الخميس، 14 أبريل 2016

فطرة أم غسيل مخ؟




 

يؤسسون عقائدئهم منظمة قوية مهيمنة ، بمعابد و مدارس و جامعات و كتب لا حصر لها و كهنوت و فقهاء..

 تصبح تلك العقائد أديانا رسمية لإمبراطوريات أخطبوطية حكمت العالم و سعت في استئصال و تحجيم الفكر المخالف بشكل منهجي طوال قرون..

يترسخ فكرهم الديني في وجدان و ثقافات شعوب العالم و إلى اليوم، يستمر في الترويج لنفسه عن طريق آلة إعلامية ضخمة ملحة، يحشر نفسه في هيئات التعليم و المجتمع، يتم زرعه في عقول و قلوب الأطفال و الكبار ، مع ممارسة الرقابة الصارمة تجاه أي فكر مخالف..

بعد هذا كله، يأتي أحدهم و براءة الأطفال في عينيه قائلا لك :  "و لكن، ألا ترى معي أن الناس يميلون بتكوينهم الفطري النقي إلى عقيدتنا، فهي تريحهم و تناسبهم، بحيث يمكن القول أنه يوجد بداخل كل إنسان بوصلة تقود عقله و مشاعره بشكل أوتوماتيكي و دون تأثير إلى فكرنا نحن بالذات؟!"

هل أنت جاد؟!

بل لا أرى معك ذلك.. و لو أدركت أنت الفارق بين "الفطرة" و بين "غسيل الدماغ" لأدركت أن إيمانك ينتمي إلى المجال الثاني بامتياز؛  و لعلمت أن دينك و عقيدتك و إلهك الواحد ليست بديهيات فكرية أو نوازع غريزية فطرية كونية نولد بها جميعا كما تتوهم ، و إنما هي أفكار بشرية مصطنعة و مركبة تم زرعها في عقلك منذ الطفولة و عايشتها طويلا فيمن حولك، بل ربما لم تر غيرها، حتى اختلطت عليك الأمور و صرت تؤمن أن تلك الأفكار هي جزء من قوانين الطبيعة و تكوين الإنسان.

العقل البشري يبدو أن لديه مشكلة أساسية في فهم المعتقدات ، و هي أنه غالبا يعمل بشكل معكوس، فيؤمن أولا بالشيء (لأسباب عاطفية أو اجتماعية أو موروثة) ثم "بعد ذلك" يبحث عن الأسباب التي تدعم إيمانه هذا.. و لذلك تجد أن كل صاحب دين مقتنع أن دينه منطقي تماما بل بديهي بل فطري كما أن الأدلة التي تدعمه في منتهى القوة، ثم تجد هذا الشخص في نفس الوقت رافضا للأديان الأخرى و "أدلتها"-  التي بدورها تبدو مقنعة تماما لأصحابها!...  ذلك لأن المؤمن غالبا لم يؤمن بدينه لأن الأدلة مقنعة، و إنما هو صار يرى الأدلة مقنعة لأنه آمن بدينه.

و لكن منذ متى يعترف مغسول الدماغ أنه كذلك؟

و لو أنك صادفت إنسانا لم يتعرض إلى نفس غسيل الدماغ ، أو تعرض إلى نوع مختلف من غسيل الدماغ ، فستكتشف أنه لا شيء من فكرك هذا بديهة عقلية أو فطرة مشاعرية ، و ستدرك أن المسألة أقرب إلى حالة شخص تعرض منذ الطفولة إلى إدمان المخدرات، حتى صار يعتبرها من قوانين الحياة الرئيسية التي لا غنى لها، بينما سيندهش تماما حين يرى الشخص الآخر، الطبيعي، الذي لم يدمن المخدرات أبدا، فصارت بالنسبة له شيئا هامشيا لا أهمية له، بل هو شيء أقرب إلى الضرر منه إلى النفع.

هناك تعليق واحد:

  1. أخي الكريم لماذا تم حظري من مجموعتك على الفيسبوك رسومات دينية ساخرة ؟؟؟ أرجو توضيح السبب تفضلا وتكرما منكم
    https://mobile.facebook.com/taj.alhafez?ref=bookmarks

    ردحذف