الأربعاء، 1 مايو 2019

دين الأكشن



لمن يسأل: يا ملاحدة لماذا تركزون نقدكم على الإسلام دون غيره من الديانات؟

لا، ليس السبب أنه دين الحق، وليست القصة في المؤامرة الكونية، وليس (فقط) لأننا من خلفية إسلامية أو لأنه أسوأ الأديان (وإن كان هذا صحيحا)..

ولكن السبب الأهم هو أنه دين أكشن مليء بالإثارة والقصص، مما يصنع أرضية خصبة للملاحدة أعداء الدين أمثال كاتب المنشور..

مثلا حاول أن تنتقد البوذية، ماذا ستقول؟ بوذا كان إنسان سلبي وعاطل، وهو - إن صحت تماثيله - بدين كالفيل وربما لديه عقدة نفسية ضد الجنس، فهو في شخصيته يشبه يسوع بدون ريجيم؟

ربما.. وماذا بعد؟ لن تجد الكثير لتقوله.. فبوذا والمسيح - ومثلهم زرادشت مثلا- تبدو شخصيات دينية تقليدية، تفعل المتوقع منها، إلى درجة الملل.. وبصراحة فإن الملحد الذي يريد انتقاد تلك الأديان لن يجد الكثير ليقوله.. لا أحد منهم قاد غزوة أو نكح سبية واحدة، تصور؟.. حتى المسيح، فبعد أن تفرغ من النميمة حول مولده العجيب وألاعيبه السحرية وطبيعته المزدوجة، فلن تجد الكثير لتضيفه..

موسى النبي، إن كان شخصية حقيقية، فهو- والحق يقال- يمتلك قليلا من الإثارة، فلدينا قصة الوحي، المتمثلة في شربه لسيجارة الحشيش الذي ينبت في صحراء سيناء، ثم رجع إلى قومه بعدها يزعم أنه قابل خالق الكون (وكلنا الآن عرفنا طبيعة تلك الشجرة المحترقة التي جعلته يتكلم مع الله بذاته).. وهناك أيضا قصة صراعه ذو الطابع الديني\السياسي مع فرعون وسحرته، ثم المجازر التي تلتها، مما يجعل القصة تبدو جزءا من سلسلة "سيد الخواتم" لو كان هناك نسخة نازية من الفيلم..

لكن انسى كل ذلك، وانظر إلى سيرة أشرف الخلق، الضحوك القتال، وستجد نفسك أمام فيلم أكشن من الطراز الأول، يحتوي من الجنس والعنف ما يجعل هولييود تحمر خجلا..

وهناك جميع عوامل الإثارة والترويج الإعلامي قائمة: عندك الغموض في شخصيات ورقة، شخصية المعلم الأكبر المميزة لجميع أفلام القتال البروسلية وأمثالها، أتصوره دائما جالسا القرفصاء مرتفعا بقوه الروحانية نصف متر عن الأرض.. وعندك الزوجة المخلصة والداعمة خديجة، رمز مهم للمرأة القوية المستقلة.. ناهيك عن وجود العري المهم في لحظة اكتشافها للوحي، وهو بالطبع ليس مشهد العري الوحيد في السيرة: فهناك - مثلا- تعري زينب بنت جحش حين زارها محمد في بيتها في غياب زوجها.. ويقترن ذلك بعشرات مشاهد الجنس والخيانة: أذكر منها خيانة حفصة على سريرها مع مارية.. وهناك الجنس اليومي الشهير لمحمد مع تسع زوجات.. ناهيك عن قصص الجواري وزنا زوجات الصحابة واللعان..إلخ، بشكل يجعل بلاي بوي إلى جوارها تبدو كمجلة أطفال.. ناهيك عن التابوهات في علاقة شيخ في العقد السادس بطفلة في التاسعة..

ولا ننسى السادية والدماء، في مشاهد لا حصر لها، نذكر منها قتل كعب ابن الأشرف بحيلة خيانة دنيئة، وتمزيق أم قرفة بين جملين، وتعذيب زوج صفية بالنار حتى يدلهم على مكان أموالهم، قبل أن يغتصبها محمد.. ناهيك عن مشاهد مذبحة بني قريظة، بالإضافة إلى المعارك والحروب الكثيرة (نحو مائة غزوة وسرية) والمليئة بالفوضى والوحشية، بشكل يجعل فيلم القلب الشجاع يبدو إلى جوارها كأنه مؤتمرا عن السلام العالمي..

ولا ننكر أن هناك مشاهد تراجيديا قوية، منها تعذيب بلال (مع إيحاء عنصري قد يبدو مشوقا عند تحويل العمل إلى فيلم، الرسالة نموذجا)، ومنها وفاة أبو طالب، ومقتل السوبر مجاهد حمزة، وغيره..

ولا ننسى الخوارق المنتشرة بدرجة تفوق مارفل ودي سي، بداية بهبوط الوحي على يد عملاق له ستمائة جناح يرى في جميع الأفق، وصولا إلى حادثة المعراج حيث الوصول إلى الملأ السماوي عند سدرة المنتهى والحديث مع الله مباشرة..

وأما عن الكوميديا فهناك أطنان من المشاهد التي يمكن توظيفها بشكل ساخر، وهي غالبا كوميديا سوداء، أخص منها مشهد قفش حفصة لمحمد وهو يخونها، والذي تم تصويره في "الفيلم المسيء" الشهير على أنها أمسكت بخفها وظلت تطارده في الغرفة تحاول ضربه وهو يجري (إن لم تضحك عند تخيل ذلك المشهد فاعلم أن أبو حفصة الفاروق منعك).. وهناك مثلا المفاوضات المكوكية التي خاضها محمد مع الله، بإيعاز من موسى، وصعود النبي وهبوطه بشكل متكرر لابد أنه جعل جبريل يلعن اليوم الذي ولد - أو خلق - فيه.. ولا ننسى الداجن الذي أكل الآيات من تحت سرير عائشة (ولا أدري لماذا لم تكن شهيته مفتوحة أكثر قليلا فيأكل آيات الجهاد؟).. وتستمر الكوميديا مع الفقه الإسلامي الرائع وفتاوى مثل بول البعير، ورضاع الكبير، وتحديد مدة الحمل بأربعة سنوات، وإباحة زواج الرجل من ابنته من الزنا..إلخ.

ويصعب أن تفكر في نوع من المشاكل، ثم لا تجده في الإسلام: من الوحي والكتاب والفقه وزيجات محمد والقتال والتشريع والمواريث والعبودية..إلخ، حتى تبتسم وأنت تقرأ مقالا إسلاميا عن "رد الشبهة رقم خمسة مليون وستمائة وسبعة وثمانين ألف وثلثمائة وتسعة وعشرين".. حتى أعتقد أن هناك شبهة واحدة نسي المشايخ أن يردوا عليها، وهي شبهة: لماذا جعل الله دينه يمتلئ بكل هذا العدد من الشبهات؟!

الخلاصة أن تركيزنا على الإسلام ونبيه هو شهادة لصالحه، فهو - والحق يقال - أكثر الأديان تشويقا وأقلها مملا.. فربما لا نتفق على أنه دين الرحمة أو دين العدل، ولكن يصعب على أحد إنكار أنه - بحق - دين الأكشن..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق