الأربعاء، 1 مايو 2019

الزواج والدين




سؤال يتكرر كثيرا بالمنتديات اللادينية، مفاده أنني (الناشر) أحب فتاة مؤمنة أنوي الإرتباط بها، فهل أصارحها بأنني لاديني أم لا؟

كلما قرأت السؤال (بصيغته السابقة والمعاكسة : فتاة ملحدة وشاب مؤمن) قفزت إلى ذهني عشرات الأسئلة متفرعة عنه، يليق بكل إنسان أن يسألها بذهنه، ومن خلالها يرسم لنفسه جواب سؤاله:

 هل هو شيء صحي أن أبدأ حياتي بكذبة؟ وألا يقلل ذلك من احترامي لذاتي وراحة ضميري، كما يعتبر خداعا للشريك وانتقاصا من حقوقه؟

ولكن، هل الإخفاء يعد كذبا؟ وهل أنا ملزم بمصارحة الشريك بكل فكرة تدور بعقلي، حتى لو كان سينتج عنها الضرر؟ وأليست الحكمة مطلوبة أحيانا لكي تسير الحياة؟

ولكن، إن كانت تلك الحجج الأخيرة تنفع في حالة مؤمن ترك الدين وهو بالفعل متزوج وربما لديه أولاد، فيخشى أن المصارحة قد تكون سببا في هدم الأسرة، وهنا قد نقول أنه مضطر للكذب، فماذا عن حالة شخص لاديني مازال على البر لم يتزوج بعد، فهل هناك اضطرار في الأمر؟ أليست المصارحة في تلك الحالة أولى، لأن ضرر الفراق هنا قد يكون أقل وطأة من ضرر الخداع والكذب واحتمال انكشاف الأمر لاحقا؟

ثم: لأضع نفسي مكان الشريك الآخر، هل أقبل أن يقدم لي نفسه في صيغة كاذبة أو يخفي عني جزءا من حياته حتى مع وجود حسن النوايا؟ ولو حدث هذا فهل سأعذره وأعتبر موقفه أخلاقيا؟ وهل سأستطيع الثقة به بعد ذلك؟ وهل يجب أن أقبل لنفسي ما لا أقبله من الطرف الآخر؟

ولكن، هل الدين مسألة بتلك الأهمية؟ هل نرتبط لندخل في جدالات ومناظرات فلسفية، أو لنؤسس حركات وأحزاب أيديولوجية، أم أن الحياة بالأساس تبنى على التوافق والود والمحبة وعشرات العناصر الأخرى التي قد لا يكون التدين من بينها؟

ولكن، أليست الأفكار والأيديولوجيات جزء أصيل من هوية الشخص؟ وهل من الطبيعي أو الصحي أن تخفي هويتك عمن تحب وتريد مشاركة الحياة؟ وأليس التوافق والتفاهم الفكري هو عنصر أساسي في الحب نفسه؟ بل أليس الصدق والثقة والإحترام المتبادل كذلك من عناصر الحب؟ وهل يعد حبا حقيقيا هذا الذي تضطر فيه لإخفاء أفكارك عن الشريك خشية من رد فعله؟ وهل الشريك الذي سيتركك بسبب أفكارك يحبك فعلا؟
 
ثم، هل الدين حقا مسألة تافهة، أم أنك تراه كذلك من وجهة نظرك كلاديني، بينما الدين بالمجتمع هو عنصر مهم ويتدخل بجميع شئون الحياة؟  إن كان التدين ليس مهما كما تقول فلماذا تحرص على إخفاءه؟ أليس التدين مرتبط بقضايا أخرى تخص اختيارات الحياة وعاداتها وحتى أسلوب تربية الأولاد؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق