي وقت فأعداء الخارج أيضا؟ 

نعم هناك بيننا نشطاء ومثقفون في غاية العقلانية والإخلاص، يطالبون بالتغير وهو مؤمنون بالحرية والإنسانية، ومستعدون لدفع ثمن مطالبتهم.. ولكن تأثيرهم قليل جدا في بلادنا، بالمقارنة مع الإرهاب والغوغائية - هكذا أرى وأتمنى أن أكون مخطئا..

بعد أن جرى ما جرى، لم أعد أحلم بتغيير جذري تقوم به جموع شعوبنا، كما لم أعد أؤمن بأن التوعية المختلة التي تحيط بنا هي أقل خطرا من الجهل والتغييب.. 

أرجوكم اتركوا شعوبنا نائمة ضائعة مغيبة، اتركوها تنعم بالمخدر والجنس وكرة القدم والأفلام التافهة وحتى بالدين المدروش الإستهلاكي الرأسمالي  السطحي، ذلك النوع من الدين الذي نلعنه ليلا ونهارا، ربما مفضلين عليه الدين الحقيقي الثائر ضد الظلمة، على طريقة الشهيد سيد قطب وبن لادن والظواهري..

فإن كانت تلك أحلامك فلا تؤاخذني إذن لو فضلت الدين المدروش المخدر..

اتركوا شعوبنا مغيبة، لأن الصحوات الشائعة تلك الأيام أسوأ كثيرا من غيبة الحشاش الذي لا يذبح ولا يفجر..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق