السبت، 20 يوليو 2019

الغراب والدفن



منذ قليل شاهدت فيديو وضعه أحدهم، مطالبا بتفسير ما لما يحدث: كلب يحمل قطة ميتة بفمه، ويقوم بحفر التراب ثم يضعها بالداخل ويهيل على الجثة التراب..

خطر التفسير الواضح في ذهني، ولحسن الحظ وجدت البعض كتبه: فما بدا أنه عملية دفن روحية مهيبة، كان في الحقيقة سلوكا أكثر منطقية وعملية: حيوان غير جائع وجد وليمة فقام بتخبئتها بعناية، ليرجع إليها لاحقا..

كثير من الحيوانات تفعل ذلك، تخبئ طعامها لتعود إليه في الوقت المناسب، قريبا أو آجلا، مثل الفهود والسناجب والنمل والغربان..

هل قلت الغربان؟

نعم، هناك مشكلة معتادة في مسألة التخبئة هذه، أن الحيوان قد ينسى المكان الذي خبأ فيه الطعام.. ولكن الغراب هو كائن شديد الذكاء، فحين يقوم بدفن طعامه يقوم بوضع علامة، مثل ورقة شجر أو فرع صغير ليعلم به المكان، ثم يقوم بالنظر يمينا ويسارا ليخلق صورة ذهنية عن المكان، ليسهل عليه الرجوع له لاحقا..

فقط تخيل إنسانا بدائيا، عاش منذ آلاف السنين، يغلفه الشعور بغموض الكون، ويقدس الكائنات المختلفة، كما كان حال أجدادنا.. فما أسهل أن ينظر صاحبنا إلى الغراب فيفسر سلوكه بشكل روحاني أو سحري، فيقتبس منه طقوس دفن الموتى ووضع علامة شاهد على مكان القبر..

وفي القرآن نقرأ أن الغراب هو من علم البشر الدفن، بعد أول عملية قتل بالتاريخ الديني، حيث يحكي عن قايين\قابيل (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ - فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ ۚ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ)..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق