أسأل نفسي أحيانا لماذا أجد أن مقولة "الله يحبك" أو "المسيح يحبك" عبارة منفرة و ثقيلة على القلب، حتى أعترف أنها أحيانا تستفزني أكثر من عبارة "الله سوف يحرقك!" و التي يستخدمها المؤمنون أيضا (حين لا يكون مزاجهم رائقا)؟
هل يوجد إنسان عاقل يرفض الحب أو يعترض عليه؟!
أكيد لا، فالحب من أجمل الأمور في الحياة بل لعله أجملها.
و لكن هل الحب هو دائما ذلك الشعور
الجميل الراقي و فقط، أم أنه شعور يرتبط بأفكار و نوايا و رغبات و أهداف معقدة
تحاول أحيانا التخفي خلف الكلمة السامية – مما يستدعي بعض الحذر و بعض الفحص؟
-------------------------------
1- هي عبارة غير قابلة للإثبات
أول ما يخطر بذهني حين أسمع تلك
الجملة هو سؤال بديهي "كيف عرفت أنت ذلك؟!"، هل لديك قدرات شخصية خاصة
تمكنك من قراءة أفكار الإله؟! في الأصل الحب شعور يمكن استقراءه من أقوال أو أفعال
من يحيطون بنا ، و لكن لا يمكن التأكد منه مع البشر، فما بالك بخالق الكون
المزعوم؟!
نعم ربما مسيحك يحبني حتى أنه لا
ينام الليل من أجلي، و ربما لا، ربما هو لا يهتم بي أو بغيري، ربما هو يكرهني
كالجحيم ، بل ربما لديه أمورا أفضل يفعلها من محبة كل من تحاول إقناعهم بدينك!
في كل الأحوال من الواضح أن صاحبنا
يتكلم فيما لا يعرفه و لا يمكنه إثباته أو التأكد منه بشكل فعلي ، و أنه يتحدث عن
تصور شخصي ديني يؤمن به أو يرغب فيه، و ليس عن حقيقة موضوعية يمكنه التدليل عليها.
هل هذا أمر مستفز؟ نعم إلى حد كبير،
على الأقل بالنسبة للأشخاص الذين يقدرون قيم الدقة و العقلانية و النزاهة الفكرية
فإن العبارات الكبيرة التأكيد عليها بإلحاح يقيني بدون وجود إمكانية للتدليل
عليها، هي أمر مستفز و مزعج إلى حد كبير.
-------------------------------
2- هي عبارة غير منطقية
ثم لماذا يا ترى يسوع المسيح يحبني؟
هل لأنني أستحق المحبة بشكل خاص؟ (لا يمكنك التأكد من ذلك)، أم يا ترى يحبني لأنه
هو نفسه عظيم و يحب الجميع دونما تمييز؟ هل المسيح يحب المسيحي و المسلم و البوذي
و الهندوسي؟ هل يعشق اللصوص و القتلة و الطغاة و قطاع الطرق و مغتصبي الأطفال
(سواء القساوسة منهم أو غيرهم)؟!
و إن كان يحب الجميع دون تمييز و دون
أسباب موضوعية لذلك الحب، فما مغزى ذلك و ما أهميته لي؟!
أليست قيمة الشيء تأتي من ندرته أو
من أهميته للناس؟ فلماذا ينبغي عليّ أن أفرح بتلك البضاعة الرخيصة المملة المنتشرة
في كل مكان و التي لا يبدو أنها تقدم لي أي إضافة حقيقية؟!
-------------------------------
3- غير واقعية
لو تركنا قراءة الأفكار و نظرنا إلى
التصرفات المفترضة للخالق المزعوم، فلن نجد أي نوع من المحبة هناك.
يتحدثون أحيانا عن الأمور الجميلة
التي نجدها في حياتنا فتفيدنا و تسعدنا و ينسبونها للإله المحب على أنها بعض من
نعمه علينا، و لكنهم على الجانب الآخر يتناسون كم الشرور التي تنال البشر، سواء
بشكل طبيعي كالأمراض و التشوهات و الكوارث الطبيعية (التي يشرف عليها إلههم بنفسه)
أو حتى الشرور الإنسانية (التي لا يجد في نفسه الحماس الكافي لمنعها).
مصائب العالم التي نراها حولنا منذ
القدم ، تصيب الأضعف و الأحوج و الأفقر، لا يبدو بالمرة أنها تترك مجالا لمحبة
مزعومة، و إن كانت ثمة محبة موجودة فلا يبدو أن لها أقل فائدة فمن الأفضل أن يحتفظ
بها لنفسه، فلا خير في محبة لا أثر لها سوى الكلام.
و الأهم أن التدخل الإلهي- اليهودي
المسيحي- في العالم لم يؤدي إلى تخفيف الشر بل زيادته، و لنا في التاريخ الديني
أمثولات، فأي محبة تلك التي لم نأخذ منها سوى الأحكام الهمجية و الحروب الطائفية و
الخرافات و معاداة العلم و العقل و الحرية؟!
حتى المسيح في حياته، لو اعتبرنا الأناجيل
مرجعا، فقد كان يتعصب و يهاجم الناس و يشتم مخالفيه و يتهددهم بالويل و الهلاك و
المرض و الموت ، و رغم أنه نهى أتباعه عن العنف و لم يستخدمه (إلا في حادثة المعبد
حيث أمسك سوطا و طرد التجار و أفسد ممتلكاتهم!)، إلا أنه أقر بكل أريحية عنف يهوه
في العهد القديم في الحروب و في إهلاك الأمم السابقة، و في كل مناسبة كان يسوع
يتوعد بتكرار ذلك الهلاك مع عودته المنتظرة لينتقم ممن عارضه و يلقيهم جميعا في
بحيرة نارية حيث سيستمر عذابهم و آلامهم إلى الأبد - هذا يجعلنا أمام داعية يهودي
آخر يؤمن بالعنف، و لكن لأنه غير قادر على القيام به فهو يقرر تأجيله لحين عودته
الثانية!
-------------------------------
4- غير منزهة عن الغرض
حين تكون محتاجا، فعلى الأرجح أن
المسيح (الذي يحبك) لن يهب لمساعدتك.
و لكن لو لم تكن محتاجا، بل حياتك تسير
على ما يرام تماما، فستجد أن المسيح لا يريد تركك في حالك، بل هو مصر تماما أن
يبلغك ذلك الحب المجاني - عن طريق أتباعه المخلصين الملّحين.
المسيح لا يكتفي بحبك من طرف واحد،
بل هو لن يتركك أبدا حتى تشعر بحبه و تبادله الحب و تتبع جماعته و تطيع كهنته و
تحضر كنيسته فتصلي و ترنم و تتناول مع أتباعه المخلصين..إلخ ، أما لو لم تذعن، بل
طلبت منه أن يدعك و شأنك لأنك غير محتاج
لذلك، فاستعد لوصلة من الإلحاح و الإمتنان و الإتهامات بالجحود و النذالة و التي
ستصل في النهاية إلى مجموعة من التهديدات المباشرة سواء بشكل صريح أو مستتر.
باختصار مع المحبة المسيحية انسى أن
تقف المسألة عند المحبة و فقط، فهناك المزيد دائما.
حين ننظر حولنا نجد أن كل محاولة
للسيطرة تستخدم شعار المحبة من قبل الطرف الذي يريد السيطرة، فالأب السلطوي يكرر
أنه يحب أولاده، و الزوج المتملك المسيء يؤكد أنه يحب زوجته، وبالطبع الطاغية يعلن
دائما، عبر إعلامه، أنه يحب شعبه - فالسيطرة حين تستتر بالمحبة تكون أكثر سلاسة و
نعومة.
و لو تذكرنا أن الحب المجرد السامي
لن يلح على المحب بأن يبادله الحب، و لن يطلب منه المقابل، و لن يسعى للسيطرة عليه
و امتلاك حياته ، فسنرى بوضوح أن المحبة المسيحية هي أبعد ما يكون عن ذلك.
-------------------------------
5- لا تخلو من ابتزاز عاطفي
الذي يسعى للسيطرة عليك سيبحث عما
تحتاجه ثم يوهمك بأنه يمنحه لك، و لو لم يملك شيئا حقيقيا يقدمه لك فهو مستعد
تماما لأن يبيع لك وهما تحتاجه.
الناس تحتاج بشدة إلى الحب، و ربما
أكثر الناس تفتقده في حياتها، و هذا ما تلعب به المحبة المسيحية: خلق كيان افتراضي
صفاته مصممة جميع عناصرها بعناية لكي تثير إعجابنا و شفقتنا و تؤثر في قلوبنا : هو
خلقك، و يحبك، و يهتم بك، و قد ضحى من أجلك لينقذك من مصير أسود كان ينتظرك - كثير
من الناس مستعدين لفعل الكثير في مقابل هذا الوهم.
هل هذا الوهم سيئ تماما؟ ربما في نظر
البعض لا، فالراحة النفسية تستحق أن نخدع أنفسنا قليلا أو كثيرا ، و لكن على
الجانب الآخر في نظر من يقدر الحقيقة أكثر من الراحة، أو لمن يجد راحته في الحقيقة
أيا كانت، فهذه الخدعة لا تبدو أكثر من سيناريو رخيص يبيع لك وهما، و الثمن الذي
يطلبه هو عقلك و قلبك و حياتك ذاتها.
-------------------------------
لا أريد التعميم و أدرك النية الحسنة
لبعض من يكررون مثل تلك المقولات؛ فلو كان المسيح الإله المتجسد يحبني فهذا شيء طيب
جدا، لكن هذا لا يهمني.
لو كان ضحى من أجلي فهي تضحية غير
عادلة و غير رحيمة و لا أذكر أنني طلبتها، و أنا بكل صراحة غير قادر على الشعور
بذرة تعاطف من أجل معاناته لبضعة ساعات على الصليب الذي كان يبدو أحيانا و كأنه
يسعى وراءه بكل جوارحه ، تلك المعاناة الضئيلة لا تساوي شيئا بالقياس إلى معاناة
ملايين من البشر عبر التاريخ لم يحس بهم أحد، عانوا بسبب عدم تدخلاته في الدنيا ،
و أحيانا بسبب تلك التدخلات و كنتيجة مباشرة لها.
U r mighty for real
ردحذفThe details in the pic 😍😍😍
U r mighty for real
ردحذفThe details in the pic 😍😍😍
نحن هنا استاذ موسى الكوري استمر الله بنصرك على القوم الكافرين هههه 😄😃
ردحذف