السبت، 20 يوليو 2019

السحاب الثقال


القرآن يتحدث عن "السحاب الثقال".. فيشير أهل الإعجاز إلى أن العلم الحديث اكتشف أن السحب تزن آلاف الأطنان، فكيف لمحمد أن يعرف تلك المعلومة..إلخ..

ولكن بمراجعة بسيطة لأصل كلمة "ثقل" في معاجم اللغة، ومعانيها بالقرآن، فسنجد أن الثقل يعني المتاع\الشيء العظيم\الحمل، سواء المادي أو المعنوي..

ففي الحديث يقول محمد تركت فيكم "الثقلين" كتاب الله وعترتي، والواضح أنه يعني "العظيمين المحملين بالأشياء"..

وفي القرآن أن الأرض ستخرج أثقالها، أي ما تخزنه في جوفها من أحمال، كنوزها وموتاها..

وفيه أن الله سيلقي على محمد "قولا ثقيلا" أي عظيما محمل بالمعاني والتكاليف..

وثقل الطعام على المعدة أي صار حملا صعبا عسير الهضم..

وثقلت المرأة أي ظهر حملها..

فصحيح أن الكلمة قد تحمل معنى الثقل الدارج، أي زيادة الوزن، ولكن المعنى الأصلي هو العظمة والتخزين والحمل داخل الجوف، ولا شك أن المعنيين مرتبطان، لكن المعنى الدارج (الوزن) تابع للمعنى الأصلي (الحمل)..

بالطبع كان يمكن لكاتب القرآن استنتاج أن السحاب - منطقيا- ثقيل، كونه محمل بماء المطر، ولكن يظل الأرجح من النص أنه يقصد أن السحاب ضخم ومحمل بالماء، كما تحمل المرأة طفلها في بطنها، وكما يحمل القرآن معاني وتكاليف..

ومن تفسير الطبري للآية نقرأ (السَّحَاب الثِّقَال بِالْمَطَرِ).. فلم يقل الثقال فقط حتى نفهم أنه يقصد الوزن، وإنما قال "ثقال بالمطر" أي أنه يقصد "محمل بالمطر"، مؤكدا المعنى المذكور..

ويتأكد هذا فيما ينقله الطبري بعدها (عَنْ مُجَاهِد : { وَيُنْشِئ السَّحَاب الثِّقَال } قَالَ : الَّذِي فِيهِ الْمَاء)..

وفي التفاسير الأخرى يتكرر هذا المعنى، في الجلالين مثلا يقول (يَخْلُق "السَّحَاب الثِّقَال" بِالْمَطَرِ).. والواضح أن المقصود هو "المحمل بالمطر" بغض النظر عن ثقل الوزن..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق