الجمعة، 19 يوليو 2019

العلم والأيديولوجيا



 
 
العلم بيّن والدين بيّن، وبينهما أمور متشابهات فاجتنبوها..

حين تعتنق فكرة ما فتحبها بشدة وتملأ عليك كل كيانك، وتعشق رموزها إلى درجة التعصب، وتغضب بحرارة إذا انتقدها أحدهم، وتتمنى من قلبك أن تسود العالم، وتدافع عنها ملء حنجرتك ، مستعدا للموت - أو ربما القتل - من أجلها، فالأرجح أنك تتحدث عن دين، سواء يزعم أن مصدره سماوي (يهودية، مسيحية، إسلام) أو أرضي (أيديولوجية قومية أو سياسية) هو بالنهاية دين .. ولا يهم بعد ذلك لو ظللت تؤكد أنه "علم"، فالأسماء لا تغني عن المحتوى شيئا..

لم نسمع عن خطيب قام يصرخ في المواطنين المتحمسة دفاعا عن فكرة علمية، مطالبا إياهم بالتضحية بأرواحهم من أجل نصرتها، ولم نسمع عن ثورة قامت أو حرب تم شنها دفاعا عن فكرة علمية.. ذلك لأن العلوم بطبيعتها - أولا - قادرة على الدفاع عن نفسها بالبراهين بلا حاجة إلى اعتداء على الآخرين، ولأن العلوم ثانيا هي حقائق مجردة محايدة ليس فيها ما يثير أحلام الغوغاء، وليس فيها ما يغري القادة بتحقيق مصالح خاصة.. هذه بالأحرى من سمات الأديان..

العلم يكمن جماله في أنه موضوعي، بارد إن شئت، أو لنقل أن فيه عاطفة هادئة تشبه متعة القراءة، ولكنه أبعد ما يكون عن حماسة الصراع ونشوة النصرالمميزة للإنحيازات القومية والسياسية والطائفية..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق